ما يقال عند زيارة المريض

وَرَدَ في صحيح البخاري ومسلم حديث البراء بن عازب رضي الله عنه قال: أَمَرَنَا النَّبِيُّ صلى اللهُ عليه وسلم بِسَبْعٍ: (أَمَرَنَا بِاتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ، وَعِيَادَةِ الْمَرِيضِ، وَإِجَابَةِ الدَّاعِي، وَنَصْرِ الْمَظلُومِ، وَإِبْرَارِ القَسَمِ، وَرَدِّ السَّلَامِ، وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ). ولمّا كانت زيارة المريض من السُنن المؤكَّدة في الإسلام وحقاً من حقوق المسلم على أخيه المسلم فكان لا بدَّ لنا أن نُذْكُر بعض الآداب المتعلِّقة بهذه السُنَّة فيما يتعلق بما يُقَال للمريض عند زيارته من كلام للتخفيف عنه وتصبيره ومن الأدعية التي وردت عن السُنَّة النبويّة وغيرها من الأدعية المُستحبَّة.



ماذا يقال عند زيارة المريض؟

نستعرض في السطور التالية أجمل الأدعية التي تقال عند زيارة المريض.

أدعية تقال عند زيارة المريض:

يُستحب لمن يزور المريض أن يدعو له ببعض الأدعية والتي وَرَدَت عن النبي صلى الله عليه وسلم ومنها:

1- كما روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث عائشة رضي اللهُ عنها: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى اللهُ عليه وسلم كَانَ ((إِذَا اشْتَكَى الْإِنْسَانُ الشَّيْءَ مِنْهُ، أَوْ كَانَتْ بِهِ قَرْحَةٌ، أَوْ جُرْحٌ، قَالَ النَّبِيُّ صلى اللهُ عليه وسلم بِإِصْبَعِهِ هَكَذَا، وَوَضَعَ سُفْيَانُ سَبَّابَتَهُ بِالْأَرْضِ، ثُمَّ رَفَعَهَا: "بِاسْمِ اللَّهِ تُرْبَةُ أَرْضِنَا، بِرِيقَةِ بَعْضِنَا، لِيُشْفَى بِهِ سَقِيمُنَا بِإِذْنِ رَبِّنَا)).

2- وجاء في صحيح البخاري ومسلم حديث السيدة عائشة رضي اللهُ عنها: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى اللهُ عليه وسلم إذَا أَتَى الْمَرِيضَ يَدْعُو لَهُ قَال: ((أَذْهِبِ الْبَاسَ، رَبَّ النَّاسِ، وَاشْفِ أَنْتَ الشَّافِي، لَا شِفَاءَ إِلَّا شِفَاؤُكَ، شِفَاءً لَا يُغَادِرُ سَقَمًا)).

3- ومنها ما رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث سعد بن أبي وقاص رضي اللهُ عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى اللهُ عليه وسلم دَعَا لَهُ فِي مَرَضِهِ فَقَالَ: ((اللَّهُمَّ اشْفِ سَعْدًا، اللَّهُمَّ اشْفِ سَعْدًا - ثَلَاثَ مِرَارٍ)).

4- وقد علم النبي صلى الله عليه وسلم عثمان بن أبي العاص عندما شكا إليه وجعاً، يجده في جسده منذ أسلم، يقول عثمان بن أبي العاص الثقفي: ((قَدِمتُ على النبي صلى الله عليه وسلم وبي وجع، فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم: "اجعل يدك اليمنى عليه وقل: بسم الله، أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر. سبع مرات" فقلت ذلك فشفاني الله))، رواه أبو داود والترمذي وغيرهما وصحّحه الألباني.

5- ومن الأدعية التي أوصى بها النبي صلى اللهُ عليه وسلم عند زيارة المريض، ما روى أبو داود في سننه من حديث ابن عباس رضي اللهُ عنهما أن النبي صلى اللهُ عليه وسلم قال: ((مَنْ عَادَ مَرِيضًا لَمْ يَحْضُرْ أَجَلُهُ، فَقَالَ عِنْدَهُ سَبْعَ مِرَارٍ: أَسْأَل ُاللَّهَ الْعَظِيمَ، رَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، أَنْ يَشْفِيَكَ، إِلَّا عَافَاهُ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ)).

6- كما جاء في سنن أبو داوود حديث عبد الله ابن عمرو رضي اللهُ عنهما، قال النبي صلى اللهُ عليه وسلم: ((إِذَا جَاءَ الرَّجُلُ يَعُودُ مَرِيضًا فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ اشْفِ عَبْدَكَ، يَنْكَأُ لَكَ عَدُوًّا، أَوْ يَمْشِي لَكَ إِلَى صَلَاةٍ)).

7- وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنَّ جبريل أتى النبي صلَّى الله عليه وسلَّم فقال: ((يا محمد: اشْتَكيت؟ قال: نعم، قال: باسم الله أَرقيك، من كلِّ شيءٍ يُؤذيك، من شرِّ كلِّ نفسٍ أو عين حاسدٍ، الله يَشفيك، باسم الله أَرقيك)).

8- كما جاء في صحيح المسلم وبخاري حديث عائشة رضي الله عنها قالت: ((كان رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم إذا مَرِض أحدٌ من أهله، نفَث عليه بالمعوذات، فلمَّا مَرِض مرضه الذي مات فيه، جعَلت أَنفُثُ عليه وأَمْسَحه بيد نفسه، لأنها كانت أعظمَ بركةً من يدي)).

تذكير المريض بأجر الصبر على مرضه:

روى البخاري في صحيحه من حديث ابن عباس رضي اللهُ عنهما: أنّ النبي صلى الله عليه وسلم دخل على أعرابي يَعُودُهُ، قَالَ: وَكَانَ النَّبِيُّ صلى اللهُ عليه وسلم إِذَا دَخَلَ عَلَى مَرِيضٍ يَعُودُهُ قَال: ((لَا بَأْسَ، طَهُورٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ)).   قال: قلت: طهور؟ كلا، بل هي حمى تفور - أو تثور - على شيخ كبير، تُزِيرُهُ القبور. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((فنعمْ إذًا)). ومعنى طهور: أي طهور من ذنوبك، أي مطهر لك منها.

لذلك يجب على المريض أن يُذكِّر المريض بجزاء صبره على مرضه وما فيه من مغفرة لذنوبه وزيادة أجره. فعن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((مَا يُصِيبُ الْمسلِمَ مِنْ نَصَب، وَلاَ وَصَب، وَلاَ هَمِّ، وَلاَ حَزن، وَلاَ أَذىً، وَلاَ غَمّ، حَتى الشوْكَةِ يُشَاكُهَا، إِلا كَفَّرَ اللهِ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ))، أخرجه أحمد والبُخَارِي ومسلم.

وعن أنس بن مالك، قال: قال رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((إِذَا ابْتَلَى اللَّهُ الْعَبْدَ الْمُسْلِمَ بِبَلاَءٍ فِي جَسَدِهِ، قَالَ اللَّهُ لِلْمَلَكِ: اكْتُبْ لَهُ صَالِحَ عَمَلِهِ الَّذِي كَانَ يَعْمَلُهُ، فَإِنْ شَفَاهُ، غَسَلَهُ وَطَهَّرَهُ، وَإِنْ قَبَضَهُ، غَفَرَ لَهُ، وَرَحِمَهُ)).

إقرأ أيضاً: من وصايا الرسول محمد صلّى الله عليه وسلّم

يُستحب لمن يزور مريضاً ألّا يتكلَّم إلّا بخير:

عن أمِّ سلمة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((إذا حضَرْتُم المريض أو الميت، فقولوا خيرًا؛ فإنَّ الملائكة يُؤمِّنون على ما تَقولون))، رواه مسلم.

فيجب على عائد المريض ألّا يتكلَّم إلّا بخير وأن يُعطي المريض أملاً بالشفاء من خلال كلامه، فلا يؤذيه بتذكيره بأنَّ فُلاناً قد مات بنفس المرض، فعن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إِذَا دَخَلْتُمْ عَلَى الْمَرِيضِ فَنَفِّسُوا لَهُ فِي الأَجَلِ فَإِنَّ ذَلِكَ لاَ يَرُدُّ شَيْئًا وَهُوَ يَطِيبُ بِنَفْسِ المريض))، أخرجه ابن ماجة والترمذي.

سؤال المريض عن حاله:

ممَّا يُقال عند زيارة المريض أن تسأله عن حاله دون أن تُثقِّل عليه في السؤال، فعن محمود بن لبيد، قال: ((لَمَّا أُصِيبَ أَكْحَلُ سَعْدٍ، يَوْمَ الْخَنْدَقِ، فَثَقُلَ، حَوَّلُوهُ عِنْدَ امْرَأَةٍ، يُقَالُ لَهَا: رُفَيْدَةُ، وَكَانَتْ تُدَاوِي الْجَرْحَى، فَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا مَرَّ بِهِ، يَقُول: كَيْفَ أَمْسَيْتَ؟ وَإِذَا أَصْبَحَ: كَيْفَ أَصْبَحْتَ؟ فَيُخْبِرُهُ))، أخرجه البخاري.

كما ورد عن أنس رضي الله عنه، أنّ النبي صلى الله عليه وسلم دخل على شاب وهو يحتضر، فقال: ((كَيْفَ تَجِدُكَ؟ قَالَ: وَاللهِ، يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي أَرْجُو اللَّهَ، وَإِنِّي أَخَافُ ذُنُوبِي، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: لاَ يَجْتَمِعَانِ فِي قَلْبِ عَبْدٍ، فِي مِثْلِ هَذَا الْمَوْطِنِ، إِلاَّ أَعْطَاهُ اللَّهُ مَا يَرْجُو، وَآمَنَهُ مِمَّا يَخَافُ))، رواه الترمذي وابن ماجة والنسائي.

قراءة سورة الفاتحة عند زيارة المريض:

فمن صِفَات سورة الفاتحة أنَّها تشفي المريض وترقيه بإذن الله تعالى وذلك لحديث أبي سعيد الخدري، قال: ((إنَّ ناسًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا في سفر، فمرُّوا بحي من أحياء العرب فاستضافوهم فلم يضيِّفوهم، فقالوا لهم: هل فيكم راقٍ، فإن سيد الحي لديغ، أو مصاب، فقال رجل منهم: نعم، فأتاه فرَقَاه بفاتحة الكتاب، فبرأ الرجل، فأعطي قطيعًا من غنم، فأبى أن يقبلها، وقال: حتى أذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فأتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، فقال: يا رسول الله، والله ما رقيت إلا بفاتحة الكتاب، فتبسَّم، وقال: ((وما أدراك أنها رقية))، ثم قال: ((خذوا منهم، واضربوا لي بسهم معكم)).

قال النووي في شرح مسلم: قوله صلى الله عليه وسلم: ((ما أدراك أنها رقية؟))؛ فيه التصريح بأنها رقية، فيستحب أن يقرأ بها على اللديغ والمريض، وسائر أصحاب الأسقام والعاهات.

ما يُقال عند زيارة المريض من أدعية أخرى:

  • اللهمّ اشفِ مرضانا ومرضى المسلمين من كل مرض يا أرحم الراحمين.
  • اللهمّ يا مجيب الدعاء، يا دافع البلاء، يا شافي المريض بقدرتك اللهمّ اشفه شفاءَ لا يُغادر سقماً اللهمّ ألبسه لباس الصحّة والعافية يا أرحم الراحمين يا رب.
  • بسم الله أرقيك من كلّ شيءٍ يؤذيك، ومن شرّ كلّ نفسٍ أو عين حاسدٍ، بسم الله أرقيك الله يشفيك، ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، ولا حول ولا قوة إلّا بالله، أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك ويشفي مرضى المسلمين.
  • اللهمّ يا رحمن يا رحيم يا مالك الملكوت ألبسه ثوب الصحّة والعافية عاجلاً غير آجلاً يا أرحم الرّاحمين.
  • اللهمّ اشفه، اللهمّ اشفه، اللهمّ اشفه، اللهمّ آمين.
  • اللهم اشفه شفاءً لا يُغادر سقماً، اللهمّ خذ بيده، اللهمّ احفظه بحفظك واحرسه بعينك الّتي لا تنام.
  • اللهمّ إنّا نسألك بكل اسمٍ هو لك سميت به نفسك أن تشفيه من كلّ مرض.
  • ربّنا اكشف عنا العذاب إنّا مؤمنون، يامن تعيد المريض لصحّته وتستجيب لدُعاء البائس نسألك أن تشفي كل مريض.
  • أذهب البأس ربّ النّاس، واشفِ وأنت الشّافي، لا شفاء إلّا شفاؤك، شفاءً لا يغادر سقماً.
  • اللهمّ إنّي أسألك من عظيم لطفك وكرمك وجودك وسترك الجميل أن تشفيه وتمدّه بالصحّة والعافية لا ملجأ ولا منجا منك إلّا إليك، إنّك على كلّ شيءٍ قدير.
  • اللهمّ يا مسهّل الشديد ومليّن الحديد ويا مُنجز الوعيد ويا من هو كل يوم في أمر جديد، أخرج مرضانا ومرضى المسلمين من حلق الضيق إلى أوسع الطريق بك أدفع عن المسلمين ما لا يطيقون ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم.
  • بسم الله أرقيك، من وساوس الصّدر وشتات الأمر، ومن الأمراض والأوهام، ومن نزغات الشّيطان، ومن الأسقام، ومن الكوابيس، ومن مزعجات الأحلام.
  • ربنا الذي في السماء، تقدّس اسمك، أمرك في السماء والأرض، كما رحمتك في السماء، اجعل رحمتك في الأرض، اغفر لنا خطايانا، أنت رب الطيبين، أنزل رحمة من رحمتك، وشفاءً من شفائك على هذا الوجع فيبرأ.
  • اللهم هوّن على المريض مرضه واشفه بشفائك يا كريم يا رحيم، اللهم اسكب في جسده نهراَ من العافية والراحة يسري في أوردته.
  • اللهمّ نسألك باسمك الاعظم الذي إذا دُعيت به أجبت أن تُشفي مرضانا ومرضى المسلمين وأن تُعافي أجسادنا وتُفرج همنا واجعل أيامنا كلّها سعادة وخاتمتنا الجنّة يا رب.
  • اللهمّ اشف كل جسد يضجُّ به الوجع وكل روح تعجُّ بها أنفاس الألم وكل مريض أرهقه المرض وفرّج له من عندك. ربي اشف مرضانا ومرضى المسلمين.
  • اللهمّ يا حنّان يا كريم يا جبّار يا ذا الجلال والاكرام اللهمّ اشفه أنت الشافي وألبسه لباس العافية واصرف عنه البلاء والشر.
  • اللهمّ اشفه ليعود كما كان، يا رب إنَّه يرجو شفائك فلا تحرمه لذّة الراحة اللهمّ اشفه شفاءً لا يُغادر سقماً.
  • اللهمّ اشفه من جميع الأمراض وألبسه لباس الصحّة والعافية ومُدّ في عمره.
  • اللهمّ اشفه شفاءً لا يُغادر سقماً وأطل بعمره يا الله، اللهمّ أمدّه بصحّةٍ وعافيةٍ لا تنضب أبداً.
  • اللهمّ اشفِ مرضانا وعافي مُبتلانا اللهمّ نسألك العافية من كل بليّة.
  • اللهمّ يا صانع المعجزات يا رب المستحيلات اسألك من عظيم لطفك وكرمك أن تشفيه عاجلاً غير آجل اللهم اشفه اللهمّ اشفه اللهمّ اشفه يا رب العالمين.
  • اللهمّ أسكب على آلامه نهراً من الراحة يسري في أوردته. ربي أرح ثمَّ هوِّن ثم اشفِ كلّ نفس لا يعلم بوجعها إلّا أنت يا رب العالمين.
  • اللهمّ يا شافي يا معافي اشفهِ وارفع عنه اللهمّ إنا استودعناك عافيته فعافه واعفو عنه واحرسه بعينك التي لا تنام.
  • اللهمّ يامن شفيت أيّوب وكشفت ضرّ يعقوب اشفِ كل مريض يتألّم ولا يتكلّم ولا يعلم بحاله إلّا أنت.

 دعاء لأهل المريض:

  • اللهم إنا نسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العلا، أن ترزق أهل المريض الصبر والسلوان، وأن تلهمهم الرضا بما قدرته لهم، وأن تجعلهم صابرين محتسبين، وأن ترزقهم الأجر العظيم على ما صبروا، يا رب العالمين.
  • اللهم يا رب العالمين، نسألك أن ترحم أهل المريض، وأن تحفظهم من كل سوء ومكروه، وأن ترزقهم السعادة والفرح، وأن تجعلهم من أهل الجنة، يا رب العالمين.

ختامًا، فإن الدعاء للمريض هو من أعظم الأعمال التي يمكن أن يقوم بها المسلم، فهو تعبير عن الحب والرحمة، وهو أيضًا وسيلة للحصول على الشفاء من الله تعالى.




مقالات مرتبطة