كيف أحافظ على نشاط ذاكرتي؟

كيف أحافظ على نشاط ذاكرتي؟ 



أرسلت لي إحدى صديقاتي رسالة تعبر فيها عن قلق شديد ينتابها إذ تشعر بأن ذاكرتها لم تعد تسعفها كما كانت في السابق..

 

لقد أضاعت مفاتيح بيتها عدة مرات، وقد لا تتذكر أسم شخص قابلته قبل خمس دقائق فقط.. ثم إنها أضحت تقضي في هذه الأيام وقتاً طويلاً أمام خزانة الملابس، لا بسبب حبّها الشديد للاختيار، ولكن لعجزها عن تذكر سبب فتحها باب الخزانة!!

وتقول صديقتي: "يبدو وكأنني حينما وصلت إلى أواسط الأربعينيات من عمري، بدأت ذاكرتي تبدي بعض العصيان.. لقد كنت بالطبع أتذكر الأمور الصغيرة، مثل أسم المطعم الجديد الذي تناولت فيه الغداء قبل أسبوع، أو نوع الطعام الذي اخترته. وأعرف أن الخبراء يقولون إن نسيان أمور كهذه شيء طبيعي حتى في العمر غير المتقدم. ومع ذلك أشعر الآن بالضيق والقلق حيال الضعف المتزايد الذي بدأت تتعرض له ذاكرتي".

قلت لها: "صديقتي، يتتبع العلم الآن هذه الحالات، وتكشف الدراسات الحديثة أن عاداتنا اليومية – مثلاً: نوعية أطعمتنا، وأدويتنا، ورياضتنا، وحتى مستويات ثقتنا بأنفسنا – لها تأثير كبير على أدمغتنا. ويقدم الخبراء سبع نصائح يرون أنها فعّالة في محاربة النسيان، وتعزيز قوة الدماغ، والحفاظ على الذاكرة نشيطة يقظة..

 

1- تناول مقادير كافية من الحديد:

يساعد الحديد النواقل العصبية الضرورية كي تؤدي الذاكرة عملها على نحو جيد. ومن المعلوم أن الدماغ يتأثر جداً بكميات الحديد. وترى إحدى الخبيرات في جامعة جونز- هوبكنز أن النظام الغذائي الفقير بالحديد، أو فترات الطمث الغزير التي قد تحدث مع اقتراب سن اليأس، قد تسبب انخفاضاً في مستويات الحديد في الجسم يكفي لإضعاف المقدرة على التذكر، حتى وإن لم تصل الحالة إلى مرحلة فقر الدم الفعلي.

 

وحينما أعطيت اختبارات الذاكرة لـ 149 امرأة، تبين أن النساء ذوات المستويات المنخفضة من الحديد، لم يستطعن الإجابة عن ضعف عدد الاسئلة التي لم تجب عنها النساء ذوات الكميات الكافية من الحديد في الدم.. وبعد 4 أشهر من تناول مكملات الحديد، وعودة الحديد في الدم إلى مستواياته الطبيعية، تمكنت هؤلاء النسوة من الحصول على علامات تساوي ما حصلت عليه أفضل النساء في الاختبار الأول . ولهذا يرى المختصون أن النساء اللواتي لا يحصلن على ما يكفي من الحديد عن طريق الغذاء، يجب عليهن تناول مركبات تحتوي 18 ملغ من الحديد يومياً.

 

2- مراقبة الكوليسترول في الدم:

إن مستوى الكولسترول في الدم عامل مهم جداً للتيقظ الفكري بقدر ما هو مهم لصحة القلب والأوعية.  ومن المعروف أن تراكم اللويحات التي يسببها الكولسترول السيء في أوعية الدم، يمكنه أن يعيق دوران الدم في الدماغ ويحرمه من المواد الضرورية المغذية: الأمر الذي تبدو إحدى نتائجه في مشكلات التذكر، ويرى أحد المختصين في مستشفى النساء في بوسطن أن انسداد الأوعية الدموية الصغيرة في الدماغ لا يحتاج إلى كثير من اللويحات. لذا فإن من الضروري فحص مستويات الكولسترول بانتظام. وإذا تبين أنها مرتفعة، وجبت استشارة الطبيب المختص، وسؤاله عن سبل تخفيضها.

 

3- التركيز على عمل واحد:

إن نمط الحياة السائد اليوم، يجعل الكثيرين مشغولين بأعمال متعددة في الوقت ذاته.. هل تعلمين مثلاً أن مجرد الاستماع إلى نشرة الأخبار في أثناء كتابتك رسالة قد يحدّ من قدرتك على تذكّر كليهما؟

إن تلقي معلومات جديدة متعددة في وقت واحد يشتت قدرة الإنسان على الانتباه والتعلم والتذكر، ومن حسن الطالع إمكان إصلاح هذه المشكلة في الذاكرة بسهولة، والطريق إلى ذلك هو تركيز الانتباه على ما تريدين فعلاً تذكره فيما بعد، وتحاشي تشتيت الانتباه وتشويش الدماغ في أكثر من موضوع بالوقت ذاته.

 

4- تنشيط الدماغ:

تظهر البحوث أن الإخلاد إلى الراحة والتأمل يخلّص من التوتر الذي يلحق الضرر بخلايا الدماغ وبالقدرة على الاحتفاظ بالمعلومات على امتداد الزمن وطبقاً لدراسة أجرتها جامعة كنتاكي، تبين أن المفحوصين الذي قدّموا الاختبار بعد جلسة تأمل أمدت الى 40 دقيقة، حصلو على علامات أفضل من الذي أخذوا قيلولة للفترة نفسها، ومن المدهش حينما أعيد اختبار المفحوصين جميعاً بعد حرمانهم من نوم ليلة كاملة، حصلوا على علامات أفضل من علامات نظرائهم في الدراسة.

 

إن التأمل هو كالنوم، يريح الدماغ وينشطه ويتيح للعصبونات وقتاً ترسّخ فيه المعلومات الجديدة والذكريات، كما يوّلد التأمل حالة شبيهة إلى حدّ ما بالنوم اللاريمي الذي يرى الاختصاصيون أنه مرحلة النوم الأكثر ترميماً.  وأظهرت أحدى الدراسات أن الذين مارسوا التأمل يومياً على امتداد سنوات طويلة تولّدت لديهم مستويات من موجات غاما، المرتبطة بالانتباه والذاكرة والتعلم، أعلى من أي مستوى أوردته دراسات أخرى.

 

5- مراقبة الأدوية:

يبدو أن أحد التأثيرات الجانبية لتناول أدوية عديدة متاحة، قد يكون مصدر زيادة مقلقة في أخطاء الذاكرة، فالأدوية المضادة للكآبة، والمضادة للتشنج، والحبوب التي تساعد على النوم، والأدوية المسكّنة للألم، والمضادة للحساسية، وغيرها، يمكنها جميعاً أن تؤثر في الذاكرة وتضرّ بها.

 

ومع التقدم في السن، تزداد عادة الأدوية التي يتناولها الناس لفترات طويلة، وهي تزيد من احتمال حدوث مضاعفات سيئة في الذاكرة، ولكن، من السهل إزالة هذه الآثار السيئة بإيقاف الأدوية المسببة لها. ولا بد هنا من اللجوء إلى الطبيب كي يضع البرنامج الملائم للأدوية الضرورية والالتزام بمقاديرها حسب الحاجة.

 

6- تناول التفاح:

إن تناول تفاحة أو أثنتين يومياً يزوّد الجسم بمضادات التأكسد اللازمة لرفع مستويات الأستيل كولين، وهو ناقل عصبي ضروري للذاكرة، ويميل إلى النقص مع تقدم العمر، كما يرى أحد المختصين في جامعة ماساتشوستس.

وإضافة إلى ذلك، تساعد مضادات التأكسد في التفاح على صون الذاكرة عن طريق حماية الخلايا الدماغية من الضرر الناجم عن الجذور الحرة التي توّلدها يومياً عمليات الإستقلاب (الأيض) في الجسم.

وأظهرت نتائج إحدى الدراسات أن قوة التذكر تعززت لدى فئران التجربة بعد استهلاكها مقداراً من عصير التفاح يومياً على مدى شهر كامل. وحققت تلك الحيوانات نجاحاً ملحوظاً في اختبار المتاهة (وهي شبكة من الممرات المعقدة) الذي يفحص الذاكرة القصيرة الأمد، وهو مالم تستطع التوصل إليه الحيوانات التي لم تتناول العصير، ولذا ينصح الباحثون أن يستهلك الإنسان نحو تفاحتين، أو أن يشرب كأساً من عصير التفاح، يومياً.

 

7- الثقة بقدرة الدماغ:

هل تجدين نفسك قلقة حول موضوع النسيان وعصيان الذاكرة؟ الأجدر بك ألا تجعلي هذا الأمر يستحوذ على تفكيرك. إن القلق الذي ينتابك مع تقدم العمر ونقص الثقة بقدرة الدماغ يؤديان إلى زيادة الأمور سوءاً.

ففي دراسة أجريت في جامعة نورث كارولينا حول علم النفس والشيخوخة، تبين أن المسنين الأصحاء الذين قيل لهم إن الشيخوخة قد تولّد النسيان، حصلوا على نتائج سيئة في فحوص الذاكرة.  وحينما ابلغ أفراد مجموعة أخرى أنه لم يكن لديهم انحدار شديد في قدرتهم الذهنية مع تقدمهم في السن، حصلوا على نتيجة أفضل بنسبة 15 في المئة من نتائج مجموعة شاهدة لم يذكر لها أي شيء.

إن اعتقاد من يتقدم به العمر أن ضعف الذاكرة أمر لا مفر منه، سيؤدي إلى إضعاف ذاكرته أمر لا مفرّ منه، سيؤدي إلى إضعاف ذاكرته! وهذا جانب مؤسف، لأن هذه الذاكرة قد لا تكون على درجة السوء التي يخشاها.

 

 المصدر: بوابة المرأة