لا أحد يعلم كل شيء في هذه الحياة

الحقيقة أنَّ الناس جميعاً وطوال الوقت يتفوهون بالترهات، وجميعنا ودون استثناء نتفوه بالترهات طوال الوقت، ولا يتوقف الناس أبداً عن تزييف الحقائق حتى يقتنعوا ويقنعوا الآخرين بما يقولونه؛ لذلك، يمارس الجميع التزييف، ونعني هنا الادِّعاء بأنَّهم فهموا كل شيء، والادعاء بأنَّهم حققوا ما يريدونه في الحياة.



لذلك؛ اطمئن فلستَ الوحيد الذي يفعل ذلك، ومن المريح أن تعلم أنَّك لست الوحيد الذي يشعر بالارتباك والحيرة؛ بل كل شخص آخر تعرفه يعاني من نفس المشاعر.

لا أحد يفهم كل شيء عن الحياة:

إليك إذاً هذه الحقيقة وهي: على الرغم من أنَّنا نبدو واثقين من أنفسنا ونتعامل مع الحياة بثقة، إلَّا أنَّنا من الداخل نشعر بالحيرة ونجهل إلى أين تقودنا الحياة، فنحن نمضي في حياتنا كالفئران العمياء التي تجهل الاتجاهات ولكنَّها تستمر بالتحرك وفق خط متعرج.

وبهذا المعنى، يصبح من الضروري أن نفهم أنَّنا نتأرجح في مسيرة حياتنا ونسلك مسارات مختلفة بنفس القدر الذي نتحرك فيه إلى الأمام؛ والسبب هو أنَّه حتى بالنسبة إلى الناس الذين يبدو أنَّهم يتقدمون في حياتهم وفق خط مستقيم، فهم على الأرجح يسيرون وفق خط متعرج ولكنَّهم يأملون أنَّ هذا الخط سيقودهم نحو الأمام، لكن من المؤكد أنَّ هذه الاستراتيجية ليست جيدة؛ لأنَّنا نعلم جميعاً أنَّه وبصرف النظر عن الهدف حتى وإن كان الهدف بحد ذاته هو معرفة الهدف، فلا بد أن نمتلك وجهة.

النقطة الهامة هي أنَّ الجميع تقريباً ينعطفون في طريقهم نحو تحقيق الهدف ونادراً ما يسيرون وفق خط مستقيم، وهذه أفضل استراتيجية لتحقيق الهدف، وهي السير في خط ملتوٍ.

حياتك تشبه لعبة الكرة والدبابيس:

فكِّر في حياتك كأنَّها لعبة كرة ودبابيس، ودورك في الحياة هو الكرة؛ فعندما تطلق نفسك عبر المدفع، فإنَّك تطير ومن ثمَّ تسقط مباشرةً نحو وجهتك التي تقودك إلى القاع، وتَعرِف الكرة - بفضل الجاذبية وانحراف اللوح - إلى أين تتجه بالضبط، ويشبه هذا الأمر الاندفاع القوي نحو تحقيق الهدف.

كما يحدث عادة في الحياة، تبدأ المفاجآت بالظهور؛ وهذا ما يحدث تماماً في لعبة الكرة والدبابيس، ولأنَّك الكرة في مثالنا، فإنَّك ترتد كلما اصطدمت بالعقبات وتعبر من الممرات الضيقة، وخلال رحلتك تقترب من وجهتك، وربما تحقق هدفك في النهاية وربما لا، وعندها تعود لتطلق الكرة من المدفع مستخدماً استراتيجية جديدة معتمدة على ما تعلمته من لعبتك السابقة.

هكذا هي الحياة؛ إذ إنَّها تشبه لعبة الكرة والدبابيس؛ لأنَّ العقبات لن تزول ومن الأفضل أن تمتلك المرونة التي تسمح لك باللعب، ومن المؤكد أنَّك لم تُعجَب بهذا التشبيه، فكيف يمكن أن تكون لعبة الكرة والدبابيس استعارة مناسبة لاستراتيجية جيِّدة في الحياة؟ فاللعبة تعتمد تماماً على رد الفعل والحظ، لكن إذا كنتَ تؤمن بأنَّك ستواجه المآزق خلال رحلتك بصرف النظر عن الاحتياطات التي تتخذها، فسيكون من الحكمة أن تتعامل مع هذه المآزق كأمور ضرورية وإيجابية لتحقيق هدفك.

شاهد: كيف تستمر في مواجهة التحديات عندما تزداد الحياة صعوبة؟

كل عقبة تواجهها هي تجربة يمكنك أن تتعلم منها:

يجب أن تنظر إلى العقبات كتجارب تمنحك المهارات والمزايا التي تساعدك على الوصول إلى الحياة المثالية التي تتمناها، والفكرة هي أنَّ حياتك المثالية قد لا تكون موجودة في نهاية الطريق الذي تفكِّر فيه، وهنا يأتي دور التجارب؛ إذ إنَّ التجارب وحدها التي ستجعلك تقترب من هدفك أو تعيد توجيهك باتجاه الهدف الذي تريده ولكنَّك لم تكن تعلم بذلك.

لأنَّ تجارب الحياة هي ما يدفعك نحو الأمام، وهي ما يجعلك تتحرك وتتوقف، وعلى الرغم من أنَّه نادراً ما تدفعك التجارب مباشرةً نحو الأمام، ولكنَّها الأمور الوحيدة التي تجعل حياتك تتحرك ومن ثمَّ يجب عليك أن تستخدمها كوسائل.

لذلك، في حال أنَّك خُضتَ تجربة ما وجعلتك تنحرف عن مسارك، فيجب أن تتذكر أنَّك ما زلت تتحرك إلى الأمام، لكن كل ما عليك فعله هو خوض تجربة جديدة تصحح مسارك وتعيدك إلى الطريق الصحيح، حتى عندما تكون التجربة عبارة عن عقبة أخرى وتجعلك مجدداً تنحرف عن مسارك، إلَّا أنَّك ما زلت تتحرك إلى الأمام.

إقرأ أيضاً: الفرق بين وضع الأهداف وتحقيقها: 3 خطوات لتبدأ بتحقيق أهدافك

تراكم الخبرات هو ما يجعلك تقترب من تحقيق الهدف:

مع تراكم التجارب أنت تقترب شيئاً فشيئاً من هدفك، وبهذا المعنى تكون التجارب هي المفتاح لتحقيق الهدف، حتى التجارب التي تبعدك عن وجهتك؛ فهذه التجارب غالباً ما تكون أثمن التجارب وأفضلها لتحقيق الهدف.

من الواضح أنَّه عندما يخبرك شخص ما أنَّ لديه رؤية واضحة عن حياته المثالية وأنَّه يبذل قصارى جهده لتحقيق هذه الحياة وأنَّه يقترب من تحقيقها تدريجياً، فإنَّ هذا الشخص يدرك ما يقوله، وما عدا ذلك لا يعدو أن يكون محض أكاذيب، ولا نعني بذلك أنَّه من المستحيل أن يمتلك شخصٌ ما ثقة بأنَّه سيصل إلى هدفه المنشود، ولكنَّ ما نعنيه أنَّ تحقيق الهدف لن يكون عن طريق خطة مثالية تجري فيها الأحداث بتسلسل منطقي.

إقرأ أيضاً: المماطلة والتّسويف تُعيقان تحقيق الهدف

في الختام:

من الترهات التي تسمعها كثيراً هي ادِّعاء أحدهم بأنَّه فهم كل شيء، والأشخاص الوحيدون الذين فهموا كل شيء هم الأشخاص الذين يعترفون بأنَّهم لم يفهموا شيئاً ولكنَّهم راكموا الخبرات في المجالات التي تثير اهتمامهم؛ لذا تذكَّر أنَّ خارطة الطريق هي عبارة عن تجاربك في الحياة، وليس الهدف من خارطة الطريق هو تجنُّب العقبات بينما تسير وفقاً لها.

المصدر




مقالات مرتبطة