لماذا دور المرأة القيادية مازال محتشم ؟

 طرح موضوع المرأة والقيادة في كثير من المجالات لكن المثير أننا دائما نشهد أنه لازال الاستغراب و الاستهجان يخيم على فكر الكثير عند طرحه ويشعرون أنه هناك من يهددهم بخرق للقوانين والأعراف التي تعودوا عليها ولا أقصد هنا الرجال لا بالعكس هذه المفاهيم للأسف موجودة عند الطرفين النساء والرجال . لكن أنا أستغرب أكثر - أولا لماذا هؤلاء يربطون القيادة بالمناصب فقط . ألا نحتاج من المرأة أن تكون صاحبة قرار ورأي في كثير من القضايا مثلا على المستوى الأسري في كيفية تربية أبنائها ، وعلى المستوى الاقتصادي كيف تسيير شؤون البيت ،أما على المستوى السياسي عند إنتخاب مرشح ما...الخ. أليس هذا ما نسميه بالقيادة الذاتية. وأستغرب ثانية لماذا لا تكون المرأة بالمناصب القيادية فمن الذي حق له أن يحرمها هذا الحق والله أعطاه إياه فلينظر الجميع إلى قصة السيدة مريم الباتول وكيف كانت تقوم بدورها ببيت المقدس ، أنظر إلى قصة سبأ وما فيها من عبر، تمعنوا في سيرة السيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها والسيدة عائشة وحفصة وكل أمهات المؤمنين رضي الله عنهم وأرضاهم. أم هن لم يكن نساء .



أعلم أن المشكلة عميقة وأن لها أسباب تاريخية وسياية وتربوية وكثير من الأسباب الأخرى سنتطرق لبعضها. لكن أليس اليوم نحن بحاجة لكل العقلاء والحكماء رجالا ونساء – أهل الدين – أهل السياسة – المنظومة التربوية  وغيرهم لنضع حدا من تغلغل هذه  الأفكار الخاطئة بأذهان الأجيال .

  فما رأيكم اليوم  بوضع المرأة في العالم العربي والإسلامي ألا يحتاج منا إلى همة عالية لإبراز دورها في بناء الحضارة .

 

 من الذي ساهم في هذا الوضع : حقيقة هناك أسباب كثيرة عملت على تفاقم هذا الوضع، لكن ما أريد تسليط الضوء عليه أن كل الأسباب تشير إلى أنه هناك أزمة فكرية. فالفهم الحقيقي لدور المرأة في الأساس غير صحيحة. من ساهم ومازال يكرس تلك المفاهيم ولحد الآن هذا ما سنتطرق إليه :

 

أولا المرأ ة : نعم المرأة في حد ذاتها ساهمت في ذلك عندما تتقاعس عن أداء دورها. وعندما ترضخ لهذه المفاهيم .حيث لاحظت عندما أتحاور مع أحد هن وهن كثيرات وأتكلم عن المتعلمات وصاحبات الشهادات الجامعية بأعماقها مؤمنة بأن دورها محدود ومهمتها الأكبر والأهم هي البيت والتربية ، وهذا أمر جيد حينما نفكر لإنشاء أجيال. لكن في نفس الوقت أخاف من تكريس نفس المفاهيم للأبناء. ومن قال أيضا أن التربية مسؤولية المرأة فقط أين الرجال من هذه المهمة ؟ أم للإنفاق فقط . وهل احتياجات أبنائهم مادية فقط ؟ . فهي لم تستطيع لحد الآن الخروج من دائرة الهيمنة الذكورية كما يحلو للكثير الاصطلاح عليها لأنها هي تربت في وسط هذه الهيمنة . لكن سيدتي أدرك أن المهمة صعبة لكن ننتظر منك أخذ الخطوة للتخلص من هذه الحدود الضيقة والمفاهيم الخاطئة ولست أقصد أن تخرج كل النساء للعمل وترك البيوت لا ليس هذا قصدي فالناس تختلف طموحاتها واهتماماتها لكن أريد منك أن تكوني صانعة قرار أينما كنت أريد منك أن تعلمي أن بناء أمتنا مرهون بك سيدتي .   

 

ثانيا الفهم الخاطئ للدين : التأويل غير الصحيح للآيات والأحاديث النبوية كان سببا في عدم بروز نساء قياديات أيضا .

 ثالثا القوانين : رغم أننا نجد أن القوانين تعطي فرص للمرأة إلا أنه أثناء الممارسة  نجد غير ذلك . لكن أيضا القانون الذي يعتبر المرأة الماكثة بالبيت لتربية أبنائها بطالة أجد فيه إزهاق لحقها . فإني أطلب من المشرعين أعضاء البرلمانات العربية والإسلامية أن تدرج هذه المرأة الماكثة بالبيت ضمن السلم الوظيفي ويصرف لها راتب شهري وفق سلم الرواتب . أليست هي تنتج مثل المعلم والمهندس والمدير والطبيب . وهناك من يدعم فكرة الكوتة لتعيين المرأة في المناصب القيادية ، ورغم أني لا أدعم هذه الفكرة لأننا نريد أن يبقى معيار الكفاءة حاضرا فلا أتمنى أن أجد شخص في منصب وهو غير كفؤ ولو كانت امرأة بل أرغب أن لا تضيع المرأة الكفؤة. إلا أنه قد يكون مثل هذه القرارات ضروري لمرحلة فقط من أجل إعطاء الفرصة للكثيرات .

 رابعا الأسرة  : لعبت الأسرة دور كبير في ترسيخ الفكر الذكوري فأبسط الأمور تجد تعامل الوالدين مع الابن يختلف عن البنت وفيه تفضيل ولا أقصد كل الأسر . تتدخل الأسرة في تخصصها الدراسي في عملها في طريقة تعاملها مع إخوانها الذكور وتحاصر في كثير من طموحاتها . في حين شقيقها المجال أمامه مفتوح .
 أيضاً ساهمت منظومتنا التربوية والدينية في ذلك فنعلم أن تطور الأمة بين كفتي العلم والدين فإن كانت هاتين المنظومتين لم تضع برنامجا وأسس واضحة لتخطي هذه العقبات وتوضيح دور المرأة في بناء الحضارة فكيف سننشئ الجيل القادم  .
عدل أم مساواة :من الخطأ الكبير أن تطالب المرأة بالمساواة مع الرجل. فالله خلق المرأة والرجل وكل له مهماته والتي إذا تخلى عنها سيحدث خلل. فتأمل معي لو كان عندك أربعة أبناء واحد عمره 20سنة والآخر 15 سنة والثالث 10سنوات والرابع سنتين، وأردت إحضار لهم وجبة الغذاء مثلا فهل تضعي للأربعة نفس الكمية مثل ذو العامين مثل ابنك الأكبر البالغ العشرين من العمر فهنا لا يمكن أن تضعي الوجبات بالتساوي وإنما بالعدل كل حسب احتياجاته  .
إذن القضية قضية عدل وليست مساواة فأرجو الحذر من تلك المفاهيم التي تتسلل إلينا. ونحن لسنا في صراع مع الرجل لكن المطلوب أن يكون هناك عدل في تكافؤ الفرص وأن يكون تكافل في بناء هذه الأمة فلن تقوم الحضارة على ركيزة الرجل فقط أو المرأة فقط بل على الأثنين وكل من موقعه. وعلى المرأة أن تفخر أنها إمرأة وعلى الرجل كذلك.

 

أين الحل : سبق وأن قلت أن الأزمة الحقيقية هي أزمة فكرية والتغير لابد أن يكون بالداخل وحينها من السهل بل من الطبيعي أن يتغير ما بالخارج فكل واحد منا مسؤول عن ذلك. أيضا مؤسساتنا التربوية والدينية مهمتها بناء الأجيال على المفاهيم الصحيحة وحكومتنا ومؤسساتنا التشريعية. والدور الكبير للأسرة. فأسرنا قادرة على صناعة المرأة القيادية مثل سيدات بيت النبوة مثل الصحابيات مثل زينب الغزالي مثل جميلة بوحيرد مثل الملكة رانيا ومثل خديجة بن قنة ومثلهن كثيرات ومنهن اللواتي لم يذكرهن حتى التاريخ ربما لأنهن نساء .