مدرسو الحلقات ... في مفترق الطرق

مع غياب واضح للأهداف المرسومة بشكل صحيح والتي يمكن تحقيقها وقياسها ، وفي ظل تفاوت كبير بين الحلقات في مفهوم التعليم أو التحفيظ لكتاب الله عز وجل، يقف مدرسو الحلقات في مفترق طرق تتجاذبهم آراء ومقترحات متباينة ، فمنهم من يريد من المعلم أن يكون عالماً ملماً بكثير من أحكام الشرع والتفسير ، ومنهم من يريده واعظاً أو قدوة في برج عاجي ،



وكل أولائك يشتركون في بعدهم عن الواقع ووضع حاجز بين الطالب والمعلم أياً كان نوع هذا الحاجز ، ونحن نعلم أنه لو أتقن المعلم ما يطلب منه من أحكام الشرع والتفسير لاستمر في طلب العلم وانشغل به وانصرف عن التدريس .

وهنا يبرز لنا تساؤل ملح ماذا نريد من المعلم ؟ ومن خلال الإجابة عن هذا التساؤل نستطيع بعدها تحديد كيف نريد المعلم أن يكون ؟ ومن خلال التجربة وكما تشير إلى ذلك دراسات تربوية عديدة تتفق على أهمية قرب المعلم من الطالب ومشاركته له في همومه وأفراحه ، وجده وهزله ، ليتلمس حاجاته فيستطيع التأثير عليه ، فنحن إذا بحاجة إلى مربٍ متقن لمهارات التربية من اتصال فاعل مع الطلاب ودراية كافية بالأساليب التربوية المناسبة ، ثم يتفاوت ما هو مطلوب من المعلم حسب المرحلة العمرية التي يدرسها وكذا تتفاوت الأساليب التربوية، فيطلب من معلم المرحلة الثانوية مثلاً ما لا يطلب من معلم المرحلة الابتدائية ، ومن الخطأ أن نصف كفايات المعلمين بنفس الوصف فنطلب منهم ما لا حاجة ماسة لهم به، صحيح أن العلم الشرعي مطلب كل مسلم ومنهم معلمي الحلقات لكنه ليس لزاماً عليهم ، وينبغي للمعلم أن يربي طلابه على أن يفرقوا بين معلم القرآن والعالم المفتي ، فإذا ما استجد لديهم أسئلة فليبادروا إلى سؤال أهل العلم ، ولا يخلطوا بين المعلم والواعظ والصديق والأب والعالم فكل يؤدي دوره .
إن من ظلم الطالب وتحجيم أفقه أن نوهمه بأن معلمه هو العالم الواعظ ، أو أن نطلب من المعلم أن يكون كذلك ، وهذا لا يعني البتة تنازلنا في معاييرنا لاختيار المعلمين ولكنه تحديد أدق للمعاير المطلوبة في المعلم ، كما نفرق أيضا بين المعلم الذي يمكن قبوله ويحتاج إلى تدريب ومن لا يمكن قبوله ، ومن هنا تبرز حاجة ملحة لدراسة معايير دقيقة وصادقة لاختيار معلمي ومعلمات القرآن في الحلقات والدور، وهو ما تقوم به جهات متعددة ومتفرقة ومنها هذا الموقع المبارك ، ولو توحدت الجهود لكان أولى وأكثر مصداقية ، وإنني أدعو إلى دراسة الموضوع بعمق أكثر لكل من يبحث فيه ويدرس الواقع دراسة تفصيلية .

المصدر:حلقات تحفيظ القرآن الكريم