كيف تعرف إن كان عليك تغيير عملك؟

يصلني يوميا عدد من الرسائل، من موظفين يطلبون النصح بشأن حياتهم المهنية وطموحاتهم؛ أحدهم يريد الاستقالة وآخر يود تأسيس شركة خاصة به، أو يطمح لأن تتم ترقيته أو أن يتم منحه علاوة ونحو ذلك. وتمثل بعض الأسئلة الموجهة إلي معضلة يواجهها المئات أو الآلاف من الناس؛ فمثلا وصلتني مؤخرا الرسالة الآتية: "أنا أبلغ من العمر 36 عاما، وأعمل في وظيفة إدارية متوسطة المستوى، ولا أحب مهنتي ولم أحبها منذ 5 سنوات، والوضع ليس جيدا في المؤسسة، إلا أنهم يدفعون لي أجرا مجزيا. كما أن هناك بعض الجوانب الإيجابية في العمل، منها: الأمن الوظيفي، إلا أنني أشعر بالحيرة وأتساءل يوميا إذا كان علي تغيير مساري المهني أو الالتزام به، فكيف يمكنني أن أتخذ هذا القرار؟"


أود أن أناقش هذه الرسالة، لأنني اعتقد أنني إن استطعت أن أساعد صاحبها، فربما أكون قد ساعدت الكثيرين أيضا ممن يشعرون بالحيرة، ويريدون اتخاذ القرار المناسب. لقد وجدت أن هناك 5 معايير أساسية لتحديد ما إن كان على المرء تغيير وظيفته، وحين تسأل نفسك إن كانت هذه المؤشرات الـ5 موجودة في حياتك المهنية أو لا، فستتمكن حينها من اتخاذ قرارك بنفسك ودون مساعدة من أحد:

1. هل تشعر بالإرهاق دائما وبأن طاقاتك مستنفدة بشكل مستمر؟ معظم الناس ينفقون أغلب وقتهم في العمل، وأنا أعلم- عن سابق تجربة- أن العمل في وظيفة لا تحبها يجعلك متوترا ومرهقا وتشعر بالإعياء بشكل مستمر. إن جسدك يخبرك بالحقيقة التي لم تنطق بها شفتاك؛ فقد يكون عملك أو بيئة عملك هي السبب في شعورك بالتعب الدائم، وقد يكون عليك أن تغير مسار مهنتك تماما.

2. هل تشعر بأن مهاراتك ومسؤولياتك ومهامك لا تمثل شخصيتك؟ قد يكون البعض قد اعتاد عمله وأتقنه تماما مع أنه يكرهه. ومثال ذلك: كنت مسبقا أتقن إلقاء الخطابات وشرح الحقائق والبيانات والاستراتيجيات أمام المديرين، إلا أنني لم أكن أحب تلك المهمة وكنت أعاني داخليا في أدائها لأنها لا تهمني.

3. هل وصلت إلى مرحلة تشعر فيها أن الأجر الذي تتلقاه، لا يعوض عن الملل والفراغ اللذين تشعر بهما؟ معظم الناس الذين لا يحبون وظائفهم، ولكنهم يترددون في تركها لأنهم يخشون فقدان أجورهم المغرية. أنا أعمل مع بعض النساء اللاتي اعتدن على جني مبلغ كبير من المال سنويا، وهن لا يردن ترك مزية كهذه تضيع من بين أيديهن. ولكن قد يصل المرء إلى مرحلة يقول لنفسه فيها: "صحيح أن لدي المال، إلا أنني أقضي عمري في عمل شيء لا أحبه!" وهنا يبدأ بإعادة ترتيب أولوياته وقدراته، وتنفتح عيناه على طرق جديدة لجني المال دون أن يضيع عمره في أداء عمل يكرهه، كأن يؤسس شركته الخاصة.

4. هل تشعر بأن واقعك المهني لا يلائمك، بالرغم من أنك اتخذت القرارات الصحيحة بشأنه؟ الكثير من الموظفين الذين يتخذون القرارات المناسبة، وينفذون كل ما يطلب منهم، يدركون فجأة أنهم يشعرون بالملل من وظائفهم، ويكتشفون أن تلك القرارات التي بدت لهم صحيحة وقتها، تهدف إلى إرضاء الآخرين أو الحصول على ترقية أو علاوة أو أي ميزة آنية أخرى، عوضا عن أنها تحقق أحلامهم. إذا اسأل نفسك أولا: هل أنا أنتمي إلى هذا المكان وهل يناسبني هذا أو ذاك؟

5. هل تشعر بأن مواهبك وقدراتك يجب أن يتم توظيفها بطريقة أكثر إبداعا وفعالية؟ لقد عملت موظفة في مؤسسة ما، وكنت أقول لنفسي دائما إن مواهبي وقدراتي تستحق أن توظف في شيء أكبر وأفضل. فإذا كنت تشعر بأن عملك يحد من مواهبك أو يحصرها في إطار معين، فلا شك أن ذلك صحيح وأنك قادر على إنجاز أكثر مما تفعله حاليا. وكمثال على ذلك: كان لدي عميلة تؤدي وظيفة في مؤسسة ضخمة للإعلام والعلاقات العامة، وقد تم تسريحها في العام الماضي. وكانت تطمح إلى تأسيس شركة استشارات خاصة بها، لتتمكن من اتخاذ قراراتها بنفسها وعقد شراكات مع من تريد، ولتعمل على المشاريع التي تريدها. لكنها كانت خائفة من محاولة تحقيق ذلك الحلم. وبعد أن تلقت الرفض على مدى شهرين من 5 مؤسسات مختلفة تقدمت إليها بطلب التوظيف، أدركت أن عليها أن تستجمع شجاعتها وأن تسير باتجاه تحقيق حلمها. وقد عملت على تحقيقه فعلا، ولديها الآن 3 عملاء ومؤسستها في ازدهار مطرد. وخلال وقت قصير، بالإضافة إلى المزيد من العملاء، ستجني مقدار المال ذاته الذي كانت تجنيه مسبقا، لكن مع فارق جوهري، وهو أنها الآن تستمتع بعملها وتحبه.