ما هي نصائح الفلاسفة القدماء حول الإنتاجية؟

قد تبدو الإنتاجية مفهوماً حديثاً، لكنَّ الحقيقة هي أنَّ البشرية كانت مهتمة بهذا الموضوع عبر التاريخ، ومثال على ذلك؛ الكلمات الحكيمة المتعلقة بالإنتاجية التي قالها تسعة من الفلاسفة القدماء، ولا تزال هذه الكلمات حقيقية اليوم تماماً كما كانت منذ قرون.



1. ابدأ بأمر بسيط ولكن بقوة:

"رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة واحدة"- لاو تزو (Lao Tzu)

يتطلب كل هدف تحدده في الحياة اتخاذ الخطوة الأولى، والتي تُعَدُّ الخطوة الأكثر أهمية، بالطبع قول ذلك أسهل من فعله، سواءً كان الأمر متعلِّقاً بثقتك بنفسك، أم خوفك من الإرهاق، فمن الصعب اتخاذ الخطوة الأولى؛ لذلك، كيف يمكنك التغلُّب على هذا الأمر؟

وفقاً للفيلسوف "ديزموند توتو" (Desmond Tutu): "توجد طريقة واحدة فقط لأكل الفيل؛ والتي هي أكل قضمة واحدة في كل مرة"؛ ويعني ذلك أنَّه عندما تكون هناك مهمة تبدو مستعصية بالنسبة إليك، قسِّمها إلى أجزاء أصغر.

إنَّها طريقة بسيطة لجعل الشيء المستحيل أكثر قابلية للتحقيق، والأفضل من ذلك أنَّه يجعل البدء بإنجاز أي شيء أسهل بكثير، وفي المقابل، ستقوم ببناء دافع كبير بداخلك، وكما يقول المثل القديم: "غنمَ مَن استقر".

في الوقت نفسه، تأكَّد من أنَّك تبدأ بداية قوية، في حين أنَّ هذا لا يعني الوقوع في فخ السعي إلى إنجاز عملك بشكل مثالي، إلَّا أنَّه يعني تقديم أفضل ما لديك؛ إذ عندما تفعل ذلك، سيبدو الأمر وكأنَّ كل شيء آخر سوف يُنجَز بسهولة أكبر، وكما قال الفيلسوف "أفلاطون" (Plato) ذات مرة: "البداية هي أهم جزء في العمل".

2. كن شخصاً منتجاً ولكن ليس شخصاً مشغولاً:

"حذار من عقم الحياة المملوءة بالأشغال" - سقراط (Socrates).

تسأل المدوِّنَة "تشونسيه مادوكس" (Chonce Maddox): "هل أنت شخص مشغول أم شخص منتج؟" إنَّ فهم الفارق بين الكلمتين يُعَدُّ أمراً أساسياً إذا كنتَ تريد أن تكون قادراً على الخروج لاستنشاق الهواء وما زلتَ تعلم أنَّك تستطيع أن تنجز أهدافك".

وتضيف "تشونسيه": "أكره كلمة مشغول؛ وذلك لأنَّها تُستَخدم بطريقة مبالغ بها، فالكثير منا لديه جداول زمنية مليئة بالمهام وأشياء أخرى نقوم بها باستمرار، ومع ذلك، ما زلتُ لا أحبُّ أن أسمعَ كلمة "مشغول" وكأنَّها تشير إلى شيء يستحق أن نفخر به"، بدلاً من ذلك، ركَّزَت "تشونسيه" في الحصول على النتائج وإحراز تقدُّم.

كيف تُحقِّق هذا؟

لا يضيف الأشخاص المنتجون المزيد من المهام إلى قوائمهم التي ينبغي عليهم إنجازها؛ بل إنَّهم يهتمون بنوعية العمل الذي يقومون به أكثر من كمية المهام.

علاوة على ذلك، فهم لا يقبلون القيام بأيَّة مهمة تُعرَض عليهم؛ بل إنَّهم أكثر انتقائية؛ بمعنى آخر، إنَّهم يختارون أن يبذلوا وقتهم وطاقتهم في إنجاز أي شيء يتعلق بأولوياتهم، والأشخاص المنتجون لا يستسلمون للمشتتات، كما أنَّهم يتجنبون القيام بمهام متعددة، وهم يعملون بذكاء أكثر وليس بجهد أكبر.

3. عِش الحاضر:

"لا شيء - حسب طريقة تفكيري - هو أفضل دليل على حسن التنظيم من قدرة المرء على التوقف حيث هو وقضاء بعض الوقت بمفرده" - سينيكا (Seneca).

أعتقدُ أنَّ الكثير منا يكافح من أجل الحفاظ على وجوده في هذه الحياة، لكنَّ هذا لا يعني أن تعيش حياتك بعقلية: "أنت تعيش لمرة واحدة" "يولو" (Yolo)؛ بل يعني أنَّك بحاجة إلى أن تتمهل وأن تشعر بالواقع الذي تعيشه.

التأمُّل هو أحد أفضل الطرائق للقيام بذلك، ولكن من الممكن أيضاً أن تقوم بذلك من خلال الذهاب في نزهة بعد تناول وجبة الغداء وترك هاتفك في المنزل، وإذا كان لديك وقت فراغ بين مواعيد اجتماعاتك، فما عليك سوى النظر من النافذة، أو البدء بكتابة يومياتك.

عندما تشعر بوجودك، فإنَّ هذه الأمر سيحدُّ من شعورك بالضغط وسوف يُحفِّزك على الإبداع، بالإضافة إلى ذلك يمكن أن يساعدك على تحسين مهاراتك الاجتماعية وأن تكون أكثر تقديراً لنفسك، وقد يشجعك هذا أيضاً على تجربة أشياء جديدة وأن تكون أكثر مرحاً.

شاهد بالفديو: 8 طرق للعمل بشكلٍ أذكى وزيادة الإنتاجية

4. ركِّز في الأشياء الهامة وتخلَّص من كل شيء آخر:

"إذا كنتَ تبحث عن عيش حياتك بهدوء، فنفِّذ القليل من المهام، أو بدقة أكبر افعل ما هو ضروري، فإنَّ القيام بالقليل من الأمور هو الشيء الأفضل؛ وذلك لأنَّ معظم ما نفعله أو نقوله ليس ضرورياً، فإذا استطعتَ التخلُّص منه، فسوف تحصل على المزيد من الهدوء" - ماركوس أوريليوس (Marcus Aurelius).

كما ذكرنا آنفاً، أن تكون شخصاً منتجاً لا يعني أن تعمل على مدار الساعة، فالأمر كله يتعلق بتركيز وقتك وطاقتك في إنجاز المهام القليلة والهامة، وإذا كنتَ شخصاً فضولياً، فسوف تكون هذه المهام هي إنجاز أولوياتك، مثل إنجاز أهم مهمة عليك القيام بها لهذا اليوم، أو قضاء وقت ممتع مع عائلتك.

بعد تحديد المهام القليلة الهامة التي يتعيَّن عليك إنجازها، تخلَّص بعد ذلك مما هو غير ضروري، وبعد كل شيء، إذا كنتَ تقضي اليوم كله مشغولاً في إنجاز مهمات يمكنك تفويضها، فمتى سيكون لديك الوقت للعمل على إنجاز أولوياتك؟

بالإضافة إلى تفويض المهام والاستعانة بمصادر خارجية، عليك إزالة العناصر غير الأساسية تماماً من قائمة المهام الخاصة بك، ويجب أيضاً أن تتخلص من مصادر التشتيت مثل التوقف عن استخدام هاتفك، وإذا كان هناك أي شيء آخر يعوقك، مثل وجود شخص سام، فقد ترغب في إزالته من حياتك.

إقرأ أيضاً: 10 أشياء تجنب القيام بها لتزيد إنتاجيتك وتركيزك

5. ركِّز فيما يمكنك التحكم به:

"استفد إلى أقصى حد مما يمكنك القيام به واترك الباقي يحدث على هواه" - إبكتيتوس (Epictetus).

لا تُضِع وقتك على أشياء خارجة عن سيطرتك، على سبيل المثال: لنفترض أنَّ أحد زملائك مريض وسيتأخر يومين عن إنهاء الجزء المخصص له من العمل، إنَّه لأمر محبط، ولكن ركز فقط فيما تحتاج إلى إنجازه؛ لذلك على الأقل، لا تسعَ إلى أن تكون مثل الآخرين.

6. تذكَّر السبب الذي يدفعك إلى المضي:

"عندما يُلهِمُك هدف عظيم أو مشروع استثنائي، فإنَّ أفكارك جميعها تتخلص من قيودها" - باتانجالي (Patanjali).

لماذا تنهض من السرير كل صباح؟ إذا لم تتمكن من الإجابة عن هذا السؤال، فكيف تتوقع أن تحافظ على دوافعك وإنتاجيتك؟ بعد كل شي، فإنَّ هدفك من الاستيقاظ باكراً هو ما يوقد شغفك ويرشدك إلى أن تكون مُصِراً إصراراً أكبر للحفاظ على وقتك.

لكنَّ الشيء الذي يجب أن تذكره هو أنَّ الإلهام بالكاد يأتيك؛ لذلك اخرُج واكتشِف ما إذا كنتَ قد ضللتَ الطريق؛ حيث إنَّ إحدى الطرائق البسيطة للقيام بذلك هي قضاء بعض الوقت بمفردك والتفكير في كيفية قضاء وقتك، كما يمكنك أيضاً ممارسة الامتنان، ولا تستبعد فكرة اللجوء إلى الكتب والتدوينات الصوتية أو الاقتباسات التي تلهمك.

7. استمتع بما تفعله:

" المتعة في العمل تعزز من كماله" - أرسطو (Aristotle).

إنَّ الإنتاجية الفعلية تتشكل عندما تنجز أعمالك بشغف، في حين أنَّ بعض الأشخاص قد لا يؤيدون هذه الفكرة - مثل رائد الأعمال "مارك كوبان" (Mark Cuban) - إلَّا أنَّ أشخاصاً آخرين مثل رجال الأعمال "ستيف جوبز" (Steve Jobs) و"ريتشارد برانسون" (Richard Branson) يؤيدون فكرة أرسطو هذه، فإنَّ شغفك يُبقيكَ نشيطاً ومُركِّزاً فيما تفعله؛ حيث إنَّه مفيد لصحتك، كما أنَّه يُعزز إيمانك بنفسك.

هل ما زلتَ غير مقتنع بهذه الفكرة؟ إنَّ الشغف يُمكِّنك من الابتكار والتحفيز ويشجعك على التفوق، والأهم من ذلك أنَّه يساعدك على إدارة عبء العمل الخاص بك بما أنَّك تقضي معظم وقتك في فعل ما تستمتع به.

إقرأ أيضاً: كيف تحوّل شغفك إلى طاقة إيجابية؟

8. لا تتسرَّع في إنجاز مهامك:

"التسرُّع في إنجاز عمل يؤدي إلى الفشل" - هيرودوتس (Herodotus).

أنا لا أدعوك لأن تصبح شخصاً مثالياً يسعى فقط إلى تحقيق هدف ما، بدلاً من ذلك، صدِّق أنَّ "هيرودوتس" (Herodotus) كان يشدد على أهمية إنجاز الأهداف بشكل صحيح في المرة الأولى، وكما تعلم يجب أن تتأكد مرتين مما تريد أن تنجزه.

أتفهَّم أنَّ العمل في سباق مع الزمن في بعض الأحيان يمكن أن يدفعك إلى إكمال مهمة بسرعة أكبر، ولكن هناك أشياء معينة تحتاج فيها إلى أن تتمهل وتأخذ وقتك في إنجازها، وإذا لم تفعل ذلك، فقد تختصر بعض الأمور أو ترتكب أخطاء تكلفك الكثير.

للتأكُّد من أنَّك لا تتسرع في إكمال ما تقوم به، امنح نفسك وقتاً أطول مما تحتاج إليه، على سبيل المثال: يمكنك تخصيص ثلاث ساعات في تقويمك لإنجاز أهم مهمة في اليوم على الرغم من أنَّك تحتاج فقط إلى ساعتين لإنجازها.

9. اعتمد على النظم وليس الأهداف:

"الأعمال العظيمة تتكون من أفعال صغيرة" - لاو تزو (Lao Tzu).

كتبَ المدوِّن "جون هول" (John Hall): "لا نستهجن فكرة تحقيق الأهداف هنا، لكن يمكن أن يكون ذلك مشكلة"، ففي الواقع، وجدت الأبحاث أنَّ تقليل عدد الأهداف التي يتعيَّن عليك إنجازها يمكن أن يسبب:

بالإضافة إلى ذلك، صرَّح المدوِّن "جيمس كلير" (James Clear) بأنَّ وضع الأهداف ليس أمراً فعالاً؛ وذلك لأنَّ كلاً من "الأشخاص الناجحين والفاشلين لديهم الأهداف نفسها" عندما يتعلق الأمر بقول وفعل كل شيء، كما يُعَدُّ تحقيق الهدف تغييراً مؤقتاً يقيد السعادة ويتعارض مع تقدمك على الأمد الطويل.

يوضِّح "كلير": "لا يعني أي شيء من قول هذا أنَّ وضع الأهداف أمرٌ غير مجدٍ، ومع ذلك، فقد وجدتُ أنَّ وضع الأهداف أمرٌ جيد لتخطيط تقدمك، وأنَّ تحديد الأنظمة أمرٌ جيد لإحراز التقدم بشكل فعلي".

ويضيف "كلير": "يمكن أن توجِّهك الأهداف؛ بل أيضاً تدفعك إلى الأمام على الأمد القصير، ولكن في نهاية المطاف، سينجح دائماً النظام جيد التخطيط، فإنَّ وجود نظام هو ما يهم، والالتزام بالعملية هو ما يصنع الفارق".

المصدر




مقالات مرتبطة