كيف تحافظ على تواضعك وتدرك قيمة نفسك؟

كيف يحافظ المرء على تواضعه، ويدرك قيمته وإمكاناته؟ هذا سؤال مثير للاهتمام، ويبدو أنَّ الافتراض الكامن وراءه، هو أنَّ الاعتراف بقيمة المرء يتعارض مع كونه متواضعاً، والأمران لا يتعارضان في الواقع؛ بل يتوافقان مع بعضهما بعضاً إلى حدٍّ كبير، وهذا يذكِّرني باعتقادٍ مغلوطٍ متداولٍ بين الناس عن التكبُّر والثقة.



كيف تتأكَّد من أنَّك لا تبدو مفرط الثقة؟

قبل أن أبدأ رحلاتي إلى أوروبا، نفَّذتُ مع شركة "جوبس سنترال" للتوظيف (JobsCentral)، ورشات عملٍ في مجال التطوير الوظيفي لمدة عام، وتناولت في إحدى تلك الورشات، التي كانت أكثرها رواجاً، موضوع النجاح في مقابلات التوظيف، وشرحت فيها للمشاركين عن أهم العوامل للتفوق فيها، ومن بينها الثقة، وأحد الأسئلة الأكثر شيوعاً التي كانت تُطرح عن الثقة هي: "كيف تكون واثقاً من نفسك دون أن تبدو متعجرفاً؟" أو "كيف تتأكَّد من أنَّك لا تبدو مفرط الثقة؟".

والحقيقة هي أنَّ الثقة لا علاقة لها بالتكبُّر؛ فالأشخاص المتكبِّرون، أو الذين يبدون كذلك، يفتقرون للثقة بالنفس، وللتعويضِ عن شعورهم بالنقص، يبدون متعجرفين هكذا.

وللسببِ ذاته، فإنَّ إظهار الثقة بالنفس بأسلوبٍ مبالغ به، لا علاقة له بالثقة أبداً؛ بل يشير إلى حالة من الغرور والتباهي، في حين أنَّ الثقة مرتبطة بمعرفة قيمتك والشعور بالرضى عن نفسك، فالأولى مرتبطة بانعدام الأمان والشعور بالقلق، وتقترن الأخيرة بالطمأنينة والسلام الداخلي؛ فكلاهما تشيران إلى أشياء مختلفة.

شاهد بالفيديو: كيف تبني تقدير الذات؟

إظهار الثقة المبالغ فيه:

ولهذا أرى أنَّ إظهار الثقة المبالغ به تعبيرٌ أُسيء تفسيره، وربما ظهرَ لأنَّ الثقة غالباً ما ترتبط بسهولة التعبير عن الذات، في حين أنَّ الأشخاص المُتكبِّرين أو المبالغين بإظهار الثقة بالنفس، غالباً ما يعبِّرون عن أنفسهم تعبيراً مفرطاً، ومن هنا جاء استخدام تعبير "إظهار الثقة المبالغ به" للإشارة إلى النوع الأخير.

وبالعودة إلى السؤال المطروح، فإنَّ التواضع لا يتعارض مع الاعتراف بقيمتك؛ وذلك لأنَّ الاعتراف بها يعني معرفة نفسك وإدراك قيمتها وتقبُّلها؛ فعندما تدرك قيمتك، تعيش بسلامٍ مع نفسك متحرراً من أي رغبةٍ في التباهي أمام الآخرين، أو إظهار الثقة بالنفس بأسلوبٍ مفرط؛ وذلك لأنَّك بغنىً عن فعل ذلك، فقد تتحدث عن إنجازاتك، وهو أمرٌ نابعٌ عن نية صادقة للاحتفاء بها ومشاركة فرحتك مع الآخرين، وليس بقصد التباهي؛ ومن هنا يأتي التواضع بصفته نتيجةً طبيعيةً لذلك.

إقرأ أيضاً: 19 طريقة لبناء ثقتك بنفسك

نتيجة أن تجهل قيمة نفسك:

ومن جهةٍ أخرى، عندما تجهل قيمة نفسك، تكون النتيجة أمراً من اثنين: إمَّا الغطرسة؛ إذ تتبنَّى شخصية متفاخرة، وتحط من قدر الآخرين لانعدام شعورك بالأمان، والثاني هو التحفُّظ؛ إذ تصبح متحفِّظاً وخجولاً بأسوبٍ مفرط في حضور الآخرين، وكلاهما نابع من نفس السبب الجذري، وهو انعدام الأمن؛ وذلك لأنَّهما تعبيران مختلفان لذات المشكلة.

لذا، امضِ قدماً، وتقبَّل مواهبك الطبيعية بحرية وصدق وبلا قيود؛ وذلك لأنَّك عندما تفعل ذلك، تتصرَّف على سجيَّتك وتزدهر، وتعيش حياة طبيعية، مُخلِصاً للفضائل السامية المتمثِّلة بالتواضع والحب واللطف.

المصدر




مقالات مرتبطة