قصة نجاح الشاعر نزار قباني

الأدب العربي مليء بالقصص والروايات والشعر والنثر، فمنذ فجر التاريخ عُرف العرب بفصاحتهم اللغوية فكتبوا أهم قصائد الشعر والمعلّقات التي لا تزال خالدة إلى يومنا هذا، والإرث الثقافي العربي تناقلته الأجيال وتربت عليه عبر العصور فنبغ عدد كبير من شعراء العصر الحديث ولعلّ أشهرهم  الشاعر السوري الكبير نزار قباني، اليوم سنستعرض أهم محطات حياته وقصة نجاحه.



النشأة ومرحلة الطفولة:

  • وُلد نزار قباني في مدينة دمشق في 21 مارس 1923 لأسرة دمشقية عربية ميسورة الحال، فجدّه أبو خليل القباني الذي يعتبر أحد رواد المسرح العربي، أمّا والده فكان يملك مصنع لإنتاج الحلويات والمُلبّس، وكان أحد المقاومين الوطنيين ضد الانتداب الفرنسيّ، حيث كان يجتمع في منزله أقطاب المُعارضة الوطنيّة.
  • ورث نزار موهبته الشعرية من جدّه ومن أبيه الذي كان يتقن كتابة الشعر، منذ عمر الخامسة إلى الثانية عشر تعلّم نزار أصول الرسم وكان لمنزله المصمّم على الطراز الدمشقي القديم دورًا في عشقه للألوان والجمال.
  • خلال فترة مراهقته بين الخامسة عشر والسادسة عشر عجز عن تفسير ما بداخله من مشاعر فتارة يقرأ الشعر، وتارة يرسم، وحاول العزف على الكمان والتلحين على آلة العود، وتتلّمذ على يد خطّاط يدويّ، ومع بداية دخلوه في المرحلة الثانوية توقّف عن ممارسة أي من هواياته، واكتفى بالشعر.
  • حرص نزار قباني على قراءة الأشعار، وحفظ شعر عمر بن أبي ربيعة، وجميل بثينة، وطرفة ابن العبد، وقيس بن الملوح، وتتلّمذ على يدِ الشاعر خليل مردم بِك، ويعود له الفضل في تعلّمه أصول النحو والصرف والبديع.
  • في عام 1939 سافر نزار في رحلة مدرسية بحريّة إلى مدينة روما الإيطالية، وخلال الرحلة كتب أول أبياته الشعريّة متغزلًا بأمواج البحر وأسماكه وكان يبلغ حينها السادسة عشر، وبحسب المؤرخين تاريخ 15 أغسطس 1939 هو التاريخ الحقيقي لميلاد نزار الشعري.

دراسته الجامعية وبداية العمل الدبلوماسي:

  • كان نزار قباني من الطلاب المُتفوّقين والأذكياء وخاصة في مجال الأدب العربي، وفي عام 1941 التحق بكلية الحقوق في جامعة دمشق، وتخرّج منها في عام 1945، وخلال فترة دراسته كتب أولى دواوينه الشعريّة وهو ديوان "قالت لي السمراء".
  • استطاع نزار أن يطبع ديوانه الأول على نفقته الخاصة، ولقد أثارت قصائده جدلًا في الأوساط التعليمية في الجامعة، ولاقى نقدًا وهجومًا كبيرًا، حيث اعتبره البعض بأنه شاعر إباحي.
  • بعد التخرّج من الجامعة تعرّف على زوجته الأولى زهراء أقبيق وأنجب منها ابنه توفيق وابنته هدباء، لكن لم يكتب لزواجهم الاستمرار ووقع الطلاق.
  • بعد تخرجه من الجامعة انخرط في العمل الدبلوماسي في وزارة الخارجية السورية، وفي نفس العام بُعث إلى مصر وكان عمره في ذلك الوقت 22 عام، ومن القاهرة تنقل إلى عواصم أخرى مختلفة.
  • عُيّن في عام 1952 سفيرًا لسوريا في المملكة المتحدة لمدة سنتين، ثم عُيّن سفيرًا في أنقرة، ومن ثمّ في عام 1958 عيّن سفيرًا لسوريا في الصين لمدة عامين، وفي عام 1962 عيّن سفيرًا لسوريا في مدريد لمدة 4 سنوات.

وفاة شقيقته وابنه:

  • أما سبب توجّه شعره نحو قضايا الحب والمرأة كان نتيجة تأثره بقصة انتحار شقيقته وصال التي حاول أهله أن يزوجوها من رجل لا تحبّه، تألم نزار لوفاة أخته وكتب في أحد مذكراته "إن الحبّ في العالم العربي سجين وأنا أريد تحريره"، ويضيف نزار على حادثة الانتحار بقوله: "صورة أختي وهي تموت من أجل الحُبّ محفورة في لحمي... كانت في ميتتها أجمل من رابعة العدويّة".
  • توفي ابنه توفيق في سنّ مبكرة عام 1973 حيث كان لايزال طالبًا في السنة الخامسة في كلية الطب بجامعة القاهرة، ترك وفاته أثرًا وحزنًا عميقًا رافقه حتى آخر أيام حياته، وقد نعاه بقصيدة "الأمير الخرافي توفيق قباني".

استقراره في بيروت ووفاة زوجته:

  • استقال نزار قباني من العمل الدبلوماسي، وقرّر أن يستقرّ في لبنان عام 1966 حيث أعلن عن تفرّغه لكتابة الشعر فقط حيث أسّس دار نشر خاصة تحت اسم "منشورات نزار قباني".
  • ساهم نزار قباني في تطوّر الشعر العربي من حيث الشكل والمضمون، حيث في البداية كتب الشعر العمودي ثم انتقل بعدها إلى شعر التفعيلة، وتناولت قصائده قضية حرية المرأة بشكل أساسي.
  • دواوينه الأربعة الأولى كانت جلّ موضوعاتها رومانسية، لكن نكسة حرب حزيران عام 1967 دفعه للتحوّل نحو الشعر السياسي انطلاقًا من واجبه الوطني والقومي.
  • خلال أحد سفراته إلى العراق تعرّف على امرأة عراقيّة الأصل تُدعى بلقيس الراوي التقى بها في أمسية شعريّة أعجب بها وتزوجها، وأنجب منها ابنيه عمر وزينب، وللأسف توفيت بلقيس أثناء الحرب الأهلية اللبنانية في حادث انتحاري استهدف السفارة العراقيّة في بيروت حيث كانت تعمل بها عام 1982، ورثاها في قصيدته الشهيرة بلقيس.

سنواته الأخيرة في لندن:

  • بعد وفاة زوجته بلقيس تغيرت حياته فلم يستطيع البقاء أكثر في بيروت لذلك قرر الانتقال إلى أوروبا، وتنقّل بين باريس وجنيف حتى استقر به الحال في مدينة لندن حيث قضى سنواته الأخيرة من حياته فيها.
  • في لندن انشغل نزال في كتابة الشعر، واستمرّ بنشر دواوينه وقصائده المثيرة للجدل وكان ذلك خلال فترة التسعينيات ومنها «متى يعلنون وفاة العرب؟» و«المهرولون».
  • في منتصف التسعينات وتحديدًا في 1997 تردى وضعه الصحي وبعد عدة أشهر توفي في 30 أبريل 1998 بسبب تعرّضه لأزمة قلبية عن عمر ناهز 75 عامًا في لندن.
  • في أيامه الأخيرة من إقامته في المستشفى كتب وصيته قال بها (ارغب أن ينقل جثماني بعد وفاتي إلى دمشق وأدفن في مقبرة الأهل، لأن دمشق هي الرحم الذي علمني أن الشعر وعلمني الإبداع وأهداني أبجدية الياسمين، هكذا يعود الطائر إلى بيته والطفل إلى صدر أمه)
  • بعد أربعة أيام من وفاته وصل جثمانه إلى مسقط رأسه، حيث دفن في باب الصغير بعد جنازة حاشدة شارك فيها مختلف أطياف المجتمع السوري إلى جانب فنانين ومثقفين سوريين وعرب.


اقرأ أيضاً:
قصص نجاح بعض من أشهر الأديبات والروائيات العرب


التكريمات ودواوينه الشعرية:

التكريمات:

  • عندما نتحدّث عن تكريمات نزار قباني نراها قليلة مقارنة بإنجازاته الشعرية العظيمة، حيث حصل على وسام الاستحقاق الثقافي الإسباني 1964 تقديرًا لما فعله لمدّ الجسور الثقافية بين العرب وإسبانيا.
  • حصل على جائزة جبران العالمية لإحياء التراث، وحصل على جائزة سلطان بن علي العويس للإنجاز العلمي والثقافي، كما حصل على عضوية شرف في جمعية متخرجي الجامعة الأمريكية في بيروت.
  • أما في سوريا أطلق اسم نزار قباني على أحد شوارع دمشق.

أشهر دواوينه الشعرية:

قالت لي السمراء، طفولة نهد، سامبا، أنت لي، قصائد، حبيبتي، الرسم بالكلمات، يوميات امرأة لا مبالية، قصائد متوحشة، كتاب الحب، مئة رسالة حب، أشعار خارجة عن القانون، أحبك أحبك والبقية تأتي، إلى بيروت الأنثى مع حبّي، كل عام وأنت حبيبتي، أشهد أن لا امرأة إلا أنت، اليوميات السرية لبهية المصرية، هكذا أكتب تاريخ النساء، قاموس العاشقين، قصيدة بلقيس، الحب لا يقف على الضوء الأحمر، أشعار مجنونة، أبجدية الياسمين.

 

أسهم نزار قباني في نهضة الشعر العربي، وكان له دور هام في زيادة الوعي الثقافي العربي نحو قضايا المجتمع، وإلى الآن لا تزال أعماله الشعرية تدرّس في أهم الجامعات العربية والعالمية.

 

المصادر:

  1. نـزار قبّانـي. الأمير الدّمشقيّ .. 16 عاماً على الرحيل
  2. قصة حياه نزار قباني – سيرته الفنية



مقالات مرتبطة