كيف يجد الناجحون الوظيفة المناسبة

نحن نعرف الطريقة التقليدية المتبعة عند التخطيط لأية مسيرة مهنية، فالمرء يتخيل الوظيفة المستقبلية التي يحلم بها، وبعد فترة من حصوله على عمل ما يبدأ بالتفكير فيما يتوجب عليه فعله لتطوير ذاته والحصول على ترقية، مثل تعزيز شهادته بدورات تدريبية وتكريس نفسه لأجل عمله وما إلى ذلك. لكن هذه الطريقة لن تنفعك أبدأ إذا اندثر القطاع الذي تعمل فيه.


خير مثال على هذا هي محلات بيع وتأجير أفلام الفيديو التي كانت مزدهرة في الماضي. لنفترض أن موظفا وجد عملا في سلسة لأحد هذه المحلات، ثم خطط بأن يصبح مساعد مدير بعد عام وثم مدير فرع بعد 3 أعوام وثم مديرا إقليميا بعد 5 أعوام، لكن كل مخططاته كانت عبثا بعدما انهار هذا القطاع بالكامل، فنحن نعيش في عالم متقلب وكل الاحتمالات فيه مفتوحة، وبذا نكتشف بأن التخطيط التقليدي لمسيرة مهنية لا يعتبر أسلوبا ناجحا.إذن، كيف يجب على موظف يعمل في قطاع مهدد أن يخطط لمستقبل مهني بديل؟ إليكم الخطوات التي يتبعها الأشخاص الناجحون عندما يواجهون المجهول، فهم يحددون مرادهم وثم يقومون بالتالي:

- اتخاذ خطوة صغيرة باتجاه الهدف المرجو.

- التوقف والتفكير مليا فيما تعلموه من تلك الخطوة الصغيرة.

- تطبيق الدروس المستقاة للانطلاق بخطوة أخرى جديدة نحو الهدف الذي يأملونه.

- التوقف ثانية والتفكير فيما تعلموه وهكذا دواليك.

هذا هو نموذج التخطيط الذي يدعى (تصرف، تعلم، طبق، كرر)، ولتوضيح الفكرة أكثر دعونا ندرس حالة موظفة سنسميها كايلا، (وهي شخصية وهمية كانت تعمل في محل لتأجير أفلام الفيديو، لكن الإجراءات التي تنفذها حقيقية)، إليكم ما قامت به:

تقرير هدفها المنشود: بدأت كايلا بالعمل في محل لبيع وتأجير أفلام الفيديو لأنها تعشق الأفلام وتحب تعريف الناس على أفلامها المفضلة وتعلم المزيد عن هذه الصناعة، وهذا أفضل مكان يتيح لها القيام بذلك، لكن بعد تعرض مجال عملها لخطر الزوال، كان عليها اتخاذ خطوات صغيرة كالتالي:

الخطوة 1: ذهبت كايلا في البداية إلى دور سينما كبيرة لمعرفة طبيعة العمل فيها، وثم اكتشفت بأن وظيفتها ستكون مقتصرة على بيع المشروبات والأطعمة الخفيفة للناس، وبذا لن تنخرط فعليا في الأفلام وهذا كان بعيدا كليا عن رغبتها، فلم يكن هذا مرادها وبذا انتقلت إلى الخطوة الصغيرة التالية.

الخطوة 2: لقد تبين بأن أسلوب دور السينما المتخصصة في عرض الأفلام الأجنبية وتلك المستقلة كان فيه غطرسة كبيرة بالنسبة إلى كايلا، فهي تؤمن بأن الأفلام يجب أن تلمس حياة الجميع وأن تفهمها كل الفئات، وبذا كان هذا طريقا مسدودا آخر.

الخطوة 3: قامت كايلا بالتحدث إلى أشخاص يجرون تقييما للأفلام ويحملون شهادات دراسات عليا في الفنون الجميلة ، وفيما كانت فكرة العمل في هذا المجال مثيرة للإعجاب، إلا أنها لم تعرف كيف ستفيدها هذه الشهادة في مجالات عمل أخرى، لهذا كان هذا الخيار مستبعدا أيضا.

لم تتطلب هذه الخطوات وقتا كثيرا أو مصادر هائلة، حيث قامت كايلا وببساطة بإجراء اتصالات هاتفية والتحدث إلى رفاق ومعارف، فقد اتخذت خطوات صغيرة تتمثل بإجراء مكالمات مع الشركات التي تدير دور السينما وأقسام التسجيل في الجامعات التي تمنح شهادة في الفنون الجميلة وتعلمت شيئا من كل خطوة. وكانت النتيجة التي تعلمتها غير إيجابية (بمعنى اكتشافها بأنها لا تحب أيا من هذه الأفكار)، إلا أن معرفة الشيء الذي لا يتوافق مع رغباتك هو أمر غاية في الأهمية.

لكن في خضم كل تلك الخطوات الصغيرة التي اتخذتها، سمعت كايلا بشخص يحمل درجة الماجستير في إدارة الأعمال ويدعى بيتر، فهو كان مقتنعا بأن هناك سوقا قوية لدور السينما المتخصصة بعرض الأفلام الكلاسيكية الشهيرة، حتى أنه أجرى دراسة وعثر على موقع مناسب، لكنه لم يكن خبيرا في ماهية الأفلام التي يجب عرضها. ثم تشجعت كايلا على الاتصال به عند سماعها بكل هذه التفاصيل واقترحت نوعية الأفلام التي يحبذها الناس، وفكرة تخصيص أيام محددة لعرض أفلام معينة (مثل تخصيص أيام السبت لأفلام الرعب وأيام الأحد للأفلام الرومانسية وما إلى ذلك)، وبذا دمجت خبرتها في مجال الأفلام مع خبرة بيتر في مجال الأعمال والنتيجة هي أنهما سيقومان بافتتاح دار سينما للأفلام القديمة في القريب العاجل.