كيف تؤثر شخصيتك في تدبير شؤونك المالية؟

تفيد الدراسات بأن طريقة تعاملنا مع النواحي المتعلقة بإنفاق المال تختلف باختلاف شخصياتنا. فمن بيننا من هو مقتر وآخر مسرف وثالث معتدل. وقد قام المؤلف راي ليندر في كتابه "ماذا أفعل بنقودي" بتقسيم الشخصيات من هذه المنظور إلى 4 فئات كبرى، وفيما يلي استعراض لهذه الفئات وكيفية تأثيرها على أسلوبنا في إدارة شؤوننا المالية:


1. المتحفظون: وهؤلاء الأشخاص هم بطبيعتهم يمتازون ببعد التفكير والحرص على تأمين احتياجاتهم في المستقبل، والمواظبة على شراء العلامات التجارية ذاتها ومن المتاجر ذاتها. قد يبدو هذا التصرف سليما للوهلة الأولى، لكن ليندر قد تنبه إلى أن هذه الفئة تميل إلى التشدد والحذر المفرط حيال إنفاق المال، كما أن أفرادها لا يكفون عن التفكير في بناء مستقبل مثالي، حتى وإن أدى ذلك إلى حرمانهم من قضاء عطلة مفيدة مثلا أو استثمار أموالهم في مشاريع رابحة بصورة شبه مضمونة. وهذا يقود إلى الكثير من المشكلات، لاسيما نشوب الخلافات بين الأزواج.

إذا كنت من هذه الفئة: رغم أن البعض يعتبر هذا الأسلوب وصفة للنجاح، إلا أنك قد تواجه الكثير من المتاعب إذا ما حدثت تغيرات غير متوقعة تقوم على إثرها باتخاذ قرارات متسرعة بدافع الخوف.

2. المدبرون: لا يمانع أتباع هذه الفئة القيام ببعض الاستثمارات بعيدة المدى، فهم على استعداد أكبر للمجازفة مع الاحتفاظ بخطط بديلة للطوارئ. وغالبا ما يهتم المدبرون بالتجهيز لما يحتاجونه يوما بيوم ويسعون إلى تنفيذ خططهم بحذافيرها. ويرى هؤلاء الأفراد في أنفسهم كفاءة وذكاء أكبر من المحيطين بهم.

إذا كنت من هذه الفئة: فأنت تبرع بالتفكير على نطاق واسع، لكنك قد تسلط جل تركيزك على الصورة العامة بحيث تغفل عن التفاصيل. بمعنى آخر، قد يستغرق المدبرون في التفكير بالمستقبل بحيث يفوتون على أنفسهم فرصا ثمينة في الوقت الحاضر. لذا عليك أن تخصص جزءا من دخلك للتمتع باللحظات التي تعيشها اليوم.

3. الساعون نحو إرضاء الرغبات: وهم الأشخاص الذين يحرصون على إنفاق المال من منطلق التعبير عن هويتهم.كما ينتهجون أسلوب الإرضاء بطريقتين مختلفتين- إما إرضاء الذات أو إرضاء الآخرين. ويقول ليندر إن هذا الأمر يختلف عن التدبير حيث أن المدبر يسعى في المقام الأول إلى ضمان توافر الحاجات الأساسية، أما من يطمح إلى الإرضاء فإنه يسير وفقا لطبيعة العلاقات التي تصله بالآخرين وتحكمه أهواؤه. ويرى أصحاب هذه الفئة أنفسهم كأشخاص يهتمون لأمر غيرهم.

إذا كنت من هذه الفئة: ربما تقع فريسة لاستغلال مواردك المالية من قبل بعض الأفراد الذين يتلاعبون برغبتك في إسعاد الآخرين ولو كان ذلك على حساب نفسك. وحتى إن كان صاحب هذه الشخصية يسعى إلى إرضاء ذاته فقط، فإنه ربما يسيء لنفسه بفعل التبذير مبررا هذا الخطأ من منطلق أنه يستحق التمتع بأمواله. وباختصار، قد يعمد بعض أصدقائك إلى استغلال طيبتك ونواياك الصادقة في الاستفادة منك ماليا.

4. المندفعون: تميل هذه الفئة إلى الاستمتاع باللحظة والتجاوب مع المتغيرات أولا بأول. كما تتصف بالحماس الشديد ومن غير المحتمل أن يفكر أفرادها بما قد يحدث على المدى البعيد. يقول ليندر إن هؤلاء الأشخاص هم أكثر الناس عرضة للمخاطر المالية. ومن البديهي القول بأن المندفعين يرون أنفسهم كأشخاص سعداء ينعمون براحة البال.

إذا كنت من هذه الفئة: يتسم أصحاب هذه الشخصية بالتهور بشكل واضح وعدم الخشية من عواقب المجازفة، لكن تجدر الإشارة أيضا إلى أنهم واسعو الحيلة ويتحلون بنسبة كبيرة من الشجاعة للقيام بما ينبغي عليهم فعله.

ويؤكد ليندر على أن النتيجة الواجب استخلاصها من كل ما تقدم هي أن الأمر لا يتعلق بالمال بحد ذاته، وإنما بما يعنيه المال بالنسبة لك ولشريكك. لذا ينبغي عليك التأكد من رغباتك وعواطفك تجاه المال، ولا يعني هذا أن تستسلم لتلك الرغبات أو أن تكبتها، إنما يجدر بك أن تتفكر في إيجابياتها وسلبياتها بموضوعية وعقلانية حتى تصل في النهاية إلى قرار حكيم يخولك التحكم بمسار الأمور بدلا من الاستجابة لها فحسب.