لا تكن فرداً أنانياً

 

إنك لو وضعت نصب عينيك أن لك إخواناً تعوزهم الحاجة، ويقعدهم العجز والمرض، ولا يسعفهم الجهد في الوفاء بحاجاتهم، إنك إن جعلت هؤلاء وحاجاتهم نصب عينيك، وما ينتظرك من الأجر والثواب، فلا أظنك –إن كنت تملك قلباً إنساناً مؤمناً حقاً- تتقاعس عن بذل ما في وسعك من جهد وطاقة وإمكانات، أو تعيش لا تفكر إلا في نفسك وأهلك، وتنسى –أو تتناسى- إخوانك هؤلاء.


 

إن الله تعالى وإن وزع على عباده الطاقات والعطايا والهبات، ووسع على أناس في الأرزاق، لا ليستأثروا بها دون عباده المضيَّق عليهم في أرزاقهم، وإن كان هناك من يحرم الرزق بذنوبه ومعاصيه، إلا أن القاعدة أنك لا ينبغي أن تعيش لنفسك، فهذه أنانية لا ينبغي أن تكون من سمات المجتمع المسلم المتواد المتكاتف، الذي يعيش كالجسد الواحد، إن اشتكى منه عضو تداعى إليه باقي الجسد بالسهر والحمى.
قد يحرم البعض نعمة الولد، فيتوقف عن العمل مع قدرته عليه، ويكتفي بما جمع من مال، ويقرر أن يستمتع بهذه الثروة هو وزوجته. أو قد يصل إلى سن التقاعد مع بقائه نشيطاً ممتعاً بالصحة والقوة، إلا أنه يرى أنه قد آن له أن يرتاح، ويكفي ما جمع من مال، طالما أنه يفي بحاجاته وأسرته!
لماذا هذه الفردية وهذه المحدودية في التفكير؟! لماذا لا نسمو وترتقي نفوسنا وأرواحنا وتتسع آفاقنا وننظر إلى ما هو أبعد من هذه الحياة الدنيا ومتاعها؟! إنك وقد أنعم الله عليك بالصحة والعافية، فإنما ليبتليك بهذه النعمة.. ماذا ستفعل بها، وكيف ستزكيها؟ فكل نعمة حتى تدوم ويبارك فيها بحاجة إلى أن تزكى وأن تستعمل في طاعة الله.
نماذج كثيرة من الأنانية والأثرة شاعت في مجتمعاتنا، والتفكير في الذات وعدم رعاية حق المحتاجين، فلو أُعلِن عن وليمة مثلاً، وكانت الدعوة بالمجان، لركض إليها الأغنياء قبل الفقراء، ولأكلوا حتى تنفقئ أمعاؤهم، متمثلين بذلك المثل السيء الذي يقول: "اللي ببلاش كثر منه"!! وكان الأولى أن يستعفف الغني ويؤثر الفقير، أو أن يأخذ قدر حاجته ويفسح المجال لغيره، ولكن عفة بعض الفقراء قد يتعلم منها كثير من الأغنياء!

المصدر: موقع حافظ أمين