غسل الدماغ والمشروبات الغازية!!

غسل الدماغ والمشروبات الغازية!!



بالفطرة التي فطر الله الإنسان عليها يبحث الإنسان عن الماء الذي يروي عطشه ويخفف من ملوحة جسمه ويذيبها ويجرفها إلى الخارج مع البول والعرق. إلا أن الشركات الضخمة العملاقة ـ التي تتاجر بالماء المحلى بالسكر والمحليات الصناعية، والألوان الصناعية، والنكهات الصناعية، ومواد أخرى غير معروفة ـ نجحت في غسل دماغ الناس عامة والأطفال خاصّة، وأورثت فيهم الحس الفاسد ووجهتهم إلى مشروبها الغازي على أنه هو الذي يروي العطش. ومثال ذلك أن يؤتى بصورة من هو في عطش شديد جدا ويتساقط عرقه من كل مكان فإذا به يعطى مشروبا غازيا فيشربه فترتسم على وجهه علامات الرضا والارتواء. أما الطفل البريء فيحسب أن ذلك صحيح؛ لأنه لم يسبق له أن عاش على سطح الأرض قبل كونه طفلا، ولا يدري أنَّ الماء هو الذي خلقه الله لإرواء العطش حتى يقوم الجسم بعمله على خير قيام، وهذا دور الوالدين فيرشدانه إلى أن الماء هو الذي يروي العطش وليست المشروبات الصناعية.

إنَّ المشروبات الغازية لذيذة الطعم، وهو الطعم المغري الخادع، وكأنَّ الهدف من الشرب هو تلذذ اللسان بالطعم فقط، ولا يعرف الراغب في تناول المشروبات الغازية الكثير عن مكونات هذا المشروب الكيماوية، على عكس الماء الذي يتكوَّن من مادة طبيعية واحدة معروفة للجسم منذ ملايين السنين.

من ناحية ثانية: إنَّ المشروب الغازي يعطيك شعوراً بالارتواء حين تنتهي من تجرعه، ولكنك ستشعر بالعطش بعد مدة بسيطة. أما الماء فإنه يطفئ العطش حين تنتهي من شربه، وتبقى على ذلك مدة طويلة؛ لأنَّ الماء ـ مرة أخرى ـ يخلو من الأملاح والسكريات الموجودة في المشروب الغازي.

من ناحية ثالثة: إنَّ المواد الموجودة في المشروب الغازي عندما تدخل للدورة الدموية وتتوزع على الخلايا (كما لو كانت مادة غذائية) تسبب خللا في مكونات الجسم وتركيبه، مثل مركبات الفوسفور الحامضية التي قد تؤثر على عنصر الكالسيوم  الذي هو مكون رئيسي للعظام وموصل عصبي لا يستطيع الإنسان العيش بدونه دقيقة واحدة، مما قد يؤدي إلى هشاشة العظام، وقد يكون أحد الأسباب المشاركة في الاضطرابات العصبية التي شاعت هذه الأيام.

كما أنَّ الإكثار من تناول المشروبات الغازية يعني تناول كميات كبيرة من مكوناتها، مثل السكر الذي يؤدي إلى السمنة وتراكم الدهون ويعجِّل بظهور داء السكري ممَّن لديهم الاستعداد له. ويؤيد هذا ظهور داء السكري (النوع الثاني) في الأطفال الذي لم يكن يوما فيمن سبقهم من  الأجيال السابقة.

كما أنَّ المشروبات الغازية تحتوي على مواد كيماوية مجهولة ولا يمكن معرفتها، وقد تُعرف الأسرار العسكرية يوماً، ولكن لن يعرف أحدٌ مركبات هذه المشروبات مهما بذل من جهد علمي أو غير علمي! وحادثة التسمم بمشروب الكوكاكولا في عدة دول أوروبية في منتصف عام 1999م أعطت أكثر من تفسير، ولكن لا أحد يعرف السبب الحقيقي حتى الآن.

تمدد المعدة والمشرب الغازي

يتمدد الغاز الموجود في المشروب الغازي عند وصوله للمعدة بسبب الحرارة، فيدفع جدران المعدة ويؤدي إلى تمددها، خصوصاً إذا كانت المعدة مليئة بالطعام، ثم لا تعود إلى حجمها الأصلي. كما يؤدي النفخ المتكرر للبالون إلى كبر حجمه ثم لا يعود إلى ما كان عليه قبل نفخه. ومع الأيام يزداد حجم المعدة أكثر وأكثر مما يؤدي إلى تأخر الإحساس بالشبع عند تناول الطعام، فيؤدي بدوره إلى زيادة كمية الطعام التي يتناولها الشخص، وهذا بدوره أيضا ـ إلى جانب ما فيه من سكر - يؤدي إلى السمنة، وخصوصاً السمنة المبكرة في الأطفال والشابات والشباب.

فساد الهضم والقولون العصبي

هذا من ناحية تمدد المعدة. أمَّا الأثر الثاني الذي يسببه تمدد الغاز فهو دفع الأكل من المعدة، إما إلى أعلى، وهو الذي يحدث على هيئة تجشؤ عند خروج الغاز (لأنَّه غاز) من فم المعدة الأعلى (فتحة البواب).. أو إلى أسفل فيدفع الطعام ليخرجه من الفتحة الثانية للمعدة - التي تفتح على الاثني عشر- قبل أن يتم هضمه في المعدة كما يلزم، ممَّا يسبب التهيجات في الأمعاء وسوء امتصاص العناصر المفيدة مثل البروتين والفيتامينات والمعادن، ثم عند وصول الطعام غير المهضوم جيداً إلى القولون تنتظره البكتيريا التي تعيش في الجهاز الهضمي عادة، وتبدأ بالتغذية وتحليل الطعام غير المهضوم، وتولد أثناء تغذيتها وتكاثرها غازات ومخلفات تسبب الانتفاخات وتهيج جدران الأمعاء، الأمر الذي يؤدي إلى أعراض مرضية واضطرابات داخل الأمعاء، ولعل القولون العصبي أحدها، إلى جانب ما يعتقد من أنَّ الجراثيم في الأمعاء مسؤولة عن مهاجمة الأمعاء، مما يسبب تقرحات في جدرانها مثل مرض "كرون" ومرض تقرح القولون، وهما من الأمراض المتعبة جدا. وقد يكون سرطان القولون الذي زاد انتشاره عمَّا كان عليه أحد الأمراض التي نجمت عن غياب التغذية الطبيعية التي خلقها الله من الخضار والفواكه، وتناول الماء وحده دون غيره؛ لتعمل الألياف في غسل جدار الجهاز الهضمي كما تستخدم "الليفة" في تنظيف الأواني، ثم يُفاض عليها الماء لجرف أوساخها خارج الجسم. أما المشروبات الغازية فهي مليئة بالمواد الصناعية التي قد تضيف أسبابا جديدة إلى أسباب أخرى لتؤدي إلى الالتهابات أو التهيجات العصبية في جدران الجهاز الهضمي، مما قد يعجل بظهور الأمراض التي قد تكون في حالة سكون عند من لديهم الاستعداد لها.

العصائر الطبيعية والمشروب الغازي

إنَّ من السخافة العلمية أن تُقام المقارنة بين العصائر الطبيعية والمشروب الغازي، فالعصائر الطبيعية فيها الماء والأملاح والفيتامينات والمعادن التي ينتظرها الجسم بفارغ الصبر، وما إن يمتصها الجسم حتى توزع على جميع خلايا الجسم وأنزيماته وهرموناته؛ لينتظم ويعمل بمناعة تقاوم الجراثيم. ومن العناصر الصحية المفيدة: المركبات المقاومة للجذور الأكسجينية المسببة للأمراض، وهي مضادات الأكسدة، كما أنَّ الألوان الطبيعية التي تلون الخضار والفواكه لها دور حيوي في تدعيم الصحة ضد الأمراض، فاللون الأحمر الموجود في الطماطم يحمي "البروستاتا" من التضخم، وتسمى هذه المادة الحمراء "ليكوبينLycopene" كما أنَّ لون الجزر البرتقالي المسمى "كاروتين" يتحول في الجسم إلى فيتامين "أ" الذي يفيد الأطفال ضد الالتهابات الجرثومية ويحمي النظر من العشى الليلي، والألوان الخضراء والصفراء وغيرها لها أدوار صحية خلقها الله ليحمي خلقه من الأعداء الطبيعيين المحيطين به. ولكن الإنسان خلع عنه حماية الله وترك عصائر البرتقال والتفاح والمانجو والليمون والخروب وعرق السوس والمشمش والبرقوق وراء ظهره.. ولحق بالعلبة المعدنية المملوءة بالمواد الكيماوية الصناعية!

والآن نختم بالسؤال الكبير:

ما هي وظيفة الدماغ الموجود في الرأس؟!!!

هذا السؤال يجب أن نسأله أنفسنا كل يوم وكل لحظة؛ حتى نعرف ما الذي نفعله في تلك اللحظة، وهل هو منطقي وعقلي أم غرائزي واندفاعي. فإن كانت وظيفة العين للرؤية ووظيفة الأذن للسمع ووظيفة الأنف للشم فما هي وظيفة الدماغ؟ وماذا لو غسل الدماغ بالدعاية وبقي الدماغ بدون وظيفة؟ فماذا سنطلق عليه؟ وماذا سيكون اسمه؟ لا أدري ...!

 

المصدر: بوابة المرأة