كيف تقترب من تحقيق قدراتك وتتجاوزها؟

غالباً ما نكتشف في الحياة أنَّنا نستطيع القيام بأكثر ممَّا اعتقدنا أنَّنا قادرون أن نفعل في البداية، وفي بعض الأحيان نكتشف ذلك عن طريق الصدفة، وفي أحيان أخرى يُفرَض علينا بطريقة ما، أو من الممكن أن يكون عبارة عن خيار، وعندما نستمر في القيام بشيء ما عمداً أو نفعل المزيد أو نحاول بجدية أكبر أو نكتشف أنَّ قدراتنا التي اعتقدنا أنَّنا كنا نعمل بموجبها ليست محددة كما كنا نعتقد سابقاً.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدون كريس جيلبو (Chris Guillebeau)، ويُحدِّثنا فيه عن أهمية تجاوز قدراتك.

إليك قصة متعلقة بهذا الأمر:

لقد ذهبت في العام الماضي للجري مع العدَّاء جيمس لورانس (James Lawrence)، الذي أكمل 101 سباق ثلاثي لمسافة كاملة في 101 يوم، وكان هدفه 100 يوماً؛ ولكنَّه أضاف يوماً إضافياً.

لقد أكمل جيمس سابقاً 50 من هذه السباقات في 50 يوم في الولايات الخمسين؛ لذلك كان لديه نظرية من تجربته السابقة عن كيفية التدريب للمشروع الجديد، فقد كان يعتقد أنَّه سيهيئ جسده للنصف الثاني من التحدي (من اليوم 51 حتى اليوم 100) في العمل الذي قام به (من اليوم الأول إلى اليوم الخمسين).

لكنَّ هذا أمر مخالف لتوقعات الناس - بمن فيهم أنا - بشأن النشاطات عالية الكثافة؛ إذ لطالما اعتقدت أنَّه لا يمكنك الاستمرار في القيام بالأشياء الصعبة نفسها مراراً وتكراراً، وأنَّه يجب أن تأخذ قسطاً من الراحة وأن تتعافى من كلِّ واحدة منها قبل القيام بالتجربة التالية، لكن ما أظهره جيمس وكثيرون غيره أيضاً هو أنَّ هذا الكلام ليس صحيحاً دائماً.

نعم، توجد قدرات محددة بصرف النظر عن عدائي الماراثون المثابرين، فمعظمنا لا يمكننا الجري لمدة أربع وعشرين ساعة في المرة الواحدة، ولا يمكن لأحد أن يجري أربع وعشرين ساعة متتالية مراراً وتكراراً.

لكن هذا مثال مبالغ فيه؛ فالنقطة الهامة هي أنَّه على الرَّغم من وجود قدرات محددة حقيقية، أولاً: لن تعرف ما هي قدراتك حتى تقترب منها، وثانياً: للاقتراب منها عليك أن تعمل عملاً مختلفاً عمَّا تفعله عادةً.

البدء بالجري كلِّ يوم:

لقد كنت أفكر في جيمس بسبب تطبيقي الجديد الخاص بالربح من الجري الذي يسمى ستيبن (STEPN)، لقد كنت أجري تقريباً لمسافة 60-80 كيلو متر في الأسبوع في العامين الماضيين؛ ولكنَّها عادةً ما تكون موزعة كما في جدول تدريب عداء الماراثون النموذجي:

  1. جولة واحدة طويلة كلَّ يوم أحد (20-28 كيلو متر).
  2. جولة واحدة متوسطة كلَّ أربعاء أو خميس أو جمعة (14-16 كيلو متر).
  3. جولات أقصر في أيام أخرى (5-9 كيلو متر كحد أقصى) إضافة إلى ممارسة اليوجا (yoga)، ودرس للتدريب المتواتر عالي الكثافة (HIIT)، وبعض تمارين القوة.

شاهد: 8 خطوات بسيطة لتعزيز قدراتك الذهنية

الآن، لأنَّني أرغب في زيادة أرباحي اليومية بتطبيق ستيبن، أصبحت أجري نحو 12 كيلو متر كلَّ يوم أو على الأقل في معظم الأيام، وفي التحول إلى هذا النمط، اكتشفت شيئين بسرعة كبيرة:

الاكتشاف الأول: صعوبة الجري كلَّ يوم

يبدو الجري كلَّ يوم بدلاً من الجري معظم الأيام وكأنَّه أمر مختلف كثيراً، على الرَّغم من أنَّ المسافة الأسبوعية المقطوعة لا تختلف كثيراً عن المسافة التي اعتدت قطعها؛ ولكنَّني عدلت برنامجي للسماح لنفسي بأخذ قسط من الراحة بعد الجولة الطويلة، وأنا أقوم بمعظم الجولات الطويلة بوتيرة بطيئة لتقليل مخاطر إيذاء نفسي، وكان الخروج كلَّ يوم لمسافة طويلة (على الأقل بالنسبة إلي) دون وجود مجال للتعافي صعباً، وبالتأكيد بدأت أشعر بذلك بعد بضعة أيام.

عانيت كثيراً يوم الأحد بعد الركض لمسافة 12 كيلو متر تقريباً في اليوم لعدة أيام متتالية، علماً أنَّني عادةً ما أجري مسافة تزيد على 12 كيلو متر في يوم الأحد، لكن هذه المرة كنت متعباً منذ البداية ولم أتحسن أبداً.

بعد ذلك عندما عدت إلى المنزل استغرقت في النوم وشعرت بتحسن طفيف بعد تناول الطعام، لكن بعد ذلك أخذت قيلولة لمدة ساعة أخرى بعد ظهر ذلك اليوم، ومن الواضح أنَّني كنت بحاجة إلى أخذ قسط من الراحة.

لقد أخبرت نفسي أنَّني يجب أن أغير الخطة قليلاً، فأنا بحاجة مع تقدمي في السن إلى أيام للتعافي؛ لذلك أخبرت نفسي أن آخذ الأمور ببساطة يوم الإثنين وأذهب في نزهة طويلة مشياً على الأقدام.

الاكتشاف الثاني: شعرت أنَّني بخير

خرجت يوم الإثنين التالي ظهراً، وظنَّنت أنَّني سأمشي غالباً في النزهة، ولكن أولاً قررت أن أجري جرياً سهلاً قليلاً للتعافي لمسافة قصيرة، وغالباً ما أفعل ذلك في أيام الراحة لمنع عضلاتي من التشنج.

جريت هذه المرة لمسافة 3 كيلو متر في دوائر حول المنتزه، وشعرت أنَّني بخير فجريت كيلو متراً آخر ثم آخر وفي النهاية وصلت إلى 11 كيلو متر؛ إذ إنَّني أدركت بعد الركض نحو 6 أو 8 كيلو متر أنَّني أستطيع القيام بذلك، ولم أكن متعباً كما كنت في اليوم السابق.

كان علي أن أسافر في اليوم التالي في منتصف الصباح إلى أتلانتا (Atlanta)؛ لذلك استيقظت مبكراً وخرجت، وكانت خطتي هذه المرة هي الجري لبضعة كيلو مترات، ثم المشي لبضعة كيلومترات أخرى عندما أصل إلى أتلانتا ومع ذلك شعرت بالارتياح واستمررت في الجري، ثم انتهى بي الأمر بإنهاء 11 كيلو متر، ومرة أخرى تجاوزت قدراتي، وشعرت أنَّني بخير.

إقرأ أيضاً: ملخص كتاب أيقظ قدراتك واصنع مستقبلك للدكتور إبراهيم الفقي

في الختام:

هذا كلُّ ما سأتكلم عنه فيما يتعلق بالجري؛ لأنَّ الدرس الحقيقي يتعلق بأكثر من ذلك بكثير، ويتعلق بالقدرات، فربما أنت لا تؤمن بقدراتك، فلا يمكنك أن تجد قدراتك دون الاقتراب منها، وهذا أمر صعب؛ لأنَّ الاقتراب منها قد يكون مليئاً بالمخاطر، وربما حتى أمر خطير بحد ذاته.

إقرأ أيضاً: 8 نصائح ذهبية لتطوير قدراتك الشخصية

لكن مرة أخرى: إذا كنت تريد اختبار قدراتك، فعليك أن تجدها أولاً، وعليك أن تتجاهل الحكمة التقليدية وربما حتى معتقداتك القديمة، فربما كان بإمكانك طيلة هذا الوقت أن تفعل شيئاً أكبر بكثير أو "يختلف كثيراً" عمَّا كنت تعتقد؛ فابحث عن قدراتك، ثم تجاوزها.




مقالات مرتبطة