لماذا نبحث عن إله العالم ؟ ؟

 

هذا السؤال قد طرح منذ القديم في كل الأديان والمفاهيم الدينية التي عاشتها البشرية.


 

فكيف توجه الناس الى الاله, وقاموا على أثر ذلك بسلسلة من الأعمال والسنن التي أعطوها قيمة كبيرة وتقديساً مميزاً؟ ما هو العامل والدافع الذي ساق الناس نحو مفاهيم الاله والدين والعبادة؟ وهل كان ذلك العالم عقلياً أم نفسياً أم أجتماعياً؟ وإذا كان دافعاً نفسياً فهل هوميل فطري وذاتي أو أنه نوع من ردود الفعل التي تواجه بها الروح بعض الحوادث؟
فمثلاً نحن نعلم بقضايا كثيرة كانت منذ اقدم العصور مورد اهتمام الإنسان من قبيل مسألة العلية والمعلولية العامة والعلل والمعلولات الخاصة كتأثير الدواء الفلاني في علاج المرض المحدد, أو كتأثير الأرض والشمس والقمر على الخسوف والكسوف وأمثالها.
فمثل هذه القضايا كان يقف وراءها عوامل عقلية ومنطقية, أي أن الطبيعة العقلية والاستعدادات الفكرية للبشر كانت تحرك اهتمام الإنسان نحو هذه القضايا ,فلاينبغي أن نسأل أو نبحث عن العوامل الخارجية التي يمكن أن تكون وراءها ,لأن مقتضى طبيعة الفكر الإنساني قبول هذه القضايا بشكل منطقي.
ويمكن في بعض الأحيان أن تكون القضية التي آمن بها الناس لقرون عديدة خاطئة ,كبعض المعلومات في الفلكيات القديمة والطبيعيات التي لم تعد مقبولة في هذا العدد بعد تطور العلوم والاكتشافات, وإن كان العامل الذي ساق الناس نحو هذه الأفكار المغلوطة ليس سوى الاستعداد العقلي والمنطقي للإنسان بصلة, كالاعتقاد بنحوسة بعض الأشياء فكثير من الناس يعتقدون بنحوسة الرقم 13, وبالتأكيد فإن هناك شيئاً آخر غير الاستعداد العقلي كان سبب نشوء هذا الاعتقاد الفاسد, فمن الناحية المنطقية لايوجد أدنى تفاوت ما بين العدد 13 وغيره من الأعداد, بحيث يكون هذا التفاوت منشأ خطأ الفكر والمنطق.
في مثل هذه المسائل ينبغي أن نبحث عن علة نشوئها ورواجها خارج نطاق العقل والمنطق البشري, ويمكن أن يطرح العديد من الفرضيات في هذا المجال خلافاً للمسائل التي تبنى على أساس عقلي واضح.
وفي مجال القضايا التي ترتبط بالميول الفطرية والذاتية للإنسان, فإن البحث عن علل خارجية لها, والسير وراء الفرضيات المختلفة التي تفسر مبدأ ظهورها يعد عملاً لا يحكم عليه بالصحة, ومثال على ذلك :أن الإنسان منذ أن وجد على هذه الأرض كانت له حياة عائلية وكان يعيش حياة الزوجية.
فطبيعة البناء المادي (الجسدي) والروحي للإنسان كافية لتوجيهه نحو الزواج والمسائل العائلية, وهنا, لايلزم بالضرورة أن نبحث عن علل أخرى.
وهكذا فمع هذه المقدمة ,نقول إن مفاهيم الإله والدين والعبادة إذا كانت ترتبط بالطبيعة العقلية والمنطقية للإنسان أو تتعلق بميوله الفطرية والذاتية فهذا كاف ليتوجه الإنسان اليها ويبحث عنها, أما إذا لم تكن مرتبطة بها, فلابد عندئذ من البحث عن العلل النفسية الخاصة أو الاجتماعية التي تكمن وراءها.
نحن نقول إن البشر قد تعرفوا منذ قديم الأيام على مفهوم العلية والمعلولية ونفس هذا الأمر يكفي لتوجيههم نحو مبدأ الكل, أو على الأقل لطرح هذا السؤال وهو هل أن جميع الموجودات والظواهر قد وجدت من مبدأ واحد أم لا؟
إضافة الى أن الإنسان كان يرى منذ قديم الأيام الأنظمة المحيرة في العالم, وكان يشاهد في نفسه أنظمة وأجهزة دقيقة, وكان هذا كافياً لتساؤله حول نشوء هذه الأجهزة, أهي من مبدأ مدبر وعالم ومدرك أم لا؟
وهكذا فمع افتراض أن إثبات وجود الله ليس فطرياً, فإن أصل البحث عن الله أمر فطري وذاتي.
          

المصدر: شباب عالنت