كيف تحافظ على مستويات طاقتك وتزيد من سعادتك؟

عندما أشعر بالإرهاق وانخفاض الطاقة، حتَّى أفضل الأشياء في الحياة لا تحقق لي المتعة؛ ولم أتمكن من فهم هذا الأمر لسنوات، وكنت أسأل نفسي دائماً "لماذا لا أستمتع بعملي في هذا اليوم؟".



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب "داريوس فوروكس" (Darius Foroux)، ويقدِّم فيه 3 نصائح تعزز الشعور بالسعادة من خلال زيادة مستوى الطاقة.

السبب أنَّ طاقتي كانت منخفضة في هذه الأيام.

عندما أعود إلى تلك اللحظات التي عانيت فيها خمولاً في الطاقة، لا أعرف كيف لم أفهم هذا سابقاً؛ فمن الواضح جداً أنَّ الطاقة هي كل شيء، وهي أكثر أهمية من المكانة والقوة والمال، فإنَّ الممثل الأمريكي "جيري ساينفيلد" (Jerry Seinfeld) الذي يمتلك هذه المقومات كلها يقول في إحدى المقابلات: "أظنُّ أنَّ المال شيء رائع؛ لكنَّ الطاقة الجسدية والذهنية هي الثروة الحقيقية لأيِّ إنسان".

في المقابلة أشار ساينفيلد عدة مرات إلى أنَّ السبب الرئيس وراء سعادته هو أداؤه لعمله على نحو جيد وما يرافق ذلك من شعور بالرضى، ويضيف مؤكِّداً أنَّ ما من شيء أفضل من يوم عمل جيد، لكن أنت بحاجة إلى الطاقة حتَّى تقوم بذلك، ليس فقط العمل؛ بل تحتاج إلى الطاقة من أجل القيام بأيِّ شيء آخر.

عندما تشعر بالتعب تفقد الرغبة في النهوض حتَّى عن الأريكة، وباختصار لا يتطلب الأمر كثيراً من الذكاء حتَّى نعلم أنَّ الطاقة هي التي تجعلنا قادرين على القيام بأيِّ شيء، ومن دونها سنتوقف عن كثير من الأعمال، وهذا الانكفاء لا شك أنَّه سلبي في جميع نواحي الحياة.

قياس الطاقة:

المشكلة في الطاقة أنَّها مثل باقي الأشياء التي لا نشعر بقيمتها حتَّى نفقدها، وفي اليوم الذي كنت أكتب فيه هذا المقال كنت على طبيعتي المُعتادة، أُصِبت بنزلة برد خلال الأسبوع الفائت كامله، إضافةً إلى صداعٍ وسيلانٍ في الأنف، ولم أشعر بالرغبة في القيام بأيِّ شيء، وفقدت قدرتي على التركيز وأصبحت متشائماً، وبدأت أفقد الحماسة لعملي ورغبت في الابتعاد عن كل شيء.

لحسن الحظ لأنَّني حالياً أعمل على هذا الموضوع، تمكنت من تحديد المشكلة؛ وهي أنَّني أشعر على هذا النحو بسبب انخفاض حاد في طاقتي، فكثيراً ما نظنُّ أنَّ لدينا مشكلة في حياتنا أو عملنا في حين أنَّ كليهما يسيران على أحسن ما يكون، وكلُّ ما تحتاج إليه هو استعادة طاقتك وسيكون كل شيء على ما يرام، وهذا ما حدث معي أيضاً.

من الصعب قياس الطاقة إذا نظرنا إليها على أنَّها مفهوم مرتبط بقدرة الشخص على الأداء الذهني والجسدي في الوقت نفسه، حتى العلماء الذين درسوا هذا الموضوع يعترفون بذلك؛ إذ يقولون إنَّه على الرَّغم من أنَّ الطاقة مفهوم يُستخدم في عدة نظريات للتحفيز إلَّا أنَّه من الصعب التعبير عنها أو بحثها صراحةً.

لكن لا غنى عن قياسها إذا أردت أن تُحَسِّن أيَّ جانب من جوانب حياتك، فأنت بحاجة إلى تحديد طبيعة التحسُّن الذي يطرأ على المجال الذي تعمل عليه، أمَّا اعترافنا بعدم وجود طريقة وحيدة لقياس الطاقة، فلا يعني أنَّه لا يمكننا أن نحاول قياس طاقتنا الخاصة.

شاهد بالفيديو: 10 أمور مذهلة تحدث للجسم عند الاسترخاء

3 أنواع للطاقة الشخصية:

كنت أُجري بحثي الخاص عن الطاقة الشخصية، وقرأت كتباً مثل "قوة الاندماج الكامل" (The Power of Full Engagement) وكتاباً آخر بعنوان "التدفق" (Flow)، كما قرأت مقالات علمية وجدتها على محرك بحث "غوغل سكولار" (Google Scholar)؛ لكنَّ الأكثر أهميةً من ذلك أنَّني كنت أعمل مدرباً منذ عام 2015، ودربت أكثر من 2500 شخصاً على أن يكونوا أكثر إنتاجيةً.

اكتشفت أنَّ مستويات الطاقة تختلف إلى حد كبير من شخص إلى آخر، وغالباً لا ندرك أهميتها وهذا ما دفعني للبحث في الطاقة الشخصية في المقام الأول.

في مرحلة ما أدركت أنَّ طاقتي ليست ذات مستوى ثابت؛ ففي بعض الأيام كنت أشعر بالسعادة والحماسة والحيوية، وفي أيام أخرى كنت أشعر بالتعب والإحباط وفقدان الحماسة لأيِّ شيء.

إضافة إلى ذلك كانت لدي فترات أحياناً تمتد لأسابيع؛ بل لأشهر أشعر فيها بالحيوية، لكن في المقابل كانت ثمة أسابيع شعرت فيها بانخفاض مستوى الطاقة، وعندها أدركت أنَّه لا يوجد مقياس واحد للطاقة الشخصية، وذلك وفقاً لاستنتاجي بأنَّه يوجد 3 أنواع للطاقة، وإذا أصيب أحد هذه الأنواع الثلاثة بخلل فإنَّ نظامك بأكمله يختل، وهذه هي الأنواع الثلاثة للطاقة:.

كيف يمكننا أن نرفع من مستوى كل نوع من هذه الأنواع الثلاثة؟ على الرَّغم من وجود العديد من العوامل التي تؤثِّر في مستويات الطاقة إلَّا أنَّنا سنقدِّم نصيحة واحدة لكلِّ نوع من هذه الأنواع.

1. مارس التأمل من أجل زيادة الطاقة الذهنية:

للتأمل عدة أشكال، وأقترح عليك تجربة تأمل اليقظة الذهنية؛ أي التأمل الذي يقوم على التركيز على اللحظة الحالية، فقد أظهرت الأبحاث فوائد كثيرة لهذا النوع من التأمل، ولا يسعنا هنا ذكرها كلها لكن يكفي أن نبيِّن أنَّ هذه الممارسة التي تعود لآلاف السنين مع ما رافقها من أبحاث، أظهرت أنَّها فعالة جداً في تحسين التركيز والانتباه.

هذا ما سوف يمنحك المزيد من الطاقة الذهنية، فعندما تصبح أفكارك مشتتة فإنَّك تُصاب بالإرهاق، وتصبح الحياة مُتعِبة، وتنخفض قدرتك على التركيز؛ لأنَّك تفقد المنظور الصحيح للأمور، وتتضاءل قدرتك على التخطيط للمستقبل القريب حتَّى، إضافة إلى ذلك فإنَّك تصبح عاجزاً عن اتخاذ موقف محدد بشأن ما يعترضك في الحياة، وهذا ما يحدث عندما لا تمارس التأمل.

عندما تستعيد صفاء الذهن ستعود متفائلاً وتُذهَلُ بجمال العالم الذي تعيش فيه، وكل ما ذكرناه عن التأمل قد يبدو سخيفاً إذا لم تجربه بنفسك، في الواقع أنا نفسي كنت أسخر من الناس الذين يمارسون التأمل.

جرِّب التأمل وستستمر بممارسته لما ستراه من فوائد، أمَّا إذا كنت تمارس التأمل فعلاً وما زلت تعاني انخفاض في الطاقة فجرِّب نوعاً آخر من التأمل، يمكنك تجربة التأمل في أثناء الجري أو المشي؛ فالتأمل يشبه ممارسة التمرينات الرياضية، وكل شخص يفضِّل نوعاً مختلفاً من التمرينات.

2. مارس الرياضة لتحسين طاقتك الجسدية:

لا حاجة لأن نذكر أنَّ ممارسة الرياضة تقوي عضلات الجسم؛ لكنَّ المشكلة أنَّ معظمنا لا يخصص الوقت الكافي لممارستها، لكن لنكن واقعيين لا يوجد أحد ليس لديه الوقت لممارسة الرياضة ولو لوقت قصير يومياً.

أخبرتني إحدى المتدربات أنَّها كانت تتخذ من نمط حياتها المزدحمة ذريعة لتتهرب من ممارسة التمرينات، وتقول لا شيء أسهل من تقديم الأعذار، فتقول لنفسك لديَّ كثير من العمل وكثير من الواجبات المنزلية وغير ذلك.

جميعنا مررنا بهذه التجربة، وقلنا إنَّنا لا نملك الوقت على الرَّغم من أنَّنا نملك الوقت لمشاهدة التلفاز لمدة ساعتين يومياً، وأكثر من ساعة يومياً نقضيها على مواقع التواصل الاجتماعي؛ لذلك إذا أردنا أن نكون واقعيين فيجب أن نعترف أنَّ بإمكاننا أن نجد الوقت.

إقرأ أيضاً: 11 خطأ يقع فيها الناس حين يمارسون الرياضة

3. تفاعل مع الآخرين لتحسين طاقتك العاطفية:

هذا أمر بالغ الأهمية لمجتمعاتنا المعاصرة؛ ففي المدن المكتظة يعيش الناس بعزلة عاطفية عن بعضهم في حين أنَّه لا تفصل بينهم حواجز مادية، وهنا نؤكِّد مجدداً أنَّ الدراسات أظهرت أنَّ التفاعل الاجتماعي له أثر كبير في عافيتنا.

نحن بطبيعتنا كائنات مُتعاطفة، وجميعاً لدينا القدرة على إظهار الاهتمام والتعاطف، لكن إذا كنَّا منعزلين فلا يمكننا القيام بذلك.

كلما بالغت في عزلتك انتابتك مشاعر سلبية، وفي عالم اليوم يشعر الناس بالاستياء سريعاً، كما أنَّهم منغلقون على ذواتهم، وهذا ما يؤدي إلى التباعد الاجتماعي؛ لكنَّك مسؤول عن نفسك فقط، وإذا أراد الآخرون أن يبقوا منعزلين فهذا شأنهم، لكن لا تدع ذلك يؤثِّر في قدرتك على التعاطف.

لقد كنت أدير شركة تجارية مع أفراد عائلتي لمدة 9 سنوات، وقد وضع هذا العمل علاقتنا أمام اختبارات كثيرة، لكن بالنتيجة تحسَّنت قدرتنا على التعاطف.

أشجع الجميع على الاهتمام بالآخرين أكثر، وأن يعبِّروا عن هذا الاهتمام بقضاء المزيد من الوقت مع بعضهم، ليس من أجل المصلحة المادية أو لغايات خفية، لكن من أجل الحصول على فوائد التفاعل مع بعضنا.

أنصح أيضاً بأن نلتقي أشخاصاً جدد، وهذا شيء جيد يجب أن يرغب الإنسان في فعله دوماً؛ وذلك لأنَّ التواصل مع بعضنا يمنحنا الطاقة، لا سيَّما عندما نتفاعل مع أشخاص آخرين لديهم نظرة إيجابية للحياة.

إقرأ أيضاً: 7 نصائح لتحسين الصحة النفسية والعاطفية

في الختام:

عندما أركِّز على الأشياء الثلاثة المذكورة أعلاه فإنَّني أشعر بارتفاع هائل في مستويات الطاقة لدي، وعندما تنخفض طاقتي أعود دائماً إلى التأمل والتمرين والتفاعل البشري، وأنت إذا لم تكن على ما يرام، فإنَّ المشكلة حتماً في أحد أنواع الطاقة التي ذكرناها؛ ومن ثمَّ يكمن الحل هناك أيضاً.

أهم شيء يجب تذكُّره هو أنَّ الحصول على الطاقة الشخصية وإدارتها وتعزيزها أمر معقد، ولا توجد طريقة محددة لتحسين مزاجك، لكن ما يمكنني قوله إنَّه لا يمكن أن تشعر بالرضى إذا أهملت أحد هذه الأنواع الثلاثة، فيمكنك التأمل وممارسة الرياضة، لكن إذا كنت تعيش في عزلة فما تزال تفتقد الطاقة التي تحصل عليها من التفاعلات الاجتماعية.

أنت بحاجة إلى طاقة عقلية وجسدية وعاطفية لتشعر بالرضى، وعندما تشعر بالرضى، فإنَّ الأوقات العصيبة لن تكون ذات أثر بالغ فيك، وبالمقابل ستتضاعف الفوائد التي تجنيها من الأوقات الجيدة التي لا يكون لديك فيها أي مشكلات؛ وهذا هو السر لحياة جيدة دوماً، كل ما عليك فعله هو أن تعامل هذه الأنواع الثلاثة من الطاقة الشخصية بعناية وشاهد النتائج المذهلة بنفسك.

المصدر




مقالات مرتبطة