لا للتدخين في العالم العربي

مع انتشار التدخين في عالمنا العربي والإسلامي ومع وجود الزخم الهائل من الدعم الدعائي لهذه الآفة أصبحت عملية مكافحة التدخين فريضة وضرورة لا بد إن تناط بفئة من الناس العارفين بأضرار التخين للقيام بها. وهي مهمة صعبة وتكاد تكون مستحيلة في وجود الدعاية الهائلة والترويج المستمر والمدعوم ماديا ومعنويا من قبل الشركات العالمية المصنعة والمروجة لهذه الآفة في مجتمعاتنا وحول العالم. إن ما يصرف من أموال للدعاية للتدخين يبلغ المليارات سنويا وقد يفوق بكثير ما تصرفه بعض الدول على صحة وتعليم مواطنيها مثلا.



لقد بدأ يكتشف الناس في الغرب بعضا من أضرار التدخين في منتصف القرن الفائت ثم توالت الدراسات المكثفة والبحوث العلمية بعد ذلك لتثبت للجميع ما كان معروفا لدى شركات التبغ مسبقا من أن للتبغ أضرارا كثيرة جدا على صحة الإنسان تبلغ في خطورتها أن تصيبه بالأدواء العضال والتي تؤدي حتما بالنتيجة إلى الموت المبكر أو العيش لسنوات في معانات من الأمراض والأسقام التي لا يرجى لها شفاء.

حين بدأت تتكشف هذه الأسرار الخطيرة للناس في الغرب بدأت الحملات المناهضة للتدخين في الظهور علنا لتكشف للعامة مدى خطورة هذه الآفة التي أدمنوا عليها بحيث لا يستطيعون لها فكاكا في كثير من الأحيان. واستطاع القوم بعد جهد جهيد وعبر أكثر من خمسين عاما من الجهد والعمل المتواصل في مكافحة هذه الآفة، استطاعوا أن يوقفوا أو يحدوا من اتساع وانتشار آفة تدخين التبغ بين الأجيال الحديثة وبين فئتي الأطفال والشباب بالذات حيث ان هذه الفئات هي الأكثر عرضة للإصابة بداء التدخين. وحين أدركت شركات التبغ الشريرة أنها بدأت تفقد شيئا من سوقها ورواجها في الدول الغربية إتجهت نحونا لتسكب علينا وعلى شبابنا سمومها ولتضربنا في مقتل وذلك من خلال أفساد صحة الشباب الذين هم عماد مستقبل الامة. لذا قامت هذه الشركات المصنعة للسجائر ببث الدعاية المكثفة للتدخين في وسطنا العربي والإسلامي أملا منها في التعويض عما فقدته من رواج وسوق في موطنها حيث تصنع.
وعليه فقد لوحظ أثر ذلك كله من خلال الدراسات التي تشير الى استمرار إنخفاض معدلات المدخنين في الغرب بينما هي في ازدياد مؤسف بين المواطنين في دولنا العربية والإسلامية. حيث بدى المنحنى البياني في انخفاض مطرد من جهة الغرب بينما هو في ازدياد مطرد في مناطقنا الشرقية الإسلامية. والأمر كذلك فإنه يصبح من الإثم والعار على أولي النهى وأولي العلم والمعرفة أن يقفوا موقف المتفرج بينما مجتمعاتنا تئن تحت وطأة آفة التدخين التي لا ترحم صغيرا او كبيرا إن هي تمكنت منه. حتى أصبحنا نرى انتشارا فظيعا لتدخين السجائر بين الشباب بل والبنات أيضا وهم لا زالوا في مقتبل العمر، وانتشارا هائلا لتدخين الشيشة أو الأرجيلة علنا، وخصوصا بين فئة الإناث. وشهدنا كذلك انتشارا مخجلا لأعداد كبيرة من المقاهي التي لا عمل لها سوى تقديم الشيشة والترويج لها في المجتمع.
ولكن الصورة ليست قاتمة إلى هذا الحد. فقد بدأ الناس يدركون مخاطر التدخين على أنفسهم وعلى أجيالهم ومجتمعاتهم، ثم بدأ العديد منهم في العمل الجاد لمكافحة آفة التدخين المستشرية بين الناس عموما صغيرهم وكبيرهم، ذكورهم وإناثهم. ولكن يظل العمل في هذا الجانب دون المستوى المطلوب في مقابل الهالة الإعلامية العظيمة والدعم المادي الهائل من قبل الشركات المصنعة للتبغ والتي تنفق المليارات في دولنا وحدها من أجل ترويج بضاعتها. وإن كان هناك بعض الغيورين في مجتمعاتنا ممن حملوا السلاح في مواجهة هذه الآفة إلا أن هذا الجهد المشكور يظل دون المستوى المطلوب فعلا لإحداث التغيير. فمطلوب من أصحاب التخصص الشرعي أن يبدوا وجهة نظر الدين وموقفه من التدخين ويعلنوا ذلك للناس. ومطلوب من أولي الأمر في دولنا أن يقفوا وقفة حازمة في مواجهة هذا الطوفان، بالضبط كما هو مطلوب من أولي العلم والاختصاص ومن الغيورين على صحة مجمعاتنا من عامة الناس ومن أصحاب التجربة المريرة أن يقفوا جميعا لصد هذا المرض القاتل والمقبل من بعيد. ويذكر هنا سبق دولة قطر في إصدار قانون مكافحة التدخين الذي صدر بتاريخ ----------- وإن كان ينقصه لحد الآن التفعيل الجاد لبنوده الجيدة والتطبيق الحاسم والحازم.
وهنا يأتي دور موقع "لا للتدخين في العالم العربي" الذي يعتبر من أول المواقع على شبكة الإنترنت باللغة العربية. وهو مجهود متواضع من بعض الأفراد من ذوي الاختصاص الطبي والصحي يصب في جانب مكافحة آفة تدخين السجائر والتبغ بأنواعه. ويحاول نشر التوعية بأخطار التدخين ويبرز أهم الطرق والوسائل للتغلب على الإدمان على هذه الآفة. وقد حاولنا إن نظهر الموقع بالشكل الفني اللائق والمتميز وذلك من خلال تصميمه لدى أحدى شركات الاختصاص في تصميم مواقع الانترنت. ويمكن للزائر أن يدخل هذا الموقع على العنوان التالي:
http://www.stopsmokingarab.com/ .
يمكن لتصفح الموقع أن يتعرف على أضرار وأخطار آفة التدخين، وأن بتعرف على رأي الإسلام في تدخين التبغ وذلك من خلال آراء نخبة من العلماء والمتخصصين في هذا الجانب. كما يمكن للمتصفح أن يتعرف على الطرق المختلفة للإقلاع عن التدخين، ويمكن للمصابين بمرض إدمان تدخين السجائر أن يتعرفوا على كيفية الحصول على المساعدة الطبية المتخصصة للماعدة على الإقلاع عن التدخين. وهكذا هناك الكثير مما يمكن الإطلاع عليه للفائدة من خلال تصفح هذا الموقع على الشبكة العنكبوتية الدولية.
وأخيرا نرجو ان يتنبه الناس لما يحيق بهم وبأجيالهم من مخاطر بسبب التدخين، الذي لا تظهر سلبياته إلا بعد حين قد يطول أحيانا وهذا مكمن خطره. ولكن الحصيف هو الذي يتجنب الضرر قبل الوقوع فيه، وإن وقع فيه فعلا ثم أدرك ضرره فلا يطلق لنفسه العنان حتى يستمرئه فيتمكن منه الضرر ويحيق به الخطل والخطر. كما نرجو من أصحاب الغيرة العمل الدؤب لفعل كل ما يمكن ان يجنب مجتمعاتنا وأجيالنا مخاطر آفة التدخين وكل آفة أخرى تعتري بلادنا وأوطاننا ومجتمعاتنا.

المصدر: بيوتنا كنانة أونلاين