كيفية إنشاء مصفوفة لإدارة الوقت تُبقيك قادراً على تحقيق أهدافك

يَهدِرُ أغلبنا الوقت بشكل أكبر بكثير ممَّا ندرك، فأيَّاً كان عملُك، فإنَّ معظم النَّاس يعطون الأولويَّة للمهام التي تريحهم من الشُّعور بالإلحاح على الواجبات الأكثر أهميَّة بالفعل.



نحن نقضي أيضاً كثيراً من الوقت في التَّفكير في المهام الكبيرة التي يجب علينا إنجازها، ممَّا يؤدي عادةً إلى تأجيلنا إيَّاها لحين امتلاكنا "مزيد من الوقت".

أكَّد الرئيس الأمريكي السابق دوايت أيزنهاور (Dwight Eisenhower) أنَّنا نميل للتركيز على الأمور الهامَّة والعاجلة ممَّا يؤدِّي إلى ردِّ فعل يؤدي إلى فعل الأمور التي يجب القيام بها الآن بدلاً من التركيز على الأمور الهامَّة وغير العاجلة، والتي ستكون الأساس لنهج أكثر استراتيجيَّة تبعاً للأهداف طويلة الأمد.

نحن نهدر تقريباً نصف وقتنا على المهام التي قد لا تكون ذات منفعة لنا على الأمد الطويل؛ لذا يجب علينا إيجاد الفرصة لنعيد توجيه وقتنا إلى عمل ذي قيمة أكبر.

لا توجد طرائق مُختصرة لإنجاز الأعمال الهامَّة، لكن توجد استراتيجيَّة تساعدك على الحدِّ من التسويف وهي "مصفوفة إدارة الوقت".

ما هي مصفوفة إدارة الوقت؟

عندما يكون عملك مزدحماً بالمهام، فمن السَّهل أن تصبح غير مدرك لما هو "هام" وما هو "عاجل"، فتستخدم إحدى هاتين الكلمتين كثيراً مكان الأخرى، ولكن يوجد فرق كبير بينهما وهذا الفرق يكمن في صلب مصفوفة إدارة الوقت، فهذه المصفوفة هي بالأساس طريقة لتحديد ما يجب عليكَ القيام به وكيفيَّة التَّعامل مع التزاماتك بشكل أوعى.

من طبيعة البشر إعطاء الأولوية في الوقت للمهام العاجلة، فعندما ندرك أنَّ موعد التسليم قد اقترب يبدأ دماغنا التفاعلي بالعمل؛ فنكرِّس كل اهتمامنا على إنهاء عملٍ ما فقط لأنَّه عاجل، وفي المقابل نحصل على دفعة من هرمون الدوبامين (dopamine) الذي يحفزنا على العمل، ولكن عند زوال تأثيره ندرك أنَّنا قد أمضينا اليوم بأكمله نقوم بأشياء ليست هامَّة حقَّاً بل وسنراها لاحقاً مضيَعةً للوقت.

أدرك ستيفن كوفي (Stephen Covey)، المعلِّم الأميركي ورجل الأعمال "إدمان الإلحاح"، وطوَّر مصفوفة كوفي لإدارة الوقت (Covey time management matrix) لمساعدة النَّاس على التمييز بين ما هو هام وما هو عاجل.

كيف تُساعدك هذه المصفوفة؟

إنَّها تعتمد على المبدأ الأساسي بأنَّ تنظيم الوقت الفعَّال بإمكانه مساعدتنا على تحقيق أهدافنا، وفي النِّهاية، إنَّ النَّجاح في كلِّ شيء تقريباً يتضمَّن تنظيم الوقت.

قد يبدو الأمر كأنَّك لا تملُك الوقت الكافي لتقوم بإنجاز كلِّ شيء، لكن توجد طرائق بسيطة لتنظِّم بها وقتك بحيث لا تشعر أنَّه ينفد منك، ويُمكن أن تُستخدم هذه المصفوفة بوصفها أداةً لفهم أولويَّاتك وأهدافك، وإنَّها مفيدة تحديداً إن كنتَ تُعاني من مُشتِتات الانتباه وتُضيِّع الوقت أو إن كنتَ تشعر بالارتباك عند تَخطيطك لمهامك.

مصفوفة إدارة الوقت تَمنحُك الأساس لأهدافك، فتُعطيك القدرة للتركيز أكثر على تحقيقها بدلاً من التَّخطيط لهذا فقط، وعند اتِّخاذك لعادات أفضل لتنظيم الوقت في حياتك الشخصيَّة والمهنيَّة، يُمكنك التقليل من التوتر، وإنتاج عمل أفضل وحتَّى تحسين فُرص العمل لديك.

شاهد بالفيديو: 6 أسرار لإتقان إدارة الوقت

كيف تُنشئ مصفوفة إدارة الوقت الخاصَّة بك؟

أنت تعلم الآن كيف بإمكان هذه المصفوفة مساعدتك؛ لذا حان الوقت لإنشاء واحدة لأجلك، ويجب أن نقوم بها على الشَّكل الآتي: ارسم أربعة مربَّعات، كلٌّ منها يحتوي على أربع كلمات على الجَّانبين الأيسر والأعلى: غير هام، وهام، وعاجل، وغير عاجل، ومن ثَمَّ تكتب نشاطاتك في المُربَّع المناسب وتبدأ بالعمل من هنا.

إنشاء الأرباع الخاصة بك:

استخدم الوصف أدناه لترى أين يجب أن تضع كُلٌّ من نشاطاتك:

الربع الأوَّل:

المهام في هذا الربع يجب أن تتضمَّن الأمور الهامَّة والعاجلة التي تعدُّ نوعاً ما نادرة وتتطلَّب اهتمامك الفوري، وفي مهام الربع الأوَّل، يكاد يكون مؤكَّداً وجود عواقب فوريَّة في حال عدم إنجازها في الوقت المُحدَّد، وهذه العواقب قد تكون فُرصة ضائعة، أو تراجعاً في العمل، أو تقييماً سيئاً لأدائك.

إن كان لدى مؤسَّستك موعد تسليم ضخم لعميلٍ وقائد مشروع قد مرض وتوقَّف عن العمل لمدَّة أسبوع، فسيكون عليك أنت وفريقك وضع كُل تركيزكم وطاقتكم على إنهاء العمل بإرشاد أقل من المُعتاد، أو إذا اتَّصل عميل وكان مستعدَّاً لشراء أكبر صفقة شهدتها شركتك في هذا العام، فإنَّ هذه إحدى اللحظات الحاسمة التي تملي عليك التوقُّف عن أيِّ شيء آخر تقوم به.

الربع الثَّاني:

مهام الربع الثَّاني هامَّة ولكنَّها ليست بالضرورة عاجلة، أو قد لا تتطلَّب اهتمامك الفوري، فإن كنتَ تشعر بأنَّ جميع مهامك الهامَّة هي أيضاً عاجلة؛ فهذا يعني أنَّ لديكَ تراكماً من الهمام الهامَّة المؤجلة لوقت طويل في قائمتك إلى أن أصبحت عاجلة.

على الرغم من عدم كونها عاجلة، فإنَّ مهام الربع الثَّاني هامَّة لأهدافك الاستراتيجيَّة وطويلة الأمد على الصَّعيد الشخصي والمهني، وهذه المهام هي التي تترك أثراً كبيراً، فتحسين إجراءات العمل، وإنهاء التدريب الإضافي، وبناء العلاقات، جميعها أمثلة على مهام الربع الثاني.

إن كان لديك القدرة، خصِّص كمَّاً كبيراً من الوقت غير المُنقطع لتعمل على الأمور العاجلة وغير الهامَّة، فكُلَّما كنتَ مندمجاً وتعمل بتركيز كامل لمدَّة أطول، كان ذلك أفضل.

الربع الثَّالث:

مهام هذا الربع هي تلك التي يجب عليك تفويضها أو أتمتتها كلَّما أمكن، فهذه المهام تُعدُّ عاجلة؛ أي يجب إنهاؤها في موعد محدَّد لكنَّها ليست بالضَّرورة حاسمة، على سبيل المثال، عندما يطلب منكَ زميلُك المساعدة في العرض التقديمي الذي سيقدِّمه غداً.

على الرغم من وجود موعد تسليم محدَّد لهذا المشروع، فإنَّه ليس بذات الأهميَّة بالنسبة إليك كما هو بالنِّسبة إليه، فبدلاً من أخذ وقت كبير من يومك ومهامك لمساعدته في هذا المشروع خطوة بخطوة، اعرض مساعدتك بتدقيق المشروع عندما يقوم بإنهائه.

هذا هو النوع من المهام التي يجب عليك قضاء أقل وقت ممكن عليها، وغالباً ستؤدِّي إلى نتائج عكسيَّة على عملك، فهي لا تساهم كثيراً في هدفك، ولا تتصدَّر قائمة أولويَّاتك، وتُصعِب عليك حياتك اليوميَّة.

الربع الرَّابع:

مهام هذا الربع غير عاجلة وغير هامَّة، ممَّا يعني أنَّها لا تستحق وقتك، وتستطيع أن تعدَّ هذا الربع ثقباً أسود، فأنت تغرق أكثر فأكثر كلَّما أمضيت وقتاً أطول في هذه المهام إلى أن تفقد جميع دوافعك وطاقتك للتركيز على الأمور الهامَّة.

النَّشاطات الآتية تعدُّ أمثلة على النوع غير الهام وغير العاجل منها: تصفُّح مواقع التَّواصل الاجتماعي، مشاهدة التلفاز غير الهادفة، فرز البريد العشوائي، حضور الاجتماعات التي لا تمتُّ لعملك بصلة، وما إلى ذلك.

توجد عدة مهام تستطيع إدراجها في الربع الرابع، وهذه المهام الفارغة تعدُّ مضيَعة للوقت، وغالباً ما نشعر بالخجل عند قضائنا لوقت طويل عليها؛ لذا فكتابتها ورؤيتها على الورق ستكون بمنزلة تذكير لكي لا نقوم بها كثيراً.

تحديد أولويَّاتك:

كونك قادراً على تحديد نوعيَّة مهامك؛ فهذا يعني بأنَّك تفهم أولويَّاتك، فالفكرة من مصفوفة كوفي لإدارة الوقت هي مساعدتنا على التَّفكير ما إن كانت هذه المهمة تساعدنا على تحقيق أهدافنا أم لا.

من الهام إعادة تنظيم قائمة مهامك تبعاً لِما ذُكِر آنفاً، حتَّى تستطيع تحديد المهام التي تتطلَّب الاهتمام الفوري وتلك الأكثر حسماً بسرعة.

إقرأ أيضاً: 7 طرق لتصبح محترفاً في تحديد أولويات المهام

استبعاد المُشتتات:

بعد أن تحدِّد المهام الهامَّة، الخطوة التالية هي إيجاد مزيدٍ من الوقت والمساحة للعمل عليها، مع تركيز مستمرٍّ ومتواصل، وسيكون عليكَ إدارة جدولك إدارة استراتيجيَّة لتُخصِّص معظم وقتك لهذا النَّوع من المهام.

ضَع في الحسبان الاستفادة من تقسيم الوقت لجدولة جلسات منظَّمة من الاندماج بالعمل بعمق، ولتضع حدَّاً للوقت الذي تمضيه على الأشياء غير الهامَّة مثل إدارة البريد الإلكتروني.

إقرأ أيضاً: 3 أساليب تساعدك على الحفاظ على التركيز والإنتاجية في ظل الأزمات

في الختام:

تطبيقات مكافحة التَّشتيت تساعد جداً على التأكُّد من استطاعتك على التَّركيز على مهامك الهامَّة من دون أن تسمح للأمور غير المُجدية بالسَّيطرة على وقتك أو إزعاجك عندما تحاول التَّركيز، وبإمكانها أيضاً مساعدتك على إدارة أكبر سلوكات التَّشتيت، مثل حظر مواقع مُحدَّدة أو الحد من تصفُّحك اليومي الذي ليس له علاقة بالعمل.




مقالات مرتبطة