لهذه الأسباب ابعد عن اللغة المعقدة

اللغة تزداد تعقيداً يوماً بعد يوم، ونتيجة لذلك، على الناس أن يقاوموا النزعة المتأصلة فيهم إلى محاولة استعمال الكلمات الجديدة، والنادرة الاستعمال.



ما الذي كان سيحدث لو أن بعض الأقوال المأثورة قد كتبت بيد مُثقلة، وكلمات خيالية؟ لا شك أنها ستثقل القارئ بالهموم، وتُمعن في تعقيد الأمور بدلاً من تبسيطها.

أعتقد أنك فهمتَ ما أقصده، فالكتابة المُقنعة، والكلام الوجيه لا يمكن أن يربكا القارئ، والمستمع، ويجب أن يكونا واضحين، ومفهومين، وكلما كانا موجزين كانا أفضل.

لم لو تكن جميع هذه الكلمات الجديدة رديئة بما فيه الكفاية، لانشغل المختصون من رجال الأعمال في اختراع لغة خاصة بهم، وغيكم فيما يلي تضميناً مباشراً من مُرشد إداري يؤمن بالمستقبل:

((أصبح المديرون يفهمون وجود عدد من أنماط التغيير، وأُطلق على أحد هذه الأنماط اسم (تعزيز إجراءات العمل) الخاصة بالجودة الشاملة، والتحسين المتواصل ـ وعليك أن تتعامل مع التغييرات الراديكالية الأخرى، أو التغييرات المُدخلة على تلك الإجراءات، التي لا تُشبه أي نوع من التغييرات)).

لمَ يتحدث رجال الأعمال بغموض عن شيء ما كالكفاءة الجوهرية (ما نؤديه على النحو المطلوب)، أو كمنح السلطات والصلاحيات (التفويض)، أو كإجراءات العمل (كيف نؤدي الأعمال).

نُحسُّ بأن رجال الأعمال يشعرون أن استعمالهم لهذه الكلمات الطنانة، يجعلهم يبدون أذكياء، ومثقفين، وعلى درجة من الأهمية إلى أكبر حد ممكن، ولكن ما تفعله هذه الكلمات حقاً هو أنها تجعلهم غير مفهومين، ويفتقرون إلى الوضوح.

إنك لا تستطيع أن تتخيل مدى صعوبة تحول الناس إلى البساطة، ومدى تخوفهم من أن يصبحوا بسطاء. إن القلق ينتابهم لو كانوا من البُسطاء، حيث سيعتبرهم الآخرون من ضعفاء العقول. وبالطبع، فإن واقع الحال على عكس ذلك تماماً، فالناس الواقعيون، والمعروفون بالشفافية هم الأكثر بساطة.

ورغم ذلك كله، ما الذي ينبغي على المدير أن يفعله أثناء أداء عمله لمكافحة التعقيد؟ عليه أن يطلب المساعدة.

اكتشف الآخرون إمكانية قياس البساطة في الكتابة قياساً عملياً، فقد قام (روبرت غانينغ) في أعوام الخمسينيات بابتكار ما يسمّى بعبارة (مؤشر الغموض) الذي يوضح سهولة القراءة حسب عدد الكلمات، وصعوبتها، وعدد الأفكار الكاملة، ومعدل طول الجملة في النص.

بإمكانك أن تكسب المعركة مع الغموض عن طريق الالتزام بعشرة مبادئ للكتابة الواضحة التي تتصف بالشفافية، وهي:

1 ـ اجعل الجُمَل قصيرة.

2 ـ اختر الكلمات البسيطة دون الكلمات المعقدة.

3 ـ اختر الكلمات المألوفة.

4 ـ تجنّب استعمال الكلمات غير الضرورية.

5 ـ أنطق الكلمات الدالة على الأفعال.

6 ـ اكتب كما تتحدث.

7 ـ استخدم مصطلحات يستطيع القراء تصورها.

8 ـ أقم روابط، وصلات مع خبرات القراء فيما تكتب عنه.

9 ـ استخدم أساليب متنوعة.

10 ـ اكتب لتُعبّر عن موضوع ما لا لتأثر فيه.

ينبغي عليك تشجيع اللغة البسيطة المباشرة، ومقاطعة العبارات الطنانة الخاصة بالأعمال، لا في الكتابة فحسب، بل في التحدث أيضاً. وعليك أن تذهب إلى ما هو أبعد من ذلك كأن تُشجّع البساطة كمنهج للاستماع الأفضل. فقد أظهرت الدراسات بأن الناس يتذكرون نسبة (20%) مما سمعوه في الأيام القليلة الماضية، وذلك بسبب إخفاق مهارة الاستماع لديهم في الأوقات الصعبة نتيجة هيمنة الثرثرة المتواصلة عن العالم الحديث على مسامعهم.

إن معظم الناس يتكلمون بمعدل (120) إلى (150) كلمة في الدقيقة، وبإمكان العقل البشري معالجة (500) كلمة في الدقيقة تاركاً وقتاً كبيراً للتململ العقلي. فإذا كان المتحدث من أقل الناس تعقيداً، وإرباكاً، فإنك تحتاج إلى جهد بطولي لتظل متيقظاً لحديثه بدلاً من التظاهر بذلك.

تعتبر الاجتماعات، والإلقاءات المعقدة، والبعيدة عن صميم الموضوع مضيعة للوقت والمال، فقليل من المعلومات يتم نقله للناس بسب عدم إنصاتهم، ناهيك عن التكلفة الباهظة المترتبة على ذلك.

اطلب من مقدمي الإلقاءات ترجمة اصطلاحاتهم المعقدة إلى لغة سهلة مبسطة. لا تخشَ مطلقاً من قول (لا أفهم ما تعني)، ولا تتسامح مع الغطرسة الفكرية.

لا تتشكك في انطباعاتك الأولية عن شيء ما، فهي غالباً ما تكون الأكثر دقةً.