قصة نجاح لينو سابوتو ملك جبنة الموزاريلا الشهيرة في العالم

تُعتبر جبنة الموزاريلا واحدةً من أشهر أنواع الأجبان في العالم وأكثرها استخدامًا، حيث أنّها تدخل في تحضير العديد من أصناف الأطعمة العربية والغربيّة، ويعود أصل هذه الجبنة الشهيرة إلى إيطاليا التي كانت السباقة في إنتاج مثل هذا النوع من الأجبان، فيما يلي سنُسلّط الضوء على قصة نجاح ملك جبنة الموزاريلا لينو سابوتو.



أولًا: البداية

بدأت قصة هذهِ العائلة الشهيرة بتصنيع جبنة الموزاريلا في بلدة مونتيلبري التابعة لمقاطعة باليرمو الإيطاليّة، حيثُ كان جيسبي سابوتو والد لينو سابوتو ماهرًا في صناعة الأجبان بأنواعها المختلفة، وعمل بهذهِ المهنة لسنواتٍ عديدة ولكنّه اضطر إلى ترك العمل مثله مثل جميع الأوروبيين عند اندلاع الحرب العالميّة الثانيّة التي دمّرت كل شيئ في البلاد، ومنعت الناس من العمل وكسب الرزق لاستمرار الحياة كما يجب، وهنا قرر هذا الأب العصامي أن يترك أوروبا ويُهاجر مع زوجته وعائلته إلى الولايات المتحدة الأمريكيّة، ولكنّهُ عدّل قراره هذا واتجه إلى كندا بدلًا منها، وذلك لأنّ الظروف هناك كانت أكثر أمانًا واستقرارًا من أمريكا وبالتحديد بالنسبة للعائلات المهاجرة من أوروبا، حيث أنّ فرص العمل متاحة لهم بشكلٍ أكبر.

وبسبب ظروفهِ المادية الصعبة لم يتمكّن من اصطحاب كل أفراد عائلته التي تتكوّن من ثمانيّة أشخاص ممّا دفعه إلى اصطحاب واحد فقط من أبناءهِ وهو الأكبر ويُدعى فرانك، وتوجها مباشرةً إلى مقاطعة كيبك التي يتحدّث سكانها اللغة الفرنسيّة، ومنها إلى الجالية الإيطاليّة المتواجدة في مونتريال، وذلك لأنّ ظروف العمل كانت متوفرة هناك أكثر للإيطاليين.

وبعد فترةٍ قصيرة فقط تمكّن الأب جيسبي سابوتو من إيجاد عمل بسيط نجح من خلالهِ في جمع مبلغ من المال سمح له بجلب باقي أفراد العائلة أي الزوجة والأبناء السبعة، وعند وصولهم اضطروا للعمل بشكلٍ جماعي لتأمين حياتهم وشراء لوازم الطعام والشراب واللباس، ويجدر بالذكر بأنّ الأب جيسبي لم يعمل في كندا بمهنة صناعة الجبن، إنما كعاملٍ عادي ومتنقل من عملٍ إلى آخر إلى أن كبر وتقدّم به العمر.

ثانيًا: بداية قصة كفاح لينو ملك الموزاريلا

مع بداية سنة 1954 ساءت الأحوال والظروف المادية للعائلة، وتقدّم العمر بجيسبي الأب حيث أصبح عاجزًا عن العمل لساعاتٍ طويلة ليوفّر الأموال لعائلته، وهنا بدأت أولى مسيرة النجاح، حيث بدأ لينو يعمل ويدّخر الأموال دون أن يُخبر أحد من أفراد عائلتهِ، ونجح في ادخار حوالي 500 دولار واستأجر محل صغير في وسط مدينة مونتريال، وأطلق عليهِ اسم سابوتو، وقام بعدها بشراء الأدوات اللازمة لصناعة الأجبان، كما واشترى دراجة ليستخدمها في العمل وبالتحديد عملية توزيع الأجبان.

بعد شراء المحل وتجهيزه قام لينو بإخبار والدهِ عن هذهِ المفاجأة، إلّا أنّ الأب غضب جدًا على ابنه، واعتبر تصرّفه تصرفًا طائشًا وغير عقلاني، وأنّه كان من الواجب أن يُخبره عن مشروعهِ هذا قبل الإقدام عليهِ، إلّا أنّ لينو تصرف بحكمةٍ وقتها، وترك والده لفترةٍ قصيرة ليهدأ ويزول غضبه، ثُمّ تناقش معه بهدوءٍ شديد وأقنعه على أنّ هذا المحل الصغير سيسمح لهُ بالعودة إلى العمل وصنع الأجبان، ولن يُحمّلهُ الكثير من الضغوط كالأعمال السابقة التي مارسها، وهنا اقتنع الأب بالفكرة ووافق على العمل مع زوجته على تصنيع جبن الموزاريلا، في الوقت الذي استلم لينو مهمة توصيل وتوزيع الأجبان المنتجة بشكلٍ يومي على السكان في المدينة، وهنا بدأ الازدهار في هذهِ العائلة، حيث بلغ الإنتاج اليومي في المحل حوالي 10 كيلو غرام من الموزاريلا، وذلك بفضل الجودة العاليّة لهذا الجبن.

ثالثًا: بداية التوسّع والانتشار

بعد مرور فترة زمنيّة على العمل وبدء المشروع نجحت العائلة في تحقيق أرباح كبيرة، حيث قام لينو بشراء سيارة لاستخدامها لعمليّة التوزيع بدلًا من الدراجة الهوائيّة، بحيثُ يكون قادر على توزيع المنتجات بكميات أكبر وبوقتٍ أقصر بالإضافة لتوفير الجهد والعناء عليه.

وبعد مرور حوالي الثلاث سنوات اضطرت العائلة إلى ترك المحل القديم نتيجة زيادة الطلب على جبنة الموزاريلا وإلى استئجار محل بمساحة أكبر لتوسيع إنتاجها، ومن أسرار نجاح المشروع هي أنّ العائلة كانت حريصةً على دفع كافة الأجور والمستحقات التي تقع على العمل والمحل في الوقت المناسب بدلًا من الاستدانة، كالمعدات، وأجور الخامات والإيجار.

ومن الأمور المهمة التي ساهمت بتوسّع وانتشار إنتاج جبنة الموزاريلا، هو شهرة البيتزا وانتشارها من إيطاليا إلى كافة الدول الأوروبيّة وأمريكا الشمالية، ممّا أدى إلى افتتاح العديد من المطاعم والمحلات الخاصة بالبيتزا والتي كانت تشتري كميات هائلة من جبنة الموزاريلا التي تعدّ من المُكوّنات الأساسيّة للبيتزا، وخلال فترة الستينات زاد معدّل الإنتاج بمقدار كبير ومضاعف عن ما مضى، وأصبحت منتجات سابوتو تُوزّع في جميع مدن مقاطعة مونتريال، وأونتاريو التي تعد من أكثر  مقاطاعات كندا اكتظاظًا بالسكان.

رابعًا: تنحّي جيسبي سابوتو عن العمل وتسليمه لابنه لينو

استمر جيسبي الأب بالعمل في مهنته هذهِ لمدة 15 عام، إلى أن وصل لمرحلة الشيخوخة التي منعته من الاستمرار في العمل، ممّا دفعه إلى تركهِ بشكلٍ نهائي وتسليم القيادة لابنه لينو الذي كان يبلغ 43 من عمرهِ، ووجه له بعض النصائح المهمة لينجح في الاستمرار بالعمل والانتشار دون أن يتعرّض لخسائر مادية، وهذهِ النصائح هي أن يُحافظ على جودة المنتج بشكلٍ دائم، لكي لا يتراجع الطلب عليهِ، وأن يتوسّع ضمن الحدود المتاحة أي أن يتوسّع بالأموال التي يُحققها فقط من أرباح الشركة وليس بالاستدانة أو بمشاركة الآخرين.

وبالفعل عمل لينو بنصائح والده واستطاع بفضل رؤيتهِ الثاقبة وخبرته التي اكتسبها طوال السنوات الماضيّة على السير بالشركة نحو الأمام وتوسيع الربح والإنتاج، حيثُ نجح في السبعينات من توسيع الشركة وتحويلها من شركة متخصصة بصناعة الجبن فقط، إلى شركة متخصصة بصناعة الألبان والأجبان، على أن تظل جبنة الموزاريلا هي المنتج الأساسي لها، وهنا قام أخاه الأصغر بمساعدته وتوزيع المنتجات في مختلف أنحاء البلاد، لتصبح شركة سابوتو المسؤول الأكبر عن إنتاج الموزاريلا في كندا وبلغت حصتها حوالي ثلث الإنتاج المحلّي.

ويقول لينو بأنّه كان يذهب كل صباح إلى المصنع ويتذوق الجبنن وإن لم يُعجبهُ مذاقهُ كان يطلب من العمال أن يصنعوا غيرهُ.

خامسًا: بداية الدخول إلى الأسواق العالميّة

وفي الثمانينات قرّر لينو أن يوسّع شركته بشكلٍ أكبر، فبدأ بافتتاح فروع جديدة في المقاطعات الكنديّة، ثُمّ دخل إلى السوق الأمريكي، واشترى مزارع للأبقار وشركات الألبان التي تورد إليهِ، وفي التسعينات قرّر أن يطرح 20% من الشركة في سوق الأسهم واستغل العوائد لتوسيع وشراء المزيد من المزارع والشركات وكان الإنتاج يوّزع بنسبة 76% في كندا، و15% في الولايات المتحدة الأمريكيّة، و9% في مختلف أنحاء العالم، ولُقب لينو بملك الموزاريلا لأنّ إنتاج شركة سابوتو للموزاريلا بلغ 40% من إجمالي الجين الموجود في كندا.

وبعد سنوات قامت الشركة أيضًا بطرح منتجات جديدة في الأسواق مثل الكعك، الكيك، الفطائر الجاهزة، والعديد من المنتجات الأخرى، وفي سنة 2003 تم شراء أكبر شركة للألبان ومشتقاتها في الأرجنتين لتنضم إلى مجموعة سابوتو وبهذا تمكّنت هذه الشركة من دخول سوق أمريكا الجنوبيّة.

سادسًا: تنحّي لينو سابوتو عن العمل

في سنة 2004 تنحّى لينو سابوتو ملك الموزاريلا عن العمل بعد أن قضى 35 سنة رئيسًا لهذهِ الشركة الكبيرة، وكان هذا العصر عصرًا ذهبيًا لشركة سابوتو وبلغ مبيعات الشركة في هذا العام 3.57 مليار دولار، وكان نصيب عائلة سابوتو 58 % من ملكيّة الشركة.

كانت هذهِ مقتطفات من قصة نجاح لينو سابوتو ملك جبنة الموزاريلا الشهيرة في العالم، الذي نجح في تأسيس وبناء شركة كبيرة بفضل عزيمته وإصرارهِ على العمل والنجاح. 

 

المصادر:

  1. قصة نجاح ملك جبنة الموزاريلا
  2. قصة نجاح ملك الموزاريلا جيسبي سابوتو
  3. قصة نجاح لينو سابوتو



مقالات مرتبطة