قصة نجاح مارك كوبان: من بائع أكياس قمامة إلى رجل أعمال يحتذى به

قد يعتقد العديد من الأشخاص أنَّ الأغنياء ورجال الأعمال عاشوا حياةً سهلة، أو أنَّهم استطاعوا الاستثمار والعمل وتحقيق النجاح بالصدفة، أو أنَّهم ينتمون إلى خلفيةٍ معينة؛ ولكن من قال ذلك؟ من قال أنَّ قصص النجاح لا تُولَد من رحم المعاناة والألم والتعب؟ من قال أنَّ الحياة لن تخضع لك حين تُعاندها وتبقى مُصرّاً على اللحاق بأحلامك؟



تُخبِرنا قصةُ نجاح اليوم أنَّ النجاح والمال والأحلام قد تأتيك جميعاً، ولو كُنت بائعاً لأكياس قمامة؛ فهي قصةٌ ملهمة لرحلة نجاح رجل الأعمال الأمريكي والمستثمر الشهير "مارك كوبان"، الملياردير الذي تَفُوق ثروته الـ 4 مليارات دولار.

فمن هو مارك كوبان؟ وكيف تمكَّن من الانتقال من كونه بائعاً لأكياس قمامة إلى واحدٍ من أشهر رجال الأعمال؟ ستجدون كلَّ الإجابات والمعلومات في مقالنا التالي.

من هو مارك كوبان؟

من هو مارك كوبان

رجلُ أعمالٍ ومستثمرٌ أمريكي من أصولٍ روسية، ومؤلِّف ومُنتِج سينمائي، ونجم تلفزيوني، والمالك الرسمي لفريق كرة السلة في دوري الـ NBA (دالاس مافريكس)؛ كما أنَّه صاحب شبكة دور سينما (لاند مارك) المتخصصة بالأفلام المستقلة والأجنبية، وشركة "ماغنوليا بيكتشرز" (Magnolia Pictures) للتوزيع، ويشغل منصب رئيس شبكة تلفزيون (HDTV AXS)؛ وهو أيضاً أحد المستثمرين ونجوم البرنامج التلفزيوني "شارك تانك" (Shark Tank) الذي يستعرض مجموعة من الأعمال الريادية أمام المستثمرين الذين يمولون هذه المشاريع، والذي يُعرَض على شبكة (ABC) الأمريكية.

ولادة مارك كوبان ونشأته:

ولادة مارك كوبان ونشأته

وُلِدَ "مارك كوبان" في 31 يوليو/ تموز من عام 1958م في بيتسبرغ بولاية بنسلفانيا - الولايات المتحدة الأمريكية، وترعرع في كنف عائلةٍ من الطبقة المتوسطة، حيث هاجر أجداده من روسيا واستقروا في الولايات المتحدة الأمريكية.

كانت أول خطوة لمارك نحو عالم الأعمال في سِنّ الثانية عشرة، وذلك حين رغب بشراء حذاءٍ رياضي غالي الثمن، فاتجه إلى والده في إحدى الليالي وطلب منه بعض المال ليتمكَّن من شراء الحذاء؛ إلَّا أنَّ والده كان مشغولاً مع أصدقائه بلعب القمار وشرب الخمر، ورفض أن يعطيه المال.

ولكنَّ وجود أحد أصدقاء والده قد غيَّر مجرى الأمور، حيث ناداه أحدهم وأخبره أنَّ لديه شيئاً مفيداً له، وأخرج صندوقاً يحوي مجموعةً من أكياس القمامة، وطلب منه أن يذهب لبيع هذه الأكياس ليشتري بثمنها الحذاء الرياضي الذي يتمنَّاه، وكانت هذه اللحظة الحاسمة في حياة كوبان.

وبالفعل، بدأ بيع 100 كيس قمامة مقابل 6 دولاراتٍ فقط، وكان طرق الأبواب على الجيران والأصدقاء وسيلته الأساسية للتسويق لهذه الأكياس، على اعتبار أنَّها مطلب أساسي لا يمكن الاستغناء عنه؛ لذا كان يبيعها بسهولة، بالإضافة إلى كون أكياس القمامة التي يبيعها تفي بالغرض نظراً لرخص ثمنها؛ كما قد عمل أيضاً في بيع بطاقات مباريات البيسبول والطوابع البريدية والقطع النقدية في أثناء المرحلة الثانوية.

إقرأ أيضاً: ريادة الأعمال هروبٌ من الواقع أم إعمالٌ للعقل؟

التحصيل العلمي لمارك كوبان:

التحصيل العلمي لمارك كوبان

درس في مدارس الولاية، وتلقَّى خلال عامه الأول في المرحلة الثانوية دروساً في علم النفس في جامعة بيتسبرج، واستطاع لتفوُّقه الدراسي تخطِّي السنة الأخيرة فيها، والالتحاق بالجامعة ذاتها؛ ثمَّ انتقل بعد مرور عام واحد إلى جامعة إنديانا في بلومينغتون، وتخرَّج عام 1981م من كلية "كيلي لإدارة الأعمال" التابعة لجامعة إنديانا، ونال درجة البكالوريوس في إدارة الأعمال.

أنهى كوبان دراسته في الجامعة واستمرَّ بممارسة التجارة والأعمال خلال دراسته؛ ولأنَّه لم يكن يمتلك المال الكافي لمواصلة تعليمه، شَرَعَ في البحث عن طريقةٍ غير تقليديةٍ لدفع رسوم الدراسة، فبدأ يعطي دروساً في الرقص، وأقام العديد من الحفلات، الأمر الذي وفَّر له المال الذي يحتاجه.

حياة مارك كوبان العملية وإنجازاته:

حياة مارك كوبان العملية وإنجازاته

عاد كوبان عقب تخرجه إلى بيتسبرغ، وعمل لدى "بنك ميلون" (Mellon Bank)، الذي قرَّر في وقتٍ لاحق تغيير نشاطه إلى تجارة الأجهزة الإلكترونية.

غادر مارك بيتسبرغ في عام 1982م، متَّجهاً إلى دالاس، وحَصَلَ على وظيفةٍ كنادلٍ في أحد المطاعم، من ثمَّ عمل مندوب مبيعاتٍ لإحدى الشركات المختصة في بيع برامج الكمبيوتر بالتجزئة؛ والتي نقلته لتأسيس شركته الأولى "مايكرو سولوشنز" (Micro Solutions) التي شكَّلت نقلةً نوعيةً في مسيرته كرائد أعمال، وكانت نقطة البداية لدخوله إلى هذا العالم، ومكَّنته فيما بعد من تكوين ثروةٍ هائلةٍ جعلته أحد أشهر مليارديرات العالم.

أنشأ مارك كوبان شركته الخاصة "مايكرو سولوشنز" (Micro Solutions) -شركة للتقنيات البرمجية- وأصبح خبيراً في مجال الكمبيوتر وشبكات الحاسوب، وبدأت أعماله تنمو وتزدهر، ووصلت الشركة بعد فترة من الوقت إلى مستوى عالٍ من النجاح، وتلقَّى كوبان دعماً كبيراً من عملائه السابقين؛ لكنَّه باعها في عام 1990م لصالح شركة (CompuServe) مقابل 6 ملايين دولار أمريكي.

لم يتوقَّف كوبان عند هذا الحد، بل اتجه إلى الاستثمار من أجل زيادة ثروته، وأنشأ في عام 1995م شركة (AudioNet) لبثِّ مباريات كرة السلة عبر الإنترنت، وذلك بالتعاون مع شريكه "تود فاغنر"؛ وعلى الرغم من انتقاد الكثيرين لهذه الشركة منذ بدء إنشاءها، إلَّا أنَّها تمكَّنت من العمل بسلاسةٍ وكفاءة، وحقَّقت تقدماً لا يُصدق ونجاحاً كبيراً، وارتفعت قيمتها فيما بعد حتَّى وصل سعر السهم الواحد فيها في عام 1998م إلى 200$، وقد غُيِّرَ اسمها فيما بعد إلى "برودكاست دوت كوم" (Broadcast.com) ليكون أول موقع راديو إنترنت في العالم؛ لكن اشترت شركة ياهو الموقع فيما بعد، حيث أبرم كوبان صفقة لبيع الشركة إلى "ياهو" مقابل 6 مليارات دولار.

اقتحام مارك كوبان لعالم الرياضة:

اقتحام مارك كوبان لعالم الرياضة

دخل مارك كوبان عالم الرياضة في الرابع من شهر يناير/ كانون الثاني من العام 2000م، وذلك من خلال شرائه نادي "دالاس مافريكس" (Dallas Mavericks) الذي يلعب في دوري الرابطة الوطنية لكرة السلة الأمريكي (NBA)، بصفقةٍ بلغت قيمتها 285 مليون دولار، دفعها "كوبان" للاستحواذ على النادي الذي كان يُعاني من سوء الإدارة ولم يكن يحظى بالسمعة الأفضل في عالم كرة السلة آنذاك، وهو ما استطاع الملياردير أن يغيّره؛ ليتأهَّل الفريق للتصفيات في عام 2001م، ويحقِّق نجاحاً هائلاً، ويفوز بـ 57 مباراة في الدوري؛ كما تأهل الفريق أيضاً إلى نهائيات الدوري الأميركي للمحترفين عام 2006م، إلَّا أنَّه خسر أمام فريق "Miami Heat"؛ لكنَّه فاز أخيراً بلقب الدوري الأميركي للمحترفين في عام 2011م، وقد ذكرت مجلة فوربس أنَّ قيمة فريق "دالاس مافريكس" وصلت في فبراير/ شباط 2019م إلى 2.25 مليار دولار.

شارك مارك إلى جانب "تود فاغنر" في تأسيس شركة (2929 إنترتينمنت) لإنتاج وتوزيع الأفلام السينمائية والفيديو، كما شارك في إنتاج نسخةٍ جديدة من البرنامج التلفزيوني الشهير "ستار سيرش"، واتجه الشركاء في عام 2003م إلى شراء "سلسلة مسارح لاندمارك" (Landmark Theatres chain)، وهي أكبر سلسلة لدور السينما في الولايات المتحدة، حيث تملك أكثر من 58 دار عرض سينمائية؛ بالإضافة إلى شرائه شركة "ماغنوليا بيكتشرز" (Magnolia Pictures) لتوزيع الأفلام.

عمل كوبان كمنتجٍ منفِّذ للعديد من الأفلام المشهورة مثل (Goodnight and Good Luck) و(Akeelah and the Bee)؛ ومن ثمَّ ظهر كممثّلٍ في عام 2015م في فيلم (Entourage).

أطلق مارك في عام 2004 محرك البحث الإلكتروني الذي يحمل اسم "Ice rocket"، ثمّ اشترت شركة (Meltwater) محرك البحث هذا في أغسطس من عام 2011؛ كما كان مؤسساً مشاركاً في مبادرة "ريد سووش" (Red Swoosh) التي تسمح بمشاركة الملفات، والتي اشترتها "أكاماي تكنولوجيز" في عام 2007م.

انضمَّ في عام 2009م إلى برنامج رواد الأعمال الشهير "شارك تانك" (Shark Tank) الذي يستعرض مجموعةً من الأعمال الريادية أمام المستثمرين الذين يموِّلون هذه المشاريع، حيث حقَّق البرنامج نجاحاً واسعاً وشهرةً عالمية، ويُعرَض على شبكة "إيه بي سي" (ABC) الأمريكية.

أصدر في عام 2011م كتاباً إلكترونياً حول كيفيّة الفوز في رياضة الأعمال (How to Win at the Sport of Business)، والذي يروي تجارب حياته في العمل والرياضة.

لم يترك كوبان شغفه في عالم التكنولوجيا، فأطلق منصة تواصل اجتماعي (Cyber Dust) في عام 2014م؛ كما ويشغل منصب رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة (HDTV AXS).

قدّرت مجلة فوربس صافي ثروة مارك كوبان في يونيو/ حزيران عام 2015م بنحو 3.5 مليار دولار، واحتلَّ المرتبة 179 في قائمة فوربس 400 لعام 2019م.

يُعدُّ مارك كوبان اليوم واحداً من أشهر المستثمرين ورواد الأعمال الذين يحظون بشهرةٍ واسعةٍ في أوساط رجال الأعمال والمستثمرين في أميركا، واستطاع أن يجمع ثروةً تزيد عن الـ 4 مليار دولار جعلته واحداً من أشهر مليارديرات العالم.

إقرأ أيضاً: السيرة الذاتية لرجل الأعمال الرياضي القطري ناصر الخليفي

اقتباسات مارك كوبان:

اقتباسات مارك كوبان

  • ما تعلَّمتُه في هذه السنوات الـ 11 هو أنَّه عليك فقط أن تظلَّ مركِّزاً وتؤمن بنفسك وتثق بقدرتك وحُكمك.
  • تقربني كلُّ كلمة (لا) أكثر من كلمة (نعم).
  • تعرَّف على عملك وصناعتك بشكلٍ أفضل من أيِّ شخصٍ آخر في العالم.
  • أحبَّ ما تفعله، أو لا تفعله.
  • عامل الزبائن وكأنَّهم يملكونك؛ لأنَّهم يفعلون ذلك حقَّاً.
  • لا تفشل المشاريع عادةً بسبب نقص المال، إنَّما بسبب نقص الأدمغة والعمل.
  • هناك شيءٌ واحد فقط نستطيع التحكُّم فيه، وهو العمل. ابذل كلَّ جهدك لتصبح خبيراً في مجالك، حيث سيعطيك هذا تميُّزاً كبيراً؛ لأنَّ معظم الناس لا يفعلون ذلك.
  • لا تبدأ مشروعاً خاصَّاً في مجالٍ ما إلَّا إذا كنت مهووساً بذلك المجال وتحبُّه كثيراً؛ وإذا كنت تُفكِّر منذ البدء في خطّةٍ بديلةٍ عند الفشل، فأنت لست مهووساً بما يكفي وسوف تفشل.

 

المصادر: 1، 2، 3، 4، 5، 6




مقالات مرتبطة