قصص نجاح رجال الاقتصاد الأكثر تأثيراً في الفكر الإقتصادي الحديث

يُعتبر الفكر الاقتصادي واحداً من أهم فروع علم الاقتصاد الذي يلعب دوراً أساسيّاً في تطوير الفكر الاقتصادي لدى الإنسان بما يتماشى مع متطلبات العصر وتقدمه، فيما يلي سنُسلط الضوء على قصة نجاح أكثر رجال الإقتصاد تأثيراً في تطوّر الفكر الإقتصادي الحديث.



أولاً: ديفيد ريكارد

يُعتبر ديفيد ريكارد من أعظم أساتذة التحليل الإقتصادي، واشتهر بشرحهِ لوقانين الدخل القومي الإقتصادي الرأسمالي، وبحثهِ عن حلول للمشكلات المطروحة في عصرهِ كالتضخم وانخفاض قيمة العملة الورقيّة وارتفاع أسعار الذهب، وهو صاحب نظرية قانون الميزة النسبيّة.

ولد ديفيد ريكارد سنة 1772 في إنكلترا، وعمل في الرابعة عشرة من عمرهِ مع والده، وفي سن الثانية والعشرين عمل لحسابهِ لأول مرة كوسيط في البورصة، واستطاع أن يجمع ثروة كبيرة في وقتٍ قصير، وهذهِ الثروة ساعدتهُ في الحصول على عضوية مجلس اللوردات، وأن يتفرغ للإنتاج الفكري والمعرفي في وقتٍ مبكر من حياتهِ، وانتخب كعضو في مجلس العموم البريطاني سنة 1819 وتوفي سنة 1823.

قام ديفيد ريكارد بتأليف كتاب وحيد لهُ سنة 1817 مكون من 32 فصل بعنوان (مبادئ الإقتصاد السياسي والضرائب)، حيث جمع فيه العديد من مبادئ الإقتصاد الكلاسيكي الذي يُكون نسيجاً متماسكاً من التحليل الإقتصادي، وهذا ما جعل الكتاب يترك أثراً عميقاً في علم الإقتصاد، مما منحهُ لقب (الإقتصادي النظري المتكامل). 

ثانيّاً: جون مينارد كينز

وهو من أشهر علماء الإقتصاد وأعظم المُفكرين الإقتصاديين في التاريخ، ويُعدّ المؤسس الفعلي لعلم الإقتصاد المعاصر، حيث أنّ كل التطورات اللاحقة في علم الإقتصاد اعتمدت على النظرية الكينزية التي اشتُهر بها.

وكان لأفكار مينارد كينز تأثيراً كبيراً على الإقتصاد المعاصر، والنظريات السياسيّة النقدية للحكومات، وكانت المحرك الأساسي للسياسات الإقتصادية الحالية للرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما لإنقاذ الإقتصاد من الركود.

وبالنسبة لحياتهِ الخاصة وبداياتهِ فإنّ كينز ولد في كامبردج سنة 1883، وكانت بدايتهِ في أيتون حيث كشف عن موهبة عظيمة خاصة في التاريخ والرياضيات، ثُمّ التحق بكليّة كينج بجامعة كامبردج لدراسة الرياضيّات، وعمل في الصحافة والنشاط المالي بعد تخرجه من الجامعة، ثُمّ عمل كموظفاً مدنياً، وانتقل بعدها إلى مكتب الهند في وزارة الدفاع البريطانية و تولى مهمة كبرى في تدقيق الوضع المالي والنقدي الهندي قبل الحرب العالمية الأولى، ومع إندلاع الحرب عاد إلى العمل في الخزينة البريطانية كمسؤولاً عن العلاقات مع حلفاء بريطانيا بشأن توفير العملات الأجنبية لتمويل الحرب.  

لقد كان كينز مستثمراً ناجحاً وبنى ثروةً ضخمة، واهتمامه الكبير بالأمور السياسيّة دفعهُ لدراسة الإقتصاد في كليّة كينغ، وألّف كتاباً عن الإصلاح، واشترك في مؤتمر السلام بعد الحرب العالميّة الأولى.

ثالثاً: كارل ماركس

يُعتبر كارل ماركس من أشهر علماء الإقتصاد، والإجتماع، والتاريخ في العالم، والذي لعبت أفكارهُ دوراً مهماً في تأسيس علم الإجتماع وتطوير الحركات الإشتراكيّة، وكانت لهُ العديد من الإنجازات والنظريات أهمها النظرية الماركسيّة في الإقتصاد والسياسة والمجتمع.

ولد هذا الإقتصادي الشهير في مدينة ترير الألمانية سنة 1818، وعاش ضمن كنف عائلة من الطبقة الوسطى، وبدأ حياتهُ الجامعيّة في مجال الحقوق سنة 1235، ونال شهادة الدكتوراه سنة 1841.

وتُعتبر الفترة من 1842 حتّى سنة 1849 مرحلة مهمة جداً من حياتهِ، فهي فترة المنفى الإختياري، التي قضاها في بريطانيا، بعد أن طرد من فرنسا وبلجيكا، بسبب كتاباته ونشاطاته الصحفية، التي اعتُبرت تحريضاً للطبقة العاملة والفقراء على التمرد ضد سطوة السلطة وقهر الإقتصاد، وهناك قام بنشر العديد من الكتب أهمها كتاب (رأس المال) والذي وجه فيهِ إنتقادات لاذعة للرأسماليّة.

رابعاً: آدم سميث

وهو عالم اقتصادي شهير لديه العديد من الإنجازات والإسهامات في الإقتصاد والسياسة والفلسفة، حيث ألّف في القرن الثامن عشر لأغلب النظريات الإقتصادية التي ما زالت تشكل أساساً لإقتصاديات السوق الحر، وكان رائد من رواد الإقتصاد السياسي، وهو أول من إبتكر الإقتصاد الحديث وألف العديد من الكتب مثل كتاب التجارة الحرة، تقسيم العمل، العمل والتجارة، ونظرية الشعور الأخلاقي.

ويُعتبر كتاب ثروة الأمم من أهم الكتب التي ألفها والتي طرح فيها أفكاراً ونظريات إقتصاديّة جديدة، وهو أول كتاب جامع وملخص لأهم الأفكار الإقتصايّة للفلاسفة والإقتصاديين الذين سبقوه أمثال (فرنسوا كيناي) و (جون لوك).

ويجدر بالذكر بأنّ آدم سميث ولد سنة 1723 باسكتلندا، ومات أبوه قبيل ولادتهِ ببضعة أشهر، وكان ميالاً إلى العزلة، مفكراً ومتأملاً، وغريب الأطوار، واشتُهر بشرود الذهن، وقد تلقى علومه الأولى في بلدته (كيركالدي)، قبل أن يلتحق بجامعة جلاسكو فى عام 1737م، حيث درس الفلسفة الأخلاقية، وتميز فى الرياضيات والفلسفة.

وعاد في عام 1767م ليعيش في مسقط رأسه، وحيداً بجانب أمه، التى بلغت التسعين عاماً، ولم يتزوج طيلة حياته، ودفن فى كنيسة كانونجيت، وقد كتب على شاهد قبره (هنا يرقد آدم سميث مؤلف كتاب ثروة الأمم).

خامساً: ميلتون فريدمان

وهو عالم إقتصادي أمريكي شهير، عُرف بعشقهِ للإقتصاد الكلي والجزئي والتاريخ الإقتصادي والإحصاء، ويُطلق عليهِ لقب أبو الإقتصاد الحر، حيثُ كان مؤيداً لإقتصاد السوق، وأبرز المروجين للنظام الرأسمالي التنافسي، وكانت لأبحاثه ودراساته وقعاً كبيراً في تطوير نظريات الإقتصاد الكلي والجزئي، بالإضافة إلى أعماله الرائدة في الإقتصاد التاريخي والإحصائي.

ولد فريدمان سنة 1912 في نيويورك، وبدأ العمل في الحكومة الأمريكيّة سنة 1935، وعمل بالتدريس قبل ان يُصبح أستاذاً للإقتصاد في جامعة شيكاغو وأصبح من كبار مفكري ما عُرف بـمدرسة شيكاجو، وهي مجموعة من الإقتصاديين وجهت النقد إلى النظريات الإقتصادية التي صاغها جون كينز، والسياسات الإقتصادية المترتبة عليها، والتي كانت تلقى قبولاً عاماً في الدوائر الإقتصادية والحكومية الأمريكية منذ الثلاثينيات من القرن العشرين.

حصل على جائزة نوبل في الإقتصاد سنة 1976م عن نظريته في شرح سياسات التوازن وإنجازاته في التاريخ النقدي وتحليل الإستهلاك، قدم برنامجاً تلفزيونياً يسمى (حرية الأختيار)، وألّف عنه كتاب حاز على نسبة مبيعات عالية، ومن أهم مؤلفاته (الرأسمالية والحرية)، والذي حدد فيه الدور المناسب للحكومة ضمن نظام السوق الحر المثالي، من أجل خلق وصون الحريات السياسية والاجتماعية، وتوفي في عام 2006م.

كما رأيت عزيزي فإنّ هؤلاء الرجال يُعتبرون من أشهر رجال الإقتصاد في العالم وأكثرهم تاثيراً على التطور الإقتصادي الذي يشهدهُ العالم.




مقالات مرتبطة