كيف تتعامل مع الركود الاقتصادي؟

يجب أن يكون الفرد منفتحاً ومنتبهاً للفرص المتاحة وقادراً على تمييزها عندما تحين، حتى يتعايش مع الركود الاقتصادي والأزمات المرافقة له، أي يقتضي الحل في ظل هذه الظروف أن يسعى الفرد ويبحث عن الفرص المتاحة ويثق بقدرته على إيجادها.



لا تتوقَّف الحياة في ظل الأزمات الاقتصادية؛ بل تستمر عمليات البيع والشراء لتأمين الاحتياجات، وتواصل الشركات العمل على توفير المنتجات والخدمات التي تلبي احتياجات المستهلكين، وتزداد المخاوف عندما تحل الأزمات الاقتصادية، ويفترض بعضهم أنَّ حركة الاقتصاد والمبيعات على وشك التوقف في جميع أنحاء العالم، فهذا الافتراض أبعد ما يكون عن الصواب.

لم تتوقف حركة الاقتصاد عندما حل "الكساد الكبير" (Great Depression) في ثلاثينيات القرن الماضي؛ بل استمرت حركة الأسواق، وبلغت نسبة الأفراد العاملين في الولايات المتحدة الأمريكية حوالي 75%، وبرز عدد من الأثرياء خلال فترة "الكساد الكبير"، وتعود ثروة هؤلاء الأفراد إلى الفطنةِ والقدرة على اكتشاف الفرص واستثمارها.

الاحتياجات الجديدة التي تفرضها الأزمات الاقتصادية:

ازدهرت صناعة الأفلام السينمائية خلال فترة "الكساد الكبير"؛ بسبب تزايد القلق والمخاوف إزاء الوضع الاقتصادي آنذاك، وبرزت الأفلام السينمائية في حينها بوصفها وسيلة تساعد الأفراد على التخلص من القلق والشعور بالراحة والطمأنينة ولو لفترة وجيزة ومؤقتة، وكانت صناعة الأفلام السينمائية بمنزلة حاجة وفرصة في آنٍ معاً، وبتكلفة مقبولة بالنسبة إلى عامة الناس، وتتوفر الفرص في شتى الظروف والأحوال، ولكن يصعب على الفرد ملاحظتها في وقت الأزمات لأنَّها تكون مختلفة، وتأتي استجابةً للاحتياجات الجديدة غير المسبوقة.

تقتضي الفرص في أوقات الرخاء مواصلة العمل والإنتاج بشكل طبيعي، على عكس الأزمات التي تُحدث نقلةً نوعيةً استجابةً للاحتياجات والمطالب الطارئة، وتفرض التخلي عن الأشياء التي لا تناسب المرحلة الراهنة والبحث عن بدائل تلبي الاحتياجات الجديدة.

الركود الاقتصادي هو فرصة بحد ذاته لمن يقرر الاستفادة منه، وتكون الفرص مختلفة في أوقات الأزمات وغير مألوفة بالنسبة إلى الفرد، كما أنَّها تتطلب منه تجاوز منطقة راحته؛ إذ يشعر الإنسان في وقت الأزمات بالتوتر النفسي الناجم عن التغيير والحاجة إلى مغادرة منطقة راحته، والبحث عن مسار أو توجه جديد في حياته.

شاهد بالفديو: أكبر 5 تحديات في الاقتصاد العالمي الجديد وطرق مواجهتها

استثمار الفرص المتاحة:

يقرر الفرد خوضَ تجربة جديدة تغير مساره، وتوجهه في الحياة وتؤدي إلى تحقيق نتائج تختلف عن الأهداف التي كان يسعى إليها بالأساس، لذا قام زوجان شابان في عام 1927 باستثمار كشك لبيع الشطائر والمشروبات، وأطلقوا عليه اسم "ذا هوت شوبي" (The Hot Shoppe)، ولقد لاقى المشروع نجاحاً كبيراً، ثم رأى الزوجان أنَّ الطرق السريعة الجديدة في الولايات المتحدة الأمريكية تقدم لهما فرصة لا تُعوَّض لعرض مزيد من الخدمات، وعندها قررا افتتاح فندق صغير للمسافرين والسائقين، وشهد المشروع نجاحاً منقطع النظير وبفضله تمكن الزوجان من بناء أحد أفخم سلاسل الفنادق في الولايات المتحدة الأمريكية، إذ بلغ عدد الحجوزات فيه في عام 2007 ما يزيد عن 50000 حجز في اليوم الواحد.

يجب عليك أن تغتنم الفرص المتاحة وتسارع إلى تقديم الخدمات وتلبية الاحتياجات الجديدة التي تفرضها التغيرات في العالم، لذا فلتكن شجاعاً وواثقاً من قدرتك على استثمار الفرصة وتحقيق هدفك، لقد اكتشفتَ الفرصة بنفسك، وهذا الأمر الذي يجعلك المرشح المثالي لاستثمارها، وهنا يبرز السؤال الآتي: كيف يمكنك أن تميز الفرص الجديدة؟

إقرأ أيضاً: 6 نصائح تساعدك على الاستعداد لمواجهة فترات الركود الاقتصادي (1)

كيف تميز الفرص؟

يعاني بعضهم من عجزهم عن تمييز الفرصة؛ بسبب خوفهم من مغادرة منطقة راحتهم، لذا يمكن تعريف منطقة الراحة على أنَّها حالة ذهنية تعوق تقدم الفرد الذي يكون راضياً عن وضعه وغير راغب بالسعي خلف أهدافه وطموحاته أو تحقيق التقدم في حياته.

يتطلب اكتشاف الفرص الجديدة واغتنامها إجراء بعض التغييرات النوعية التي تجبر الفرد على الخروج من منطقة راحته، لهذا السبب بعينه يخشى الإنسان التغيير ويحاول تجنبه قدر الإمكان، ويسبب التغيير شعور الفرد بالخطر والذعر على المستوى العاطفي والجسدي والمالي، وفي جميع الأحوال، يجب أن يتقبل التغيرات المرافقة للركود الاقتصادي والأزمات المصاحبة له لكي يتعايش مع الوضع الجديد، ويكون على قدر المنافسة في السوق ويعمل بكفاءة وفاعلية عالية.

يعود سبب تسمية "منطقة الراحة" بهذا الاسم لكونها تجعل الفرد منغلقاً على نفسه ورافضاً للتغيير، وهي لا تفسح المجال للإبداع أو الابتكار أو خوض التجارب الممتعة، ويبحث الفرد في منطقة الراحة عن مزيدٍ من الخطط والاستراتيجيات التي تساعده على الحفاظ على شعوره بالراحة والاستقرار، وتؤثر منطقة الراحة في جميع الأفراد؛ لهذا السبب يفقد العاملون في الشركات رغبتهم بإحراز التقدم وتحقيق طموحاتهم المهنية، ويحدث هذا بسبب رضى العاملين عن وضعهم وافتقارهم إلى الشغف والطموح، ويتطلب الركود الاقتصادي والأزمات المرافقة له عقلية وموقفاً مختلفاً عمَّا تفرضه منطقة الراحة.

إقرأ أيضاً: 6 نصائح تساعدك على الاستعداد لمواجهة فترات الركود الاقتصادي (2)

في الختام:

يجب أن يغير الفرد عقليته في أوقات الركود الاقتصادي، ويبذل ما بوسعه لاكتشاف الفرص الجديدة، واستثمار الأفكار الإبداعية غير المسبوقة، وقبول التغيير، وملاحظة الاحتياجات والمطالب الجديدة التي تفرضها معطيات المرحلة الراهنة، ويُنصَح أيضاً بمطالعة الكتب والمجلات وغيرها من وسائل الإعلام التي تكشف عن الاحتياجات الجديدة التي يمكن أن تلبيها خدماتك أو منتجاتك.

قد تكتشف استمرار الطلب على خدماتك ومنتجاتك في ظل الأزمة الاقتصادية لكنَّك تحتاج إلى عرضها بطريقة مختلفة، ويجب توضيح قيمة المنتجات أو الخدمات المقدَّمة، ودورها في تلبية احتياجات العملاء والعملاء المحتملين، لذا يمكنك أن تتواصل مع العملاء وتستعلم عن مشكلاتهم وهمومهم؛ لتكتشف الفرص المتاحة وتبدأ العمل على الخدمات والمنتجات التي تلبي الاحتياجات الجديدة في ظل الركود الاقتصادي.




مقالات مرتبطة