ما هو الزواج الناجح؟

كثيرا ما يبدأ العروسان حياتهما الزوجية وهما على قناعة تامة أن ما ينتظرهما هو السعادة الأبدية التي قرأ عنها في أساطير "ألف ليلة وليلة" و "سيندريلا" وغيرها .. فهل الزواج السعيد حقا كذلك؟



فيما يلي نعرض بعضاً من الحقائق التي نجدها – وعلينا أن ننتظرها – في كل زواج، وهي – وإن بدت أبعد ما تكون عن الرومانسية – تشكل الركن الأساسي الذي نبني عليه معرفتنا لشريكنا، ولأنفسنا، وللحب الواقعي بين الزوجين الذي لا يعدله أي حب.

·         توقع (وتوقعي) أن تتساءل (وأن تتساءلي) بينك وبين نفسك أحياناً: هل اخترت الشريك المناسب؟

مع أننا كثيراً ما نبدأ حياتنا الزوجية بأحلام قرمزية تصور لنا أننا وجدنا ضالتنا وسعادتنا الدائمة في شريكنا الجديد، فسرعان ما نصطدم بالواقع الذي يبين لنا أن هذا الشريك – مهما كان مثالياً – لن يحقق لنا السعادة المرجوة كل دقيقة من كل يوم.

فمشاكل الحياة ومصائبها لا بد أن تؤثر أحياناً على علاقتنا الزوجية، والعيش مع الشخص نفسه كل يوم (بل كل ساعة) قد يبعث على الضجر وحب التغيير المزروع في كل إنسان.

لا تخف من هذا الشعور، فالمشكلة لا تكمن في الشريك، بل فيك أنت ومن تخيلاتك غير الواقعية عن الزواج.. وحالما تقتنع أن الزواج ليس هدفاً بحد ذاته، إنما هو رحلة تختلط فيها الأفراح والأتراح، والبهجة والنصب، فأنت ستفيق على حقيقة عظمة هذه الشراكة وغناها، وسترفض أن تستبدلها بأية بهجة أخرى في العالم.

·         توقع (وتوقعي) أن تكون مرحلة الزواج متعبة أكثر بكثير مما تخيلت.

ولا نعني بذلك تعب عمل المكتب أو البيت وحسب، بل نعني أيضاً التعب الناتج عن تحمل الشريك بمجمل صفاته التي قد لايكون بعضها مستساغاً أو مقبولاً بالنسبة لك، وقد لا ينسجم مع طباعك.

إن كل إنسان (بما فيهم أنت) هو بمثابة لغز من حيث تفهم طباعه وميوله ونزواته من قبل الآخرين، لذلك فليس من المستغرب أن يبدو شريكك أحياناً كأحجية يصعب حلها.. ثم أن الإنسان دائم التغير مع تقدم العمر ولا يثبت على حال، لذلك "فمعركة" التعرف عليه، لا تتوقف طوال مرحلة الزواج، (تماماً كما أن معركة خسارة الوزن الزائد والتمسك بالوزن الصحي لا تتوقف طوال العمر). وما يقال عن شريكك في هذا المجال ينطبق عليك كذلك من وجهة نظره هو.

·         لابد أن يصل الخلاف بينك وبين شريكك أحياناً إلى حد المهاترة، وإلى أن تنام (أو أن تنامي) وأنت غضبان (أو أنت غضبانة).

فإذا حصل هذا، فأفضل نصيحة لك هي أن تتناسي الأمر مؤقتاً وتعطي نفسك فرصة لإعادة النظر في المشكلة التي كانت سبباً للخلاف، وأن تتبيّن – بينك وبين نفسك – الباعث الحقيقي للتلاسن مع الشريك.. هل جرحت كبرياؤك، أو هل تعدى الشريك حدوده حسب اعتقادك، أم هل لم يبد التقدير الكافي لجهودك .. الخ.

أو قد يكون سبب الشجار أن كليكما منهمك من كثرة الإلتزامات والواجبات، مما جعل صبركما ينفد لأقل اختلاف في وجهات النظر.

ومهما يكن السبب فما لم تعطيا فرصة للعواطف الجائشة أن تهدأ، فسيتحول الخلاف إلى سلسلة لا نهاية لها من رمي الاتهامات، والتراشق بألفاظ قد تكون مصدراً للندم، ولمزيد من الخلاف في المستقبل.. ومتى تبين لك السبب الحقيقي وراء الاصطدام بعد فترة "الهدنة" يمكنك أن تفتح الموضوع مجدداً مع الشريك على أسس أكثر عقلانية بهدف حل أسباب النزاع من جذورها.

·         قد يمر عليكما وقت طويل دون ممارسة الجنس.

وهذا طبيعي في كل زواج.. فقد لا تشعر الزوجة (أو لا يشعر الزوج) برغبة في المخادنة لأسباب ليس لها أية علاقة بالشريك.

فإذا حدث هذا فهو لا يعني أن الحب بين الشريكين شارف على النهاية، ولا يعني أنك خسرت (أو أن شريكك خسر) القدرة الجنسية إلى الأبد.

قد تكون متعباً تحتاج للنوم أكثر من حاجتك للجنس، أو قد تكون متوعكاً بعد الإصابة بفيروس (حمى راشحة)، أو قد تكون متوتراً من حدث هام قادم... الخ.. وما ينطبق عليك ينطبق كذلك على شريكك.

لا تظن أن أزواجاً آخرين يتمتعون بالجنس أكثر منك، ولا تصدق ما تشاهده في الأفلام أو تقرأه في الروايات عن مغامرات الجنس التي تنتهي، فالفروق بين الناس قليلة في هذه الأمور، وما عليك إلا التعرف على التواتر المناسب لك ولزوجك.

إلا أنه من الضروري أن تتذكر أن الجنس لا يعني المخادنة وحسب، فكل المقاربات الودية من ملامسة وتقبيل وحضن تندرج تحت لواء الجنس، ويجب ألا نهمل التعبير بوساطتها عن حبنا ورضانا ورغبتنا في الشريك.

·         لا تسع (أو لا تسعي) دوماً إلى إثبات أنك "على حق".. إسع (أو اسعي) إلى الوصول إلى صيغة ترضي الطرفين.

كل منا يعتقد بقرارة نفسه أن وجهة نظره هي الصحيحة وأن وجهة النظر الأخرى خطأ.. فإذا تشبث كل من الزوجين بوجهة نظره، كان ذلك على حساب سعادتهما الزوجية.

تذكر أن في معظم الخلافات ليس هناك "صح" و "خطأ"، وإنما مختلفة لتفسير الأمور أو حلها، وأن معظم الأمور تحتمل أكثر من طريقة لتفسيرها، ومعظم المشاكل تخضع لأكثر من حل .. فلا وجهة نظرك صحيحة 100%، ولا وجهة نظر شريكك خطأ 100%.

حاول أن ترى المشكلة من وجهة نظر شريكك (أي أن تضع نفسك مكان الشريك) وستجد أنه (أو أنها) جزئياً على حق.. قل له (او لها) "إني أفهم وجهة نظرك"، بدل انتقاده (أو انتقادها) والتشبث برأيك، وستجد أن الشريك سيحاول تفهم وجهة نظرك كذلك، وأنه بات بالإمكان الوصول إلى حل وسط يرضيكما معاً.

·         اعلم (واعلمي) أنه ليس بإمكانك أن تغير (او أن تغيري) إلا نفسك.

قد يحلم أحدنا بتغيير شريكه "على مزاجه" بحيث يكون طوع أمره في كل شيء .. وهذا منتهى الغباء، فلا يمكن في الحالات العادية ترويض إنسان بالغ بقصد تغيير طباعه وميوله وعاداته التي اكتسبها طوال سنوات عمره لتتلاءم مع رغباتنا وطباعنا التي لا نشك بيننا وبين أنفسنا أنها "الأفضل".

والأحرى بنا والأسهل أن نغير ردود فعلنا تجاه الشريك وعاداته.. فإذا كان يزعجنا من شريكنا مثلاً إصراره على فتح نوافذ الغرفة أثناء النوم، فما علينا إلا ارتداء الملابس الإضافية التي تقينا من الحس بالبرد في الليل..

·         ستواجه (وستواجهين) فترات من الشعور بالخوف وعدم الثقة تجاه شريكك، فلا تجزع (ولا تجزعين) من ذلك، بل استقبل (واستقبلي) هذه المشاعر للتعرف على نفسك وعلى قوة علاقتك الزوجية.

إذا تخلف شريكك عن وعد قطعه تجاهك، أو إذا نسي موعد زفافكما، أو إذا قال لك المديح من دون مناسبة وكأنه يخفي شيئاً، أو إذا انتقد تسريحة شعرك.. أو .. أو.. فقد تشعرين أن علاقتكما مهددة بالخطر، أو أنه على علاقة مشبوهة خارج إطار الزوجية (والتخوفات نفسها قد تحصل لدى الزوج)، وقد تبالغين في ردود الفعل، مما قد يعكّر صفو حياتكما الزوجية.

ولكن أمعني التفكير في ذاتك، في تاريخ أسرتك، وحياتك أثناء الطفولة، فقد تجدين أن أسباب شكوكك تعود إلى تجارب سابقة ومشاعر دفينة تعلمت كيف تخفينها حتى عن نفسك، استغلي هذه المناسبة للتعرف على نقاط ضعفك بدل إلصاق كل التهم على شريكك كي تتعلمي كيف تبنين حياة زوجية أفضل..

هذه هي روعة الزواج.. إنها تجربة تحفها ظروف في غاية الصعوبة أحياناً، وتردها منغصات قد لا يكون لدينا خبرة في مجابهتها ومعالجتها.. ولكن هذه الظروف الصعبة ذاتها هي التي كثيراً ما تغني شراكة الزوجين، وتجعل حبهما أقوى رباطاً وأحلى طعماً.

 

المصدر: بوابة المرأة