كيف تعيد اكتشاف ذاتك رغم افتقادك للحافز؟

نحن نريد أن نُحسِّن حياتنا وأن يمتلك كلُّ واحدٍ منَّا الشخصية التي لطالما تمناها، لكن على الرَّغم من إصرارنا وكرهنا اللامتناهي لذاتنا وعدد وسائل مساعدة الذات التي نلجأ إليها، إلا أنَّنا لا نتمكن من ذلك؛ لذا فنحن نصل إلى نتيجة مفادها أنَّ الأمر بعيد المنال.



مع ذلك، نرى الآخرين يفعلون بسهولة ما نراه مستحيلاً، ونرى أنفسنا أغبياء لأنَّنا لا نبذل قصارى جهدنا.

من فضلك، توقف عن هذا، فقد واجه الجميع حتى أفضل الناس هذه المشكلة، وما يهم هو السعي وراء الوصول إلى القمة، وإنَّ تغيير حياتك يشكل تحدياً؛ فالأمر ليس بسيطاً مثل نضوج أجسامنا أو تحول البذور إلى أشجار؛ كذلك هذان الأمران يتطلبان عمليات معقدة لا نراها.

تتطلب إعادة اكتشاف ذاتك قدراً هائلاً من العمل الجاد والصبر، ومع ذلك، بمجرد وضع خطة، ستقل معاناتك وستصبح الرحلة أسهل؛ لذا لا تيأس، يمكنك إعادة اكتشاف ذاتك، وما عليك سوى اتخاذ الخطوات التأسيسية الصحيحة.

إليك هذه الخطوات:

1. الصدق مع الذات:

تريد أن تعيد اكتشاف ذاتك  لكن قبل ذلك، عليك اتخاذ قراراً هاماً للغاية، وهو أن تكون صادقاً مع نفسك، فمجتمعنا يتغير بسرعة والحاضر لا يشبه الماضي بشيء، لكن توجد فوائد ومخاطر لهذا التغيير؛ إذ تكون المخاطر في بعض الأحيان أقل وضوحاً؛ لذلك نسابق الزمن خشية أن يفوتنا شيء ما.

التغيير ليس بالأمر الخاطئ، لكن علينا أن ننتبه إلى سرعتنا؛ إذ إنَّ تحرُّكنا بسرعة لن يمكننا من تقييم خياراتنا لنختار أفضلها، وإن تحركنا ببطء فقد نخسر فرصاً جيدة، فكيف نعالج هاتين المشكلتين؟ من خلال معرفة ما نريد، فنحن نتحرك وفقاً لوتيرتنا الخاصة، وعلى الرَّغم من ذلك، يمكن لهذا أن يشكل مشكلة أخرى.

كوننا كائنات اجتماعية، فنحن نعيش على العلاقات الاجتماعية؛ إذ إنَّنا من خلال فهم الحداثة والتوجهات السائدة، يمكننا التواصل وتنمية علاقاتنا، لكن جشعنا هو العقبة الوحيدة؛ فالكل يريد أن يتألق والكل يرغب في الانتماء ولا أحد يرغب في التميز بعد الآن لأنَّه طريق ترافقه الوحدة؛ لذلك نضطر إلى السعي وراء ما لا نحتاج إليه.

ذكر الكاتب جيمس كلير (James Clear) في واحدة من تغريداته: مكانتنا الاجتماعية تحسِّن حياتنا من أجل المجتمع، لكن المصداقية تفعل ذلك من أجلنا، وعليك أن تكون صادقاً ليس فقط لتحقيق أهدافك؛ بل للاستمتاع بحياتك لأقصى درجة أيضاً، كن مميزاً، وأعد تحديد هدفك بناءً على ما تحتاج إليه وأعد هيكلة حياتك على هذا الأساس.

شاهد بالفيديو: 8 شروط يجب توافرها لضمان نجاح الحوافز

2. تعزيز دوافعك:

يعدُّ توضيح "سبب" القرار الذي ستتخذه أمراً هاماً لتحقيقه، فإنَّ هذا يتيح لك فهم سبب وجوب اتخاذ هذه الخطوة المجهولة؛ إنَّه حافزك الرئيسي، والذي من دونه يكون التراجع هو النتيجة المحتملة، إذاً، لماذا تريد أن تتغير؟

عليك أن تسأل نفسك هذين السؤالين:

  1. هل التغيير قابلٌ للتحقيق؟
  2. هل هو منطقي؟

بالطبع، التوقعات الواقعية تشجعنا على السعي وراء أهدافنا أكثر؛ لكنَّ الهدف المنطقي يعطينا دافعاً أكبر، ومن المرجح أن نفهم التغيير إذا كان السبب يناسب أسلوبنا في محاكمة الأمور، وسيحفزك تبريره على أساس "هذا هو الشيء الصحيح الذي يجب فعله" على المحاولة بجدية أكبر.

هذا سيمنعك أيضاً من بناء حياة فارغة وستقدر الجودة أكثر من الكمية، وربما تتوق إلى التعرف إلى أصدقاء أفضل لأنَّ أصدقاءك القدامى سيئون، أو أن تسعى وراء مهنة أحلامك لأنَّك أكثر كفاءة في ذلك المجال، ولا يمكنك تخيل نفسك تتقدم في مجالك الحالي.

حدِّد دوافعك مسبقاً مهما كانت التغييرات التي ترغب في إجرائها، فإذا كانت معقولة وقابلة للتحقيق، يمكنك إجراء هذا التغيير.

3. ممارسة اليقظة الذهنية:

ستصاب بالذعر عندما تتخذ هذه الخطوات الجديدة في حال وجود تهديد أو لا، ولن يكون الأمر سهلاً عليك، أنت خارج منطقة الأمان خاصتك، ها أنت تخطو إلى مكان غير مألوف، وليس لديك أيَّة فكرة عن التأقلم فيه؛ فالتجربة ستزعجك، ومن الممكن أن تحفز الأفكار السلبية وتضخم تأثيرها مستغلة ماضيك الفوضوي، فكن على يقين أنَّ النهاية وشيكة ما لم تتخذ خطوتك الأولى.

لأنَّك عاجز عن التعامل مع أفكارك؛ فإنَّ عواطفك ستسيطر عليك وتجعلك تنسحب؛ لذلك عليك أن تكون يقظاً، ولن تتمكن الأفكار السلبية من التأثير فيك عندما تكون متيقظاً.

يمكنك التعلم من أفكارك السلبية ثم التخلص منها تدريجياً، وحينها تستثمر ما تعلمته لتحسن جودة حياتك، على الجميع أن يمارس اليقظة الذهنية، وبمجرد اكتسابك هذه المهارة، فإنَّ صوتك الداخلي لن يقسى عليك حتى في أيامك العصبية.

إقرأ أيضاً: 30 طريقة لممارسة اليقظة الذهنية

4. تعقُّب تقدمك:

تُظهر التقارير ربع السنوية للمستثمرين في مجال الأعمال كيف تسير الشركة، ووفقاً لتلك المعطيات، سيقررون ما إن كانوا سيُبقون على استثماراتهم، وعلى الرَّغم من ذلك فإنَّ هذه التقارير لا تعود عليهم وحدهم بالمنفعة.

تساعد هذه الإجراءات المسؤولين أيضاً على تحديد "حالة" الشركة؛ إذ يمكنهم تحديد ما يصلح وما لا يصلح، ووضع استراتيجيات لتصحيح ما هو سيئ وتعزيز الجيد منها.

إقرأ أيضاً: كيف تقيس النجاح الحقيقي في حياتك؟

إذاً، ما الذي سأكسبه؟

من خلال تقييم نفسك، يمكنك تتبع تطورك في تحقيق أهدافك، وبهذه الطريقة، يمكنك تحسين عملية إعادة اكتشاف ذاتك، ويمكنك القيام بهذا وحدك أو مع أحد أصدقائك المقربين، وفي الواقع، أظهرت الدراسات أنَّ مشاركتك هذه العملية مع شخص مقرب أكثر فاعلية.

  1. أُعطي المشاركون في 5 مجموعات في إحدى الدراسات تعليمات محددة على النحو الآتي:
  2. كُلِّف المشاركون في المجموعة رقم 1 بالتفكير في أهدافهم؛ ومن ثَمَّ تقييم كلٍّ منها.
  3. طُلب من المجموعات من 2 إلى 5 كتابة أهدافها ثم تقييمها مثل المجموعة 1.
  4. قامت المجموعة 3 بالشيء ذاته؛ لكنَّها أضافت التزامات ونقاط عمل إلى أهدافها.
  5. طُلب من المجموعة 4 إضافة التزامات العمل ثم إرسال أهدافها والتزاماتها إلى صديق داعم لها.
  6. أضافت المجموعة 5 التزامات العمل وأرسلت أهدافها والتزاماتها وتقارير التطور الأسبوعية إلى صديق داعم.

لقد كانت المجموعة 5 هي الأكثر إنتاجية بسبب إضافة بسيطة: مشاركة تقدمهم مع صديق، ربما لأنَّهم أرادوا إثارة إعجابهم، لكن يوجد شيء واحد مؤكد؛ يمكنك تحقيق المزيد إذا كنت مسؤولاً أمام نفسك أو أمام صديق إن أمكن.

في الختام:

إعادة اكتشاف ذاتك ليست بالأمر السهل، نحن بصدد تغيير أسلوب الحياة الذي اعتدنا عليه حتى وإن كنا مستائين منه؛ لكنَّه أمر مطمئن ومألوف، وهو ما يفتقده طريقنا الجديد حتى الآن.

لكن باستخدام الخطوات المذكورة آنفاً، يمكنك القيام بهذا التغيير بسلاسة؛ لذا، اختر بحكمة إذا كنت لا تشعر بالرضى، فتوجد أسباب كثيرة تجعلك تهرب من تلك الحياة وتسعى إلى حياة أفضل




مقالات مرتبطة