لوحات شهيرة بالأسرار والمعاني الخفية

يوجد سبب وراء إلهام اللوحات الفنية الرائعة لعشراتٍ من نظريات المؤامرة وقصص الغموض والألغاز؛ وذلك لعدم وجود أيَّة طريقةٍ تتيح لنا أن نسأل أولئك المبدعين عما كانوا يفكرون عندما رسموها وما هدفهم منها، الأمر الذي دفع بخيالنا إلى الانطلاق نحو البحث عن الرسائل والمعاني الخفية والمبطنة الموجودة في لوحاتهم.



على الرغم من أنَّ هذه التفاصيل الذكية والتخريبية أحياناً في بعض الأعمال الفنية المعروفة ليست غامضةً بمستوى "شيفرة دافنشي"، إلا أنَّها قد تجعلك تفكر في هذه اللوحات بطريقةٍ جديدةٍ، وفي مقالنا الآتي سنتعرف إلى بعض تلك اللوحات الشهيرة بالأسرار والمعاني الخفية؛ لذا تابعوا معنا.

"الرجل في المرآة":

لم يستطع فنان القرن الخامس عشر الهولندي "جان فان إيك" مقاومة رسم نفسه بطريقةٍ متسللةٍ في لوحته الشهيرة "بورتريه أرنولفيني"، بوصفه نوعاً من الترويج لنفسه؛ إذ يظهر في اللوحة خلف الشخصيتين المرسومتين مرآةٌ تعكس ثلاثة انعكاساتٍ؛ اثنان منهما انعكاس الشخصيتين المرسومتين والانعكاس الثالث يرجح إلى أنَّه انعكاس "فان إيك"، بالإضافة إلى أنَّه كتب على الحائط خلف الشخصيتين باللغة اللاتينية "جان فان إيك كان هنا عام 1434م".

الغموض في لوحة "الموناليزا":

الغموض في لوحة الموناليزا

لاحق الغموض لوحة "الموناليزا" الشهيرة، وكتب الروائي "دان براون" روايته الشهيرة "شيفرة دافنشي" التي تحولت إلى فيلمٍ سينمائيٍ يعرض قصة البحث عن الكأس المقدس وغيره من الألغاز التي لاحقت الفنان والمخترع العظيم "ليوناردو دافينشي"، إلا أنَّها عبارةٌ عن تكهناتٍ لم تثبت صحتها حتى الآن، لكن أخفى "ليوناردو دافينشي" بعض الأسرار في هذا العمل الأسطوري؛ إذ وجد الباحثون توقيعاً لـ "ليوناردو دافينشي" (LV) مخفياً في عينها اليمنى وصغيراً جداً من الناحية الميكروسكوبية.

المثير للدهشة أيضاً هو أنَّه في عام 2015، ادعى عالمٌ فرنسيٌ يستخدم تقنية الضوء العاكس أنَّه عثر على صورة امرأةٍ أخرى مخفية تحت صورة الموناليزا التي نراها اليوم، وقد أجمع الباحثون على أنَّها كانت المسودة الأولى لـ "دافينشي" ورسم فوقها تحفته الفنية الأسطورية.

"بوتيتشيلي" عالم النباتات:

اتضح أنَّ الفنان الذي اشتُهر برسمه للوحة "ولادة آلهة الحب" كان يعرف الكثير عن النباتات؛ إذ وجد الباحثون ما يصل إلى 500 نوع مختلف من النباتات في لوحته الشهيرة "بريمافيرا"، وجميع هذه النباتات مرسومةٌ بدقةٍ علميةٍ كافيةٍ لجعلها قابلةً للتمييز عن بعضها بعضاً بالنوع والشكل.

وليمة موسيقية في لوحة "العشاء الأخير":

يقال إنَّ تحفة "دافينشي" الأخرى المشهورة عالمياً لوحة "العشاء الأخير" تشير في معناها من تفاصيل شخصيةٍ في حياة المسيح، إلى التنبؤ بنهاية العالم، ولكنَّها تحتوي على سر آخر اكتشفه الموسيقي الإيطالي "جيوفاني ماريا بالا" حين رسم الأسطر الخمسة للسلم الموسيقي ابتداءً من طاولة العشاء وانتهاءً برؤوس الجالسين، فشاهد توضع أيدي الجالسين وأرغفة الخبز على الطاولة في مواضع النوتات الموسيقية وكأنَّها تمثل لحناً صغيراً، وقال إنَّها إذا قُرأت من اليسار إلى اليمين وعُزفت، فستشكل هذه النوتات لحناً صغيراً مدته 40 ثانيةً يشبه الترنيمة.

حمالة الكتف في لوحة "مدام إكس":

هذه المرأة في الفستان الأسود الطويل، التي خُلِّدَت باسم (Madam X)، هي في الواقع السيدة "فرجيني إيميلي أفيغنو غوترو"، إحدى الشخصيات الاجتماعية الباريسية البارزة.

لقد قرر الفنان "جون سينجر سارجنت" في القرن التاسع عشر رسم صورةٍ لها، على أمل أن يسطع نجمه في باريس، وبالفعل انتشرت شعبيته، لكن شعبيةٌ سيئةٌ بدلاً من الجيدة، ففي الصورة الأصلية رسم "جون" مدام "غوترو" وحزام الكتف الأيمن الخاص بفستانها ساقطٌ، وعندها وجد المشاهدون من المجتمع الراقي أنَّ هذا الخلل البسيط في الرداء فاضحٌ وخادشٌ للحياء ولا يليق بمجتمعهم؛ لذلك أعاد "سارجنت" رسم الحزام في مكانه الصحيح.

لكنَّ رد فعل المجتمع العنيف بقي كما هو حتى انتهى الأمر بـ "سارجنت" مغادراً باريس، ومع ذلك، تمكَّن من بيع اللوحة لمتحف "ميتروبوليتان" للفنون، وسارت الأمور في النهاية على ما يرام بالنسبة إليه.

الجمجمة في لوحة "السفراء":

حاول النظر والعثور على الجمجمة المخبأة في لوحة "السفراء" للفنان "هانز هولبين" الأصغر، ولست بحاجةٍ إلى عدسةٍ مكبرةٍ للبحث عنها ورؤيتها، فقط وبالنظر بالطريقة الصحيحة وبالزاوية الصحيحة سترى جمجمةً كبيرةً أمامك؛ إذ تصبح تلك النقطة المائلة الملونة باللونين البيج والأسود في أسفل اللوحة جمجمةً إذا نظرت إليها من أسفل أو يسار اللوحة.

لوحة "العشاء الأخير الآخر":

رسم الفنان "فينسينت فان غوخ"، صاحب اللوحات الشهيرة (The Starry Night) و(Self Portrait) و(The Sunflowers)، مشهداً ليلياً لمقهى (café Terrace at Night)، ومع ذلك، وعلى الرغم من بساطة اللوحة، إلا أنَّها قد تكون أكثر من مجرد تصويرٍ بسيطٍ لرواد هذا المقهى.

توجد نظريات ومقارنات عدة تشير إلى أنَّ هذه اللوحة هي صورةٌ حديثةٌ للعشاء الأخير لـ "ليوناردو دافينشي"؛ لسببٍ واحدٍ وهو تديُّن "فان غوخ" الشديد وتأثره بوالده القسيس وعائلته المتدينة، وتُظهِر الصورة 12 شخصاً بالضبط جالسين في المقهى محيطين بشخصٍ طويل الشعر واقفٍ بينهم أمام شكلٍ يشبه الصليب على النافذة.

"أغرِق أحزانك في النبيذ":

لوحة "كارفاجيو" لإله النبيذ الروماني "باخوس"، هي عملٌ فنيٌ آخرٌ يخفي صورةً مصغرةً للفنان داخلها، ففي عام 1922، كان مرممٌ فنيٌ ينظف قماش هذا العمل الفني الذي يعود إلى عام 1595؛ وذلك بعد مرور قرونٍ من تراكم الأوساخ والغبار، عندما وجد صورةً لرجلٍ مخفيةً في إبريق النبيذ الزجاجي في الزاوية السفلية اليسرى؛ حيث يطفو "كارفاجيو" المصغر على سطح النبيذ.

إقرأ أيضاً: ما هو فن الكولاج وما هي أنواعه؟

لوحة "عازف الغيتار العجوز":

يُعَدُّ تصوير الفنان "بابلو بيكاسو" المؤلم لرجلٍ مسنٍ يحتضن غيتاره من أكثر الأعمال المبجَّلة في القرن العشرين، وقد قام بعض الباحثين باستخدام كاميرا تعمل بالأشعة ما تحت الحمراء واكتشفوا وجود لوحة أخرى متوضعة تحت طبقات الطلاء أسفلها، والتي تصوِّر امرأةً فوق رقبة الرجل العجوز، وبدأت تتضح للعين المجردة بعد تلاشي الطلاء عنها.

"منظر رمال شيفينينغن":

إذا قمت بزيارة لوحة الفنان "هيندريك فان أنثونيسين" "منظر رمال شيفينينغن" في متحف "فيتزويليام" في "كامريدج إنجلترا" بين عامي 1873 و2014 فلن تلاحظ الحوت العملاق على الشاطئ؛ هذا لأنَّ الأمر استغرق أكثر من 140 عاماً حتى يلاحظ وجوده شخصٌ ما في هذه اللوحة؛ وذلك حينما جاءت المرممة "شان كوانغ" وأزالت طبقةً من الورنيش الأصفر في أثناء عملها على استعادة المناظر الطبيعة لعام 1641م وكشفت عن الحوت على الشاطئ وحلت اللغز.

إقرأ أيضاً: تعرّف على أشهر اللوحات في العالم

لوحة "الأمثال الهولندية":

هذه اللوحة الزيتية التي رسمها "بيتر بروغل" الأكبر عام 1559م والتي تُعرف أيضاً باسم "العباءة الزرقاء" أو "العالم رأساً على عقب"، فيها 112 مثلاً وتشهُّداً يمكن التعرف إليه، وبعضها عبارةٌ عن عباراتٍ ما زلنا نستخدمها، مثل السباحة عكس التيار، وضرب الرأس في الجدار، ومسلَّحٌ حتى الأسنان "أي مسلَّحٌ بشدةٍ"، وغيرها الكثير.

لوحة "الدرس الموسيقي":

لوحة الدرس الموسيقي

تعج الكثير من أعمال "يوهانس فيرمير" بالرموز الجنسية السرية؛ فعلى سبيل المثال، في لوحة "الدرس الموسيقي"، يبدو كما لو أنَّ المرأة في اللوحة تنظر إلى مفاتيح حزام العفة، وهي أداةٌ تُستخدم للحفاظ على نقاء وعذرية الأنثى، ولكنَّها في الواقع تنظر بعيداً عنها لتلتقي بنظرات مدربها، كما يظهر في المرآة فوقها، والنبيذ على الطاولة بوصفه شراباً مثيراً للشهوة، وعصا ارتكاز التشيللو على الأرض كأنَّها رمزٌ لقضيب الرجل.

لوحة "مادونا مع القديس جيوفانيتو":

يحظى عمل رسام عصر النهضة الإيطالي "دومينيكو غيرلاندايو" "مادونا مع سانت جيوفانيتو" باهتمامٍ كبيرٍ وتساؤلاتٍ كثيرةٍ؛ نظراً للعنصر الغريب الذي يحوم خلف رأس "مادونا"، ويعتقد بعضهم أنَّه يبدو وكأنَّه جسمٌ غامضٌ كالصحن الطائر، الذي قد يكون مؤشراً على المشاهدات السابقة للكائنات الفضائية التي يعود تاريخها إلى القرن الخامس عشر.

في الختام:

لقد تحدَّثنا في هذا المقال عن أبرز وأشهر اللوحات الفنية التي تخفي معانيَ مبطنةً وأسراراً وصوراً لا نعلم لحد الآن ما هو تفسيرها، وتعرفنا إلى لوحاتٍ رسمها فنانون عباقرةٌ متمثلين بـ "مايكل أنجلو" و"ليوناردو دافينشي" و"بوتيتشيلي" و"بيكاسو" و"فان غوخ" و"جيرلاندايو" و"فان إيك" و"فيرمير" و"أنثونيسين" وغيرهم الكثير.

المصادر: 1،2




مقالات مرتبطة