لماذا يخاف الرجال من الزواج؟

 

ما أكثر القرارات التي يتخذها الإنسان والتي تقوده إما إلى المصائب وتجعل طعم الحياة مراً او إلى السعادة وتكون حياته زاخرة بالأحلام الملونة وتتنوع هذه القرارات في حياتنا اليومية إلا أن اخطر القرارات في حياة الكثير من الرجال تتجلى واضحة جلية في الزواج. حيث يخشى الرجال من اتخاذ هذا القرار فنجد منهم من يفكر ملياً ومطولاً قبل اتخاذ هذا القرار.



 

ومنهم من يعزف كلياً عن التفكير في هذا الموضوع واتخاذ هذا القرار الخطير باعتباره الجدار الفاصل بين الحرية والاستقلالية وبين العبودية والمسئوليات المتراكمة. إن عش الزوجية هو مأوى النفوس وملاذ الرجل والمرأة حينما يشعر أي منهما بالوحشة والعزلة أو الملل والسآمة او شظف الحياة ونصبها وهو في الإسلام طهارة وحصانة فقد قال رسولنا الكريم «يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه اغض للبصر واحصن للفرج». «دنيا الناس» التقت الجمهور وتعرفت معه على الأسباب التي من اجلها يخاف الكثير من الرجال من اخذ قرار الزواج.

ان قرار الزواج هو أصعب شيء على الشباب في هذا الزمن حيث أنهم يستمتعون بحياة مستقلة خالية من المشاكل الزوجية والأوامر والارتباطات العديدة التي يتطلبها قيام أسرة ويرفضون الدخول في القفص الذهبي رغم ضغوطات الأهل والأسرة عليهم.. ويسعون جاهدين للخروج من هذا المأزق بشتى الطرق كأن يتخذون من استكمال دراستهم العليا والسفر خارج البلاد ذريعة أو يدعون أنهم مشغولون كلياً بحياتهم وليس لديهم المزيد من الوقت للتفرغ للزوجة والأبناء خاصة.

وأنهم في مرحلة بناء للنفس من الصفر وهكذا يتحجج الكثير من الشباب هروباً من فكرة الزواج التي تعتبر حقاً مخيفة لهم في كل الأوقات.. فالرجل في الوقت الحالي بحاجة ماسة للترويض مثله مثل الحصان حتى يقبل على موضوع الزواج بشكل جدي.

والسبب يرجع إلى رغبتهم في الحفاظ على حياة مستقلة خالية من المسئولية بجانب ان المادة تلعب دورا كبيرا في ثني الشباب عن فكرة الزواج ومعهم حق في ذلك فالشخص غير القادر مادياً على فتح بيت لا يمكن ان يتخذ قرار الزواج بمنتهى السهولة، فالزواج بنظري مسئولية كبيرة ويترتب عليها الكثير من الأمور التي لابد أن يعيها أي فرد يرغب بالارتباط الجدي والا لكانت المشاكل والديون هي نهاية هذا الزواج الذي لم يقم على دراسة جدية ولم يراع الجوانب المادية التي تمكن المرء من بناء عش الزوجية السعيد.

إحداهن تقول أتصور أن الشخص اللعوب هو الذي يخاف من اتخاذ قرار الزواج فهو يصادق أكثر من فتاة في اليوم ويستمر في لهوه ببناء علاقات حميمة مع الجنس اللطيف ولا يستطيع مطلقا أن يحب فتاة واحدة مهما امتلكت من ميزات فريدة وأخلاق رفيعة أو رغم جمالها الخارق فهو أي اللعوب يخشى أن يأسر نفسه وقلبه ويتنازل عنهما لامرأة واحدة في هذه الحياة لذلك يستمر في تشكيل هذه العلاقات العاطفية دون أي تفكير بالارتباط بأي منها.

وهذا الشخص مريض نفسيا وبحاجة ماسة لطبيب نفسي يعالجه ويحاول تعديل مفاهيمه من آن لآخر حتى يسلك الدرب الصحيح الذي أحله الإسلام ويبتعد تماما عن العالم المزيف الذي أحاط نفسه به، الزواج شركة بين شخصين وعلى الرجل والمرأة أن يفكرا بهدوء وبصورة واعية في مدى استحقاق كلا الطرفين للآخر وان يضعا في اعتبارهما إمكانية الاستمرار بسلام بعد الزواج أولا مراعين ألا تقل فترة الخطوبة عن ثلاثة أشهر حتى يتمكنا من اتخاذ القرار إما بالزواج أو الامتناع عنه.

كثيراً من الرجال يرفضون حتى التفكير في هذا الموضوع رغم أنهم بلغوا الأربعين والخمسين من العمر... وهؤلاء ربما يكونون معقدين نفسيا وربما تكون البيئة المحيطة بهم هي التي دفعتهم للابتعاد عن هذا الموضوع فقد يكون هذا الشخص تعرض لحادثة أليمة جعلته يكره الزواج أو انه ربما فشل في الحب وهجرته صديقته أو ربما لم يجد الشخص الذي بإمكانه التعايش معه بأمن وسلام وغالبا ما يكون المعقدون هم الذين يصدون عن اتخاذ قرار الزواج واعتقد أنهم إن لم يخضعوا لعلاج نفسي فإنهم سيستمرون في رفض فكرة بناء أسرة سعيدة.

 

التفكير المنطقي

احدهم يخشى الرجل بطبيعة الحال من المجهول والزواج شيء مجهول بالنسبة له لا يعرف خباياه إلا بعد الزواج والوقوع في الشباك، وهناك الكثير من الرجال تزوجوا وندموا على هذه الحياة واعتقد أنها الغلطة الوحيدة التي لا يمكن إصلاحها في الحياة، لذلك استفاد الكثير من الشباب من خبرات الأشقاء الكبار والأهل في الزواج وعرفوا الكثير عن خبايا هذا العالم الذي يمتلئ بالمشاكل التي لا أول لها ولا آخر ويكون الرجل هو المغلوب على أمره في هذه المعارك التي تشنها الزوجة عليه كلما وجدت منه تقصيرا أو حتى لو إحساسا منها بوجود امرأة أخرى غيرها في حياته ولهذه الأسباب يعزف الكثير من الشباب عن فكرة الزواج ويميلون لاختيار الحياة الحرة الخالية من أي نوع أنواع الارتباط سواء في المواعيد أو المناسبات الاجتماعية والتحليق مع «أسراب» الأصدقاء الذين يصبحون شيئا فشيئا جزءا لا يتجزأ من حياة هذا الإنسان الرافض لمبدأ الزواج.

والزواج بالنسبة للشباب العاطفيين أمر صعب للغاية ويكون هذا القرار بمثابة خطأ فادح إذا لم يدرسوه من جميع جوانبه وهم كثيرا ما يتساءلون: ماذا لو وقعنا في حب امرأة أخرى بعد فترة من الزواج لأي سبب كان؟؟ هل ستقبل الزوجة الأولى الضرة أم أنها سترفض ذلك وتجبرهم على ترك الفتاة التي خفق لها القلب من جديد؟ كل هذه الأمور قد تقع لذلك فاعتماد التفكير المنطقي هو السلاح الذي يمكن أن يحمي الشاب عند رغبته في الارتباط واتخاذ قرار خطير كهذا.. والحمد لله الكثيرون تنازلوا عن رغباتهم الذاتية وحرياتهم وأصدقائهم واتخذوا قرار الزواج بشكل ايجابي ويحيون الآن في سعادة.

 

معاناة في الصغر

إحداهن تقول الخوف من الفشل عامة والانفصال تحديداً هو أكثر ما يخيف الرجل ويجعله يحجم عن قرار الزواج لمدة طويلة حتى يصل لعمر الخمسين والستين وهؤلاء الرجال الذين يفكرون بهذه الطريقة هم حقيقة عاصروا مرحلة صعبة خلال طفولتهم. فلقد يكون هؤلاء أبناء المطلقين أو اليتامى ولم ينالوا الرعاية الكاملة والحب منذ نعومة أظفارهم لذلك يخشون من اتخاذ قرار الزواج وعندما يقتنعون بالفكرة نجدهم يتعبون كثيراً في اختيار شريكة حياتهم ويؤثرون التدني في اختيار الزوجة وغالبا ما نجدهم يدرسون تاريخ عائلة الزوجة وان كان بالفعل وقعت في عائلتهم حالات طلاق وما شابه هذه الأمور ولو وجدوا بالفعل حالة طلاق واحدة يصرفون النظر فوراً عن موضوع الزواج وكلهم ثقة أن هذه المرأة نكدية بالضرورة.

 

امرأة متسلطة

الكثير من الشباب في الوقت الحالي درسوا في جامعات عريقة بالخارج واحتلوا مناصب قيادية في العمل وبنوا مراكز لأنفسهم في المجتمع الذي يعيشون فيه وكذلك الحال مع الشابات ومع هذه المكانة المرموقة التي يحتلها الشباب يخاف العديد منهم أن يقعوا تحت سيطرة امرأة متسلطة خاصة لو كانت صاحبة شخصية قوية وحققت نجاحاً يضاهي النجاح الذي حققه الرجل وحينها يصبح الخضوع للرجل أمرا مرفوضاً بالنسبة لهذه المرأة.

وتدريجيا نجد أن هذه المرأة تبدأ تمارس أسلوب القمع مع الزوج الذي يرغب في إبراز شخصيته كرجل شرقي محافظ على وزن الرجولة في مجتمعه ولهذا السبب يخشى الكثير من الرجال الخضوع لأي امرأة والبقاء في سرب الأصدقاء وزملاء العمل.

 

الدلالة والغيرة

يرغب الرجل دائما في الحفاظ على شبابه ويرفض أن يكبر في عين والده أو والدته خاصة المدلل الذي يحظى بعناية فائقة في منزل ذويه ولهذا نجد أن الزواج بعيد كل البعد عن تفكير هذا الشاب مهما بلغ من العمر فهو ينال الحب والاحترام والتقدير وكل ما يرغب به من الأهل وأي شخص يرغب في مشاركته هذه الحياة حتما سيكون الرفض بالمرصاد له نظراً للغيرة الكبيرة التي ستسيطر عليه خاصة عندما يتحول حب أسرته لامرأة أخرى تشاركه هذه الحياة المنعمة من منطلق.. رغبته في الاحتفاظ بهذه المكانة لنفسه فقط باعتبار إن حب والديه هو ملكية فردية لا يحق لأي شخص مهما كانت صلته بعيدة أو قريبة منه مشاركته فيه وإلا لكان الحقد والضغينة من نصيب المعتدي على حقه.

كما أن الرجل يخاف من أن يكون اباً لأبناء لان هذا سيذكره بوضع والديه عندما كان هو صغيراً وكيف إنهما تعبا وضحيا بالكثير لإدخال السعادة في نفوسهم لذلك يخشي الرجل أن يكبر بسرعة ويضحي كما فعل والداه معه ومع أشقائه ويخاف أن من يسخر وقته كله في خدمة الزوجة والأبناء الذين يكونون دائماً بحاجة له باعتبار انه الرجل والمعيل الأول والأخير للأسرة كما أن الكثير من الرجال ينالون رواتب كبيرة من الوظيفة التي يشغلونها واعتادوا على صرف هذه المبالغ الطائلة على أنفسهم وإحاطة أنفسهم برغد العيش دون التفكير بأي شخص آخر يشاطرهم هذا الراتب وبالزواج حتما سيضحي الرجل بالجزء الأكبر من راتبه لصالح الزوجة والأبناء ويتنازل عن الحياة المترفة التي كان يحياها في فترة العزوبية لذلك كله يتردد الرجل كثيراً في اتخاذ قرار الزواج.

 

الملل والخيانة

في حياة العزوبية يجدد الرجل نشاطه ويصادق آلاف البنات وعندما يشعر بالملل من إحداهن يلغيها فوراً ويبدأ رحلة البحث عن فتاة أخرى جديدة تسليه وتجدد روتين حياته وتدخل الفرح والسرور إلى قلبه حتى يشعر معها هي الأخرى بالملل وهكذا تستمر حياته بالتنقل من واحدة إلى أخرى ومثل هؤلاء الرجال يصعب عليهم التفكير بالزواج خوفاً من أن يتسرب الملل إلى حياتهم الزوجية بعد انقضاء فترة على الزواج..

وبالطبع لن يمكنه في ظل الزواج من تغيير زوجته وأبنائه وبهذا نجده قد وقع في مأزق كبير ولن يعرف كيفية التصرف حينها وقد يتخبط فيتجه للخيانة أو البحث عن امرأة أخرى يرتبط بها لتزيل عنه رتابة الزواج لتصبح ضرة لزوجته أو قد ينحصر في دائرة الأصدقاء ويهمل بيته وزوجته ويتركها أسيرة للهم والغم.

 

اختيار
الحرية أهم كلمة في حياة الرجل وهو يرفض بشدة أن تسلب منه فهو قبل الزواج يكون كطائر حر يحلق أينما يريد دون أية مساءلة أو تدخل في شئونه الخاصة.. وبطبيعة الحال الزوجة كالساعة تربطه بالكثير من المواعيد والمسئوليات لذلك كله يرفض الرجل اتخاذ قرار يسلبه حريته ويستمر في تأجيل النظر في قضية الزواج لأجل غير مسمى.

والعازب حياته خاصة جداً ولديه مساحة كبيرة للخروج من البيت لساعات بل لأيام دون التفكير بأي فرد مرتبط به.. فيسافر ويستمتع بحياته دون أي كدر أو أية مكالمة هاتفية من امرأة تكدر صفو حريته التي ضحى بالكثير لينعم بها.. والزواج في النهاية اختيار وليس اجباراً.

 

الأعباء المادية

الأعباء المادية هي التي تدفع الكثير من الشباب للعزوف عن فكرة الزواج ففي الوقت الحالي نجد أن متطلبات الزواج كثيرة وتصل طلبات المرأة لأمور أبعد من الخيال وهذا ما دفع بعضهم للهروب من التفكير في هذا القرار الصعب باعتباره أمرا خارقاً وتعجيزياً ويكلفه الكثير من الأموال ولو حاول الاستفادة من عروض البنك وتسهيلات الحصول على قروض مادية لوقع فريسة للديون طوال عمره..
كما أن الدلال الزائد هو الذي يدفع بعض الشباب لتأجيل النظر في هذا القرار ليس لسنة وثلاث بل لعشرين وثلاثين سنة وهنا نجد إن التربية أو بالأحرى دور الوالدين كبير في تشجيع شبابهم على الإقبال على هذه الخطوة وتكوين أسرة سعيدة.

 

موقع الأسرة السعيدة