كيف أدير حياتي؟

عنوان يحتاج إلى وقفة، وهذه الوقفة، وقفة تأمل وتفكر، فما وراء هذا العنوان؟ وماذا يعني هذا العنوان لي سواء كان من قريب أو من بعيد؟ وهل استطعت أن أدير حياتي؟ وهل كنت ايجابيا في إدارتها؟



تساؤلات تغوص في النفس الإنسانية لتعرف وتكتشف حال النفس وطبيعتها وسط تراكمات الزمان والمكان، وتسلسلات الأحداث والمواقف في الحياة الصعبة التي نحياها.

سوف أقوم بطرح بعض الأفكار والمعلومات التي على أساسها يمكنك أن ترسخ بعض المفاهيم والحقائق الإنسانية، وبإمكانك أن تعقد مقارنة بينها وبين ممارستك الحياتية الذاتية.

في هذا الإطار نجد أن كثيرا من الأمور تتداخل وتتشابك وتحتاج من يفك تشابكها وتعقيدها، ومن هذه الأمور قدرتك على تحديد أهدافك بدقة ووضوح، مع تحديد الأولويات في ظل الظروف السائدة، والمتغيرات الطارئة.

فمن خلال ذلك يجب الأخذ بعين الاعتبار أن تكون لديك القدرة على اتخاذ القرار والقدرة على تحمل المسؤولية، كما يجب عليك أن تحدد الانجازات التي تخطط لتحقيقها خلال الأيام  والأشهر والسنوات المقبلة، فإذا لم يكن لديك مثل هذه الخطة فلن تنجز شيئا له قيمة تذكر ويتزامن مع هذا العمل تنمية وإدارة وقتك واستثماره بشكل فعال، ويجب أن تستخدم الأسلوب الأمثل في التعامل مع الذات عن طريق التوافق الايجابي معها ومع المجتمع وظروفه، مع التمتع بالشعور بالرضا للوصول بالذات إلى قمم النجاح والرقي.

فحياتك هي من صنع أفكارك، فالأفكار التي تستثمرها، وتفكر فيها وتعيشها، هي التي تؤثر في حياتك وتحدد مبادئك واتجاهاتك ومعتقداتك.

وان عمرك الحقيقي سعادتك وراحة بالك فإذا اعتقدت انك مخلوق لصغائر الأمور، لم تبلغ في الحياة إلا الصغير منها وإذا اعتقدت انك مخلوق لعظائم الأمور شعرت بهمة تكسر الحدود والحواجز، وتنفذ منها إلى عالم السعي والعمل والانجاز.

ما أحوجنا إلى الابتسامة وطلاقة الوجه، وانشراح الصدر، ولطف الروح، والصبر في المواقف، والتأني والهدوء والتكيف مع الأمور، ويجب أن تتمتع بلين الجانب في هذه الحياة.  

هذه حياتك وكنزك المكنون، يجب أن تراعيها وتحافظ عليها، وتحتويها بين يديك، لترعاك وتعطيك وتثبتك، فتجني ثمار انجازك الكريم.

تساءلت.. كثيراً كيف يمكن أن يتحكم الإنسان في إدارة حياته المتغيرة دائماً والتي قد لا يملك أمامها الكثير من الخيارات؟، خصوصاً ولأنني كنت أفقد السيطرة و التحكم ببعض الظروف التي لا أملك عليها سلطان، فهناك صعوبة تكمن دائماً في المستجدات التي تطرأ على الحياة بشكل مستمر وتكون في غالبها صعبة ومرهقة ومتعبة للنفس، لأنها تتطلب مني التفكير الدائم في كيفية الحصول على فرص حياتية أفضل بأقل الخسائر والمتاعب، لذا يفشل الكثير منا في مواصلة الحياة بطريقة طبيعية بعيدة عن المشاكل النفسية التي تظهر مع كثرة التعقيدات وقسوة الظروف المحيطة. 

لكل إنسان منا نظرته الخاصة تجاه الحياة، فهناك من يرى الحياة باسمة جميلة لأنه شخص متفائل طموح وهناك من يراها كئيبة قاسية ومعقدة ولا تستحق النضال لأنه شخص متشائم، وهناك من لا يراها بأي شكل لأنه يعيشها هكذا كما هي لأنه سلبي وبارد تجاه أحداثها وظروفها، لذا تتفاوت درجات التحكم في إدارة الحياة بيننا قد ينجح البعض ويسعد ويفشل البعض ويشعر بالتعاسة. 

إن إدارة الحياة تحتاج إلى مهارة وقدرة عالية من القوة والإرادة، لأن الحياة أشبه بالفرس الجامحة التي تحتاج إلى الترويض كي تصبح مطيعة منقادة خلف صاحبها، فكي تروض الظروف المحيطة بك لتتماشى مع ما تريده أنت عليك أن تكون قوياً صابراً، قادراً على التحكم بكل الأحداث الصغيرة والكبيرة التي تباغتك، وذكياً في التعامل معها، بحيث أنك تفرض خططك مستغلاً كل الخيارات المفتوحة أمامك، ولكن المهم أن تجعل خططك ملائمة للواقع لا أن تكون مستحيلة وصعبة الحصول، فالواقعية أهم أسباب الحصول على السعادة لأنك ستكون فاهماً وضعك ومقتنعاً بكل ما فيه، وعلى ضوء ذلك ستتعامل بقدراتك وعلى حسب معطيات الحياة من حولك على مجابهة الحياة بكل الوسائل الممنوحة. 

إن أجمل ما في الحياة ظروفها الصعبة والتي تجعلك دائماً متحدياً محارباً تتذوق الفشل مرات والنجاح مرات،واعتبر الظروف الصعبة هي ملح الحياة والذي بدونه لا يكون للحياة ، طعم  لذا لابد أن تحمل في ذاتك روح التحدي للوصول إلى أهدافك وطموحاتك وتطلعاتك المعقولة طبعاً والتي قد تشمل كل متطلبات الحياة الإنسانية والمادية والمهنية وما إلى ذلك. 

إذاً عليك أن تسأل نفسك الآن وأنت تقرأ هذه السطور ما مدى تفوقك في إدارتك لحياتك؟ هل أنت مستسلم أم مناضل؟ ما الذي تريده اليوم وغداً؟ وما الذي ستفعله للحصول على ما تريد؟! وهل أنت قوي أمام نفسك والحياة أم لا؟ ما نسبة التحدي في داخلك؟ هل أنت واقعي أم لا ؟ والأهم هل لديك أهداف وضعت لها خطط مرنة قابلة للتعديل والتطوير أم لا؟ . 

إن الكفاح الإنساني في بناء الحياة متعة تحتاج إلى كثير من الصبر والقوة، وجميعنا مناضلون في هذه الحياة، أنا وأنت وهي، جميعنا نسعى لأن نتذوق السعادة ونعيشها، ولكن لكل واحد منا طريقته وأسلوبه وقدراته، وجميعنا تذوق طعم الفشل ونتألم ولكن الحياة مستمرة، وعلينا أن نحصل على النجاح، على شيء من السعادة في كل شيء، فالحياة قصيرة وإذا لم نتحكم بها ونأخذ منها ما نريده نحن باجتهادنا ونضالنا لن نحصل على شيء، فما من شيء يأتي على طبق من ذهب للجميع، وعلينا أن نعي ذلك جيداً. 

أعترف أننا نعاني الكثير  كي نتحكم في إدارة حياتنا ولكن ومع كل ذرة تعب يجب أن نفكر في الغد، ولو حتى نبدأ من الصفر ، لا من تحت الصفر ، يجب أن  نحاول لكي نصعد إلى أحلامنا بطموح، رغم العقبات التي تضايقنا ولكنها تتعبنا فقط، لأننا مؤمنين بأنه لن يأتينا أي شيء لم يقدره الله تعالى لنا ، قال الله عز وجل (( قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا ))، وأيضاً لأنه يجب أن نعيش الواقع في حياتنا رغم بعض المصاعب ،وإيماننا وواقعيتنا هي التي ستساعدنا كثيراً كي نعرف أين نحن ، وماذا نريد ، وإلى أين ، وكيف ؟

الحياة جميلة  وتستحق أن نناضل فيها لنسعد بأي شيء ولو كان حلم على وسادة.

د. شافع النيادي