كيف تفوض الأعمال بشكل إيجابي؟

كيف تفوض الأعمال بشكل إيجابي؟؟ ((من أعمال كفاح رياض))

تفويض الأعمال بشكل إيجابي يُعد من أهم عناصر توفير الوقت، فمهما كانت قدراتك لن تستطيع أن تنجز كل المهام بنفسك، يجب أن تتكل على فريق عملك. والحقيقة بين التفويض (توكيل الأعمال) والاتكالية تُوجد شعرة بسيطة،



فتفويض الأعمال هو: إذا كنت أنت ميكانيكي وحاولت أن تفك السيارة من الألف للياء، فمن المؤكد (ولو كنت جبارا في عملك) أنك لن تستطيع أن تنهي أكثر من سيارتين أو ثلاثة في اليوم الواحد. ولكن لو كان لديك أشخاصا يساعدون في الفك والتركيب وأنت تقوم بالإصلاح فمن الممكن أن تنهي عشرين سيارة في اليوم الواحد. فلقد طلبت أنا من كثير من الأشخاص معي أن ينفذوا مهمات أثناء كتابتي لهذه السطور، وبالتالي فعندما أنجز أنا هذا العمل سيكون لدي الكثير من المهمات التي تم إنجازها، فأنا لا أستطيع أن أكون في أكثر من مكان واحد في لحظة واحدة، وأنت أيضاً كذلك الأمر.

فإذا أنت كتبت قائمة مهام معينة، ووكلت معظمها للآخرين وآخر اليوم أنت أنجزت، تكون وفرت وقت ووصلت لنتائج أكبر بكثير وأكثر بكثير من شخص آخر ينتظر لينهيها بنفسه. وبالتالي إن تفويض الأعمال وتوكيلها للأشخاص المؤهلين لأن يحققوها، ممكن أن يوفر وقتك بشكل عظيم جداً ويمكن أن يرفع إنتاجيتك بشكل لا تتخيله أنت، لأنك تعرف تماماً أن تفويض الأعمال هو إنجاز الأعمال من خلال الآخرين، إنجاز أعمالك أو أعمال مؤسستك أو قسمك من خلال الآخرين. وفي هذا الأمر سأعطيكم بعض الحلول البسيطة التي تساعدك على تفويض المهام بشكل إيجابي وسريع للآخرين (للموظفين).

أول نقطة: هي أن توضح للموظف المهمة المطلوبة وتقوم بإيصاله إليه بوضوح، ليس أن تقول له فقط كلام، فلابد من التركيز هنا على موضوع تحديد ما تقول، لأن العموميات قد تضيعنا والكلام العام لا يؤثر بأحد فهو كلام مبهم وفضفاض وكل إنسان يفسره على ذوقه، وكل إنسان يفسره بشكل نسبي. وبالتالي عليك أن تسأل نفسك مثلاً، ما الذي أريد تحقيقه بالضبط؟ فقبل أن تعطي الموظف المهمة يجب أن تكون واضحة لك، فما الذي تريد تحقيقه بالضبط؟ ما المطلوب بالضبط لإنجاز هذه المهمة؟ يعني الشيء الذي تريد تحقيقه، أنت تريد مثلاً أن ترفع حجم المبيعات 20% خلال الستة أشهر القادمة، يجب أن تفوض بشكل أو بآخر مندوبي المبيعات لديك لكي يقوموا بهذه المهمة، وبالتالي من خلال هذا الأمر يمكن أن توظف الكثير من الناس لكي يقوموا بمهام معينة، ويرجعوا لك من غير أن يعرفوا ماذا يريدون أن يحققوا، وبالتالي يجب أن تحدد ما تريد بالضبط وتسأل ما المطلوب لإنجاز هذه المهمة؟

ما المطلوب من الوقت والجهد والتكنولوجيا والآلات والموارد البشرية؟؟
متى يجب علينا إنجاز المهمة؟
أين يجب أن ننجز المهمة؟
بأي مكان بأي وضع بأي ...
لكي تستطيع أن تصل، يجب أن تعرف أيضاً المكان، ومن هو أفضل من يستطيع القيام أو إنجاز المهمة من فريق عملك؟ من يستطيع أن يقوم بهذه المهمة من فريق عملك؟ كيف سيتم إنجاز المهمة؟ ما المصادر المطلوبة؟ وبالتالي فعندما يكون لديك الأجوبة لهذه الأسئلة ستتضح الفكرة أكثر، وبالتالي نستطيع إيصال المهمة للآخرين بشكل أفضل، فيجب أن تعرف أنت ماذا تريد، وتقارن بين ما تريد تنفيذه وبين قدرات الموظفين، يعني يجب أن أعرف أول الأمر قدرات الموظفين.

والنقطة الثانية التي يجب أن نركز عليها في موضوع التفويض، هو أنه لا تفويض صحيح دون دراسة أو تقييم لقدرات الموظفين. يعني أن التفويض يأتي بعد التقييم فكيف ستفوض أعمالك وتوكلها لأشخاص لا تعرف طاقاتهم ولا مهاراتهم بالتفصيل، وهذا يحتم عليك كمدير أن يكون لديك تقييم واضح لموظفيك حتى تستطيع أن تعطي ما تريد تنفيذه للشخص المناسب. فعندما تقوم بتفويض الأعمال عليك شرح ما تريد تحقيقه ولماذا؟ وكلمة "لماذا" كلمة سحرية في هذه النقطة، فعندما تقول لشخص ما أن يذهب إلى البريد ويرسل هذه الرسالة مثلاً شيء، وعندما تقول له أنه يجب أن يرسل هذه الرسالة لأنه إن لم تصل في الوقت المناسب يمكن أن نخسر أمالا ونقودا مثلاً. فكلمة "لماذا" التي تضعها في هذه الجملة تجعله مسؤولا أكثر، وليس من الضروري أن تحدد له بالضبط كم الخسارة، ولكنك تربط له الفائدة والضرر بما سيقوم به، يعني أن تقول له هذا الأمر مهم جداً بالنسبة لنا، لأنه إذا لم يحدث سنتأثر كلنا في هذه الطريقة، سنتأثر كلنا بهذه المشكلة، وإذا وصلنا لهذه النتائج في الوقت المحدد سنكسب كذا وكذا وأنت معنا. وبالتالي عندما تشرح لماذا، تكون ربطت هذا الإنسان بالمهمة وجعلته مسؤولاً ولو قليلاً ليحس أن هناك ثمنا أو أن هناك مسؤولية في تحقيق هذا الأمر.

من النقاط المهمة في التفويض أن تعطي رأيك للموظف ولكن لا تفرضه، فإذا كنت فعلاً أعطيته ساعة حتى يحقق المهمة فمن هذه اللحظة وحتى انقضاء ساعة عليك ألا تتدخل وأن يكون عندك ثقة فيه، لأنك إذا لم يكن لديك ثقة بهذا الإنسان، فلماذا تعطيه هذه المهمة أصلا، إذا عندك ثقة فيه أعطيه رأيك وقل له "أنا أفضل أن أعمله بهذه الطريقة، ولكن إذا عندك طريقة أفضل وإذا كنت تحب أن تناقشني فيها فلا مشكلة، وإلا فانا أعتمد عليك أن تحققها". فإذا كنت تريد أن تحقق النتيجة، فاترك الوسيلة للموظف، فأنت بهذه الطريقة هو تزيد من المساحة التي يتحرك فيها، وبالتالي عضلاته تصبح مرنة أكثر لأنك أعطيته مساحة أكبر للتحرك، وسيشعر بأنه فعلاً عنده ولاء لك أنك عرفت كيف توجهه بالشكل الصحيح.

حاول قدر المستطاع أن تجعل الشخص الآخر يشعر بأنه مسؤول، لأن المسؤولية تعطيه أهمية، والإحساس بهذه الأهمية يجعله يصل إلى نتائج. فاظهر ثقتك فيه وقل له "أنا واثق أنك تستطيع أن تنهي هذه المهمة"، ومهمة كل مدير أن يظهر ثقته بموظفه حتى لا يخذلها، فللناس فعلاً عواطف نبيلة فإذا وضعت ثقتك فيه فسيعمل كل جهده حتى لا يخذلك. وفي هذا الأمر دائماً قاوم رغبتك في التدخل، فهناك مدراء كثيرون يوكلون المهام وستمرون في متابعة الأمور، هذا لم يعد توكيلا لأنك أنت وهو تعملون على هذه المهمة، فلماذا وكلتها له؟ في هذه الحالة افعلها أنت.
فإذا كان مشغولا "ماذا حدث؟ كيف حدث؟ متى حدث؟" وكل ذهنك مشغول بهذه المهمة، معناها أنت وهو وكل العاملين تعملون على هذا الموضوع!! وحقيقة تكن وكأنك لم تفوض المهمة له!!

من المهم جداً أن تعطيه المهمة وليس فقط أن تعطيه إياها، بل أن تعطيه الثقة وتعطيه كل الأدوات المطلوبة، فكيف تقول لأحد ما ابني لي بناية دون أن تعطيه مطرقة ومسمار وبدون أن تعطيه سيارة وبدون أن تعطيه أداة توصله للهدف؟ أحياناً يكون لدى الموظف كل خبرات العالم، كمهندس كطيار كسائق ولكن ليس لديه أي أداة يستخدمها، وبالتالي أكيد المشاكل ستكون أكبر ومن الممكن أن تتفاقم بشكل كبير جدا.ً

تجنب الجمل التالية وأنت تتكلم مع موظفك عندما تفوض الأعمال لهم: "فهمت أو لا" وكأنك أنت هنا تقول له أنه هناك مجال أن لا تفهم، هذا الشيء يعطيه انطباع سلبي تجنب هذه الجملة لأنها مزعجة، "فهمت أو لا" أنت تجعله يفهم من خلال لعبه دور معين كيف سيتصرف الموظف، يعني يمكن أن تطلب من موظف ما كمثال، تقول له أن أريدك أن تحضر النقود من زبون تأخر بالدفع فترة طويلة، لا تقول له "فهمت أو لا" قل له كيف ستتصرف؟ كيف تستطيع أن تمثل لي الدور إذا كنت أنا الآن الزبون، ماذا ستقول لي؟ اتركه هو يبدأ بالأمر لكي ترى إن كان يفعل هذا الشيء بشكل صحيح، اجعله هو من يخرج بالموضوع، ولا تفرض عليه "صح أو لا" قل له أنا سأعتبر أني أنا الزبون كيف ستذهب وتخبره؟ سيقول لك سأقول له كذا وكذا، قل لا انتبه هنا لا تقول له هذه الكلمة لا تقول له هذه الجملة، فبذلك تقوم بتوعيته أكثر قبل أن تقع المشكلة. هكذا تكون قادر فعلاً أن تتعامل معه بوضوح وشفافية، ليس فقط أنت تفرض عليه "نفذ ولا تعترض" وبعدها في النهاية نعود من البداية ونرى الخطأ وتكون قد فوضت بشكل خاطئ، ومن الممكن أن تتجنب الكثير من الأخطاء من خلال هذا الأمر.

شجعه دائماً على طلب المساعدة، قل له أنه عندما يحتاج أي شيء أن يكلمك،
"أنا أحب أن أساعدك"
"أنا أريد أن نصل إلى القمة"
"أنا أريد أن ننجح سوية"
"نحن نريد النجاح"

هذا الكلام يؤثر كثيراً في الموظف، ولكن يأتي مدير يقول لك أريدك أن تعمل كذا، أنا.... أنا ،عندنا هذه عقدة الأنا ولا نقول "نحن"، "نحن" معناها أنا وأنت بنفس القارب، هذا الموضوع يعطي انطباعا جيدا جداً، وتفويضك للعمل لهذا الشخص يكون بنوعية أفضل والإنتاجية تكون أفضل، تستطيع تجريب هذا الأمر وترى النتائج.

دائماً يجب أن يكون لديك خطة بديلة خاصة بالأمور المهمة جداً التي يجب أن تنفذ، ماذا إذا؟ لا تعني الخطة البديلة أن تكون إنسان سلبي، أنت عندما يكون لديك عجلة احتياط بالسيارة لا تقول يا أخي اشتريت هذه السيارة من ثلاثة سنوات، وهذه العجلة ما استعملناه إن شاء الله تنضرب العجلة حتى نستخدمها، أنت لن تفكر بهذه الطريقة، لأن هدفك الأساسي انك إذا صار معك وثُقبت العجلة، سيكون لديك خطة بديلة، ولن يكون الأمر تفكيرا سلبيا بقدر ما هو تحضير أو خطوات احترازية تساعدك إذا وصل الحد لمشكلة كبيرة، يكون عندك خطة بديلة تنفذها.

وبالتالي كل الذي تفوضه حتى الاجتماعات يجب أن تكون منتظمة، ولكن إذا حددت اجتماع بعد ثلاث دقائق، فقاوم رغبتك بالتدخل اعتبارا من الآن حتى انتهاء الثلاث دقائق، لأن هذا الأمر يزعج الموظف ولا يسمح له بالإنتاج، وأنت بالنهاية تريده أن ينفذ هذه المهمة وأن يكون هناك انطباعا جيدا أنه استطاع أن يبذل جهدا،ويشعر بأنه مسؤول، ولكن إذا أعطيته من الألف للياء نفذ هو، وكان كل شيء خاطىء فأنت الملام وليس هو.

إن تفويض الأعمال شيء مهم جداً، وإذا اعتدت عليه وكان لديك فريق العمل المناسب وأهلته بشكل جيد تستطيع أن بشكل إيجابي على النتائج المطلوب منك أن تنفذها، ومن المؤكد سترفع من قدراتك كمفوض، وترفع من الإنتاجية الموجودة بشكل كبير جداً، وتشعر بها تماماً وتلمسها بيدك لأنها موجودة أمامك واضحة تماماً ليس هناك أي مجال للشك فيها، أتمنى أن تفوض الأعمال للأشخاص الأكفاء لكي تعرف كمية الإنجاز وتوفر الوقت، وتوقف ضياعه بشكل غير جيد، وبالتالي يمكن للنتائج التي نحصل عليها أن تكون فائدتها لكل الأطراف الموجودة، ليس فقط لك.