كيف تقوم بتحليل السوق من أجل خطة عمل محكمة؟

إنّ تحليل السوق هو جزء رئيسي من أيّ خطّة عمل، حيث يحتاج هذا القطاع إلى إظهار خبرتك في السوق ومدى جاذبيته من الناحية الماديّة. لذا فإنّ هذا المقال يسلط الضوء أولاً على ما نعنيه تماماً بتحليل السوق، قبل أن يسلّطه على كيفية قيامك بتحليل فعّال من أجل خطّة العمل الخاصة بك.



ما هو تحليل السوق؟

إنّ تحليل السوق هو تقييم كمّي ونوعي له، فهو يبحث في حجم السوق من ناحيتي القَدر والقيمة، والعُملاء باختلاف شرائحهم وفي أنماط الشراء والمُنافسين. ويبحث تحليل السوق أيضاً في البيئة الاقتصادية من حيث الحواجز التي تعيق دخول السوق والتنظيم. 

كيف تقوم بتحليل السوق؟

إنّ الهدف من تحليل السوق الخاص بخطة العمل، هو أن تبرهن للمستثمرين ما يلي:

  • أنّك تعرف السوق الخاص بك.
  • أنّ السوق كبير بما يكفي لبناء أعمال تجارية دائمة.

ولكي تقوم بذلك ننصحك بدراسة الخطة التالية:

  • التركيبة السكانية وتقسيم السوق.
  • السوق المستهدف.
  • احتياجات السوق.
  • المنافسة.
  • معوقات دخول السوق.
  • التنظيم.

حيث أنّ الخطوة الأولى لتحليل السوق هي تقويم حجمه.

التركيبة السكانية وتقسيم السوق:

يعتمد النهج الذي عليك اتّباعه عند تحليلك لحجم السوق على طبيعة الأعمال التي تبيعها (تقدّمها) للمستثمرين، فإن كانت خطة العمل الخاصة بك هي لمتجر صغير أو مطعم، فستحتاج عندها إلى اتخاذ نهج محلي لتقويم السوق المحيطة بالمتجر. أمّا إن كنت تضع خطة عمل من أجل سلسلة مطاعم، فستحتاج عندها إلى تقويم السوق على مستوى البلد ككُل.

قد تودُّ أيضاً تقسيم السوق الخاص بك إلى شرائح مختلفة وذلك بالاعتماد على طبيعة هذا السوق. وهذا الأمر يعود وبشكل خاص لكونك أنت أو مُنافسيك تركّزون على شريحة معينة فقط من السوق.

القدر والقيمة:

هناك عاملان اثنان عليك أخذهما بعين الاعتبار عند تقويمك لحجم السوق: وهما عدد العملاء المحتملين وقيمة السوق المُستهدف. حيث أنّ النظر إلى كلتا القيمتين بشكل مُنفصل هو أمرٌ هام للغاية، والمثال التالي هو لنفهم السبب:   

مثال: تخيّل أنّك تملك فرصة فتح متجر إمّا في المنطقة (آ) أو في المنطقة (ب):

المنطقة

آ

ب

قيمة السوق

200 مليون

100 مليون

الزبائن المحتملين

شركتين كبيرتين

1000 شركة صغيرة

المنافسين

منافسين اثنين

10 منافسين

 

على الرغم من أنّ المنافسة قد تبدوا أكبر في المنطقة "ب" (10 منافسين مقابل اثنان فقط في المنطقة "آ") وأصغر من حيث الفُرص (حجم السوق 100 مليون مُقابل 200 مليون في السوق "آ")، لكن وبوجود (1000) زبون مُحتمل، فإنّ المنطقة "ب" هي حتماً السوق الأكثر يُسراً من المنطقة "آ"، والتي سيكون لديك فيها زبونين مُحتملين فقط.

الزبائن المُحتملين؟

يعتمد تعريف الزبائن المحتملين على طبيعة عملك، فإن كنت تنوي مثلاً إنشاء متجر صغير لبيع الأثاث المكتبي، فسيكون عندها السوق الخاص بك هو جميع الشركات التي هي ضمن نطاق التسليم الخاص بمتجرك. وكما هو الأمر في المثال السابق فمن المحتمل أن يكون لدى معظم هذه الشركات شخص واحد فقط هو المسؤول عن شراء الأثاث، وبالتالي عند تقويمك لعدد الزبائن المحتملين، لن تأخذ حجم هذه الشركات بعين الاعتبار، لكنّك ستفعل عند تقويمك لقيمة السوق.

قيمة السوق:

غالباً ما يكون تقدير قيمة السوق أكثر صعوبة من تقييم عدد الزبائن المحتملين، وإنّ أوّل شيء تقوم به بهذا الخصوص هو أن تعرف هل هذه القيمة مُتاحة للعلَن؟ سواء أكانت منشورة من قِبَل شركة استشارية أو عن طريق هيئة حكومية، فإنّك ستجد قيمة واحدة على الأقل على مستوى بلدك. وإن لم تجد أي قيمة علنية للسوق، بإمكانك إمّا أن تشتري بعض الأبحاث المتعلقة بها أو أن تحاول تقديرها بنفسك. حيث أنّه هناك طريقتان بإمكانك استخدامهما لبناء التقديرات، وهما النّهج التصاعدي أو النهج التنازلي.

يتمثّل النهج التصاعديُّ في إنشاء عدد كلّي ابتداءً بقيم موحّدة، ففي حالتنا هذه سيكون هذا العدد هو "عدد الزبائن المحتملين مضروباً بمتوسّط قيمة الصفقة الواحدة".

لنأخذ مثالنا السابق عن "متجر لبيع أثاث المكاتب" ونحاول تقدير قيمة قطاع "المكاتب". علينا أولاً التعامل مع حجم الشركات التي هي ضمن نطاق التسليم الخاص بنا، وذلك لنعرف ما هي كمية المكاتب المطلوبة. ومن ثمّ سنحاول تقدير معدّل التجديد لهذه الكمية للوصول إلى حجم الصفقات السنوية. وأخيراً، سيكون علينا إضافة السعر الوسطي للمكتب الواحد إلى الحجم السنوي للصفقات وذلك للحصول على القيمة التقديرية للسوق.

وإليك ملخص الخطوات والذي يتضمن طريقة العثور على المعلومات:

  1. كمية المكاتب = عدد الشركات في منطقة التسليم مضروباً بعدد الموظفين ( ينبغي عليك ربما أن تقلّص هذا العدد، فليس جميع الموظفين لديهم مكاتب).
  2. معدّل التجديد = 1 / العمر الافتراضي للمكتب.
  3. حجم الصفقات = كمية المكاتب مضروباً بمعدّل التجديد.
  4. قيمة الصفقة الواحدة = متوسط سعر المكتب الواحد.
  5. قيمة السوق = حجم الصفقات مضروباً بقيمة الصفقة الواحدة.

عليك أن تكون قادراً على إيجاد معظم المعلومات التي في المثال السابق مجاناً، فتستطيع الحصول على عدد الشركات من خلال منطقة التسليم الخاصة بك، وحجمها عن طريق الإحصاءات المحلية. كما ويجب على مُحاسِبك أن يكون قادراً على إعطاءك العمر الافتراضي للمكتب الواحد (لكن عليك أن تعلم ذلك بنفسك طالما أنّه السوق الخاص بك). بإمكانك أيضاً أن تقارن بين أسعار المكاتب في محلات الأثاث الأخرى في المنطقة. وكملاحظة جانبية: إنّ طلبك معلومات حول السوق من منافسيك هي فكرة سديدة دوماً، لكن عليك فقط ألّا تخبرهم بأنّك تنوي منافستهم.

لنلقي نظرةً الآن على النهج التنازلي:

النهج التنازلي والذي يتمثّل في البدء بعدد كُلي وتخفيضه بطريقة النسبة والتناسب. ففي حالتنا هذه علينا البدء بقيمة سوق الأثاث المكتبي في البلد والتي تقدرها الأبحاث مثلاً بـ (650) مليون ومن ثمّ إخضاع هذا العدد إلى نسبة وتناسب، وذلك باستخدام عدد الشركات المتواجدة في منطقة التسليم الخاصة بنا مضروباً بعدد موظفيها ومقسوماً على العدد الكلي للموظفين في البلد. ومرة أخرى سيكون عدد الموظفين عائدٌ إلى وكيل الشركة، حيث أنّه ليس جميع الشركات لديها متطلبات تجديد الأثاث نفسها. 

عندما تشرع إلى التقويم بنفسك فغالباً ما يكون من الجيد أن تختبر كلاً من النهجين التصاعدي والتنازلي وأن تقارن بين النتائج. إن كانت الأرقام متباعدة للغاية فمن الممكن أنّه قد فاتك شيء ما أو أنّك قد استخدمت الوكيل الخطأ.

حالما تقوم بتقدير حجم السوق ستحتاج إلى أن تشرح للمستثمر أيّ من القطاعات تراها سوقك المُستهدف.

السوق المستهدف:

يمثّل السوق المستهدف نوعية الزبائن الذين تستهدفهم عن طريقه، فإن كنت تبيع المجوهرات مثلاً، فبإمكانك إمّا أن تكون أخصائي بها أو أن تركّز على الحد الأعظمي للسوق أو على الحد الأدنى له. حيث أنّ هذا القطاع يتعلق بوجود شرائح واضحة للسوق الخاص بك مع عوامل مُحركة لها تختلف بحسب الطلب. فإنّ قيمة الجواهر مقابل المال في المثال السابق قد تكون واحدة في الحد الأدنى من السوق، بينما الانفراد والشكل قد تدفعانها نحو أعلى قيمة له.

وقد حان الوقت الآن للتركيز أكثر على الجانب النوعي لتحليل السوق وذلك بالنّظر إلى ما يدفع النّاس للطلب.

اقرأ أيضاً: أسئلة التسويق الخمس الأساسية

احتياجات السوق:

إنّ هذا القطاع هامٌ للغاية حيث أنّك ستبرهن للمستثمرين المحتملين بأنّك تملك المعرفة الكاملة حول السوق الخاص بك. أي أنّك تعرف لماذا سيشترون!

عليك أن تغوص في العوامل التي تُحرّك الطلب على الخدمات أو المنتجات. هناك طريقة وحيدة لمعرفة الدّافع إلى ذلك، وهي بإلقاءك نظرة على القهوة الجاهزة التي تبيعها سلاسل المتاجر الخاصة بالقهوة. فتطابقها هو أحد هذه العوامل (العوامل التي تدفع المارّة إلى شرائها). فالقهوة التي يشتريها الشخص من المتجر المخصص لها (كسلسلة متاجر بيع القهوة) ليس بالضرورة أن تكون أفضل من تلك التي يقدّمها المقهى المُستقل والمجاور للمتجر. لكن إن لم تكن تسكن في المنطقة نفسها التي يتواجد فيها المقهى فلن تعرف مقدار لذة القهوة التي يقدّمها. في حين أنّك تعرف تماماً طعم القهوة التي يبيعها المتجر بحكم أنّك تتذوّقها نفسها في جميع متاجر السلسلة نفسها مثل (Starbucks) أشهر متاجر بيع القهوة في الولايات المتحدة. وبالتالي فإنّ معظم الأشخاص يشترون القهوة من سلسلة المتاجر بدلاً عن شرائها من المقاهي المُستقلة.

من وجهة نظر تكتيكية، فإنّ هذا القطاع هو المكان الذي تحتاج إلى وضع ميزتك التنافسية فيه دون ذكر ذلك بشكل صريح. ففي القطاعات التالية من خطة عملك سيكون عليك التحدث عن مقدار قوّة منافستك ونقاط ضعفها وعن وضعك في السوق قبل أن تصل إلى القطاع الاستراتيجي حيث سيكون عليك شرح وضعك في السوق. ما تريد القيام به هو تهيئة القارئ لاحتضان وضعك في السوق والاستثمار في شركتك.

وللقيام بذلك تحتاج إلى تسليط الضوء في هذا القطاع على بعض العوامل التي لم تركّز جهودك التنافسية عليها. مثال سريع عن المقهى المستقل والمُحاط بسلسلة من متاجر القهوة والتي هي على قدر كبير من التناسق، أمرٌ كهذا يخصُّ الأشخاص المارّين في الطريق، لكن هناك عامل آخر يتعلّق بالمكان نفسه، وهو الذي يجعل الأشخاص يطلبون ارتياد المقاهي، ألا وهو حاجتهم لمكان يلتقون فيه ببعضهم البعض، فضلاً عمّا يقدمه هذا المقهى من خدمات. تستطيع هنا إظهار منافستك. حيث أنّك من ناحية استراتيجية ستركز على الأشخاص المحليين، الذين يبحثون عن مكان يقابلون فيه الآخرين فضلاً عن طلبهم للقهوة، وهذا ما يُعدُّ العامل الذي سيصنع لك الفارق والذي سيضفي الجَو والأصالة على متجرك المحلّي.

المُنافسة:

إنّ الغاية من هذا القطاع هي إعطاءك نظرة لا بأس بها عن مُنافسيك. فأنت بحاجة إلى اكتشاف وضعهم في السوق وإلى وصف نقاط قوتهم ونقاط ضعفهم. لذا فعليك أن تكتب هذا الجزء على هامش المنافسة في قطاع الاستراتيجيات.

فالفكرة من هذا الأمر هي أن تُحلل حجم منافسيك في السوق لتجد نقاط الضعف التي بإمكان شركتك استخدامها لتحسين وضعها فيه.

هناك طريقة واحدة لمتابعة هذا التحليل، وهي قياس مؤشرات منافسيك بالنسبة لكل عامل من العوامل الأساسية لزيادة الطلب على السوق الخاص بك (كالسعر والجودة والخدمات المُضافة... الخ) ووضع النتائج التي تحصل عليها في جدول.

والمثال التالي هو لمتجر أثاث في فرنسا. بإمكانك أن ترى من خلال الجدول أنّ جميع الأعضاء الفعالين في السوق يركزون حالياً على النطاق المنخفض والمتوسط للسوق، فاسِحين بذلك المجال لمستثمر جديد ليركّز على القيمة العُليا له.

الشركة

المنافس الأول

(متجر صغير)

المنافس الثاني

(متجر صغير)

المنافس الثالث

(سلسلة متاجر)

شركتي الخاصة

حجم الإيرادات

750 ألف

غير محدد

1 مليون و500 ألف

400 ألف (الهدف من أول سنة)

عدد الموظفين

10

5

20

5

الحجم

مَتجرين

متجر واحد

ثلاثة متاجر

متجر واحد

السعر

منخفض

متوسط

متوسط

مرتفع

الجودة

منخفضة

متوسطة

متوسطة

فائقة

الخيارات

كبيرة

قليلة

كبيرة للغاية

متوسطة

خدمة التوصيل

لا يوجد

50

مجاناً ابتداءً من 100

مجانية

معوِّقات الدخول إلى السوق:

هذا القسم بأكمله هو للإجابة عن أسئلة المستثمرين لديك:

  1. ما هو الشيء الذي سيمنع أحدهم من أن يفتح متجراً مقابلاً لمتجرك وأن يسلبك 50% من زبائنك؟
  2. هل جعلتك إجابتك عن السؤال السابق تعتقد بأنّك ستفلح في محاولة دخول السوق (كانطلاقة)؟

على الرّغم من ظنّك بأنّ حواجز الدخول إلى السوق كبيرة للغاية. فإنّ المستثمرين يحبونها وهناك سبب واحد لهذا، وهو أنّها تحمي أعمالهم من أي منافس جديد.

إليك بعض الأمثلة عن معوّقات الدخول إلى سوق العمل:

  • الاستثمار (المشاريع التي تتطلّب استثمارات ضخمة).
  • التكنولوجيا (التكنولوجيا المتطورة بحيث لا يعتبر الموقع الالكتروني أحدها، في حين أنّ معرفة كيفية معالجة اليورانيوم هي كذلك).
  • العلامة التجارية (فالتسويق الضخم يتطلّب تكاليف للحصول على مستوى معين من التقدير).
  • التنظيم (خصوصاً التراخيص والامتيازات).
  • الوصول إلى الموارد (الانفراد بالموردين، ومُلكية الموارد).
  • الوصول إلى محطات التوزيع (الانفراد بالتوزيع، مُلكية شبكة التوزيع).
  • الموقع (متجر في شارع معروف).

إنّ الإجابة عن السؤال السابق تعتمد وبشكل كبير على نوع العمل الخاص بك، كفريق الإدارة والعلاقات التي قد يمتلكها. ولهذا السبب من الصعب بمكان إعطاء أي نصائح عامة حولها.

اقرأ أيضاً: 5 طرق هامة تساعد على جذب العملاء

التنظيم:

إن كان التنظيم هو أحد الحواجز التي تعيقك عن الدخول إلى القطاع الخاص بك في السوق، فننصحك بدمج هذا القطاع بالقطاع السابق، وإلّا فيجب أن يكون هذا القسم مجرّد علامة لتكتشف التنظيم الأساسي والقابل للتطبيق على أعمالك والخطوات التي عليك القيام بها لتبقى على المسار الصحيح.

الآن أنت تعرف كيف تقوم بتحليل السوق من أجل خطة العمل. ونتمنى أن تجد هذه المقالة مفيدة. وإن كانت كذلك فقم بمشاركتها، وإن لم تكن كذلك فأعلمنا بما ينبغي علينا القيام به لتحسينها.

المصدر: هنا




مقالات مرتبطة