عقلية الشك ميّزة أم مرض!

للشك تاريخ طويل في مسيرة الفكر الإنساني، والذي بدأ من الشكاكين في الفلسفة اليونانية مروراً بالقديس أوغسطين في الفلسفة المسيحية، وصولاً إلى ديكارت وهيوم في الفلسفة الحديثة، وأخيراً أبو حامد الغزالي كمفكر إسلامي، حديث الذي قال إن الشكوك هي الموصلة للحقائق: «من لم يشك لم ينظر، ومن لم ينظر لم يبصر، ومن لم يبصر بقي في العمى والضلال». وهنا نقصد بالشك الموصل لليقين المبني على السبب والبرهان، وليس على المظنونات والموروثات.



لذا قال ديكارت «ينبغي لنا كي نقيم العلوم على قواعد ثابتة أن نرفض كل آرائنا القديمة مرة في حياتنا». ورغم قدم فكرة الشك عبر العصور إلا أنه حتى عصرنا الحالي نجد تربيتنا وتعليمنا وعلماءنا يحرموننا فرصة ممارسة الشك، على الرغم من أن الشك يعني تعليق الحكم على أي فكرة (أي لا إنكار ولا قبول) حتى ننتهي من محاكمة تلك الفكرة في ضوء ما نتوصل إليه من معلومات وأدلة عقلية ومنطقية وتجريبية، وبناء على هذه المحاكمة يتم قبول صحة الفكرة أو نفيها.

وعودة للسؤال الذي هو عنوان هذا المقال: هل الشك ميزة أم مرض؟! الإجابة السريعة لهذا التساؤل أنه قد يكون هذا وقد يكون ذاك، ولكن من وجهة نظري هناك 6 فروق تبين الشك المرضي والشك العلمي.

1. الافتراض:

الشك العلمي يبني افتراضه على افتراض علمي أساسه نظرية أو حقيقة أو مجموعة مبادئ أولية، بينما الافتراض الممرض هو ذلك الافتراض الشخصي المسبق الذي يبني عليه حكماً مسبقاً ويريد فقط جمع أدلة تتناسق مع افتراضه الخاطئ المسبق.

2. المؤشرات:

الشك العلمي ينطلق من مؤشرات معيارية علمية يمكن قياسها وتقييمها، بينما الشك المرضي هو الذي تكون مؤشراته مجرد انطباعات شخصية وظنون غير منطقية وهواجس شيطانية.

3. الأدلة:

الشك العلمي لا يتحرك من نقطة الشك وصولاً إلى محطة اليقين إلا من خلال المرور على محطات الدليل القاطع للتزود بمجموعة من الأدلة العلمية القوية، بينما الشك المرضي يبني شكوكه ويقينه على شواهد وأدلة ضعيفة غير موثوقة.

4. المسلمات:

الشك العلمي لديه قليل من المسلمات ومعظم هذه المسلمات خضعت للمحاكمة والتجريب حتى تحولت إلى مسلمات بل وإلى يقينيات، بينما الشك الممرض هو ذلك الذي لديه مسلمات كثيرة جداً وكل يوم يزيد عدد مسلماته من خلال ما يسمع ويرى وما يملى عليه دون فحص أو تجريب أو اختبار.

إقرأ أيضاً: 9 طرق فعالة يستخدمها الأشخاص المميزون للتخلّص من الشك في النفس

5. التجربة:

الشك العلمي يبني شكه على تجارب عملية وعلمية وبحثية وجماعية، ولكن الشك قد يكون مرضياً عندما يكتفي فقط بتجاربه الشخصية القائمة على نقص معرفة أو مهارة، ويعمم هذه التجربة ويصبح معظم شكه مبنياً على تجاربه الفاشلة حتى يصل إلى مسلمات خاطئة مبنية على تجارب خاطئة.

6. الهدف:

لعل ما يميز الشك العلمي هو هدفه النهائي أو النتيجة النهائية التي يريد الوصول لها، بمعنى يريد الوصول إلى حقيقة علمية أو إنتاج علمي يفيد البشرية أو للوصول إلى حل مشكلة أو أزمة، بينما الشك الممرض هو صانع للأزمات والمشاكل وأهدافه النهائية مدمرة وبنوايا خبيثة وبمحركات شيطانية مدمرة.

الافتراض:

  • الشك العلمي: أساسه متين.
  • الشك المرضي: بحكم مسبق.

المؤشرات:

  • الشك العلمي: معيارية.
  • الشك المرضي: شخصية.

الأدلة:

  • الشك العلمي: قوية.
  • الشك المرضي: ضعيفة.

المسلمات:

  • الشك العلمي: خاضعة للتجربة.
  • الشك المرضي: التسليم بها كما هي.

التجربة:

  • الشك العلمي: علمية.
  • الشك المرضي: فردية.

الهدف:

  • الشك العلمي: تنمية.
  • الشك المرضي: تدمير.
  •  وهكذا...
    • الشك المرضي
    • الشك العلمي
    • الشك المرضي
    • الشك العلمي
    • الشك المرضي

 

المصدر: صحيفة مكة.




مقالات مرتبطة