ماذا تعرف عن التوحد؟

ما الذي تعرفه عن هذا المرض الذي يصيب الأطفال منذ الولادة، ولا يمكن اكتشافه إلا بعد مرور نحو سنة ونصف على الإصابة به وحتى السنة الثالثة من عمر الطفل، وذلك مع بدء الكلام والحركات وتزايد الوعي والإدراك؟ إن هذا المرض ليس حديثاً، غير أنه لم يمرّ على اكتشافه وتشخيصه أكثر من سنوات معدودة، إذ إن الكثيرين يجهلون معناه الحقيقي ويخلطون بينه وبين التخلف العقلي والأمراض النفسية.



التوحد يؤدي إلى صعوبات واضحة في التفاعل الاجتماعي والتواصل اللفظي وغير اللفظي، وفي السلوك والاهتمامات.. أسبابه غير معروفة حتى الآن، إلا أن البعض يرجعه إلى أسباب بيولوجية أو جينية أو غذائية.. وهي مجرد فرضيات، لم يتم التأكد من صحتها بعد، وربما للأسباب كلها مجتمعة.

إن المصاب بالتوحد يتصف بمجموعة من المواصفات أهمها: أنه يردد الكلمات دون معنى لها، يجد صعوبة في التعبير عن احتياجاته حتى بالإشارة، يميل إلى الانعزال الاجتماعي، ويفضل الجلوس وحده، يصاب بنوبات صراخ وبكاء لأسباب غير واضحة، ويصرّ على تدوير الأشياء غير المخصصة للدوران. يعاني ضعفاً في إظهار العواطف وحساسية زائدة للأصوات، وعدم الإحساس بالألم أحياناً، وعدم التواصل البصري مع الآخرين. يهتم بالأشياء ولا يهتم بالأشخاص، يقاوم التغيير ويلعب بطريقة غريبة، ويبدو كأنه أصم، فهو لا يستجيب عند مناداته، ويتميز بعدم القدرة على التخييل.

لا يركز بصره على والدته كما يفعل بقية الأطفال، ويصعب جعل الطفل يوجه بصره إلى الآخرين ومتابعتهم بنظراته، لا يصدر أصوات مناغاة كغيره من الأطفال، يعاني ضغطاً في مهارات التقليد، لا يرفع ذراعيه إلى الأعلى لكي يحمله والداه.. تأخر النطق اللغوي، بل لا ينطق عند بلوغه 18 شهراً من عمره، ولا يستخدم جملاً مكونة من كلمتين على الأقل عند بلوغه 24 شهراً.. لا يرد على ابتسامة الآخرين، وبعضهم يواجه صعوبة في النوم، وقد تظهر لدى الكثير منهم نوبات غضب شديدة وحركات نمطية متكررة مثل رفرفة الأصابع أو الدوران حول أنفسهم.

هناك نسبة من مصابي التوحد يتميزون بالذكاء الشديد، وفي حال التدخل المبكر من أجل دمجهم في المجتمع، فإنهم يصبحون أشخاصاً عاديين، بل ويتميزون من غيرهم في المجالات التي يعملون ويهتمون بها.. والتاريخ يعطينا أمثلة عن ذلك لبيل غيتس، الملياردير المعروف صاحب اختراع نظام برمجيات ويندوز.. وآنيشتاين صاحب النظرية النسبية، ونيوتن مكتشف الجاذبية الأرضية، والموسيقار بيتهوفن »الأصمّ« مؤلف تسع سيمفونيات، وله الفضل الأكبر في تطور الموسيقا الكلاسيكية، وأسماء أخرى كثيرة كمارك توين، وتوماس أديسون، وموزارت، وفان كوخ..إلخ.

أي أن الاكتشاف المبكر لهذا المرض يساهم بدرجة كبيرة في صقل المواهب والاهتمامات الخاصة بكل مريض، وبذلك يمكن أن يصبح فاعلاً ومميزاً في مجال معين من مجالات الحياة، علماً أن نسبة الشفاء الكامل لا تتجاوز الـ2%.

في سورية بدأت الجهات المختصة والرسمية تولي اهتماماً خاصاً لهذه الفئة من المرضى، وأن تأتي متأخراً خير من أن لا تأتي أبداً، وخصوصاً بعد أن اكتُشف وصُنّف كمرض مختلف عن أمراض التخلف العقلي والذهني، وبدأت تظهر جمعيات تخصصية ترعى هؤلاء المرضى وتتعامل معهم بطريقة علمية إلى حد ما.

والنصيحة الأهم للأهل هي الانتباه لكل سلوك يظهر لدى الطفل، ولاسيما في مراحل الطفولة المبكرة، فكل ملاحظة سوف يكون لها دور مهم في عملية التشخيص والعلاج والابتعاد قدر الإمكان عن ما يمكن أن يؤثر على طرق العلاج

 

المصدر:الاحتياجات الخاصة