كيف تعلّم أطفالك ريادة الأعمال؟

هناك العديد من الدروس الإبداعية والريادية في مدرسة بروكلين الحديثة؛ ففي حصة العلوم الاجتماعية مثلا، وكما يفعل علماء الآثار عند استكشافهم لموقع أثري معين، يتوجب على الطلبة تفتيش محتويات سلة المهملات في الصف، لأن فكرة مشروعهم المدرسي تنص على أن المرء يعي حقيقة الناس نظرا إلى ما يتركونه خلفهم. أما دروس الأدب، فتركز على الطرق التي يتبعها أبطال الروايات في التوصل إلى حلول ترضي الأطراف جميعها، وهي مهارة سيحتاجها الطلبة في حياتهم المهنية لاحقا. كما تقتضي حصص العلوم من الطلاب، تصميم مشاريع مفيدة للبيئة، مثل: بناء نظام لتخزين مياه الأمطار وحماية الحياة البرية. وهذه الأنشطة كلها، تشير إلى أن طلبة مدرسة بروكلين الحديثة يتعلمون مهارات ريادية أساسية تصنع منهم قادة في المستقبل؛ إذ إن المناهج التعليمية لهذه المدرسة تختلف كليا عن تلك التقليدية المتبعة في غيرها من مدارس المرحلة الأساسية.


أين يكمن الاختلاف الجوهري؟ تجيب مديرة المدرسة آنا ألان بروك: "إن الفرق المهم بين مدرسة بروكلين الحديثة وبين غيرها من المدارس، يتمثل في صرف التركيز قليلا عن الاختبارات." وتضيف: "الاختبارات في تغير مستمر، أما الطلبة وعملية التعلم فهما ثابتان؛ إذ لم نتوصل بعد إلى أسلوب محدد لوضع الاختبارات، بطريقة تمكننا فعليا من التعرف إلى ما فهمه الطلبة وما لم يفهموه."

وتسعى ألان بروك إلى إثبات أن الطريقة المثلى لإجراء التعلم الأكاديمي الحقيقي وتقييمه، لا تكون بطرح الأسئلة حول الحقائق أو ملء أوراق العمل، بل بممارسة عمليات التحقق وإعطاء الطلبة مساحة كافية لتطبيق ما تعلموه في حل المشكلات التي تصادفهم. ومثال ذلك: نال طلاب الصف الرابع إحدى الجوائز على تصميمهم وتنفيذهم لمشروع تخزين الأسمدة العضوية، بعد أن حاز على استحسان العديد من الجهات المختصة. وفضلا عن المهارات القيادية والأسلوب الإبداعي في حل المشكلات، اكتسب الطلبة كما كبيرا من المعرفة في مواضيع شتى، كالعلوم والرياضيات والدراسات الاجتماعية.

ولا يخلو هذا التوجه من التحديات؛ فالتعلم المبني على تصميم المشاريع أعلى تكلفة من أسلوب المحاضرات المباشر. ونظرا لمحدودية ميزانيات المدارس، والعجز عن إيجاد طرق بديلة لتمويل النهج التجريبي في التعليم، يخصص المعلمون وأولياء أمور الطلبة في مدرسة بروكلين الحديثة، جزءا كبيرا من الوقت لجمع التبرعات الضرورية.

مع هذه التحديات كلها، تثبت هذه المدرسة ومثيلاتها أن التعلم لا يكون بالجلوس على مقاعد الدراسة، إذ ينبغي الجمع بين تعزيز التحصيل الأكاديمي، وتزويد الطلبة بالمهارات التي سيحتاجونها بعد التخرج، دون أن تطغى ناحية على أخرى.

كما تنوه ألان بروك، إلى أن بإمكان الأهالي ممارسة دور مهم أيضا في تنمية هذه المهارات عند أطفالهم. وفي الوقت الذي تنصرف فيه معظم النقاشات المتعلقة بالتعليم إلى تناول ما يحدث خلال اليوم المدرسي، وجد الباحثون أن أهمية الدور الذي يؤديه أولياء الأمور في تحصيل الطالب تساوي أهمية المدارس تماما.

 ولحسن الحظ، يمكن لأي ولي أمر أو معلم، أن يتخذ خطوات معينة لتحويل الحيز المتوافر لديه، سواء ضمن ساحة المنزل أو في الغرفة الصفية، إلى مختبر تعلم. وأن يوفر بيئة تعليمية للأطفال جميعهم، تشبه بيئة مدرسة بروكلين الحديثة، بغض النظر عن مستواهم المعيشي أو طبيعة المناطق الجغرافية الآتين منها.

وتوصي ألان بروك قائلة: "تحدثوا إلى أطفالكم عما يجري في العالم، وفكروا معا في كيفية مد يد العون لهم. إذ عندما نشجعهم، سيعمدون تلقائيا إلى طرح مشاريعهم الخاصة. كما علينا أن نصغي اليهم كي يتحفزوا لمتابعة أفكارهم العظيمة ويتمونها. وهذا يتطلب منا توفير المواد التي يحتاجونها، ونخصص لهم الزمان والمكان المناسبين لإعطاء مخيلاتهم فرصة للإبداع والتخطيط لما يجول في خواطرهم؛ فالأطفال يطرحون العديد من الأفكار، ولا يحتاجون سوى إلى الدعم لمساعدتهم على تطبيقها."