كيف تكتب أنشطة منمية للتفكير الناقد ؟

العقل من أجل النعم التي وهبها الله تعالى للإتسان ، وجاء في الأثر أن الله تعالى بعد أن خلق العقل قال له : أقبل . فأقبل ، ثم قال له : أدبر . فأدبر . فقال تعالى وعزتي وجلالي لأجعلنك فيمن أحببت ، ولأنزعنك ممن أبغضت !



هذه هي مكانة العقل ، وهذه هي منزلة العقلاء ، وكفى بالعقل منزلة أنه مناط التكليف ، وبه كرَّم الله تعالى الإنسان على كثير ممن خلق تفضيلا .

من هنا نحن المعلمون مطالبون أن ندرب عقولنا ، وعقول أطفالنا على التفكير الذي هو وظيفة العقل ، ومهمته ، وعمله ، وهناك العديد من أنواع التفكير ، وقد حصر العلماء سبعة منها ، ويطيب لي في هذا المقال أن أعرض تجربتي مع مجموعة من المشرفين المعينين حديثا في دائرة التربية والتعليم بوكالة الغوث الدولية بغزة ، حيث طلب إلي أن أناقش معهم كيفية إعداد أنشطة منمية للتفكير الناقد ، فتقدمت إليهم بالأمثلة التالية ، ولما جاء دورهم - وهم من تخصصات مختلفة - قدموا أمثلة مبدعة آمل أن ينتفع بها طلابنا :
كيفية إعداد أنشطة منمية للتفكير الناقد
التفكير النــاقد هو قدرة الفرد على إبداء الرأي المؤيد أو المعارض في المواقف المختلفة ، مع إبداء الأسباب المقنعة لكل رأي ، ومن هذا التعريف الإجرائي البسيط يمكن لكل فرد ، أن يزاول هذا النمط من التفكير بصورة ذاتية ، أو من خلال التفاعل مع الآخرين ، ويكفي هنا أن يكون الواحد منا صاحب رأي في القضايا المطروحة ، وأن يدلل على رأيه ببينة مقنعة حتى يكون من الذين يفكرون تفكيرا ناقدا .
وحتى نتحصل على هذه القدرة – نحن ومعلمونا وطلابنا – بدرجة أفضل يهمنا في هذا المقام أن نعرف أين يقع التفكير الناقد على السلم المعرفي عند بلوم ؟
لقد صنف بلوم مستويات التفكير الإنساني إلى ستة مستويات هي : المعرفة ، والفهم ، والتطبيق ، والتحليل ، والتركيب ، والتقويم ، والملفت للنظر أن التفكير الناقد لا يمكن أن ينطلق إذا لم يسبقه " تحليل " دقيق للموقف المراد نقده ، كما أن إبداء الرأي المؤيد أو المعارض للموقف المحلل هو " تقويم " ، من هنا نجد أن التفكير الناقد هو من مستويات التفكير العليا ويحتل المستويين الرابع والسادس من مستويات بلوم .
إذن يلزم كمقدمة للتدريب على التفكير الناقد أن ندرب أنفسنا على المهارتين الجزئيتين الرئيستين من مهارات التفكير الناقد وهما مهارتا التحليل والتقويم :        
أولا : مهارة التحليل
 تُعرَّفُ هذه المهارة - في مجال التحليل المادي - على أنها تجزئة الكل إلى مكوناته ، أما - في مجال التحليل النوعي - فتعنى هذه المهارة من بين ما تعني : قيمة ووظيفة وعلاقة كل مكون بالنسبة لغيره من المكونات ، أو بالنسبة للكل الذي ينتمي إليه ، وكذلك أوجه الشبه ، والاختلاف بينها جميعا .
        ومثال على ذلك تحليل " الدراجة "
 
-          من الناحية المادية :
مكونات الدراجة هي : المقود ، والمقعد ، والبدالتان ، والعجلتان ،
-          من الناحية النوعية : استخدام الدراجة يؤدي إلى توفير في الطاقة ، وحماية للبيئة من التلوث ، وتحقق استقلالية الفرد
 
ثانيا : مهارة التقويم
 تُعرَّفُ هذه المهارة بأنها القدرة على إصدار حكم على فرد أو حدث أو ظاهرة استنادا إلى معايير قائمة على القياس أو الوصف .
 ومثال على ذلك : تقويم أداء راكب الدراجة ، فإذا قطع مسافة ما في زمن ما بما يتلاءم مع هدف ما ، يقال أن راكب الدراجة ماهر ، وهنا يستند التقويم إلى معايير قياسية ، وإذا كان راكب الدراجة يجلس على كرسي الدراجة ، ويتحرك بها في خط مستقيم ، ويراعي قواعد المرور ، فهنا أيضا نقول أن راكب الدراجة ماهر ، ولكن التقويم هنا يستند إلى معايير وصفية .
 إن تعرف مهارتي التحليل والتقويم يساعدنا في الحكم على مدى إتقاننا أو إتقان معلمينا أو طلابنا لهذا التفكير ، فالدقة في التحليل كميا ونوعيا ، والاستناد لمعايير التقويم القائمة على القياس أو الوصف هي أمور ضرورية للحكم على فعالية التفكير الناقد .
يقول ( جروان ، 1997 ) : " التفكير الناقد محكوم بقواعد المنطق ، ويقود إلى نتاجات يمكن التنبؤ بها " ، ومن هذا الوصف للتفكير الناقد ، يكون هذا التفكير تفكيرا تقاربيا ، لأنه يسعى إلى إعطاء حكم محدد في مواقف محددة ، وهو تفكير تحليلي لأنه يستند إلى قواعد المنطق التي تصل إلى النتائج من المقدمات ".
أمثلة / لغة عربية
        مثال (1) : ( نشاط منهجي غير مقرر(
كتب الملك لقائد جنده خطابا هذا نصه : اعلم أن من عدوك من يعمل في هلاكك ، ومنهم من يعمل في مصالحتك ، ومنهم من يعمل في البعد منك "    
-          ما النتائج التي يمكنك التنبؤ بها من هذا الخطاب ؟
-          ما المقدمة المنطقية لكل نتيجة ؟
-          ما الدافع لهذا الخطاب ؟
-          ما الظروف التي يوجد فيها القائد ؟
-          ما قيمة هذا الخطاب للقائد ؟
-          هل يمكن تحديد نوع العدو : قريب أم بعيد ؟
        مثال (2) : ( نشاط منهجي مقرر - لغتنا الجميلة للصف السادس ص 6 )
جاء في درس العلم سبيل الرقي : " ولقد شهد عصرنا الحاضر تقدما علميا ملحوظا ، فتمكن الإنسان من اكتشاف الداء والدواء ، وغاص في أعماق المحيطات والبحار ، ورصد الكواكب والنجوم ، فغزا الفضاء … ولا يزال المجال مفتوحا لاستثمار طاقات العقل الإنساني في كل ما يحقق له الخير والسعادة "         
-          ما الآثار النفسية لدى الأطفال من وقع هذه المعلومات ؟
-          ما المقدمات المنطقية التي تبرر حدوث هذه الآثار النفسية ؟
-          ما الدافع لوجود هذا الدرس في هذه المرحلة العمرية ؟
-          ما المجالات العلمية المهمة التي لم ترد في الدرس ؟
-          ما دورنا في تحقيق الخير والسعادة للإنسانية ؟
-          ما حال الشعوب التي لا حظ لها من التطور العلمي ، وما مآلها ؟
 
أمثلة / الرياضيات
 
        مثال (1) : ( نشاط منهجي غير مقرر(
        إذا         كان أ = ب
                    فإن أ * أ = ب * ب
                    فإن أ2 – ب2 = 0
                    فإن ( أ – ب ) ( أ + ب ) = 0
                    فإن ( أ + ب ) = 0
                    إذن أ = - ب             أين الخلل في هذا البرهان ؟ وكيف يمكن تصويبه ؟                        
مثال (2) : ( نشاط منهجي مقرر(
        هناك تعريفان لشبه المنحرف :
-          شبه المنحرف شكل رباعي فيه ضلعان متقابلان متوازيان .
-          شبه المنحرف شكل رباعي فيه ضلعان متقابلان متوازيان فقط .
 
·         أي التعريفين تؤيد ؟
·         ما البينات التي تستند إليها ؟
·         ما دلالة كلمة فقط في التعريف الثاني ؟
أمثلة / علوم
        مثال (1) : ( نشاط منهجي غير مقرر(
        فصائل الدم أربع : O ، ، ، AB
-          ما السر في أنها أربع ؟ ما دليلك ؟
-          دم الخنزير هو أقرب دم لدم الإنسان ( هكذا يقول العلماء ) ، ما الحكمة ؟
-          صاحب الدم O يمكنه أن يتبرع من دمه لصاحب أي فصيلة أخرى ، ولكنه لا يأخذ إلا من مثيله ، فهل صاحب هذه الفصيلة كريم في طبعه ؟                      
مثال (2) : ( نشاط منهجي مقرر(
صوَّب قنَّاص بندقيته نحو هدف في قاع بركة ما ، عشر مرات ، فلم يتمكن من إصابة الهدف ولا لمرة واحدة ، مع أن القناص يصيب الهدف بمعدل 9 / 10 في الهواء الطلق .
-          علل هذه الظاهرة .
-          أيهما أسهل قنص الجسم المتحرك أم قنص الجسم الراكد في قاع البركة ؟
-          هل تحب أن تكون قناصا ؟ لماذا ؟
-          هل العيب في البندقية أم العيب في الهدف ؟
أمثلة / مواد اجتماعية
        مثال (1) : ( نشاط منهجي غير مقرر(
 
يقول ابن خلدون في مقدمته : " اعلم أن العدوان على الناس في أموالهم ذاهب بآمالهم في تحصيلها واكتسابها ، … وإذا ذهبت آمالهم في اكتسابها وتحصيلها انقبضت أيديهم عن السعي " .                                               
-          هل تؤيد هذا الرأي ؟ ما دليلك ؟
-          ما الدافع لأن يقول ابن خلدون هذا القول ؟
-          ما قيمة هذا الرأي في حياتنا نحن المسلمين ؟
-          هل هناك شعوب تحققت فيها هذه المقولة ؟ هات مثالا.
-          هل هناك شعوب بدأت تظهر فيها صحة هذه المقولة ؟ هات دليلا .
مثال (2) : ( نشاط منهجي مقرر(
يقول كتاب التاريخ المقرر للصف الثامن : " كان أول تجمع إسلامي في العصر الحديث هو ذلك الاجتماع الذي عقد في القدس سنة 1931، ثم توالى عقد المؤتمرات الإسلامية تباعا لبحث قضايا العالم الإسلامي ، ومشاكله ، وكان آخرها المؤتمر الإسلامي الذي عقد في الكويت عام 1987م "
-          ما مبررات عقد المؤتمر الإسلامي ؟
-          إذا كان المؤتمر الإسلامي الأخير ترتيبه " التاسع " وعقد في العاصمة القطرية الدوحة في 11/11/2000 ، فكم مؤتمر إسلامي عقد بين 1987م ، 2000م ؟
-          متى لا يكون للمؤتمرات الإسلامية ضرورة ؟
أمثلة / رسم
        مثال (1) : (نشاط منهجي غير مقرر(
" في الرسومات اليابانية نرى أن الماء يتحرك من سفوح الجبال إلى قممها !! "
-          ما المغزى من ذلك ؟
-          إذا أردنا للفن الفلسطيني سمة تميزه ، فما السمة التي تختارها ؟
مثال (2) : ( نشاط منهجي مقرر(
فيما يلي بعض مفاهيم الفن الرئيسة، والمبادئ المشتقة منها :
المنظور : الأجسام القريبة تبدو كبيرة ، بينما الأجسام البعيدة المساوية لها في الحجم تبدو صغيرة
الظل    : الأجسام البعيدة عن الشمس تبدو داكنة ، بينما الأجسام المواجهة للشمس تبدو مضيئة.
الاتجاه : الأجسام اللينة تكون مائلة في اتجاه الريح .
-          إذا رسم الطفل الفلسطيني طريقا بدايته كنهايته من حيث المنظور، فما تظنه يفكر؟
-          إذا رسم الطفل الفلسطيني قبة الصخرة بدرجة إضاءة واحدة ، فما تظنه يفكر ؟
-          إذا رسم الطفل الفلسطيني علم فلسطين أفقيا ، فما تظنه يفكر ؟
-          بماذا تنصح الطفل الفلسطيني كي يكون فنانا عالميا ؟
أرجو تبادل الخبرة مع إخواننا العاملين التربويين في المملكة العربية السعودية لمصلحة معلمينا وطلابنا :
 
محمد أحمد مقبل

المصدر: مجلة المقالات