لا سنعمل جميعا

إن في المجتمع ثغرات كثيرة ... فلنظر إلى حال المجتمع من حولنا ... أليس المجتمع أنا و أنت ؟ ... هو و هي ... ابني و ابنك ... جاري و جارك ؟ ألسنا نحن النواة التي يتكون منها المجتمع ؟؟! بلى و الله إننا كذلك ... ، إذاً أليست هذه الفوضى ، و الغوغاء التي نعيشها في مجتمعنا من صنع أيدينا ؟



و لكن هل نشعر نحن بذلك ؟

طبعاً الكثير يسأل نفسه : و ما شأني بالمجتمع ؟ أأصلح ما في المجتمع كله ؟

لا ، لن تعمل و حدك .. و لن أعمل و حدي .. بل سنعمل جميعاً من أجل بناء مجتمع متكامل .. مجتمع متعاون .. مجتمع متراحم فيما بينه .. فدعونا ننظر كيف يكون ذلك ؟

إن الأمم يُبنى على أنقاضها أحلامٌ و طموحات لا تتحقق إلا مع مرور الزمن .. قد يبدو للبعض أنه من الصعب تحقيقها ، و للبعض الآخر قد تبدو هدفاً سامياً لا بد من تحقيقه و الوصول إليه بكل الوسائل الممكنة .

انظر إلى الدنيا من حولنا .. غش ، كذب ، سرقات ، نفايات على قارعة الطريق ، خيانات ، و ليس بغريب ! بل الأغرب أنك تسمع كل فردٍ يبرئ نفسه من جميع هذه التُهم فتراه يقول : و هل سيتغير المجتمع إن غيرت أنا ما بنفسي ؟ فيهزأ و يسخر ، و يرى كل شيء مهماً عَظُم و كبر سخيفاً ، ليس له شيء من الأهمية ... أما مظهره فتراه أنيقاً للغاية .. منزله من أجمل ما يكون .. في عمله هو أحسن بنظره من جميع الموظفين .. أما داخله !! النفايات أمام الشارع الذي يقطن فيه .. الغش في المعاملات الرسمية .. في عمله .. السرقات التي تحصل من حوله... الكلام البذيء الذي يتفوه به أولاده ... كل هذا ليس مهماً بنظره ، فالمهم عنده أن يكون ذا مظهر أنيق أمام الناس ، وسيارته نظيفة ملمعة ... إذاً ماذا يهم بعد ذلك ؟! لا شيء أبداً !!!

من المحزن أن نرى هذا جميعاً سهلاً  ... و كان من الممكن أن نتقبله لو كان حال شريحة صغيرة جداً من المجتمع فنقول : من السهل إصلاحها وردعها ... ولكن كيف بنا و هذا حال معظم المجتمعات التي نعيش فيها ؟!  فما هو الحل ؟! و كيف نغير هذا الحال ، أو هذا المصاب الذي حل بنا ؟

موقفي يغير الكون ؟! ... لماذا هذه السلبية ؟

إن للإيجابية قواعد و أحكاماً يجب تطبيقها ...

فلا تظن أيها القارئ أن الإيجابية تكمن في التهور , أن نكون شجعان بلا حدود دون أي قواعد تحكمنا ... لا ... بل الإيجابية أن نغير بالحكمة ، بالعقل المتزن ... نغير السيء إلى حسن ، والحسن إلى أحسن ...

فقد قال تعالى : ( أدع إلى سبيل ربك بالحكمة و الموعظة الحسنة )  لا بأسلوب منفر بعيد عن المنطق و الرحمة ... و انظر إلى تكملة الآية ( و جدلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل سبيله و هو أعلم بالمهتدين )  إن الطريقة التي ندعو بها إلى الإصلاح من أهم ما يجب الاهتمام به .

 نحن نريد أن نتغير ، نريد أن نكون إيجابيين ، لأن المصائب حلت بنا في كل مكان ... فإذا لم يكن أفراد المجتمع متكاتفين يداً واحدة ، و إذا لم تكن مساعداً أنت بالحفاظ على أولادك فكيف ستعمد إلى حثهم على النظام ؟ لذلك نحن نرفض هذا التبرير للسلبية : " موقفي لن يغير الكون " ... بلى سيغير الكون بأسره ...