كيف يمكن لمعادلة الإنتاجية أن تحفز الموظفين على العمل بكفاءة؟

تحول المهندس الأمريكي فريدريك تايلور (Frederick Taylor) إلى مستشار إداري في عام 1911، ونشر كتاب "مبادئ الإدارة العلمية" (The Principles of Scientific Management) الذي أحدث ثورة في الأساليب المطلوبة من أجل العمل بكفاءة في مواقع العمل.



اقترح تايلور (Taylor) في الكتاب فكرة تتلخص في إمكانية تحسين أو تغيير إنتاجية وتحفيز الموظفين من خلال تعديل متغيرات محددة، حيث يمكن للشركات مضاعفة كفاءة العمل وأرباحه إذا عدَّلت هذه المتغيرات؛ كما ستمنح هذه المتغيرات الشركات فرصة لتقليل تكاليف الإنتاج والقضاء على جميع أوجه القصور المتعلقة بكفاءة العمل.

لقد دُمِجت هذه المتغيرات الهامة منذ نشر تايلور (Taylor) أفكاره قبل عدة عقود في معادلة بسيطة يستخدمها المديرون والقادة لقياس وتحسين تحفيز وإنتاجية الموظفين، وتُسمَّى هذه المعادلة البسيطة بـ "معادلة الإنتاجية"، وإليك طريقة تطبيقها:

ما هي معادلة الإنتاجية؟

معادلة الإنتاجية: مقياس لتحديد إنتاجية منظمة أو فريق أو موظف، وتقدم مؤشراً مفيداً على مدى كفاءة الشركة في تحويل المواد الخام والآلات ومجموعة الموظفين إلى سلع أو خدمات مفيدة، ويمكن تمثيل ذلك في صيغة الإنتاجية البسيطة المدهشة التالية:

معادلة الإنتاجية

تتمثل معادلة الإنتاجية في العلاقة بين المدخلات المادية ومخرجات الإنتاج، وتوضح كيف يمكن للشركة إنتاج مزيد من مخرجات الإنتاج الساعية لكل موظف أو آلة أو مادة مستخدمة.

من أكثر المدخلات شيوعاً: ساعات العمل، ورأس المال، والموارد؛ أمَّا من أكثر مخرجات الإنتاج شيوعاً: المبيعات، وكمية البضائع المنتجة.

كيف نستخدم معادلة الإنتاجية؟

قد يرغب المدير في حساب إنتاجية موظفي شركته أو فريقه؛ ويمكنه ذلك من خلال حساب إنتاجية الموظف، وذلك من خلال تقسيم السلع والخدمات المُنتَجة أو إيرادات المبيعات الناتجة على عدد ساعات العمل الإجمالية التي عملها موظفو الشركة في فترة زمنية معينة.

مثلاً: إذا حقق موظف ما مبيعات تبلغ قيمتها 2000 دولار في أسبوع واحد (أي ما يساوي 50 ساعة عمل)، وحقق موظف آخر يعمل 20 ساعة في الأسبوع مبيعات بقيمة 1000 دولار؛ إذاً وعن طريق استخدام معادلة الإنتاجية فإنَّ:

إنتاجية الموظف الأول: 2000 دولار / 50 ساعة = 40 دولاراً في الساعة.

إنتاجية الموظف الثاني: 1000 دولار / 20 ساعة = 50 دولاراً في الساعة.

سيكون الموظف الثاني في هذا السيناريو الافتراضي أكثر إنتاجية من الأول، رغم أنَّه حقق مبيعات أقل.

إليك مثالاً توضيحياً آخر:

تخيل وجود شركة بيع بالتجزئة تريد حساب إنتاجيتها. إذا كان إنتاج الشهر الماضي 20000 وحدة، وكان إجمالي ساعات عمل الموظفين 2000 ساعة؛ فستكون إنتاجية الشركة بناء على ذلك: 20000 وحدة / 2000 ساعة = 1000 وحدة في الساعة.

وكمثال أخير:

تخيل خط إنتاج آلي يعمل عليه عددٍ قليلٍ من العمال. إذا قلنا أنَّه ينتج في شهرٍ واحدٍ ما قيمته مليون دولار من السلع، وبإجمالي 1000 ساعة عمل؛ فستكون إنتاجية الشركة: 1.000.000 دولار/ 1000 ساعة = 1000 دولار في الساعة.

ممَّا يعني أنَّه على الرغم من أنَّ تكلفة العمالة أقل بكثير من تكلفة المعدات، إلَّا أنَّ الشركة التي تستخدم التكنولوجيا بفاعلية ستكتسب ميزة تنافسية، وتتحسن إنتاجيتها مقارنة بغيرها.

يمكن لهذه المعادلة أن تكون مفيدة للمديرين عند استخدامها في تحديد الموظفين الأكثر أو الأقل إنتاجية، أو في تحديد كفاءة الشركة في استخدام الموارد والمواد؛ إلّا أنَّ هذه الصيغة من معادلة الإنتاجية قاصرة بسبب بساطتها والقيود المفروضة على المتغيرات فيها، حيث تستخدم معادلة الإنتاجية هذه وحدات مفردة فقط من المدخلات والمخرجات لحساب الإنتاجية، وهذا ما يدفعنا إلى وصفها بأنَّها "إنتاجية العوامل الجزئية".

ستحتاج الشركة إلى مزيد من المدخلات والمخرجات لحساب إنتاجيتها الإجمالية بدقة أكبر، وتكمن هنا فوائد معادلة الإنتاجية متعددة العوامل.

شاهد بالفيديو: 4 مواقع وتطبيقات رائعة تساعدك على زيادة الإنتاجية

ما هي معادلة الإنتاجية متعددة العوامل؟

لاحظنا سابقاً أنَّ معادلة الإنتاجية الجزئية أو أحادية العامل قاصرة كي تكون مقياساً مفيداً للإنتاجية، إلَّا أنَّ معادلة الإنتاجية متعددة العوامل تساعد المديرين على قياس إنتاجية الأقسام المختلفة في الشركة.

تُقاس الإنتاجية باستخدام هذه المعادلة من خلال مقارنة مخرجات الإنتاج بالمدخلات المختلفة اللازمة له، ويشمل هذا نسب الوحدات المُنتَجة اعتماداً على المواد والعمالة ورأس المال.

مثلاً: يمكن لاستبدال متغير بآخر -كاستبدال العمالة برأس المال فرضاً- أن يؤدي إلى معدل إنتاجية مختلف كثيراً؛ لذلك يجب أن يبحث مقياس إنتاجية آخر أكثر فاعلية عن البدائل المختلفة للمدخلات والمخرجات، ويصف بدقة كيفية تأثيرها في إنتاجية الشركة.

في حين تستخدم معادلة الإنتاجية الجزئية مدخلاً واحداً، فإنَّ معادلة الإنتاجية متعددة العوامل هي نسبة إجمالي المخرجات إلى نسبة مجموعة فرعية من المدخلات؛ فمثلاً: يمكن للمعادلة أن تقيس نسبة الناتج إلى نسبة العمالة والمواد ورأس المال؛ وتُعدُّ طريقة القياس هذه أكثر شمولية من إنتاجية عوامل الإنتاج الجزئية، ولكنَّ حسابها ليس سهلاً أيضاً.

تخيَّل أن تشتري شركة تصنيع سيارات معدات آلية متطورة لزيادة إنتاجها، وعلى فرض أنَّ هذه المعدات ستُمكِّن الشركة من تقليل عدد الموظفين والتكاليف بنسبة 40%، فإنَّ الإنتاج سيبقى هو نفسه؛ ولكن بعد أن انخفض عدد الموظفين، يجب أن ترتفع إنتاجية عمالة الشركة ورأسمالها، وتنخفض إنتاجية المواد بنسبة 40%؛ ذلك لأنَّ الإنتاج ثابت، ونتيجة لها ازداد شراؤها للمواد.

كإجراء إضافي: ستأخذ معادلة "إنتاجية العوامل الكلية" جميع المدخلات المستخدمة في عملية الإنتاج في الاعتبار، كما أنَّها ستقدم تقييماً أكثر دقة لإنتاجية الشركة وأدائها.

إقرأ أيضاً: أفضل 5 أدوات لإدارة المشاريع عن طريق الويب

كيف تحسِّن إنتاجية الموظف باستخدام هذه المعادلة؟

فيما يأتي 3 استراتيجيات تعتمد على معادلة الإنتاجية لتحسين إنتاجية الموظف:

1. قياس وتحسين الاستخدام الفعال للوقت:

غالباً ما نهمل الوقت كأحد التكاليف، فمثلاً: لنفترض وجود شركتين تمتلكان المعدات والمنتجات والمواد نفسها، إلَّا أنَّ نشاطاً تجارياً واحداً يستغرق أسبوعين إضافيين لدى إحدى الشركتين مقارنة مع الأخرى بسبب شحن طلبية مشتريات، ممَّا يعني أنَّ إنتاجيتهما لن تكون هي نفسها.

يحسِّن المديرون إنتاجية الموظفين حين يحققون أقصى استفادة من الوقت الذي يقضونه في تنفيذ المهمات التي تتلاءم مع نقاط قوتهم، وتقلل الوقت الذي يقضونه على أي شيء آخر.

2. تعزيز استقلالية الموظف:

كتب خبير الإدارة الأسطوري "بيتر دراكر" (Peter Drucker) في كتابه "تحديات الإدارة في القرن الـ 21" (Management Challenges for the 21th century): "يجب أن يتولى العمال الخبراء إدارة أنفسهم، وأن يتمتعوا بالاستقلالية؛ لهذا هناك مطالبات بفرض المسؤولية عن الإنتاجية على هؤلاء الأفراد الخبراء العاملين أنفسهم".

في حين أظهرت دراسات مختلفة أنَّ البشر يستمدون أعلى مستويات التحفيز والرضا من تحقيق الأهداف التي يختارونها أو يحددونها بأنفسهم، حيث تزيد الأهداف المحددة ذاتياً الدافع الذاتي، كالرغبة في القيام بشيءٍ ما من أجل الشخص نفسه بدلاً من القيام به بسبب دوافع خارجية.

يتخذ الأشخاص الذين لديهم دوافع ذاتية مزيداً من الإجراءات من أجل تنفيذ مَهمَّة محددة، ويستمرون في مواجهة المصاعب، ويستكشفون مزيداً من الأفكار الإبداعية، ولا يستمتعون بعملهم فحسب، بل ويؤدونه بطريقةٍ أفضل؛ فكلَّما ازدادت استقلالية الموظفين ومسؤوليتهم عن دورهم الموكل إليهم لإنجاز العمل، كانوا أكثر إنتاجية.

بناء عليه، يمكن أن يحسِّن المديرون إنتاجية الموظفين بدرجةٍ كبيرةٍ عن طريق إشراكهم في تحديد الأهداف، ومنحهم الاستقلالية لتنفيذها.

إقرأ أيضاً: تطبيق أسس عمل مرنة في المؤسسة

3. تشجيع التعاطف بين أفراد الفريق:

يقص المؤلف "تشارلز دوهيج" (Charles Duhigg) في كتابه "أذكى، أسرع، أفضل" (Smarter, Faster, Better) كيف حسَّنت شركة جوجل (Google) أداء فريق عملها من خلال استخدام "مشروع أرسطو" (Project Aristotle)، وهو بحث مكثف في إنتاجية فريق العمل.

اكتشفت شركة جوجل (Google) في نهاية البحث أنَّ الفريق الأفضل لم يكن بالضرورة الفريق الذي يتألف من مجموعة من الأفراد ذوي الأداء الأفضل، بل كان الفريق الذي يتألف من مجموعةٍ من الأفراد الذين يشعرون بالتعاطف تجاه بعضهم بعضاً؛ حيث كانت الفرق الأفضل هي تلك التي شجعت أفرادها على الإنصات ومراعاة بعضهم بعضاً، وهذا ما يجعل الأشخاص ذوي الذكاء العاطفي القادة الأفضل عندما يعملون ضمن إطار فريق؛ فهم يستفيدون من عنصر التحفيز العاطفي البشري من أجل الوصول إلى الاستفادة القصوى من الناس المتواجدين حولهم.

في الختام:

معادلة الإنتاجية أداة بسيطة ومفيدة لتحديد وقياس وإدارة إنتاجية الموظفين، وقد لا تكون كافية لقياس الإنتاجية المتعلقة بتشعبات الشركة؛ لذا فإنَّ دمج العنصر البشري هو الطريقة الأفضل التي تمكِّن المديرين من استخدام معادلة الإنتاجية لتحفيز الموظفين، حيث يمكن للمديرين بناء ثقافة العمل التي تشجع على الإنتاجية والرضا طَوِيْلَيْ الأمد، وذلك من خلال: الاستخدم الفعال للوقت، وتعزيز استقلالية الموظف، وتشجيع التعاطف بين الأفراد.

 

المصدر




مقالات مرتبطة