ماهي تقنيةالـ "فار"(VAR) المستخدَمة في كرة القدم؟

إذا كنت من متابعي كرة القدم، لا بد أنَّك سمعت بمصطلح الـ "فار" (VAR) من المعلِّقين في أثناء متابعة المباراة، فكثيرة هي الأهداف التي أُلغيت بعد الرجوع إلى تقنية الـ "فار" التي تثبت تسجيلها بالتسلل، وأهداف أخرى تم توكيدها بعد التأكد من صحتها باستخدام التقني



منذ أن أحرز "مارادونا" هدفاً بلمسة يد على "إنكلترا" في مونديال 1986، ومنذ أن تأهلت "فرنسا" إلى النهائي بفعل هدف بلمسة يد "هنري" في مرمى "إيرلندا"، ظهرت الحاجة الملحة إلى وجود حل يزيل اللبس ويدحض الادعاءات بما يخص الشكوك في النزاهة الكروية، وكانت تقنية الـ "فار" هي هذا الحل.

فإذا كنت ترغب في معرفة المزيد عن هذه التقنية التي أحبطت آمال الكثيرين من مشجعي كرة القدم، ولبَّت تطلعاتهم في أحيان أخرى، فتابع معنا هذا المقال الذي سنتحدث فيه عن تقنية الـ "فار" (VAR) وتاريخها واستخداماتها وميزاتها وعيوبها.

ما هي تقنية الـ "فار" (VAR)؟

تقنية الـ "فار" (VAR) هي اختصار الأحرف الأولى من جملة (Video Assistant Referee) وتعني الحكم المساعد بالفيديو؛ وهي عبارة عن غرفة يوجد فيها ثلاثة حكام يتابعون مباراة كرة القدم عن بعد بهدف إعادة مشاهدة اللقطات التي تحمل لبساً خلال المباراة، من أجل إعطاء قرارات أكثر دقة بما يخص اللعبة الكروية.

يكثر الاعتماد على هذه التقنية في الحالات المشكوك بأمرها، مثل رفع كرت أصفر أو كرت أحمر في وجه أحد اللاعبين، ومع وجود حالة من اللبس في عملية تصادم اللاعبين والرغبة في التأكد من كون هذا الاصطدام أو السقوط مقصوداً أو غير مقصود من أجل إعطاء حكم عادل يساعد على اتخاذ قرار صحيح، كما تُستخدم هذه التقنية في تفحص وجود تسلل في أثناء تسجيل هدف، ومن ثمَّ إضافة المزيد من المصداقية على الحُكم في المباراة.

آلية العمل بتقنية الـ "فار" (VAR):

تقوم آلية عمل تقنية الـ (VAR) على وجود ثلاثة حكام يجلسون في غرفة مزودة بشاشات موصولة بكاميرات تصوِّر لهم المباراة من زوايا مختلفة؛ الأمر الذي يمكنهم من مشاهدة المباراة من زوايا تختلف عن زاوية الحكام الموجودين في أرض الملعب، إضافة إلى امتلاكهم تقنية إعادة الحالات المشكوكة في صحتها للتأكد منها، وتزويد حكم الساحة بالقرار الصحيح والدقيق، عن طريق التواصل معه باستخدام سماعات لاسلكية، والذي لا يتوانى عن الاستماع لهم واتخاذ القرار الصحيح، وكل ذلك يترافق مع إظهار الحالة على شاشات موجودة في الملعب لكي يتسنى للجمهور معرفة الأمر الذي حصل وإزالة أي التباس لديهم.

متى يتم اللجوء إلى تقنية الـ "فار" (VAR)؟

عادة ما يتم اللجوء إلى تقنية الـ "فار" في إصدار الحُكم في الحالات الآتية:

الأهداف:

تحتاج الأهداف التي تُعَدُّ محور لعبة كرة القدم إلى الكثير من التدقيق والتمحيص، وتتطلب كثيراً من الدقة والمصداقية؛ لذا تتم مراجعتها بتقنية الـ "فار" بهدف التأكد من صحتها، وخلوها من المخالفات، وعدم تسجيلها بعملية تسلل، واستبعادها في حال كانت قد انتهكت واحداً من المعايير المحددة بدقة في دستور كرة القدم.

إنَّ استخدام تقنية الـ "فار" تسبب كثيراً إلغاء فرحة الجمهور بتسجيل هدف ما، ولربما قد مررنا جميعاً بموقف الإحباط بعد إلغاء الهدف بعد فرحتنا العارمة به، أو الفرحة العارمة بإلغاء هدف خصمنا بعد إحباطنا لتسجيله.

البطاقات الحمراء:

تساعد تقنية الـ "فار" (VAR) على إطلاق أحكام بطريقة أكثر عدالة، ولأنَّ البطاقات الحمراء من الأحكام القاسية في كرة القدم، التي تتسبب في طرد اللاعب من الملعب وحرمانه من اللعب في مباريات لاحقة، يجب التمعُّن والتدقيق كثيراً قبل إطلاق هذا الحكم عليه، وهنا يبرز دور تقنية الـ "فار" (VAR) التي تساعد على رؤية الموقف الذي تسبب بطرد اللاعب من زوايا عدة، ومشاهدة كافة لحظاته من أجل التأكد من أنَّ هذا الخطأ كان مقصوداً، وأنَّ مرتكبه يستحق هذه العقوبة، وعملية الطرد لم تُتخذ عن سوء تقدير.

فبعد أن يقوم الحكام في غرفة الفيديو بمشاهدة الموقف مرات عديدة ومن زوايا مختلفة، يبلغون رأيهم لحكم الملعب عبر سماعة الأذن التي يضعها، ويعلن عن قراره النهائي.

إقرأ أيضاً: قصة نجاح النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي

ضربات الجزاء:

تُستخدم تقنية الـ "فار" (VAR) في الحالات التي يحدث فيها خطأ تكون نتيجته احتساب ركلة جزاء للفريق، ولأنَّ ركلة الجزاء تكون قريبة جداً من المرمى واحتمال تسجيل هدف بواسطتها كبير، يجب التأكد من استحقاق الفريق لها.

التحديد الخاطئ للهوية:

إنَّ حكم الملعب هو إنسان له قدرات بشرية محدودة وقابل كغيره للوقوع في الخطأ، وفي لعبة كرة القدم التي يجري فيها اللاعبون بسرعة ويتزاحمون على الكرة تكون احتمالات الخطأ في هوية اللاعب واردة وموجودة، ولم يفت وقت كبير على الحادثة التي جرت في "تشيلي" عام 2014 عندما خسر "أرسنال" 6-0 وحدث الالتباس في الهوية بين "كيران جيبس" و"أليكس أوكسليد تشامبرلين".

لمحة عن تاريخ تقنية الـ "فار" (VAR):

تقنية الفار

في عام 2010 وتحديداً في "هولندا" استُخدِمَت تقنية الـ "فار" لأول مرة في تاريخ كرة القدم؛ وذلك خلال مشروع (Referee 2.0).

في موسم 2012-2013 تمت تجربتها في الدوري الهولندي وأثبتت نجاحاً باهراً ومبكراً، قام على إثره الاتحاد الهولندي لكرة القدم بتقديم التماس لمجلس الاتحاد الدولي لكرة القدم (IFAB) من أجل تعديل قواعده وإعادة السماح بتشغيل الفيديو خلال المباريات.

قبل عام 2015 في الـ "فيفا" (FIFA) وتحديداً في عهد "سيب بلاتر" كانت تقنية الـ "فار" مرفوضة، ويُنظر إليها نظرة سلبية، لكن بعد إقالته بسبب فضيحة الفساد، واستلام "إنفانتينو" مكانه، تم تبنِّي هذه التقنية والمصادقة عليها، وتم تشغيلها بشكل تجريبي في الولايات المتحدة الأمريكية عام 2016 مع جهات احتياطية.

في عام 2017 تبنى الدوري الاحترافي الأسترالي تقنية الـ "فار"، واستخدمها في مباريات الدوري للدرجة الأولى في شهر نيسان/ أبريل ليكون الثاني في تبنيها بعد الدوري الأمريكي.

تتابع الدوريات الأوروبية فيما بعد لاعتماد التقنية في مبارياتها، وانضمَّ كل من الدوري الألماني والدوري الإيطالي من الدرجة الأولى للمعتمدين عليها في موسم 2017-2018، ولحق بهما الدوري الإسباني ودوري الدرجة الأولى (Ligue 1) عام 2018، ومن ثم الدوري الإنكليزي عام 2019، وتم اعتماد اسم رسمي للتقنية هو تقنية "حكم الفيديو المساعد" (VAR).

إيجابيات استخدام تقنية الـ "فار" (VAR):

مما لا شك فيه أنَّ تقنية الـ "فار" أضافت الكثير من العدالة إلى لعبة كرة القدم، وأعطت كل طرف من طرفي اللعبة حقه في احتساب الفرص والأهداف، كما أنَّها خففت العبء النفسي على الحكام الذين كانوا يطلقون أحكامهم بحسب رؤيتهم التي تقع ضمن القدرات البشرية القابلة للخطأ؛ لذا إنَّ استخدام تقنية الحكم المساعد بالفيديو أزال عن كواهلهم إمكانية الوقوع في الظلم والخطأ؛ وذلك لأنَّ الرأي المتخَذ هو نتاج اجتماع آراء عدة.

مما لا يمكن إنكاره هو أنَّ تقنية الـ "فار" أضافت بصيص أمل في بعض المواقف بالنسبة إلى اللاعبين والجماهير، فكم من مرة توسل بها عشاق كرة القدم أن يثبت الـ "فار" وجود لمسة يد ليستحق الفريق ركلة جزاء، وكم مرة تمنوا أن يكون لاعب الخصم قد تسلل عند إحرازه للهدف ليثبت لهم الـ "فار" ما نشدوه، فيُلغى الهدف وتعود حالة التوازن التي سادت قبله.

لا ننسى أنَّ المباريات التي أثبت فيها الـ "فار" فاعليته في فرض استحقاق ركلة جزاء أو إلغاء هدف، هي من المباريات التي تظل عالقة في أذهان المتابعين واللاعبين مدة طويلة، فتضيف لهذه اللعبة الكروية تشويقاً وإثارة فوق كل ما تمتلكه منها.

هل لاستخدام تقنية الـ "فار" سلبيات؟

كأي شيء موجود في الحياة، تقنية الـ "فار" لها وجهان؛ واحد إيجابي وآخر سلبي، وقد يتساءل بعض الناس أيعقل أن يكون لاستخدام تقنية الـ "فار" سلبيات؟ ونحن نجيب بأنَّ الموضوع نسبي ويختلف من رأي لآخر، وهذه بعض النقاط التي أُخِذَت على تقنية الـ "فار" (VAR) المستخدَمة في كرة القدم:

يرى بعض الناس أنَّ تقنية الـ "فار" قد حرمت كرة القدم عفويتها، وجردتها من متعتها، فهذه اللعبة تكمن متعتها بالتلاعب بنسب الأدرينالين في أجساد المتابعين، فيصرخون فرحاً في حال تم تسديد هدف، ولكنَّ تقنية الـ "فار" قد تثبت بطلانه بعد التمحيص ويتم إلغاؤه؛ وهذا يسبب إحباطاً للمتابعين، ويجعل لديهم نوعاً من التردد في التعبير عن فرحهم بتسجيل الهدف، فهم يخافون من إلغائه بعد احتفالهم الآني به، ومن ثمَّ فإنَّ هذه التقنية حرمتهم من عفوية الاحتفال بالتسجيل.

من سلبيات هذه التقنية أيضاً إلحاح اللاعبين على الحكم بمراجعة التسجيلات أو المواقف حتى في الأمور البسيطة، وهذا يخرق قواعد استخدامها، كما أنَّ عدم اعتماد الاتحاد الأوروبي لكرة القدم لهذه التقنية يُعَدُّ واحداً من سلبياتها أيضاً.

يجب التنويه إلى أنَّ هذه التقنية قد زادت الضغوطات على الحكم، فعلى الرغم من أنَّها أتاحت إمكانية مراجعة المواقف والتأكد من صحتها بنسبة 100%، إلا أنَّ الحكام الموجودين والحكم في الملعب هم بشر وتحتمل أحكامهم وجود خطأ وصواب، وقد لا ينجحون دائماً في تقدير الأمور تقديراً جيداً، وهذا ما لا يقدِّره الجمهور ولا ينساه ولا يتقبله.

إنَّ مراجعة التسجيلات أكثر من مرة يتطلب بعض الوقت؛ وهذا ما يسبب التأخير في إعلان رأي الحكم؛ وهذا بدوره يستنزف صبر الجمهور ويرهقهم بالانتظار ويزيد توترهم وانفعالهم حتى انقضاء هذه اللحظات الحاسمة التي تشد الأعصاب.

إقرأ أيضاً: قصة نجاح النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو

في الختام:

إنَّ تحول كرة القدم إلى هوس وتعلق الجماهير الكبير بها، دفع المهتمين بها القائمين عليها إلى تسخير التكنولوجيا لتصب في مصلحة تحقيق العدالة في اللعبة الكروية، فنتجت تقنية الـ "فار" أو الحكم المساعد بالفيديو لتسديد رأي الحكم أو ردعه عن خطئه إذا حدث؛ الأمر الذي انقسمت حوله الآراء بين داعم ورافض، ولكنَّه بالتأكيد أحدث نقلة نوعية بالنسبة إلى عشاق المستديرة.

المصادر: 1، 2، 3، 4




مقالات مرتبطة