لا تبخس الناس أشياءهم

كثيرا ما نعيق عملية التواصل بيننا وبين من نتعايش معهم عبر سلوك لا نأبه له ونغفل عموما تداعياته السلبية على علاقاتنا اليومية وهو سلوك " بخس الناس أشياءهم" مقاربة نفسية للآية الكريمة :"...ويا قوم أوفوا المكيال والميزان بالقسط ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين " سورة هود آية 85.

 



تعريف إجرائي:
بخس ، البخس وهو النقص ،بخسه حقه يبخسه بخسا إذا نقصه.
باخس بمعنى ظالم. والبخس من الظلم أن تبخس أخاك حقه فتنقصه كما يبخس الكيال مكياله فينقصه.
وقوله عز وجل : " وشروه بثمن بخس " أي ناقص دون ثمنه. لسان العرب جزء 1.

شيأ :المشيئة: الإرادة. شئت الشيء أشاؤه شيئا ومشيئة : أردته.
الشيء : معلوم ، وهو يقع على كل ما أخبر عنه .لسان العرب جزء 5.


إذا تأملنا الآية الكريمة " لا تبخسوا الناس أشياءهم " انطلاقا من الشرح أعلاه فنستطيع القول: بما أن الشيء يعني كل معلوم وكل ما نخبر عنه فهو بالتالي يشمل ما هو مادي وما هو معنوي.

ما يهمني في هذه الآية الكريمة البعد الرائع في العلاقات الإنسانية عموما وفي التواصل بصفة خاصة بالإضافة إلى المعاملات التجارية أو الاقتصادية التي يحث فيها ديننا الحنيف من خلال هذه الآية على التحلي بأخلاق العدل والقسط.

أركز أكثر على تواصلنا اليومي ...لقد خلقنا الله عز وجل بأذواق ورغبات مختلفة...وطرق تفكير متنوعة..فالجميل عند شخص قبيح عند آخر وهناك من الأمثلة اليومية ما لا تعد ولا تحصى فكيف تكون ردود أفعالنا لها ؟؟؟
كمثل أن يأتيك طفلك برسم بالنسبة له جميل وتقبحه له ...
أو يقبل عليك زوجك بشيء اشتراه فتنقص من قيمته...
أو يبدي الآخر(مهما كان هذا الآخر زوج، طفل، تلميذ، صديق ....) رأيه في موضوع فتتهكم عليه...الأمثلة كثيرة ومتعددة في بخس الناس لأشياء الآخرين.

معنى الآية يذهب بنا إلى استخلاص نقطتين جوهريتين :

1-التواصل الفعال أو الإيجابي : حين نتجنب بخس أشياء الآخرين نتوخى بالتالي تواصلا حميدا، أما وإن أظهرنا ذلك فغالبا ما "ننتج " في الآخر شعورا أو سلوكا قد يكون غير مرضي.... ..يعيق بالتالي عملية التواصل التي هدفها الأساسي هو تحسين العلاقات بين الناس وليس إفسادها.

2-عدم انتقاصنا لأشياء الآخر يعطينا القدرة على تقبله ، وتقبل الآخر يتجلى في تقبل أفكاره وأذواقه وسلوكه. أي الاعتراف بالقيمة التي يعطيها هو للشيء ويبين حبه واختياره له، وتجنب قراءة الأشياء فقط بمقاييسنا ، لأننا قد نظلم بذلك الآخرين.


ملاحظة: تقبل الآخر لا يعفينا من النقد الفعال الذي عادة ما يجب أن يكون أقرب للموضوعية، وينبني بالتالي على التمييز الواضح بين الشخصية والسلوك.


بقلم صليحة الطالب