مجتمعنا بين تقاليده وتعاليم الدين!

سمعت قصة عن شاب حديث السن جديد في الالتزام رفض أن يصافح جدته خالة أمه وعندما سئل عن السبب قال أليست امرأة؟ وعندما سأله جده - خاله لأمه - هل يجوز لي أن أتزوج أختك قال لا لأنك كبير في السن!



بدأت في التفكير وكيف كان حالنا في بداية الالتزام وكيف كنا متحمسين مثل هذا الشاب ولكن قيض لنا الله إخوة كرماء بذلوا لنا أسباب فهم هذا الدين بصوره سليمة ميسرة ودلونا علي الكتب النافعة المفيدة فألتهمناها بشغف حتى تكون لنا أساساً صلباً يحتوي علي أمهات المعارف في ضروب الثقافة الإسلامية المختلفة وبنسب متوازنة متناسقة تسمح للإنسان أن تكتمل شخصيته دون تشوه.

من أهم أسباب وطرق التعرف علي الشخصية الإسلامية المتكاملة هي السير إلى الله عبر جماعة إسلاميه تؤمن بالإسلام بكل شموله وتوازنه دون إفراط أو تفريط دون شطط أو تبعيض. لابد من التدرج عبر أسلوب الحلقات الصغيرة المغلقة أولا كما كان يفعل رسولنا الحبيب صلي الله عليه وسلم مع صحابته في دار الأرقم يعلمهم كتاب الله و مبادئ الإسلام والأخلاق الفاضلة.

تخرج من هذه المدرسة الخلفاء الراشدون و قادة الفتوحات وكبار الصحابة. لا بد من تعاهد النشء بالتربية الحكيمة. أو عندما يأخذ الشباب من بعضهم البعض دون علم ودون تدرج تخرج أمثال الآراء الفطيره التي بدأنا بها المقال وحتى لا نلوم هذا الشاب لابد أن نقول أنه كذلك لدينا مشكله كبرى في مجتمعنا السوداني وهي اختلاط الدين بالعادات وضغط المجتمع علي الشباب الملتزم الذي يريد أن يعبد ربه بكل ما أفترضه عليه. أحد أكبر الضغوط هي في التعامل مع النساء. نحن كسودانيين نحب أن نظن في أنفسنا كل الخير وأننا ملائكة تمشي على الأرض وأننا...

ولكننا ننسى أننا نتعدى على حدود الله في مسائل العلاقة بالنساء أو ما يسمي في الشرع (بالأجنبية)، فكل امرأة من العائلة أو الجيران أو في العمل عندما يمتنع أحد هؤلاء عن مصافحتها تبدأ في شن حرب شعواء عليه وفي الكلام عنه خاصة إذا كان أصغر منها سناً وتنسى هذه السيدة الفاضلة الكريمة أن رسول الله صلي الله عليه وسلم لو كان في نفس الموقف لما صافحها لأن هذه هي سنته وليس لأنها بها (جرب) أو(برص) أو أنها (كريهة الرائحة) أو غيرها من الأوهام التي تأتي برأسها وتتلفظها بلسانها هل كانت ستشنع على الرسول صلى الله عليه وسلم أيضاً؟

الرسول صلى الله عليه وسلم، يقول (أنا لا أصافح النساء) وعندما أتته النساء لبيعة الإسلام، أكبر شيء في حياة أي شخص للدخول في النور والخروج من الظلمات رفض أن يصافحهن بل إنه صلى الله عليه وسلم قال (لأن يطعن أحدكم بمخيط في رأسه خير له من أن يمس امرأة لا تحل له). والمخيط هو الأبره.
والحديث مقصود به النساء أيضا لأنهن مأمورات بكل ما أمر به الرجال. كل النساء الفاضلات من أمهات المؤمنين أو الصحابيات أو من تبعهن بإحسان كن لا يصافحن الرجال بل أن هذا كان دأبهن حتى في الجاهلية!

ثم هناك نقطة دقيقة؛ فالشاب الملتزم الذي لا يصافح إحدى النساء الأجنبيات إنما يلمح من طرف خفي أنه يخشى على نفسه من طغيان فتنة جمال هذه المرأة وانه إذا فعل ذلك ناسياً آو حتى قاصدًا فهذا يعني أنه يعتبرها مستحقة الجمال عاطلة الوسامة لا وجود لأي تأثير أو جاذبيه لها؛ فهل ترضى أي امرأة مدله بحسنها هذا المعنى؟ بل لعله ينبغي العكس أن تثور وتغضب إذا صافحها أي أحد.

 

ثم هناك جانب آخر أن الرجل الذي يمتنع عن هذه العادات إنما يريد أن يحفظ كل مشاعره وعواطفه المشبوبة لامرأة واحدة فقط هي زوجته وهي بالضرورة امرأة! ولو خيرت أي امرأة عاقلة بين زوج ملتزم متجه نحوها بكلياته وآخر يجول بيده على سواعد النساء يتحسسها ويجس مواطن الرواء فيها لفضلن الأول بدون شك.

ولا يقولن أحد أن النية حسنه والقلب نظيف فالنفوس كهوف ولا يمكن نفي وجود مرضى القلوب من الذين قال عنهم الله سبحانه وتعالى (ولا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض) فمجرد الكلام قد يؤدي لما لا تحمد عقباه فما بالك باللمس!.

 

 

موقع الأسرة السعيدة