كيف تكون موهوباً بحيث لا يستطيع أحد تجاهلك؟

"لم يلاحظ أحد على الإطلاق (نصيحتي) لأنَّها لم تكن الإجابة التي أرادوا سماعها، فما يريدون سماعه هو: "إليك كيفية الحصول على عميل"، و"إليك كيفية كتابة قصة"، ولكنَّني دائماً أقول: كن موهوباً بحيث لا يستطيع أحد تجاهلك" - الممثل الأمريكي "ستيف مارتن" (Steve Martin).



ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن الكاتبة "إرين فالكونر" (ERIN FALCONER)، وتُحدِّثنا فيه عن أثر الموهبة والشغف في تحقيق النجاح.

ما الذي يصنع الموهبة؟

ما زلت أتذكر بحماسة سنتي الأخيرة في الجامعة؛ إذ كتبت بحثي الأخير عن شخصية بارزة كنت معجبة بها آنذاك، وأتذكر تماماً عبارة من كتاب قرأته مترجَم من الإيطالية إلى الإنجليزية، وتقول العبارة: "موهبته جعلت حتى المكفوفين يعرفونه"، فشعرت أنَّه وصف مناسب لشخص يتمتع بموهبة فذة، وظلت هذه العبارة محفورة في ذاكرتي بوصفها معياراً لتأثير الفرد في العالم.

الشخص الذي اكتشف الموهبة والنجاح بالتفصيل هو المؤلف "كال نيوبورت" (Cal Newport)؛ إذ يدعو "نيوبورت" في كتابه الذي نال استحساناً كبيراً "كن موهوباً بحيث لا يستطيع أحد تجاهلك" (So Good They Can’t Ignore You) إلى اكتساب المهارة بالممارسة من أجل كسب رأس المال الوظيفي، بدلاً من السعي وراء الشغف.

يوجِز في الكتاب حالات الأشخاص الذين سعوا وراء شغفهم، لكن للأسف فشلوا في السعي وراء نجاحهم المهني، وحسب "نيوبورت"، لقد فشلوا في امتلاك المهارات المهنية اللازمة لتقديم منتجهم أو خدمتهم للسوق، ويرى أنَّ الشغف وحده لا يكفي لضمان النجاح؛ إذ يجب أن تتوفر أسس داعمة لضمان نجاح المشروع التجاري.

في الواقع، إنَّ العبقري الكوميدي "ستيف مارتن" هو من صاغ عبارة "كن موهوباً بحيث لا يستطيع أحد تجاهلك"، فقد كان ينصح مجموعة من الممثلين المبتدئين في ذلك الوقت، ولكنَّه تمكَّن من تقديم شيء أهم من التوجيه الفني، ألا وهو الموهبة، وتعني نصيحة "مارتن" أنَّك عندما تكون ماهراً، لن تترك للعالم خياراً سوى ملاحظة عبقريتك.

يكفي أن تنظر إلى نجوم الموسيقى الشباب هذه الأيام لتعرف عدد الذين سينجحون منهم، ولقد كنت محظوظة لمتابعة صعود المطرب "بوب ديلان" (Bob Dylan) في وقتي وتأثيره في الموسيقى، فقد دمج "ديلان" الشعر والموسيقى ببراعة، وبذلك اخترع نوعاً جديداً، ومن ثم عرَّف الموسيقى على أنَّها شعر غنائي.

يُستخدَم مصطلح "القشدة تطفو على السطح" للتعبير عن استحالة عدم الانتباه إلى الفكرة السديدة أو الشخص البارع مثلما يستحيل عدم الانتباه إلى القشدة التي تطفو على سطح كوب الحليب.

مع ظهور فكرة جديدة، يُشيد بها المراجعون والنقاد بوصفها مثيرة وطريفة، فمهارة لاعب كرة السلة "مايكل جوردان" (Michael Jordan) جعلته من أعلام المشاهير، وإنَّه محفور في ذاكرة عشاق الرياضة، فقد أصبحت مهارته مقياساً تُقاس مهارة الرياضيين في الوقت الحاضر بناءً عليه.

"ما يعزوه الهواة إلى العبقرية، يعزوه المحترفون إلى الممارسة" - المؤلف "روبن شارما" (Robin Sharma).

شاهد بالفيديو: 10 نصائح من خبير التنمية البشرية روبن شارما لتكون شخصاً ناجحاً

التحسين المستمر:

لا يخفى على أحد أنَّه لدى الرياضيين إرادة لا تُقهَر للنجاح؛ إذ تؤهلهم ساعات المران الطويلة وانضباطهم لتقديم أفضل أداء لديهم في يوم المنافسة.

في سياق مماثل، الرياضيون العالميون هم نوع آخر من الرياضيين الخارقين الذين يمتد تدريبهم لعقود للتنافس في حدث واحد، وفي كثير من الأحيان يكون كل تدريبهم من أجل تقديم أداء مميَّز في بضع ثوانٍ من المباراة، لذلك هم يفهمون تماماً الفجوة التي تفصل بين النجاح والفشل، فقد يبدو هذا قاسياً، ولكنَّ الميداليات الذهبية لا تُمنَح أبداً للمركز الثاني.

هذا يقودنا إلى السؤال الآتي: "كيف يمكنك أن تستلهم من عظمة الآخرين؟"، ففيما يخص المبتدئين، خذ بنصيحة الكاتبة "كارول دويك" (Carol Dweck) التي ألَّفت كتاب "العقلية" (Mindset)؛ إذ تقترح "كارول" إجراء تحسينات متواصلة في المجال الذي اخترته بتطوير عقلية النمو بدلاً من العقلية الثابتة، وجوهرياً، عليك صرف انتباهك عن الحصول على الجائزة، وإجراء تحسينات متواصلة وتدريجية تقودك في النهاية إلى تحقيق هدفك.

على سبيل المثال، إذا كنت موسيقياً، فركز على الممارسة المستمرة، واشحذ مهاراتك الموسيقية، فقد تعني المثابرة على الممارسة قضاء وقت ممتع في التدريب مع ملاحظة الجوانب الرئيسة التي تتطلب التحسين، وكذلك يجب على لاعب الغولف الذي يفتقر إلى القوة في مهارة الرمي، تركيز اهتمامه على إتقان الرمي بهدف إجراء تحسين مستمر مع مرور الوقت.

ضع عملية الإتقان نصب عينيك، وابحث عن الخبراء والمنتورز والفنيين المهرة وأولئك الذين يمكنهم مساعدتك على التحسن بأيَّة طريقة؛ إذ تتراكم التحسينات الصغيرة مع مرور الوقت لتحقيق نتائج مذهلة.

إقرأ أيضاً: 3 أسئلة تؤدي إلى التحسن المستمر

التفاني الكامل:

من الطبيعي أن يكون الرياضيون المتنافسون على المستوى الدولي على القدر نفسه من الموهبة، إذاً، ما هو العامل الذي يميزهم؟

يلتزم اللاعبون المهرة بالتفاني والنوم والتغذية والمرونة العقلية والعاطفية والشجاعة والتصميم على سبيل المثال لا الحصر، وعلى الرغم من كثرة هذه الخصائص، فإنَّ التحلي بها مع مرور الوقت يؤدي إلى تحقيق نجاح باهر على مستوى عالمي.

كما هو الحال غالباً، قد تكرس ساعات لا حصر لها لتحقيق هدفك، وتقدم التضحيات اللازمة، ومع ذلك لا تحقق النجاح، فتذكَّر أنَّ القدر له دور كبير، وهذا يعني أنَّ التوقيت عامل حاسم، فربما تحتاج إلى اكتساب مهارات إضافية في مجالات معينة قبل إظهار موهبتك للعالم؛ لذا تحلَّ بالصبر وانتظر وقتك.

إقرأ أيضاً: مهارات الذكاء العاطفي: ما هي، وما دورها في تطوير المسار الوظيفي؟

في الختام:

عش شغفك، وجسِّده في حياتك، وفكر به ليل نهار، وفكر به قبل النوم وعند الاستيقاظ، واحلم به، واجعله امتداداً لروحك وشخصيتك حتى تكون موهوباً بحيث لا يستطيع أحد تجاهلك.




مقالات مرتبطة