كيف تكون قائداً مُلهماً للآخرين؟

بصرف النظر عن عمرك أو نوع العمل الذي تؤديه قد تكون قائداً أحياناً ومرؤوساً أحياناً أخرى، لكن يجب أن تعلم أنَّ ثمة أوضاع تتطلب منك أن تكون قيادياً، سواء أكنت طالباً في المرحلة الثانوية أم مديراً لشركة فيها مئات الموظفين، وإليك هذه الأمثلة:



  1. عندما يحدث خلاف بين مجموعة من الأصدقاء في المدرسة فإنَّه يستمر ما لم يتولَّ أحد الطرفين زمام المبادرة ويعتذر من الآخر.
  2. عندما تعاني شركةٌ ما إخفاقاً كبيراً لا بدَّ من مجموعة من الموظفين الذين يقودونها لتحقيق النجاح من جديد.
  3. عندما يقع خلاف بين الزوجين ويؤدي إلى أزمة في العلاقة فعلى أحدهما أن يتنازل من أجل الحفاظ عليها وتحسينها.

إذاً مفهوم القيادة لا يقتصر فقط على التصور الشائع حولَ مُسمىً وظيفي يمنح الشخص القدرة على ممارسة الدور القيادي؛ فالدور القيادي ليس محصوراً بالمديرين التنفيذيين في الشركات أو قادة الدول وغير ذلك، لكن في الواقع كلُّ شخص منَّا يجب أن يضطلع بممارسة هذا الدور عندما يتطلب الأمر ذلك.

إذاً لا علاقة للقيادة بالمسمى الوظيفي؛ فالقيادة هي سمة شخصية يمكن لأيِّ شخص أن يُطورها، في الواقع يرى معظم المدربين وخبراء التنمية البشرية أنَّ مهارة القيادة هي واحدة من المهارات الأساسية التي ينبغي لكلِّ شخص امتلاكها، وعلى خلاف الاعتقاد الشائع فالقادة ليسوا أشخاصاً قياديين بالفطرة؛ بل هم أشخاص عاديون عملوا بجد على تطوير هذه السمة وصقلها في شخصياتهم.

بعض الناس بطبيعة الحال أكثر قدرةً على فرض حضورهم ويمتلكون شخصيات صارمة، لكنَّ القيادة لا تتعلق فقط بالحزم والصرامة والكاريزما، يوجد قادة أعمال انطوائيون ولطفاء جداً؛ إذاً لأنَّ القيادة هي سمة في الشخصية يمكن لأيِّ شخص تطويرها يصبح السؤال: "كيف يمكنك أن تصبح قائداً يؤخذ بنصيحته ويُصغَى إلى أفكاره؟".

لا يجب أن نفهم أنَّ ممارسة الدور القيادي تعني أن يخضع الآخرون لآرائك، كما لا تعني أن تكون قادراً على جعل الآخرين يفعلون ما تريده؛ إنَّها ببساطة القدرة على إلهام الآخرين دون حاجة لتوجيه نصائح مباشرة؛ بمعنى أن تؤثِّر بالآخرين وتحثهم على إجراء التغيير.

استراتيجية القيادة الناجحة:

يعرف أي شخص هذه الحقيقة فيمكنك فقط أن تمارس القيادة من خلال أن تكون قدوةً للآخرين، ولا توجد طريقة أخرى أكثر فاعليةَ لإلهام الآخرين؛ فإذا كنت تريد أن يبقى فريقك إيجابياً يجب أن تكون إيجابياً، وكذلك الأمر بالنسبة إلى عائلتك وشريكك وأصدقائك.

القيادة تعني تحمُّل المسؤولية، يُعَبِّر ضابطا البحرية "جوكو ويلينك" (Jocko Willink) و"ليف بابين" (Leif Babin) عن هذه الفكرة بطريقة رائعة في كتابهما "المسؤولية القصوى" (Extreme Ownership): "الحقيقة الأساسية والأكثر أهمية في جوهر المسؤولية القصوى هي أنَّه لا يوجد أبداً فريق فاشل، يوجد فقط قادة فاشلون".

لذلك عندما يظنُّ عضو في فريق ما بأنَّ زملاءه فاشلون، فهو في الحقيقة يعبِّر عن فشله الشخصي، وليست محاولات التنصل من المسؤولية بذريعة أنَّ القيادة هي وظيفة المدير أو غيره من أصحاب السلطة سوى أكاذيب لتبرير هذا الفشل؛ لأنَّ القيادة كما ذكرنا لا تتعلق بالمُسمَّى الوظيفي؛ بل بتحمل المسؤولية.

إذاً قد لا تكون عملياً القائد في شركتك، وقد لا تكون رب الأسرة التي تعيش في كنفها، وقد لا تكون القائد بالنسبة إلى أصدقائك، لكن بإمكانك في جميع الأحوال أن تكون مثالاً يقتدي به الآخرون.

شاهد: 8 صفات يتفرّد بها القائد المتميّز

5 نصائح لتصبح قائداً ملهماً:

1. كن قدوة يُحتذى بها:

لا تطلب من الآخرين القيام بشيء لا تقوم أنت به؛ فهذا التناقض يُفقِد الآخرين ثقتهم بك، وستفشل في إلهامهم؛ لذلك عندما تُحسن الظن في نفسك فلا بدَّ أن تُحسن الظن في الآخرين، وعندما تكون ثقتك بنفسك مبينة على الأفعال ستكون قادراً على أن تطلب من الآخرين القيام بما رأوك تقوم به.

2. حافظ على هدوئك عندما تسوء الأمور:

الحياة عبارة عن سلسلة من المشكلات التي تحاول حلها، وهذا يعني أنَّك ستواجه دوماً صعوبات وأوضاع معقدة، ومن الهام جداً أن تحافظ على هدوئك وتعطي لنفسك الوقت الكافي للتفكير في الحلول ما دام الوضع لا يتطلب منك اتخاذ قرارات مستعجلة؛ فعندما تحافظ على هدوئك فإنَّ الأخرين يبقون هادئين أيضاً.

3. اعترف بالإخفاق:

لا يوجد أحد مثالي، حتَّى أكثر الناس هدوءاً وإيجابية يفقدون أعصابهم، لكن ما يميِّز القائد عن غيره أنَّه يعترف بإخفاقه ومن ثمَّ يمضي قدماً؛ لذا احرص دائماً على أن تعترف بفشلك، واسعَ دوماً للتعلُّم من إخفاقاتك ولا تأخذ الأمور على محمل شخصي؛ فالأنانية تُناقض القيادة الفعالة.

4. اجعل الجميع على معرفة تامة بقيمك وقواعدك:

يجب أن يضع القائد حدوداً واضحة من خلال جعل الآخرين يعرفون ما هي الأشياء التي لا يتساهل بشأنها في الحياة، ولا يجب أن يتساهل القائد مع الأشخاص الكُسالى، أو أي شخص تُنافي قيمه روح الفريق؛ الفكرة هي أن يعاملك الآخرون بجدية.

إقرأ أيضاً: ما الذي يجعل القائد مصدراً للإلهام؟

5. احترم الآخرين ولا تفرض عليهم آراءك:

من المستحيل تغيير الآخرين، يمكنك فقط تغيير نفسك، فإنَّ ما يفعله الآخرون ليس من شأنك طالما أنَّهم ليسوا تحت وصايتك، وأحياناً تضرب مثالاً جيداً ومع ذلك لا يقتدي بك الآخرون، أو يتطلب الأمر المزيد من الوقت وهذا شيء يجب تقبُّله.

إقرأ أيضاً: كيف تصبح قائداً ناجحاً؟

في الختام:

تنطبق هذه النصائح على القادة في جميع المجالات؛ بدءاً من قادة الشركات إلى القادة الروحانيين؛ إذاً إذا كنت تبحث عن التغيير من خلال التأثير، فعليك بتغيير نفسك أولاً؛ لأنَّك عندما تفعل ذلك ستلهم الآخرين ليتغيروا أيضاً، وهذا أروع ما يمكن أن تحققه بوصفك قائداً.

أمَّا الأشخاص الذين لا يمكن إلهامهم مهما فعلت فيجب أن تتجنبهم، اختر بعناية الأشخاص الذين يدعم بعضهم بعضاً؛ فأولئك قادة بصرف النظر عن وظائفهم أو موقعهم في الحياة، وأولئك هم الأشخاص الذين يشعرون بالإلهام ويقومون بدورهم بإلهام الآخرين.

المصدر




مقالات مرتبطة