كيف تعتذر بفاعلية؟

نحن جميعاً نحب الاعتقاد بأنَّنا رائعون في الاعتذار، لكنَّ الحقيقة هي أنَّ معظمنا سيئون في ذلك، ومع ذلك، فإنَّ إتقان هذه المهارة يمكن أن يكون له تأثير عميق في علاقاتنا.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب كريغ داودن (Craig Dowden)، مُؤلف كتاب: "اعمل خيراً لتقود خير قيادة - علم القيادة الإيجابية وممارساتها" (Do Good to Lead Well - The Science and Practice of Positive Leadership)، والذي يحدِّثنا فيه عن الخصائص الثلاث للاعتذار.

يمكن أن يكون الفعل البسيط المتمثل في الاعتذار هو العامل المؤثر في تقوية أي علاقة أو قطعها، بحثت دراسة نُشرت في وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم (Proceedings of the National Academy of Sciences) في كيفية استجابة الناس للاعتذار من شخص أساء إليهم؛ حيث فحص الباحثون تأثير الاعتذار على التسامح فور تقديمه، وكذلك تأثيره بعد أسابيع عدة؛ حيث اكتشفوا أنَّ الشخص كان أكثر تسامحاً وأقل غضباً تجاه مَن أخطأ بحقه عند تقديم الاعتذار، وأنَّ هذه المشاعر استمرت لفترة طويلة من الوقت، قد تصل إلى شهر بعد ذلك.

في الواقع، يبدو أنَّ الناس يغفرون لمن أخطؤوا بحقهم بما يتناسب مع مدى تقديم الاعتذارات، فإذا كان الشخص المخطئ يتأسف بشدة ويبذل جهداً كبيراً للتعويض عن الضرر الذي أحدثه، كان من المرجَّح أن يغفر الشخص المتضرر له بسرعة أكبر بكثير مما لو تأخر الشخص في تقديم الاعتذار، وفي النهاية، وجد الباحثون أنَّ الاعتذار الفعَّال لا يُقدَّر بثمن في بناء علاقات أقوى وتوليد الثقة.

شاهد بالفيديو: 6 علامات تدمر العلاقات بصمت احذر منها

الخصائص الثلاث للاعتذار الفعال:

كيف يمكننا أن نعتذر به على النحو الصحيح؟ حدَّدَ فريق البحث في الدراسة التي أُجريت في وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم هذه الخصائص الثلاث للاعتذار:

1. قول "أنا آسف":

يُعدُّ ذكر هاتين الكلمتين السحريتين جزءاً مهماً من الاعتذار الناجح؛ حيث يريد الناس سماع اعتراف صريح بالندم، ونحن أيضاً نحتاج أن نكون محددين بشأن الكلمات أو الأفعال التي نعتذر عنها، ويساعد الاعتراف بالخطأ المحدد الذي ارتكبه شخص بحق شخص آخر في عملية الشفاء ويزيد الثقة في أنَّ ذلك الفعل لن يحدث في المستقبل؛ وذلك لأنَّنا نظهر أنَّنا نفهم الخطأ الذي ارتكبناه.

فمثلاً: إنَّ قول: "أنا آسف جداً لاستخدامي آخر ورقة نسخ؛ حيث نسيت أن أخبرك أنَّني بحاجة إلى طلب المزيد"، هو اعتذار أكثر فاعلية بكثير من مجرد قول: "آسف على ذلك" أو "آسف لن يتكرر ذلك مرة أُخرى".

2. تقديم شكل من أشكال التعويض:

هذا يدلُّ على الندم الحقيقي على الفعل المؤذي، وما يرافق ذلك من رغبة في تسهيل الشفاء، وهناك طريقة مباشرة للقيام بذلك عن طريق طرح سؤال مثل: "ماذا يمكنني أن أفعل للتعويض عن ذلك؟"، فمن المهم أن يكون التعويض صادقاً ومتوافقاً مع حجم الخطأ المُرتكَب، وإلا فلن تبدو البادرة اعتذاراً حقيقياً، وإنَّما ستبدو بمنزلة رشوة نشتري من خلالها صَفحهم.

فمثلاً: إنَّ قول، "أنا آسف جداً لاستخدام آخر نسخة من ورق الطباعة، سأذهب لشراء صندوق جديد الآن لاستبداله"، هو أكثر فاعلية بكثير من قول "آسف عن ذلك؛ القهوة على حسابي بعد ظهر اليوم"، هذا هو السبب في أنَّ سؤال الناس عما يمكننا القيام به لتعويضهم أمرٌ بالغ الأهمية؛ حيث يمكن للفرد توجيهك في هذا الصدد، وإلا فقد تؤدي بادرة حسنة النية إلى المزيد من الصراع والإحباط، وهذا مهم خاصة عندما لا يكون لدينا أي فكرة عن سبب انزعاج الشخص الآخر منا، وإذا افترضنا وتصرَّفنا بناء على ذلك، فإنَّنا نجازف بتفاقم الصراع.

3. تحمُّل المسؤولية:

لا تحاول تبرير السلوكات الخاطئة بأي شكل من الأشكال، كأن تقول على سبيل المثال: "كنت تحت الضغط في ذلك الوقت"، أو "أعرف أنَّني صرخت في وجهك أمام الجميع، ولكنَّك أخبرتني للتو أنَّ المشروع متأخِّر"؛ حيث يشير هذا إلى أنَّنا لا نتحمَّل المسؤولية ونلقي باللوم على الظروف و/أو الطرف الآخر لاستفزازنا، وهذا يقوِّض الثقة ويضعف الاعتذار.

فمثلاً: قول، "أنا آسف، ولكنَّك لم تخبرني أنَّ ورقة النسخ كانت على وشك النفاذ"، لا يُعدُّ اعتذاراً أبداً.

إقرأ أيضاً: 13 خطوة للتوقف عن اختلاق الأعذار وتحمل المسؤولية

تجنَّب "الاعتذار المزيف":

لا تُقدِّم "اعتذاراً مزيفاً" أيضاً؛ حيث نعتذر عن الإساءة إلى الشخص الآخر بدلاً من الاعتذار عن سلوكنا الخاطئ، ومن الأمثلة الفظيعة على هذا النوع من الاعتذارات هي عندما يقول شخص ما: "أنا آسف إذا فهمت الأمر على هذا النحو"، فغالباً ما يظهر كلام كهذا عدوانياً ومتعالياً؛ وذلك لأنَّه يمكن تفسيره كالتالي: "لو كنت أكثر ذكاءً، كنت ستعرف ما أعنيه حقاً"؛ وأخيراً، وعلى القدر نفسه من الأهمية، اجعل الاعتذار عادة عند الضرورة فقط، فالمغالاة في الاعتذار يمكن أن يجعله يبدو على أنَّه رد فعل غير عادي، مما قد يضعف فاعليته، فلا مفرَّ من الأخطاء وحدوثها؛ حيث يمكننا إما السماح لها بالتأثير سلباً على نظرة الآخرين إلينا، أو استخدامها كفرصة لإصلاح وتعزيز العلاقات؛ فالخيار خيارنا.

المصدر




مقالات مرتبطة