كيف تمارس التنفس بفاعلية؟

قليلون من يتساءلون ما إذا كانوا يتنفسون جيداً؛ لأنَّه يبدو لهم سؤالاً سخيفاً وبديهياً؛ إلا أنَّ التنفس بفاعلية يحرِّر طاقات كامنة في جسدك، ربما موجودة منذ طفولتك، فتذكَّر فقط كم كانت قدرتك على الاسترخاء أكبر في الماضي مثلاً.



لذا تابع قراءة مقالنا لتتعلم كيف يجعلك إجراء تغيير طفيف واحد في حياتك تتمتع بالسعادة والصحة.

تأثير أسلوب حياتنا الحديث في التنفس:

يتطلَّب أسلوب حياتنا الحديث الجلوس كثيراً، وهو أمر جديد لم تعتد عليه البنية البشرية، وقد قضى البشر عبر التاريخ كثيراً من وقتهم يجلسون القرفصاء أو يقفون أو يستلقون، فيؤدي الجلوس ولا سيما بالوضعية التي يتخذها معظمنا، إلى انخماص المعدة وتقوسات في الظهر

أحد تداعيات الجلوس كثيراً هو تقوُّس البطن الذي يمنعه من أداء دوره في التنفس؛ لذا درَّب معظمنا نفسه على التنفس من أعلى الصدر، مستخدمين أكتافنا ورقبتنا والعضلات بين أضلاعنا لرفع الصدر واتساعه عند الشهيق وانخفاضه في أثناء الزفير.

قد تقول: لا بأس بذلك ما دامت مهمة التنفس تتم، إلا أنَّها لا تتم بصورة جيدة، ويشبه الأمر محاولة قيادة سيارة في رحلة طويلة باستخدام السرعة الأولى، إذ سيستمر جسدك في العمل، لكنَّ نوع التنفس هذا سيؤدي إلى الإصابة بالإرهاق وستعجز عن إحراز أي تقدُّم في مهامك، وذلك نتيجة التوتر ومشكلات الجهاز الهضمي والأفكار المشوشة وقلة النوم وانخفاض القدرة على الاستمتاع بالحياة.

تسمى عضلات الصدر والرقبة والكتفين بعضلات التنفس الإضافية؛ فهي تطورتْ للاستخدام العرضي فقط في النشاطات قصيرة الأمد وذات الكثافة العالية، وعادة ما تعمل عند انطلاق استجابة الكَرِّ أو الفرِّ، وذلك عندما تحتاج إلى كثير من الأوكسجين، ولكن تلك العضلات لا تستخدم دماً جديداً في أثناء عملها وتتشنج، وهذا يسبب آلاماً في الرقبة أو الكتفين.

فما لم تكن سباحاً أو مغنياً مُدرَّباً أو تمارس تدريبات التنفس، فلعلَّك تتنفس عبر صدرك، لهذا إليك كيفية التحقق من الأمر:

قف أمام المرآة مرتدياً قميصاً ضيقاً وتنفس بشكل طبيعي وراقب ما يحدث لجسدك، ثم خذ نفساً عميقاً وشاهد ما سيحدث؛ إذ سيقوم من يتنفس عبر صدره بما يأتي:

  • عند الشهيق:
    • يرفع كتفيه.
    • يملأ صدره بالهواء.
    • عادة ما يفتح فمه.
    • تصبح معدته مسطحة.
  • عند الزفير:
    • تنخفض كتفيه.
    • تتدلى معدته إلى الأمام (وغالباً ما ينتفخ بطنه قليلاً).
    • غالباً ما يفتح فمه.

نظراً لأنَّ عضلات الصدر مصممة للحالات التي تسبب توتراً وضغطاً هائلاً، فإنَّ التنفس عن طريقها سيجعل نظامك في حالة تأهُّب دائمة؛ إذ سيطرح جسمك باستمرار ودون أي داع جرعات صغيرة من هرمون الأدرينالين إلى الدم، وهذا يجعلك تشعر بالتوتر قليلاً طوال الوقت، وستتعرض للإرهاق الدائم نتيجة ارتفاع الأدرينالين.

شاهد بالفيديو: 7 نصائح للتخلص من احتقان الأنف والنوم بشكل أفضل

يسبب الأمر لك أيضاً آلاماً في رقبتك وكتفيك، وقد يجعلك أحياناً تشعر بضيق في التنفس، الأمر الذي يدفع جسمك إلى تعويض تلك الأنفاس عبر التنفس بعمق أكبر، ولكن عن طريق صدرك أيضاً، ويختل توازن ثاني أكسيد الكربون الذي يكون في الرئتين، سيؤدي كل ذلك إلى تأثير سريع يجعلك تشعر بمزيد من الاختناق، وغالباً ما تؤدي كثرة الشهيق والزفير التي تترتب على ذلك إلى الإصابة بالربو أو نوبات الهلع.

الآثار طويلة الأمد للتنفس الصدري لفترات طويلة ناتجة عن استنشاق كثير من الأوكسجين؛ فهو يُحدِث خللاً في شوارد الهيدروجين الطبيعية في الدم، وهذا يدفع جسدنا إلى تعويض الفاقد منها عن طريق إدخال البيكربونات إلى الدم، ويتحول الدم المليء بالبيكربونات إلى سائل لزج أكثر من الدم الذي يحتوي على ثاني أكسيد الكربون؛ فتتباطأ حركته، ولا يصل إلى الدماغ جيداً، وهذا يسبب الشعور بأنَّك لا تحصل على ما يكفي من الأوكسجين، والذي ينتج عن تنفس كثير من الأوكسجين، فهو أمر محير للغاية؛ لذا عليك بالاسترخاء، وتعلُّم التنفس بفاعلية.

أولئك الذين يتنفسون بفاعلية هم أشخاص يعملون في مجال الخطابة الإقناعية، والقادة الهادئون والأشخاص الأصحاء بشكل عام؛ لأنَّهم يستخدمون عضلات التنفس الأساسية الموجودة في البطن وهي: عضلات البطن أو عضلات المعدة والحجاب الحاجز وقاع الحوض، والذي يعمل بدرجة أقل ولكنَّه ذو أهمية حيوية، وهذه العضلات قادرة على العمل لفترات طويلة من الوقت دون أي تقلصات؛ لأنَّها مصممة لاستخدام دم جديد في أثناء عملها.

يتطلب التنفس بفاعلية تنفساً أقل، فلا تتنفس بعمق؛ بل خذ نفساً طويلاً وبطيئاً، وخذ الشهيق والزفير من أنفك (ستنظف الشعيرات والأغشية المخاطية الهواء وترطبه، وهذا يجعله ألطف على الرئتين)، وأدخل الهواء إلى معدتك.

قف أمام المرآة مجدداً، وضَع يدك على بطنك وراقب كتفيك، ثم تدرَّب على استنشاق الهواء إلى معدتك، حتى يمتلئ بطنك بالهواء وينتفخ إلى الأمام بينما تتنفس عبرها، وتدرب على ذلك وأنت تراقب نفسك أمام المرآة لتتأكد من ثبات كتفيك، ومع الممارسة ستُذكِّر نفسك بالتنفس بالطريقة هذه بمجرد أن تلمس معدتك.

الحجاب الحاجز هو عضلة على شكل قبة داخل القفص الصدري تحت رئتيك، فهو يسحب الرئتين للأسفل لتنتفخ، ويدفع الأمعاء الغليظة والأحشاء إلى الأمام، لكن يبدو الأمر وكأنَّ بطنك ممتلئ بالهواء.

بعد أن حددتَ العضلات التي تستخدمها للتنفس، أحضِر كيساً من الأرز أو أي نوع آخر من الوزن، واستلقِ على ظهرك على الأرض ووازن الكيس على سرة بطنك، ثم تدرَّب على رفع الكيس في أثناء الشهيق، وادفعه للأعلى بينما تتنفس الهواء في بطنك، وخذ وقتاً طويلاً قدر الإمكان، استمر في ممارسة رفع وخفض الكيس في أثناء الشهيق والزفير، حتى تجعل الحركة سلسة، ثم قف أمام المرآة مجدداً، وضع يدك على معدتك وتنفَّس منها، واشعر بامتلائها، وامسك نَفَسك وبطنك مليء بالهواء، ثم شدَّ عضلات بطنك لإخراج نفخات من الهواء عبر إصدار صوت "هاهاها"، وهنا يجب على بطنك الانخماص بحيث يخرج الهواء من جوفه على دفعات، واستمر في إصدار تلك الأصوات مراراً وتكراراً، وعند استخدام هذه الطريقة، ستكون قادراً (نسبياً) على إعادة تدريب عضلاتك بسرعة لاستخدام معدتك في التنفس.

اقرأ أيضا: 15 تقنية للتنفس تساعدك لتكون حاضراً ذهنياً

فوائد التنفس من بطنك:

  • إذا تنفستَ ببطء ولطف عبر أنفك قبل اجتماع، فستشعر بالهدوء وتتعزز ثقتك بنفسك، وستبدو أفكارك واضحة وذكيَّة.
  • إذا تحدثتَ عبر معدتك (مع ممارسة تمرين إصدار صوت "هاهاها")، فستبدو هادئاً وحازماً.
  • عندما يغمر الدم المؤكسج والمكون من كمية متوازنة من شوارد الهيدروجين أنسجتك اللينة، ستتمتع بذهن صاف، وسيعمل جهازك الهضمي على استخلاص العناصر الغذائية بسهولة أكبر من الطعام.
  • عندما تتنفس من خلال معدتك وتُريح كتفيك ورقبتك، ستشعر بأنَّك أكثر هدوءاً، وسترتخي عضلاتك وتنام بصورة أفضل.
  • إذا كنت تعاني من الربو، فإنَّ هذه التمرينات (وغيرها من التمرينات المماثلة) ستقلل من اعتمادك على الأدوية.



مقالات مرتبطة