لم لا يجوز تزوج المسلمة بالكتابي ويجوز العكس؟

إن الإسلام هو آخر دين نزل من عند الله تعالى، ولذلك نسخ كل دين سواه، كما قال الله تعالى: (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) التوبة/33.  وقال تعالى: (وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلا) النساء/141. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الإسلام يعلو ولا يُعلَى) رواه الدارقطني وغيره، وحسنه الألباني في صحيح الجامع برقم (2778).



ومعلوم أن الزوج له القوامة على زوجته، ومقامه من الأسرة أعلى من مقام زوجته، وربما كان هذا العلو دافعا له لإكراه زوجته على ترك دينها واتباع دينه، أو التأثير فيها بغية ذلك، وهو ما لا يرضاه الإسلام.

وسوف يكون ذلك العلو الذي للزوج سببا ـ أيضا ـ في اتباع أبناء هذه المرأة لأبيهم على دينه، وهي جناية عظيمة على تلك الذرية، أن تتشأ ولم تهتد إلى دين الله الخاتم.

وهذه الحكمة العظيمة قد ذكرها ربنا تبارك وتعالى في سياق تحريم تزويج المسلمات لغير المسلمين فقال تعالى: (وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آَيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) البقرة/221.

ثم إن الكتابية حين تتزوج بمسلم، تتزوج برجل يؤمن بنبيها، بل وبسائر أنبياء الله، ولا يكون مسلماً إلا بهذا، ولا يحل له أن يفرِّق بين أحد منهم، قال تعالى: (آَمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آَمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ) البقرة/285، في حين أن الكتابي - من يهودي أو نصراني - لا يؤمن بمحمد صلى الله عليه وسلم وأنه خاتم الأنبياء، فكيف يستوي الأمران لتكون نساء المسلمين عند رجل يكفر بنبيها ولا يؤمن به؟!

على أننا ننبه هنا إلى أن زواج المسلم بالكتابية، وإن كان مباحا في الشرع، لما يرجى من وراءه من المصلحة، وما فيه من التخفيف على العباد، فإنه "مستثقل مذموم" كما قال الإمام مالك رحمه الله [تفسير القرطبي 3/67].

وبعد، فهذا دعوة هادئة لأهل الكتاب، لعلهم ينتبهون إلى أن الإسلام قد استثنى أهل الكتاب في بعض الأحكام من دون باقي الكفار، فأباح الله تعالى أن نأكل مما يذبحه أهل الكتاب، كما أباح لنا التزوج من نسائهم، تقديراً لأصل دينهم الذي جاء بالتوحيد، وإكراماً لرسل تلك الأديان الذين أُمرنا بالإيمان بهم وتعظيمهم، وليُنظر الفرق بين موقف أهل الديانتين اليهودية والنصرانية من نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وبين موقف ديننا من أنبيائهم.

وأخيرا؛ فإن هذا الحكم ليس غريبا على الأديان الأخرى، ولا شاذا تفرد به الإسلام، لماذا يستغرب بعض الطاعنين في ديننا من منع الإسلام من تزويج نسائنا بغير المسلمين وهم بينهم لا يزوجون بعضهم بعضاً وهم أهل ديانة واحدة؟! فالكاثوليكي لا يستطيع أن يتزوج بامرأة بروتستانتية، وإن تجرأ على ذلك عوقب من قبل الكنيسة، والعكس بالعكس!

وفي قانون الأقباط الأرثوذكس المصري الصادر عام 1938م تنص المادة السادسة على أن "اختلاف الدين مانع من الزواج".


المصدر: الإسلام سؤال وجواب

 

 

موقع الأسرة السعيدة