كيف تتعامل مع أولادك بعد الامتحانات بقلم لالدكتور الحضري لطفي.

  في  تعاملنا مع نتائج الامتحانات فإننا جميعا نقوم بسلوكيات عاطفية مرتبطة في "أذهاننا" برواسب متجدرة في ماضينا الاجتماعي، ما يجعلنا نطرق طرقاً لا نرضى عليها في الأخير>

جميع مدارس علم النفس تتفق على أن العاطفي مهم جداً في التوازن النفسي وأنه ليس هناك سلوك عقلي وآخر عاطفي، بل إن سلوكياتنا تتأرجح بين هاذين العنصرين. إلا أنني حين أستعمل "السلوك العاطفي" أقصد به ذاك السلوك المتسم بتأثير اجتماعي وعائلي، حيث أن الشخص نفسه لا يدرك لماذا تصرف بهذه الصورة، وكيف يستطيع السيطرة على هذا السلوك حتى لا يعود إليه مرة أخرى. وإننا حينما نطرق مناهج للسيطرة على الدوافع العاطفية لا يعني أننا أصبحنا عقلانيين، بل فقط أصبحت لنا قدرة أكبر على التوازن بين "السلوكيات العفوية" والسلوكيات المتبصرة".



 نستنتج مما قيل بأن التفاعل بين الآباء والأبناء الذي يلي ظهور النتائج، مصدر مهم في صيرورة النجاح أو الفشل.

إن ظاهرة الفشل أو النجاح لا ترتبط مباشرة بالامتحان الآني بل هو وليد تفاعل إيجابي أو سلبي يتكون عبر مظاهر تفاعلية.

ولهذا فإن طريقة التعامل مع الأبناء في الحالتين جد مهم، وإن كنا نعتقد أنه في حالة النجاح الأمور لا تتطلب كثيرا من تقنيات التفاعل لترسيخ مفهوم النجاح، حيث نشير فقط إلى النقاط التالية:

-أن يقوم الآباء بالكلام على النجاح، كيفما كان سن الطفل (السن المرتبط بالامتحان)

 -عدم إهمال النتائج الجيدة، و ربط هذه النتائج بالقدرات الشخصية للأبناء،

 - تذكير الابن بالمجهودات التي كان يقوم بها.

 - ربط النتائج بقدرته على الاستمرار في العمل.

 - ربط النتائج بقدرته على تنظيم أوقات "فراغه".

 - ربط النتائج بكفاءته في اختيار الأصدقاء.

 - ربط النتائج بصلاته ودعاءه لرب العالمين.

 إعطاء هدية هادفة في حالة اجتياز امتحان مهم "مثل الباكلوريا"

 أما في حال الفشل أو الرسوب فيجب التعامل مع هذه الظاهرة بحذر وتميز لأن سلوك الأبوين يكون محسوبا أكثر من حالة النجاح،و حالة الفشل لها خصوصية نفسية سلبية. يكون فيها الأطفال على حساسية عالية وخاصة البنات.

 إننا ننصح باتباع الطرق الآتية، مع الأخذ بعين الاعتبار خصوصية الطفل/المراهق أو الشاب.

عدم ربط النتائج بشخصية الطفل. جميع الأخصائيين النفسانيين متفقون على هذه النقطة. أنا شخصياً لا أريد الانتقال إلى النقطة التالية، إلا بعد أن يستوعب الآباء والأمهات هذه النقطة.

إن ربط النتائج بالشخصية تدفع الطفل/المراهق إلى ربط شخصيته بحالة الفشل، التي قد تولد عنده إحساسا بأنه شخص فاشل على الدوام، مما قد يؤدي إلى كره المدرسة وبالتالي رفض تكرار السنة والهروب إلى حرفة ما قبل إنهاء مشواره الدراسي.

إظهار حالة عدم الرضى على وضع الرسوب... تحسيس الطفل بغضبك دون الإنفلات إلى حالة العنف

 - ربط النتائج بقلة الساعات التي كان يقضيها للمراجعة

 - ربط النتائج بالتسيب في تنظيم وقت "الفراغ"

 - ربط النتائج بمصاحبته أصدقاء دون المستوى (إن كان هذا صحيح)

 - ربط النتائج بعدم إعطاء أهمية للدراسة

 - ربط النتائج  بتـأخره في النوم

 - ربط النتائج بكثرة مشاهدته للتلفاز

ومن ثم يمكن القول:

 - أنه ليس ضروريا أن تضعوا للطفل/المراهق برنامجا في العطلة الصيفية للدراسة والمراجع. ولكن يمكن أن تتدارسوا مع الطفل/ المراهق في أن يقترح برنامجا خفيفا ليبقى مرتبطا بالمناهج الدراسية، لكي لا يحس بأن البرنامج العائلي هو عقاب له على رسوبه.

 - لاداعي بثاثا لمعاقبة الطفل/ المراهق بأي طريقة على رسوبه كان ذلك ضربا أو حرمانا من التمتع بالعطلة أو من السفر في العطلة

 - لا داعي على الإطلاق لأن يتم حرمان الطفل/المراهق من شيئ قدم لأخوانه على نجاحهم.

 - لا داعي على التركيز في كل لحظة على رسوب الطفل وخاصة عند السفر وعند اللعب.

 - لا داعي على الإطلاق مناقشة موضوع الرسوب على طاولة الطعام لما للأكل من رمز عاطفي يربط الطفل/ المراهق مع الأباء.

 - لا داعي لمقارنته مع إخوانه أو جيرانه أو أطفال/المراهقين في أسرته، إلا أن تكون مقارنة رمزية.

نحذر على الخصوص من ربط الفشل بالحب، أي استعمال الأسلوب التالي:  

 - "أنا تنحب خوتك حيت نجحوا"

 - "أنا للي تنجحوا هما لقريبين لي"

 - "أنا متنحملش للي لتيسقط"...الخ

كل هذه الألفاظ وغيرها من الألفاظ التي تحمل دلالات عاطفية، قد تسبب في أمراض نفسية خطيرة لهذا نحذر الأبوين من استعمالها.

أعود للنقطة الأولى لأهميتها. هذا السلوك الارتباطي، قد يدفع الطفل المراهق إلى استعمال بعض الآليات النفسية السلبية، تكرس مفهوم الفشل وأذكر منها.

آلية التعميم" ونعني بها أن الطفل/المراهق حينما يربط الفشل بشخصيته بإستعمال الأساليب مثل:

 - "أنت شخص فاشل"

 - أنت "عمرك متنجح"

 - "صحابك حسن منك"

 - "معمر ميكون منك شيحاجة"

فإن ذهن الطفل سيقوم بتعميم "عملي"، هذا الكلام يرتبط بالشخصية واقعياً، مما سيدفعه إلى فقدان الثقة بالنفس ومن ثم القبول بالفشل.

"آلية الكارثية": ونعني بها بأن الطفل/ المراهق كلما هم بفعل شيئ إيجابي أو اجتيار امتحان ما، إلا وقام دماغه بتسريع هذه الحالة واعتقاده بأن كل ما سيقوم به يصبح كارثة له : "كارثة الفشل"، "كارثة الرسوب"، "كارثة الإهانة"، "كارثة الخجل". أي أنه ينظر إلى المستقبل بنظرة كارثية، مما سيدفعه إلى التخلي عن أي عمل قبل بدئه .

إن الحوار الأسري حول النجاح والفشل بالطرق العلمية الرصينة يساعد على محو مفهوم الفشل وتكريس مفهوم النجاح.

فلقد أثبتت العديد من الدراسات أن الحوار الأسري من أهم أسباب النجاح، فالحوار الأسري يساعد على:

 - القدرة على تجاوز محطات الفشل.

 - على التكرار و المعاود.

 - على الثقة في النفس والثقة في الحياة.

 - القدرة على التنظيم.

 - القدرة على ابتكار وطرح الحلول.

 - القدرة على النجاح الإجتماعي والتأقلم مع الظروف الجديدة.

 - تقدير الذات التي تساعد على إكتساب مهارات جديدة.

 ختاما نقول، تكريس مفهوم النجاح يتطلب حضورا عمليا من طرف الأب والأم وخاصة على مستوى قدرة ضبط النفس والقدرة على تحويل التفاعل السلبي إلى الإيجابي والثقة في قدرات أبنائهم آنيا ومستقبلا.