فلنكن أصدقاء أبنائنا

 

فلنكن أصدقاء أبنائنا

ابراهيم الزعيم

عدوانية الأطفال أمر يؤرق الآباء والأمهات؛ فكثيراً ما يشتكون من هذا السلوك المحرج، ويتساءلون عن طريقة العلاج. وبينما يظن البعض أن الحل يكمن في التهديد والضرب، يفضل آخرون الصمت إلى أن يصل بهم الأمر إلى حالة من عدم المبالاة.

مظاهر وأسباب وعلاج هذا السلوك في التقرير التالي.



صغيرها حَرَمها الزيارات العائلية

أم أحمد -أم لأربعة أبناء- تشتكي من سلوك ابنها الأصغر الذي لم يتجاوز عامه الخامس، فهو دائماً يعتدي على الآخرين معنوياً وجسدياً دون سبب واضح، و على الرغم من أنها تعاقبه باستمرار إلاّ أن سلوكه يزداد سوءاً.

يبدو أن حال أم أحمد أفضل من حال غيرها، فقد حرم هذا السلوك بعض العائلات الخروج من منزلها إلاّ للضرورة.

تقول أم رامي -سيدة جامعية في العقد الثاني من العمر-: "أنا أفضل البقاء في المنزل على الخروج في زيارات عائلية بسب سلوك ابنتي".

وتضيف أم رامي أن هذا السلوك يسبب لها كثيراً من الإحراج، فهي تقوم بإتلاف مقتنيات الآخرين وتحطيمها، وتضرب مثالاً لسلوك ابنتها فتقول: "كنت في زيارة لإحدى قريباتي، وكانت ابنتي معي، وبعد دقائق من وصولنا سمعنا تحطم شيء ما في الغرفة المجاورة، ولما ذهبنا نستكشف الأمر فوجئت بأن ابنتي قد حطمت مزهرية زجاجية غالية الثمن"!!

متى يكون السلوك عدوانياً؟

ولكن هل تلك الظواهر أو التصرفات دليل على السلوك العدواني؟ أم أنها أمر طبيعي؟
د. جميل الطهراوي -رئيس قسم علم النفس في الجامعة الإسلامية- يلخص لنا الأعراض التي يحكم من خلالها على الطفل بالعدوانية، والتي يجب أن تستمر ستة أشهر على الأقل فيقول: "من مظاهر السلوك العدواني قيام الطفل بالسرقة لأكثر من مرة، أو أن يكرر الكذب دون حاجة إليه، أن يؤذي الآخرين، أو يعذب الحيوانات".

وحول أسباب جنوح الطفل إلى هذا السلوك، يرى د. الطهراوي أن السلوك يُكتسب حسب طبيعة البيئة التي يعيش فيها الطفل، فكلما كانت بيئة الطفل خالية من المشاجرات والغضب والعدوان فإن هذه البيئة تنعكس إيجاباً على سلوك الطفل، وتنمي لديه عادات المسالمة، كما أن لأسلوب الآباء في معاملة أطفالهم أثراً كبيراً في تعلم السلوك العدواني أو تجنبه؛ فالأب الذي يشجع أبناءه على تحقيق ذواتهم دون إيذاء الآخرين هو القادر على ضبط سلوكهم وتوجيههم توجيهاً تربوياً سليماً.

ويوضح أن الأسرة تساهم بالدرجة الأولى بشكل أو بآخر في إيجاد هذا السلوك عند أبنائها؛ فقد تكون الأم عصبية المزاج، ولا تجيد استخدام الحوار أو المناقشة، وهو ما يدفع الطفل للعناد والعدوانية، كما أن التفريق في المعاملة بين الأبناء وتفضيل أحدهم على الآخر يشكل أثراً بالغ السوء على نفسية الطفل الذي تتولد لديه مشاعر الغيرة والإحباط وعدم الثقة بالنفس، وهي من أهم العوامل التي تدفع نحو العدوانية.

ويضيف رئيس قسم علم النفس في الجامعة الإسلامية: إن الأطفال الذين يشعرون برقابة الآخرين المستمرة لنشاطاتهم، والتي تصاحبها أوامر ونواهٍ ونقد وتعنيف يكونون أكثر ميلاً للعدوان في علاقاتهم مع غيرهم، كما أن مشاعر الإحباط التي تتولد عند الطفل قد تسبب جنوحه إلى السلوك العدواني، خصوصاً إذا ما كان الطفل غير قادر على تحقيق رغباته وإشباع حاجاته، أو إذا كان يشعر بالنقص بفعل عاهة بدنية أو إخفاق متكرر أو تأخر دراسي، مما يدفعه لممارسة العدوان كتعويض يثبت من خلاله شخصيته، وينال به مكانة اجتماعية وفقاً لمفهومه.

العلاج

أما عن العلاج فإن السلوك العدواني ظاهرة نفسية ومرضية شأنها شأن كل الظواهر المرضية قابلة للعلاج أو التخفيف من حدتها على أقل تقدير، ويرى د. الطهراوي ضرورة إعطاء الطفل فرصة للتعرف على ما حوله تحت إشراف المربي، وتنمية نشاطه في الاتجاه الإيجابي من خلال الاعتماد على ألعاب معينة كألعاب الفك والتركيب، وعدم معايرته بالآخرين أو مقارنته بهم عند أي خطأ أو تأخر دراسي يقع فيه، وعدم معاقبته أمام الآخرين، والإجابة على تساؤلاته بمنطق وعقلانية تتناسب مع إدراكه.

ويضيف: من المهم عدم تعريض الطفل لمشاهدة مواقف عدوانية أو مشاجرات كتلك التي تحدث بين الآباء والأمهات في وجود أبنائهم أو ما يشاهده من مظاهر عنف عبر شاشة التلفزيون؛ فكلها تترك أثراً سلبياً على سلوك الطفل وتصرفاته.

 

نوافذ

فلنكن أصدقاء أبنائنا