كيف تتوقف عن تعدد المهام؟

هل تريد التوقف عن تعدد المهام؟ معظمنا مدمن عليه، فمن المحتمل أنَّك تفعل شيئاً آخر الآن، فقد تكون في اجتماع، أو تعمل على مشروع، أو تتحدث إلى شخص ما على الهاتف، أو تمارس التمارين الرياضية، أو تتناول العشاء، أو تقوم بأي نشاط آخر، وحتى إذا كنت تركِّز بنسبة 100% على قراءة هذا المقال، فمن المحتمل أنَّك تمارس تعدد المهام على مدار اليوم، فمعظمنا يفعل ذلك؛ إذ تظن أنَّه من الجيد أن تكون مشغولاً، لكن في الوقت نفسه، قرأنا جميعاً أنَّ تعدد المهام أمر غير فعَّال.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب "داريوس فوروكس" (Darius Foroux)، والذي يحدثنا فيه عن كيفية التوقف عن تعدد المهام.

في السنوات الأخيرة، انتبه الناس للتأثير السلبي لتعدد المهام في العقل؛ إذ يتراجع أداؤك عند تعدد المهام، إضافة إلى ذلك، في "الولايات المتحدة" (The United States) وحدها، تهدر الشركات 650 مليار دولار؛ لأنَّنا لا نستطيع التوقف عن تعدد المهام، فلماذا يصعب التوقف عن فعل الأشياء التي تؤذينا؟

أنا أعتقد أنَّ جميع الآثار السلبية لتعدد المهام غير مرئية لنا، فإذا أخبرك أحدهم: "تخسر الشركات الكثير بسبب تعدد المهام"، لن ترى أنَّ هذا الكلام منطقي، فنحن نقرأ عن تعدد المهام ونستمر في القيام به، وسلوكنا لا يتغيَّر، لكن ماذا لو أخبرتك أنَّ الحياة أفضل عندما تتوقف عن فعل كثير من الأشياء في نفس الوقت؟

إليك بعض الأسئلة:

  1. هل شعرت من قبل بالقلق؟
  2. هل تشعر بالحاجة إلى إمساك هاتفك كل 5 دقائق؟
  3. هل تجد صعوبة في التركيز على أمر واحد؟
  4. هل تعاني في علاقاتك بسبب سلوكك المشتت؟
  5. هل تعاني في عملك بسبب نفس سلوكك المشتت؟

إذا أجبت بنعم عن هذه الأسئلة، فهذا يعني أنَّك مدمن على تعدد المهام، فلا يجب أن تكون مشتتاً طوال الوقت أو لديك قابلية للتشتت، فمن غير الطبيعي أن تتحقَّق من بريدك الإلكتروني كل 5 دقائق، أو ترد فوراً على الرسائل النصية، بصرف النظر عمَّا تفعله، أو أن تقرأ الأخبار كل 10 دقائق، لماذا تحتاج إلى كل هذه الأشياء؟ أظن أنَّك لا تملك إجابة شافية، على الأقل، ليس لديَّ أنا إجابة أيضاً، فكل الأمثلة التي أعطيها من حياتي الخاصة، فلطالما شعرت بالضيق، وافتقدت شيئاً ما، وكنت أفكر دائماً:

  • "هل هناك أي رسائل بريد إلكتروني جديدة يجب عليَّ الرد عليها؟".
  • "من يجب علي أن أراسل الآن؟".
  • "ماذا يفعل الشخص الفلاني؟".
  • "هل توجد أي مقالات جديدة؟".
  • "هل توجد أخبار جديدة؟".

كنت أفكِّر في تلك الأفكار في كل وقت خلال اليوم، في أثناء الاجتماعات، وفي أثناء تناول الإفطار والغداء والعشاء والعمل والاسترخاء والجري، فقد كنت مهووساً بفعل أشياء متعددة في نفس الوقت؛ إذ تتأثر جودة الحياة بشدة إذا كنت عبداً للمشتتات، ولكنَّني أعتقد أنَّك لا يجب أن تكون عبداً لأي شيء، وأنَّك يجب أن تسيطر سيطرة كاملة على عقلك، وليس العكس.

إذا لم تتمكَّن من التوقف عن تعدد المهام وبقيت مدمناً عليها، فإنَّ دماغك سيتحكَّم بسلوكك، لكن هذا ليس عمل دماغك، فأنا شخص براغماتي، ووفقاً للبراغماتية، فإنَّ العقل مجرد أداة لحل المشكلات، ولا يوجد استخدام عملي آخر لعقلك، إذاً لماذا تسمح له بالسيطرة على أفعالك؟

شاهد بالفيديو: كيف تُنجز مهامك في أقصر مدة ممكنة؟

لماذا توقفت عن تعدد المهام؟

إذا كنت معتاداً على تعدد المهام، فمن الصعب التوقف، فأنت تحتاج إلى سبب مقنع للقيام بذلك، وكان سبب توقفي عن تعدد المهام بسيط، وهو الوقت، وكما قال رجل الأعمال "ستيف جوبز" (Steve Jobs): "أشيائي المفضلة في الحياة لا تكلِّفني أي أموال، ومن الواضح أنَّ أثمن مورد لدينا جميعاً هو الوقت".

قد تعتقد أنَّ تعدد المهام يوفِّر الوقت، لكنَّ العكس هو الصحيح، ففي كل مرة تقوم فيها بالتبديل بين المهام، يستغرق الأمر ما يصل إلى 9 دقائق لإعادة التركيز على المهمة الأصلية، وهذا يسبِّب إضاعة كثير من الوقت؛ ولأنَّني لا أريد أن أضيِّع وقتي على كوكب الأرض، فقد توقفت تماماً عن تعدد المهام.

التزم التزاماً كاملاً:

أحد كتبي المفضلة عن العادات هو "الطقوس اليومية" (Daily Rituals) من تأليف الكاتب "ميزن كاري" (Mason Currey)، وإذا كنت لا تعرف هذا الكتاب، فهو عبارة عن مجموعة من أنظمة العمل لعديد من أعظم العقول في التاريخ؛ إذ يمكنك أن تقرأ عن عادات العالم "نيكولا تيسلا" (Nikola Tesla)، والرئيس السابق "بنجامين فرانكلين" (Benjamin Franklin)، والكاتبة "جين أوستن" (Jane Austen)، والكاتب "فولتير" (Voltaire)، والكاتبة "آين راند" (Ayn Rand)، وأكثر من 160 شخصية أخرى.

على سبيل المثال، عمل طبيب الأعصاب "فرويد" (Freud) ستة عشر ساعة في اليوم، لكنَّ الكاتبة "جيرترود ستاين" (Gertrude Stein) لم تستطع الكتابة لأكثر من ثلاثين دقيقة، والشيء المشترك لمعظم الأشخاص المذكورين في الكتاب هو أنَّهم تمكَّنوا من إيجاد وقت للعمل دون انقطاع، وإلا كان من المستحيل إنجاز أمورهم، كما ذهب معظمهم في نزهات طويلة، أو أغلقوا باب مكاتبهم لساعات، أو كان لديهم روتين يومي صارم جداً، ولقد فعلوا هذه الأشياء ليفكِّروا وحدهم، أو يجدوا الهدوء، أو يركِّزوا فقط على حل المشكلات.

عندما نلتزم حقاً، فإنَّنا لا نقوم بمهام متعددة؛ لأنَّنا نكون مشغولين جداً بالمهمة التي نقوم بها، وهذه إحدى المشكلات الأساسية في تعدد المهام، فنحن فقط نقوم بمجموعة من الأشياء الغبية في نفس الوقت، لكن هل سبق لك أن مارست تعدد المهام في نشاطات تسعدك وتتحمس لها؟

لا أشعر بالحاجة إلى إمساك هاتفي عندما أُجري محادثة ممتعة، أو عندما أستمتع بالطبيعة، أو عندما أتناول وجبة رائعة؛ لذلك إذا كنت لا تعرف ما الذي يجب عليك فعله بخلاف التحقق من بريدك الإلكتروني أو الأخبار أو وسائل التواصل الاجتماعي، فإليك بعض الأفكار:

  • اذهب في نزهة مشياً لمدة ساعة دون أجهزة إلكترونية.
  • اقضِ عطلة نهاية الأسبوع في كوخ دون إنترنت.
  • ضع جميع أجهزة التلفاز في الطابق السفلي أو العلية واقرأ فقط في أثناء فترة الراحة.
  • اذهب لصيد السمك.
  • مارس رياضتك المفضلة.
  • خذ قيلولة.
  • اكتب في دفتر يومياتك.
  • استمع إلى ألبوم من بدايته إلى نهايته.
  • ابدأ بتسجيل يومياتك كمقاطع فيديو.
  • اكتب قصيدة لشخص تحبه.
  • قم بعمل رائع.
إقرأ أيضاً: تعدد المهام هو هدر للإنتاجية: إليك كيفية منع موظفيك من القيام به

في الختام:

كن مبدعاً؛ لأنَّ هذه الأنشطة على عكس الأنشطة العشوائية، تحفِّز عقلك؛ إذ يصبح عقلك أقوى إذا فعلت هذه الأشياء، فاجعلها تمريناً لعقلك، وبوجود عقل قوي، يمكنك عملياً تحقيق أي شيء يمكنك تخيله في الحياة، وكما قال الملاكم الشهير "محمد علي" (Muhammad Ali): "إذا استطاع عقلي تصور هدفي، وصدَّقه قلبي، فعندئذ يمكنني تحقيقه"؛ لذا عليك فقط أن تؤمن في كل مهمة على حدة.




مقالات مرتبطة