فضل العشر الأوائل من ذي الحجة

تُعتبرُ الأيّام العشر من ذي الحجة، من أفضل الأيّام عند الله سبحانهُ وتعالى، وهي الأيّام التي فرض بها الله تعالى الحج على المسلمين، وفي هذه الأيام يعيش المسلمون المتواجدون في مختلف أنحاء العالم أيّاماً مباركةً تزيد فيها النفحات الإلهيّة التي تملأ القلب بالرحمة والسكينة، فيما يلي سنتعرّف على فضل العشر الأوائل من ذي الحجة، وأهم الأعمال المحببة فيها.



ماهي العشر الأوائل من ذي الحجة؟

ذو الحِجَّة هو الشهر الثاني عشر من السنة القمرية أو التقويم الهجري، والشهر الثاني من الأشهر الحرم، سُمّي بهذا الاسم نحو عام 412 م في عهد كلاب بن مرة الجد الخامس لرسول الله، وسمي بذلك لأنه يكون فيه الحج. وهو آخر الأشهر المعلومات التي قال فيها الله سبحانه وتعالى: (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ)، وتبدأ هذه الأشهر بأول يوم من شوال، وتنتهي مع نهاية العاشر من ذي الحِجَّة. وفي اليوم التاسع من هذا الشهر يكون يوم عرفة ووقفة عرفات أو مايسمى بيوم الحج الأكبر ويكون اليوم العاشر من ذي الحجة أول أيام عيد الأضحى المبارك عند المسلمين.

ويعتقد المسلمون أن لتلك الأيام أفضلية خاصة دونًا عن باقي أيام العام، فيُكثرون فيها من العبادة والأعمال الصالحة والذكر. وتُوافق هذه الأيام موسم الحج عند المسلمين. ويأتي ضمن هذه الأيام يوم عرفة الذي يُعد أفضل أيام السَّنة عند المسلمين، كما يكون في نهايتها يوم عيد الأضحى والذي يُسمّى يوم النَّحر، لكثرة ما يُنحّر أي يُذبح من الأضاحي تقربًا إلى الله سبحانهُ وتعالى.

آيات قرآنية وأحاديث نبوية عن شهر فضل العشر من ذي الحجة

لقد ورد ذكر العشر من شهر ذي الحجة في بعض من آيات القرآن الكريم مثل:

  1. قال اللهُ تعالى: (وَالْفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ).
  2. قال اللهُ تعالى: (لِّيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ).

كما ورد ذكر العشر الأوائل من شهر ذي الحجة في العديد من الأحاديث النبوية الشريفة، منها:

  1. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قال:

(مَا مِنْ أَيَّامٍ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ أَنْ يُتَعَبَّدَ لَهُ فِيهَا مِنْ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ، يَعْدِلُ صِيَامُ كُلِّ يَوْمٍ مِنْهَا بِصِيَامِ سَنَةٍ وَقِيَامُ كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْهَا بِقِيَامِ لَيْلَةِ الْقَدْر).

  1. عن عبد الله بن عمر أن النبي محمد قال: (ما مِن أيَّامٍ أعظَمُ عندَ اللَّهِ ولا أحِبُّ إليهِ العملُ فيهنَّ من أيَّامِ عشرِ ذي الحِجَّةِ فأَكثِروا فيهنَّ منَ التَّسبيحِ والتَّكبيرِ والتَّحميدِ والتَّهليلِ).
  2. عن جابر بن عبد الله أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ما مِن أيّام أفضل عند الله مِن أيّام عشر ذي الحجّة، قال: قال رجلٌ: هنّ أفضل؟ أم عدتهنّ جهاد في سبيل الله؟ قال: هنّ أفضل مِن عدتهنّ جهاد في سبيل الله، إلاّ عفير يُعفّر وجهه في التُّراب).
  3. روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في أيام العشر: (يعدل صيام كل يوم منها بصيام سنة وقيام كل ليلة منها بقيام ليلة القدر).

فضل العشر الأوائل من ذي الحجة

  1. من فضائل العشر الأوائل من ذي الحجة أنّ الله سبحانه وتعالى أقسم بها، وهذا ما يدلُّ على عظمة مكانة هذهِ الأيام، لأن الله سبحانهُ وتعالى عظيم ولا يُقسم إلّا بعظيم، وذلك عندما قال تعالى في آياتهِ الكريمة: (والفجرِ وليالٍ عشر).
  2. هي أيّامٌ معلومات شرع الله سبحانهُ وتعالى فيها ذكر الله والتقرّب منهُ بالدعاء الصالح، حيثُ قال تعالى: (وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ).
  3. شهد الرسول محمد صلى الله عليهِ وسلم على هذهِ الأيّام بأنّها من أفضل أيّام السنة عند الله سبحانهُ وتعالى، وذكر أيضًا بأنّ معظم دعوات الأنبياء تحققت في هذهِ الأيّام المباركة.
  4. في العشر الأوائل من ذي الحدة يأتي يوم عرفة، يوم الحج الأكبر، يوم العتق من النار، ويوم مغفرة الذنوب والمعاصي، ومن صام في اليوم التاسع من ذي الحجة يُكفر الله لهُ سنة ماضيّة وسنة قادمة من ذنوبهِ.
  5. في العشر الأوائل من ذي الحجة يأتي يوم النحر، وهذا ما ثبتت مشروعيتهِ في القرآن والسنة النبويّة الشريفة، حيثُ قال تعالى في آياتهِ الكريمة: (فصلِّ لربك ونْحر)، وهذا النحر يكون إحياءً لذكرى سيدنا غبراهيم عليهِ الصلاة والسلام.
  6. في الأيّام العشر من ذي الحجة تجتمع كل العبادات التي فرضها الله تعالى على الإنسان ويحصل فيها على حسناتٍ مضاعفة، كعبادة الصلاة، عبادة الصوم، عبادة الحج، وعبادة الصدقة.
  7. من فضائل هذهِ الأيّام أنّ الصدقة في هذا اليوم يُضاعف ثوابها مرتين عند الله سبحانهُ وتعالى.
  8. من فضائل هذا الأيّام المباركة أنّ الله سبحانهُ وتعالى حثّ فيها على العمل الصالح من تسبيح، وتهليل، وتكبير.

نصائح لاستقبال أيّام العشر من ذي الحجة        

1- التوبة الصادقة:

يجب على المسلم أن يسعى لطلب التوبة النصوحة من الله تعالى، والالتزام بالعبادات والأعمال الصالحة التي تُرضي الله، ويجب أن يتذكّر المسلم بأنّ التوبة هي فلاحٌ للعبد في الدنيا والآخرة، حيثُ يقول تعالى في آياته الكريمة: (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).

إقرأ أيضاً: أهمية وفوائد الدعاء وأسرار قبوله

2- العزم على اغتنام هذهِ الأيّام:

يجب على المسلم أن يعزم أمره على استثمار هذهِ الأيّام للقيام بالأعمال والأقوال الصالحة، وأن يتذكر بأنّ الله يُعين كل شخص يعزم أمره على الطاعات واغتنام فرص التقرب من الله، عن طريق تهيئة الأسباب له وتسهيلها، حيث قال تعالى في آياته الكريمة: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِين).

3- البُعد عن المعاصي:

على المسلم أن يبتعد خلال هذهِ الأيّام المباركة عن المعاصي التي تغضب الله، وذلك لأنّ المسلم كثيرًا ما يحرم نفسه من رحمة الله وفرجهُ عليهِ في الدنيا والآخرة بسب المعاصي التي يرتكبها.

أعمال المسلم خلال العشر الأوائل من ذي الحجة  

1- الصيام:

يُعتبر الصيام من الأعمال المحببة عند الله سبحانهُ وتعالى، لهذا يُستحب على المسلم أن يصوم الأيّام العشر من ذي الحجة، ويُقال بأن الرسول عليهِ لصلاة والسلام كان يصوم في هذهِ الأيّام، وذلك لفضل الصيام الكبير عند الله تعالى، حيثُ أنّ كل أعمال المسلم لنفسهِ إلا الصيام فهو لرب العالمين.

2- الإكثار من ذكر الله:

خلال العشر الأوائل من ذي الحجة ينبغي على المسلم أن يُكثر من ذكر الله تعالى عن طريق التهليل، والتكبير، والتحميد، وهي سنة أساسيّة عن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، ويُفضل الجهر بالتكبير إحياءً لهذه السنّة بين الناس الغافلين عنها، وصيغة التكبير هي (الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلّا الله والله أكبر ولله الحمد).

3- إخراج الصدقات:

يجب على المسلم أن يُكثر من إخراج الصدقات خلال هذهِ الأيّام الفضيلة، وذلك لأنّهُ سيحصل على ثوابٍ مضاعف من رب العالمين، وهذهِ الصدقات تكون بنوعين مادية ومعنوية، فهي تساهم في مساعدة الفقراء والمحتاجين، ودعمهم ماديًا ومعنويًا.

إقرأ أيضاً: أحاديث نبويّة عن فضل الصدقة

4- أداء الأعمال الصالحة:

خلال العشر الأوائل من ذي الحجة، ينبغي على المسلم أن يتقرّب من الله سبحانهُ وتعالى بالأعمال الصالحة، وذلك لأنّ الله يحب هذهِ الأعمال ويُضاعف أجرها مرتين في هذهِ الأيّام الفضيلة، كاغتنام الوقت بأداء الصلاة، وقراءة القرآن الكريم، وذكر الله، والتسابيح، وبر الوالدين، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

5- ذبح الأضحيّة:

خلال أيّام العشر الأوائل من ذي الحجة على المسلم أن يذبح الأضحيّة، وأن يلتزم بسنن ذبح الأضحيّة، ومن نوى أن يذبح في هذهِ الأيّام فلا يحلق شعره ولا يُقلم أظافرهُ، لأنّ هذهِ الأمور مكروهة لمن أراد ذبح الأضحيّة.

إقرأ أيضاً: سنن عيد الأضحى وشروط الأضحيّة

6- شكر الله تعالى:

من الضروري أن يتوجه المسلم خلال هذهِ الأيّام المباركة بالشكر إلى الله سبحانهُ وتعالى عن كل النعم التي منحهُ إياها مهما كانت بسيطة، ولك لأنّ الله يزيد من نعم الإنسان كلما زاد شكرهُ لهُ، حيثُ قال تعالى في آياتهِ الكريمة: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ).

7- صيام يوم عرفة:

من الضروري جدًا أن يحرص المسلم على صيام يوم عرفة، هذا اليوم المبارك الذي يُضاعف فيهِ الأجر والثواب، حيث قال الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم في حديثه الشريف: (مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللهُ فِيهِ عَبْدًا مِنْ النَّارِ، مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ. وَإِنَّهُ لَيَدْنُو ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمْ الْمَلائِكَةَ. فَيَقُولُ: مَا أَرَادَ هَؤُلاءِ).

إقرأ أيضاً: فضل صيام يوم عرفة

8- قيام الليل:

يُعتبر قيام الليل من العبادات المهمة التي يجب على المسلم أن يقوم بها خلال أيام العشر من ذي الحجة، وذلك لينال المزيد من الأجر والثواب، وهذا ما جاء في آيات الله الكريمة حيث قال: (أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ أَنَاءَ اللّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ، قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ، إِنَّمَا يَتَذَكّرُ أُولُو الألْبَابِ).

إقرأ أيضاً: أفضل العبادات عند الله سبحانه وتعالى

9- صلة الرحم:

إنّ صلة الرحم من الأمور الواجبة على المسلم في كل وقت من أشهر السنة، ولكن وجب الإكثار منها في شهر ذي الحجة والعشر الأوائل منهُ، وذلك لينال المزيد من الأجر والثواب من رب العالمين، وليقوّي من صلتهِ بعائلته، وهذا ما جاء في حديث شريف لرسول الله محمد عليهِ الصلاة والسلام قال فيهِ: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أفْشُوا السَّلاَمَ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وصِلُوا الأرحامَ، وصلُّوا باللَّيلِ والنَّاسُ نِيَامٌ، تدخُلُوا الجنَّةَ بسَلام).

كما وقال عليهِ الصلاة والسلام: (الرَّحِمُ مُعلَّقَةٌ بالعَرْشِ تَقولُ: مَن وَصَلَني وصَلَهُ اللهُ، وَمَنْ قَطَعَنِي قَطَعَهُ اللهُ).

وسائل لكسب واغتنام المسلم لأيام ذي الحجة

  1. أن يعلم المسلم بأنّ هذهِ الأيّام المباركة وقتها قصير ومحدود، ويجب اغتنام كل ساعة وكل دقيقة تمرُ فيها.
  2. أن يعلم المسلم قيمة البركات والفضائل الموجودة فيها.
  3. أن يقوي نفسه ويشحذ همتهُ لقضاء هذهِ الأيّام في طاعة الله فقط.
  4. أن يعلم جيدًا بأنّ هذهِ الأيّام هي فرصة عظيمة للتقرّب من رب العالمين.
  5. أن يكون صادقًا في نيتهِ وبكل الأعمال التي يقوم بها.

 

وأخيرًا نتمنى عزيزي القارئ أن تغتنم أيّام ذي الحجة والعشر الأوائل منها بشكلٍ جيد، لتتقرب من الله سبحانهُ وتعالى وتنال رضاه عنك في الدنيا والآخرة.

 

المصادر:

  1. ويكيبيديا
  2. فوائد العشر الأوائل من ذي الحجة
  3. عشر ذي الحجة فضائلها والأعمال المستحبّة فيها
  4. أعمال العشر الأوائل من ذي الحجة



مقالات مرتبطة