ما هو المُذنَّب؟ وما هي أجزاؤه؟ بعض الحقائق المثيرة للاهتمام

المُذنَّب هو جسم صغير هش وغير منتظم الشكل يتكون من خليط من الحبيبات والغازات المجمدة غير المتطايرة، وقد تتبع المُذنَّبات دائماً مساراً طويلاً حول الشمس، حتى على التلسكوب، فإنَّ معظم المُذنَّبات غير مرئية، وتصبح مرئيةً فقط عندما تكون قريبةً بدرجة كافية من الشمس؛ وهذا بسبب إشعاعها من قِبل الشمس وتضخيم الغاز المتطاير، ومن ثم تطاير الجزء الدقيق من هذه المادة الصلبة؛ إذ يكون حجم المُذنَّب أصغر بالتأكيد مقارنةً بالكواكب، ويتراوح قطره بين 2460 قدماً و12 ميلاً أو أقل.



يشير معظم الناس إلى المُذنَّبات ببساطة على أنَّها أكوام حطام صغيرة بحجم مدينة أو جبل من الجليد والصخور المتطايرة التي توجد في النظام الشمسي بأعداد لا حصر لها، وتنقسم المُذنَّبات إلى ثلاثة أجزاء مميزة تسمى الذيل والنواة والذؤابة، وهذا ما يضمن قابليتها للعمل، بمعنى أنَّها تميل إلى أن تكون أكثر وضوحاً عندما تقترب من مصدر الإضاءة وهو الشمس.

يتكون ذيل المُذنَّب من ثلاثة أجزاء أخرى وهي الذيل الأيوني والغلاف الهيدروجيني وذيل الغبار، وكل هذه العناصر أساسية أيضاً لحركة المُذنَّب من وإلى الشمس، وفي مقالنا الآتي سنتعرف أكثر إلى المُذنَّب وأجزائه، فتابعوا معنا.

أجزاء المُذنَّب المختلفة:

تم تحديد ثلاثة مكونات رئيسة للمُذنَّب، وتشمل الذيل والنواة والذؤابة، فقسم ذيل المُذنَّب ينقسم إلى ثلاثة أجزاء أخرى، وقد لوحظ أنَّ بعض المُذنَّبات تميل إلى أن تكون أكبر من المسافة بين الأرض والشمس عندما تقترن بطول ذيولها، ولا تنسَ أنَّ المسافة التي تفصل بين الشمس والأرض تقارب 93 مليون ميل.

فيما يأتي وصف للأجزاء الهامة من المُذنَّب:

1. النواة:

تتكون نواة المُذنَّب من الجليد والغاز والغبار والصخور، وقد تم العثور عليها في وسط رأس المُذنَّب مباشرةً، وغالباً ما تكون نواة المُذنَّب متجمدةً، ويتكون الجزء الذي يشغله الغاز في نواة المُذنَّب من ثنائي أوكسيد الكربون وأول أوكسيد الكربون والأمونيا والميثان.

تبلغ مساحة المُذنَّب المكونة من النواة ما بين 0.6 إلى نحو 6 أميال، وفي بعض الأحيان تكون أكثر من هذه المسافة، وتحمل النواة التي تتبع هذا المزيج من المواد أكبر كتلة من المُذنَّب، كما تُعَدُّ نواة المُذنَّب أيضاً واحدةً من أحلك الأشياء التي شوهدت في الفضاء على الإطلاق.

2. الذؤابة:

تتكون الذؤابة بوصفها أحد الأجزاء الهامة من المُذنَّب من مواد غازية على وجه الخصوص، وتشمل النواة، وقد يبلغ حجمها أكثر من 600000 ميل، وعلى غرار نواة المُذنَّب، تتكون الذؤابة أيضاً من الأمونيا وبخار الماء وثنائي أوكسيد الكربون والغاز الطبيعي والغبار.

تشكل الذؤابة مع النواة الجزء الرأسي للمُذنَّب، ومن المعروف أيضاً أنَّ الذؤابة هي الجزء المرئي جداً من المُذنَّب، وإذا شاهد علماء الفلك مُذنَّباً، فمن المحتمل أن يروا هذا الجزء وليس الذيل ولا النواة.

3. الذيل:

الذيل هو الجزء الأخير من المُذنَّب ويتكون من ثلاثة أجزاء متميزة؛ إذ سيوجه الذيل أو يتبع الذؤابة ونواة المُذنَّب، والأجزاء الأساسية للذيل هي:

1. البلازما أو الذيل الأيوني:

تتكون البلازما أو الذيل الأيوني كما يشير الكثيرون من أيونات مشحونة، وتميل الأيونات دائماً إلى الابتعاد عن الشمس بعد وجود الرياح الشمسية؛ ونتيجةً لذلك يميل ذيل الأيونات هذا إلى تتبع المُذنَّب باتجاه الشمس أو إبعاده عن نفس مصدر الحرارة، كما يبلغ طول الذيل الأيوني في معظم الحالات نحو 60 مليون ميل.

2. ذيل الغبار:

غالباً ما يُنظر إلى ذيل غبار المُذنَّب على أنَّه واسع جداً وطويل، ويتكون من الكثير من جزيئات الغبار المجهرية، وغالباً ما تتطاير جزيئات الغبار بواسطة العديد من البروتونات التي تنبعث من الشمس، كما يبدو أنَّ ذيل غبار المُذنَّب غالباً منحنٍ بسبب الحركة العالية التي يتحرك بها المُذنَّب، ومع ذلك فإنَّ هذا الجزء من ذيل المُذنَّب سوف يتلاشى عندما يتحرك المُذنَّب بعيداً عن الشمس التي تُعَدُّ مناره الرئيس.

3. ذيل الغلاف:

من بين الأجزاء الثلاثة لذيل المُذنَّب، يتكون ذيل الغلاف من غاز الهيدروجين، ويوجد فقط بين أجزاء الأيونات وذيل الغبار، كما يتراوح ذيل الغلاف نحو 60 مليون ميل في الطول و6 ملايين ميل في العرض، وعلى غرار أجزاء الذيل الأخرى للمُذنَّب يبدو هذا الذيل أكبر بما يكفي عندما يكون المُذنَّب بالقرب من الشمس.

كيف تعمل المُذنَّبات؟

يُعتقد أنَّ المُذنَّبات تدور حول الشمس إما في حزام كايبر أو سحابة أورت، وفي حالة اقتراب نجم آخر أو مروره من النظام الشمسي، يتم دفع سحابة أورت وحزام كايبر بعيداً بفعل جاذبية النجم، وهذا يجعل المُذنَّب يتحرك باتجاه الشمس في مدار إهليلجي للغاية.

في هذا الوقت، تقع الشمس في بؤرة واحدة لقطع ناقص، وعادةً ما يكون للمُذنَّبات فترة مدارية أقصر لا تزيد عن 200 عام، وأحد الأمثلة عن مُذنَّب يدور حول الشمس لفترة أقل من 200 عام مُذنَّب "هالي"، ومع ذلك فإنَّ بعض المُذنَّبات مثل مُذنَّب "هيل بوب" ستدور حول الشمس لفترات أطول تزيد عن 200 عام.

عندما يمر المُذنَّب بستة (AUs) (وحدة فلكية) من النجم الأساسي، تبدأ الشمس والجليد الموجود في نواتها بالتحول مباشرةً إلى غاز من الحالة الصلبة، وتُعرف هذه العملية باسم التسامي، وإنَّها أيضاً العملية التي يتم من خلالها تكوين الضباب، وعند تسامي الجليد تتدفق جزيئات الغبار والغاز بعيداً عن الشمس، ومن ثمَّ تشكل ذيل المُذنَّب.

عندما يقترب من الشمس يدفأ المُذنَّب، وتبدأ أجزاء عدة أخرى بالظهور، وفي هذا الوقت يمكن للمرء أن يلاحظ النواة والذؤابة وذيل الغبار وغلاف الهيدروجين وكذلك الذيل الأيوني، وفي أثناء مرورها عبر النظام الشمسي، غالباً ما تنقسم المُذنَّبات إلى أجزاء أصغر بفعل جاذبية كوكب المشتري، فأهم تأثير تم تسجيله في تاريخ المُذنَّبات هو المُذنَّب (Shoemaker-Levy 9) الذي انقسم إلى 20 قطعةً، وقد اصطدمت بعدها بكوكب المشتري.

من المعروف أنَّ المُذنَّبات تنبت ذيولاً أكبر وذؤاباتٍ عندما تقترب من الشمس، وخلال هذه الأوقات لا تميل إلى الاشتعال، ولكنَّها تذوب وتتفكك لأنَّها تُظهر زوجين من هياكل الذيل، كما تمتلك معظم المُذنَّبات مداراتٍ غريبة الأطوار تجعلها تغوص في الأجزاء الداخلية للنظام الشمسي؛ إذ يحدث الغوص من عشرات مسافة وحدة فلكية (AU) في اتجاهات غريبة لمساعدته على الوصول إلى مسافة بضعة كيلومترات بجوار سطح الشمس.

حقائق مثيرة للاهتمام تتعلق بالمُذنَّبات:

الحقيقة الأولى:

المُذنَّبات ليست سفناً فضائيةً ولا قواعد غريبة؛ إذ يعتقد معظم الناس أنَّ المُذنَّبات هي قواعد غريبة أو سفن فضائية، ومع ذلك فقد ثبت أنَّ المُذنَّبات هي أجزاء رائعة من مواد النظام الشمسي يعود أصلها إلى تكوين الشمس والكواكب.

الحقيقة الثانية:

قد تكون المُذنَّبات قد جلبت الحياة والمياه إلى الأرض، فقد تم اكتشاف حمض أميني "جلايسين" من عينة مأخوذة من مُذنَّب يسمى (Wild-2) بواسطة مسبار فضائي تابع لوكالة "ناسا" في عام 2009، فهذا الحمض الأميني - وهو لبنة أساسية في الحياة - يشير إلى أنَّ المُذنَّبات يمكن أن تكون ناقلاتٍ لشكل من أشكال الحياة.

في دراسة حديثة، اقتُرح أنَّ العديد من تصادمات المُذنَّبات قد جلبت نحو 22 تريليون رطلاً من المواد العضوية إلى الأرض جنباً إلى جنب مع توفير الطاقة لخلق جزيئات أكثر تعقيداً من هذه المواد الأولية، ومرة أخرى اكتشف فريق من العلماء في عام 2011 أنَّ التركيب الكيميائي للماء داخل مُذنَّب يشبه الماء في محيطات الأرض، وهذا يشير إلى أنَّ المُذنَّبات ربما جلبت الماء إلى الأرض منذ مليارات السنين.

الحقيقة الثالثة:

للمُذنَّبات غلافها الجوي الخاص بها، فعندما تقترب المُذنَّبات من الشمس يذوب الجليد في نواتها بالحرارة المشعة من الشمس لإصدار غاز، ويتدفق الغاز إلى الخارج من النواة مشكلاً جواً رقيقاً مضيئاً يمكن أن يصل قطره إلى 60000 ميل أو أكثر، وهذا ما يسمى بالذؤابة، وقد تم العثور على المُذنَّب "هولمز" في عام 2007 بذؤابة مذهلة يبلغ قطرها نحو 869.900 ميل، وهي أكبر بكثير من قطر الشمس.

الحقيقة الرابعة:

يمكن للمُذنَّبات أن تضرب كوكبنا؛ إذ يشير أحد الأبحاث إلى أنَّ مُذنَّباً قد اصطدم بالصحراء قبل نحو 28 مليون سنة، وأيضاً أفاد العلماء أنَّ حصاةً صغيرةً عُثر عليها في الصحراء تسمى "هيباتيا" جاءت من نواة جليدية للمُذنَّب.

الحقيقة الخامسة:

المُذنَّبات كثيرة جداً، فحتى الآن تم اكتشاف نحو 4000 مُذنَّب فقط، كما تشير الأبحاث إلى أنَّه قد يكون هناك ما هو أكثر بكثير من هذا العدد من المُذنَّبات التي يجب اكتشافها، وهذا يجعل الرقم يصل إلى مئات الملايين أو التريليونات ربما.

الحقيقة السادسة:

جميع المُذنَّبات تدور حول الشمس؛ إذ تأتي المُذنَّبات بأشكال وأحجام مختلفة، ولكنَّها كلها تدور حول الشمس، وتأتي المُذنَّبات التي تكمل مدارها حول الشمس في غضون وقت قصير من حزام كايبر؛ وهو منطقة على شكل قرص من الأجسام الجليدية الواقعة خارج مدار نبتون، ويستغرق الأمر أقل من 200 عام لعمل مدار كامل.

إقرأ أيضاً: 25 حقيقة حول الثقوب السوداء ستثير فضولك

تنشأ المُذنَّبات طويلة الأمد مثل (ISON) من سحابة أورت؛ فسحابة أورت عبارة عن سرب من الأجسام تقع على بعد مئات أو آلاف السنوات الضوئية أبعد من حزام كايبر بالقرب من حافة النظام الشمسي، ويمكن أن تستغرق المُذنَّبات من سحابة أورت ملايين السنين لتكمل مدارها.

إقرأ أيضاً: أنواع النجوم في الفضاء

في الختام:

كنا معكم في هذا المقال الذي تعرفنا فيه إلى المُذنَّبات، وشرحنا ما هي أجزاؤها وكيفية عملها، إضافة إلى ذكرنا لبعض الحقائق المثيرة للاهتمام حولها، على أمل تحقيقه للفائدة المرجوة منه.




مقالات مرتبطة