قيمة الاستمتاع في العمل

هل يأتي موظفوك إلى العمل لتحصيل رواتبهم فحسب؟ وهل تريد منهم أن يصبحوا مسوقين للعلامة التجارية؟ إذاً ضع "المتعة" على رأس استراتيجية الموارد البشرية لديك، وبجدِّية.



إنَّ السوق التنافسي لأفضل المواهب لا يرحم؛ لذا فإنَّ كون مكان العمل مملاً أو تقليدياً، أو الأسوأ من ذلك كله، غير مفعمٍ بالأحاسيس، يُعَدُّ أمراً سيئاً لعلامتك التجارية. وإنَّ تمكين الموظفين من الاستمتاع يجعلهم يشعرون بأنَّهم أكثر صحةً وسعادةً؛ فلماذا لا تنشئ برنامجاً ذا مغزى يشجع على فتراتٍ من الراحة والمتعة على مدار اليوم والأسبوع والشهر والسنة؟

خذ في الحسبان موقع "لينكد-إن" (LinkedIn)، وكيف يقدم أحداثاً شهريةً تسمى "خلال الأيام" (InDays). ضمن هذه الأحداث، يشجع "لينكد-إن" (LinkedIn) موظفيه على الابتكار أو التفكير الإبداعي أو العمل في مشاريع ملهمة.

هل يقود ذلك إلى النجاح؟ يحتل موقع "لينكد-إن" (LinkedIn) مرتبةً ضمن الأوائل العشرة على موقع "غلاس دور" (Glassdoor) كأحد أفضل الأماكن "الكبرى" للعمل، ويحمل الرئيس التنفيذي "جيف وينر" (Jeff Weiner) مرتبةً ضمن الرؤساء التنفيذيين الخمسة الأوائل.

يُفصِّل المقتطف التالي من الكتاب الجديد لكاتب المقال "ديف كرينشاو" (Dave Crenshaw)، "قوة المتعة" (The Power of Having Fun)، كيف ضلَّ الموظفون طريقهم. فهو يتعمق في البحث الذي يوضح كيف أنَّ أخذ فترات راحةٍ غير منظمةٍ على مدار اليوم، يساعدنا على إعادة التركيز وزيادة الإنتاجية.

نحن نعيش في عالمٍ؛ حيث العمل بلا توقفٍ، واستبعاد النشاطات الممتعة هو المعيار. حان الوقت للسيطرة على مصيرنا، وعلى إنتاجيتنا.

هل أنت غير راضٍ في عملك؟ وهل تشعر أنَّ مديرك لا يحترمك؟ وهل تشعر أنَّ الرئيس التنفيذي لا يملك أدنى فكرةٍ عمَّا يحدث في دورك الوظيفي في الشركة؟ إذا كان الأمر كذلك، فأنت لست وحدك من يعاني من هذا.

يتخيل الكثير من العمال بيئة العمل "المثالية"، ويعلِّقون بصرامةٍ مفهومهم عن السعادة على تلك المثالية. فهم يجعلون قمَّة السعادة والرفاهية متوقفةً على مدى توافق وظائفهم الحالية مع النموذج الذي تصوروه في أذهانهم.

وجد استطلاعٌ حديثٌ أجرته شركة "غالوب" (Gallup) أنَّ نحو ثلث الموظفين الأمريكيين فقط يَعُدُّون أنفسهم متفاعلين في العمل؛ وهذا يعني أنَّ نحو الثلثين قد يهتمون بدرجةٍ أقل، أو حتى قد يكونون عدائيين، بشأن العمل الذي يقومون به والشركة التي يعملون فيها؛ بل إنَّ الأمر أسوأ خارج الولايات المتحدة؛ حيث أكثر من 80% من الموظفين ينتمون إلى الفئة غير المتفاعلة في العمل.

ومع ذلك، فإنَّ الشركات التي تتمتع بقوةٍ عاملةٍ ذات مستوىً عالٍ من التفاعل، تتفوق على أداء الشركات المنافسة بنسبة 147%. في كل عام، تستعين مجلة "فورتشن" (Fortune) بمعهد "غريت بليس تو وورك" (Great Place to Work Institute) لتجميع قائمة "أفضل 100 شركة يمكن العمل معها" (Fortune 100 Best Companies to Work For)؛ إذ ترغب الشركات بشدةٍ وتسعى إلى الانضمام إلى هذه المجموعة النادرة؛ فنحن نتحدث عن تعزيز عملية التوظيف.

بالنسبة إلى جميع الموظفين الذين يعملون في الشركات المدرَجة في القائمة، ترتبط عبارة "إنَّ هذا مكان ممتع للعمل" ارتباطاً وثيقاً بين جميع بيانات الاستطلاع بهذه العبارة: "مع أخذ كل شيءٍ في الحسبان، أعدُّ هذا مكاناً رائعاً للعمل"؛ أي إذا كنت تريد مكان عملٍ يجذب أفضل المواهب ويحتفظ بها، فاجعل منه مكاناً ممتعاً للعمل، وإذا كنت تريد أن تحب عملك، فابحث عن طريقةٍ لنشر لحظاتٍ من المرح خلال يومك.

لا يتعلق الأمر بالرضى:

في قائمةٍ طويلةٍ من الجوانب الرائعة لعملك، ربما لديك مشكلة تجعلك تعيد التفكير في اختياراتك المهنية. كموظف، فأنت تندفع عاطفياً ظناً منك أنَّ الأمر سيعود عليك بالفائدة يوماً ما لا محالة، فتعمل بجد وترهق نفسك بانتظار ذلك اليوم، ولكنَّك لا تعلم أنَّك من خلال التخلِّي عن المرح اللحظي على أمل الحصول على بعض الفرح لاحقاً، فإنَّك تقع ضحيةً للمغالطات. إليك سراً صغيراً قد لا تكون على درايةٍ به: يقوم الجميع بأشياء لا يريدون القيام بها في العمل.

بالتأكيد هناك الكثير من قرَّاء هذا المقال سيقولون إنَّهم يحبون وظيفتهم، ولكن يمكن أن يجدوا شيئاً يحتقرونه فيها. في حين أنَّه يمكننا أحياناً تفويض أجزاءٍ من قبح الوظيفة، إلا أنَّه ليس هناك ما يسمى وظيفةً مثاليةً بنسبة 100% لأيِّ أحدٍ كان. إذا جلسنا بانتظار الوظيفة المثالية حتى تأتي وتأخذنا بجولة ممتعة، فسنشعر دائماً كما لو أنَّنا قد تعرضنا للاحتيال.

شاهد بالفيديو: 8 أسرار تحقق لك النجاح الوظيفي.

ثقافة عدم تأجيل المرح:

من ناحيةٍ أخرى، تخلق ثقافة المتعة اللحظية واقعاً مختلفاً؛ فهي تمنحنا الحق في فتراتِ راحةٍ محددةٍ مسبقاً يمكننا استعمالها للابتعاد، بغضِّ النظر عن التجارب التي قد نمر بها في الوقت الحالي.

إنَّ مسألة ما إذا كنَّا راضين عن عملنا أم لا، ليس لها علاقة بالموضوع. والنقطة الهامة هي أنَّه يمكننا أخذ فترات الراحة لنثبت أنَّ المتعة لا تؤجَّل. إنَّ المتعة تستحق كل يومٍ، وكل أسبوعٍ، وكل شهرٍ، وكل سنة. بهذه الطريقة، يمكننا أن نكون سعداء في العمل بغضِّ النظر عن العوامل الخارجية.

إذا كانت لديك تخوفاتٌ من بعض الألم أو المعاناة، فعليك فحص ما إذا كان هناك أيُّ شيءٍ يمكنك القيام به حيال ذلك. وإذا استطعت، فلا داعي للقلق بشأن ذلك. وإذا كنت لا تستطيع فعل أيِّ شيء، فلا داعي للقلق أيضاً؛ أي يمكنك فعل شيءٍ حيال سعادتك في العمل؛ لذلك لا داعي للقلق. أنت وحدك المسؤول عن سعادتك، فاستمتع بعملك، ولا تؤجل سعادتك حتى يأتي ذلك اليوم المثالي، ولا تعول على أحد ليمنحك إياها.

المصدر




مقالات مرتبطة